لقد الحت علي ذاكرتي قصة قراتها وانا طفلة، أهداني إياها أبي وانا في الابتدائي، بعنوان ( بائعة الكبريت )،لاحقاً ادركت انها مترجمة لمؤلفها (هانز أندرسن)، ويبدو انها حفرت في تلك الدواخل، لانها تروي حكاية بنت في أعمارنا حينها، كما كان الموت من الجوع، في مخيلتنا، من بقية الأساطير
تلك الصبية كانت اسرتها فقيرة، وكان والدها يرسلها لبيع الكبريت، في ليالي الشتاء القارس. كانت تخشي جبروت والدها، والقصة تتواصل لتجد الفتاة نفسها تجلس القرفصاء، في ركن بيت غني، في اُمسية عيد الميلاد، ولكيما تدفئ نفسها أخذت تشعل عود كبريت، وتحلم علي ضوءه، بما تشتهي من احلام حتي ينطفئ، ثم توقد العود الاخر، وهكذا الي ان توفيت من البرد والجوع و ( انعدم عود الكبريت)..
لقد صرح القيادي بتنظيم الاخوان المسلمين ونائب رئيس الجمهورية السابق (القانوني) علي عثمان محمد طه، في تجمع بجامعة (أمدرمان الاسلامية) شارحاً الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد انما هي أرث منذ الاستقلال، محاولاً ان يبرئ حكومتهم من تبعاتها
وبدلاً من أن يذّكر نفسه واخوته الإسلاميين، الذين تصاعد موج تقافزهم من مركب الإسلاميين الغارقة، كل يطلب النجاة، ويجمل في ماضيه ويرمي تبعات فشل المشروع علي غيره، بدلاً من ان يذكرّهم ليتدارس اصحاب (الايدي المتوضيئة) لماذا فشل مشروعهم في اقامة الدستور الاسلامي في البلاد؟ هل يرجع ذلك لمفارقتهم للاخلاق؟ ام افتقارهم للفهم الديني السليم؟؟ وهم الذين اضحوا أغنياء بعد عوز، و انتفخوا ثراءً فاحشاً بعد مين، وتضخمت شرايين الفساد في اجسادهم بعد ضمور، خجلاً من فقرٍ تباهي به رسول الله صلي الله عليه وسلم، حين أرتعب الاعرابي من جلاله، فخاطبه مهدئا (هون عليك.. فلست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)!!
وذكري ( القديد) لاتلين (لشيخ علي ) جلداً، او تذكره بماض كان فيه من ابناء هؤلاء الفقراء فسرد متعجرفاً يقول:
( أسألو حبوباتكم وآباءكم وأمهاتكم سيقولون لكم في عام 1958م انعدم “عود الكبريت” في الخرطوم ، ومرت أيام كانت الأسر تتبادل جمرة النار التي ترعاها خلال الليل، وتحفظها في الرماد أو روث البهائم لتبقى حية ومتقدة لكي يعملوا بها شاي أو حلة في صبيحة اليوم التالي للأطفال).. انتهي.
وبالرغم من ظلام حكومة الاخوان المسلمين، الذين انعدمت في عهدهم، حتى الأحلام بحياة كريمة، الا ان الشعب ظل يوقد (أعواد الكبريت) الواحدة تلو الاخري، ومازالوا يتبادلون جمرة النار، ويحفظونها، ولابد انها سوف تعلو نار ثورةً، تطهر هذا البلد الطيب من رجسهم وأفكهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة