لم يكن الرئيس الشاب آبي أحمد يتوقع نهاية صاخبة للقاء النصرة الأول.. جاء إلى شعبه بـ( تي- شيرت) أخضر وبنطال جنز..اختار الرئيس عبارة (وطن الحب ) شعارًا يدغدغ القلوب المتلهفة للتغيير.. ما إن أنهى الشاب الأربعيني خطابه يوم الماضي حتى اندفع نحو المنصة إرهأبي يحمل قنبلة.. قبل أن يبلغ مبتغاه كانت الجماهير ورجال الأمن يقطعون عليه الطريق.. الحصيلة الأولى في جرد الخسائر تشير إلى قتيلين ونحو مائة وخمسين جريحًا.. بعدها أتي آبي أحمد إلى تلفزيون الدولة ليطمئن شعبه ويؤكد أن مسيرة الإصلاح ماضية إلى مبتغاها.
في منتصف الشهر القادم يصل باراك أوباما إلى كينيا مرقد أجداده..هذه الزيارة الأولى لمفجر ثورة الأمل بعد نهاية فترتين في البيت الأبيض .. الربيع الأفريقي الذي يتشكل بهدوء في أثيوبيا وزمبابوي اقتبس بعضًا من بريق الأمل من الرئيس أوباما..في العام ٢٠٠٨ كانت أمريكا تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة.. حروب متفرقة أشعلها بوش الابن في أطراف الدنيا.. في تلك العتمة لاح ضوء خافت في آخر النفق..كان أوباما قدر التحديات واستطاع بمهارة أن ينقذ الاقتصاد ويوحد الأمريكان ويعيد وصل واشنطن بالعالم.
قبيل انتخاب آبي أحمد رئيسًا للوزارة رفض انتقاص سلطته بإخراج المؤسسة العسكرية من ولايته.. حرص أن يكون موحدًا للأمة الأثيوبية فقد استغل بمهارة انتماءه لقوميتي الأرومو والأمهرا دون يصرح بذلك علانية.. حتى هذه اللحظة لا يدرك الناس إن كان الرئيس الجديد على دين والده أم اتبع ملة والدته.. لكن من المؤكد أن الرئيس الشاب يمتلك رؤية جديدة وقدرات على إحداث التغيير.. تجاوز الخطوط الحمراء عندما تحدث عن مصالحة مع أريتريا.. هز برفق مفاصل الدولة العميقة بحكمة.
أغلب الظن أن محاولة اغتيال أبي أحمد كانت عبارة عن رسالة سياسية من مراكز القوة الرافضة للتغيير.. لكن مثل هذه الرسائل أقرب إلى كرة اللعب .. من يتمكن من ردها إلى نقطة انطلاقها يكون هو الرابح الأكبر .. هكذا استغل أوردغان المحاولة الانقلابية الفاشلة فنزع أظافر ومخالب خصومه دون تخدير.. فعلها عبدالناصر عقب محاولة اغتياله وصنعها السادات في انقلابه المفاجيء على أركان الدولة العميقة.. لا أحد يتنبأ بخطوات أبي أحمد عقب القنبلة الدخانية في إستاد المدينة.
في تقديري.. أن علينا أن نستلهم الدرس من أثيوبيا الشقيقة.. بالإمكان صناعة التغيير بكل هدوء ودون خسائر باهظة.. حينما عجز رئيس الوزراء هالي مريام ديسالين قدم استقالته وانتظر في المكتب ثمانية أسابيع حتى تم اختيار خليفته بكل سلاسة.. الرئيس الجديد استثمر في صفحات التغيير البيضاء وأخرج نحو عشرين ألفًا من السجناء.. بل بدأ في رسم دور جديد للدولة المنطلقة للأمام.
بصراحة.. بالإمكان صناعة الأمل هذا عنوان الدرس الأثيوبي الذي علينا أن نستلهمه في مسيرتنا السياسية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة