|
الصحافة المبادرة مناصرة لحقوق الإنسان بقلم الدكتور حسن سعيد المجمر طه
|
03:47 AM May, 26 20151 الصحافة المبادرة مناصرة لحقوق الإنسان الدكتور/ حسن سعيد المجمر طه خلال أقل من أسبوع برزت على صدر صفحات وسائل الإعلام السودانية التقليدية والحديثة حملتان الأولى دعت إلى مناهضة الحرب ونبذ جميع أشكال العنف ودعم وترسيخ السلام المستدام في دارفور التي أدمتها النزاعات المسلحة وعصف باستقرارها وتلاحم مجتمعاتها المحلية تباين رؤى أبنائها من قيادات الحزب الحاكم وشركائه، وأحزاب المعارضة، والحركات المسلحة وعجزهم جميعا عن الوصول إلى الحل مما أدى إلى ازدياد وتوسع رقعة العنف والعنف المضاد. والحملة الثانية تناولت خطاب التمييز والتعصب والكراهية، حيث بدا ذلك جليا في غياب الرغبة والقدرة على قبول حرية الرأي والتعبير بمختلف أشكالها مادامت في الإطار العام المسموح لممارستها التي تحترم فيها الحقوق وسمعة الآخرين، والأمن القومي والآداب العامة والصحة العامة والسلامة العامة؛ كما وضحت ذلك الفقرة الثانية من المادة 19 من العهد الدولي الخاصة بالحقوق المدنية والسياسي ،مما حدا ببعض السودانيين ليعبروا عن حنينهم وفي العلن لفترات سياسية سابقة كلما حل نظام سياسي جديد. لقد دفعتني هاتان الحملتان إلى تدقيق النظر إليهما من خلال المرجعيات الحقوقية والمهنية الصحافية حتى نتمكن من تحليل تأثيرهما على جمهور المتلقين واضعين في الاعتبار حسن نية من أطلقوا هاتين الحملتين وتبنوهما وساهموا في توسعهما حتى عمتا جميع وسائط الإعلام الحديث وأعطتا مؤشرا إيجابياً على أن السودانيين متفقون على أولويتين هما: وقف نزيف الدماء وتحميل مسؤولية الجرائم المرتبكة لطرفي الصراع. والحد من خطاب التمييز والدعوة لقبول الرأي الآخر في بلد قام منذ القدم على التعدد في كل شؤون حياته الثقافية والاجتماعية والسياسية. وعلى الرغم من تطاول الصراعات والأزمات الإنسانية التي شهدها السودان لعقود تلت الاستقلال وخلفت كما هو معلوم الملايين من النازحين داخليا واللاجئين، وأقعدت عجلة التنمية، وانحسرت العلاقات الخارجية للسودان إلا من بُعد إقليمي ودولي محدود لا يقوى على مساندة البلد في رفع الحصار الدولي المطبق أو تخفيف آثاره على الشعب المكلوم الذي يستحق الحياة والحرية والانفتاح على الآخر كغيره من شعوب الأرض التي حظيت باحترام كرامتها الإنسانية وتمكن أفرادها من التمتع التام بحقوقهم وحرياتهم الأساسية بغض النظر عن من يحكمها. فقد ظلت النخب السودانوية داخل وخارج البلاد تفخر بحالة التسامح والسلام والمساواة والعدالة بين السودانيين رجالا و نساء في ممارستهم للسياسة والحكم، وكذا في الجوانب الاجتماعية والثقافية، حتى تجد حالة من القبول لمن اعتدى عليهم وانتقص من حقوقهم فور انتزاع السلطة منه أو زوال قدرته على التأثير عليهم وهذه سمة لا يمكن تصور حدوثها في أي مجتمع آخر والأمثلة كثيرة ومنظورة لدينا إذا ما قارنا أنفسنا بدول ومجتمعات حولنا. لكن هذه الحالة المعنوية لم تستطع أن تنفك من دائرة النخب لتتنزل في عقول ووعي الغالب الأعم من أهل السودان لتكون جزءا من ممارسة شؤون حياتهم اليومية خاصة في المناطق المتأثرة بالأزمات الإنسانية والنزاعات المسلحة. يكاد الحس الجمعي لدينا كسودانيين ينحسر في مساحة ضيقة حسب قربنا من أطراف الصراع، من منا يستشعر آلام وجراحات المدنيين في الأصقاع البعيدة في جنوب النيل الأزرق وجنوب كرفان ودارفور؟ أليس التعاطف واستشعار آلام الضحايا وفقدهم للمأوى والغذاء والكساء والطمأنينة أولى من الاحتفاء بانتصارات متبادلة للجيش أو الجماعات المسلحة؟ وهل تحقق الغلبة العسكرية في الميدان على الاستقرار والسلام الدائم والأمان المفقود في دارفور منذ عقد من الزمان؟ هذه الأسئلة وغيرها رغم مرارتها انتظرت الإجابة عليها من الصحفيين ووسائل الإعلام السودانية باختلاف وتباين انتماءاتها ، لأن تطور تقنيات الاتصال يسر من الوصول إلى المعلومات،،، واتجاه الصحافة لطرح القضايا التي تشكل الشاغل اليومي للجمهور هو العنصر الوحيد الذي يعيد بناء اللحمة بين أبناء وبنات الوطن، كما أن معرفة حقيقة ما يدور من حولنا وتمكين الضحايا من إسماع صوتهم، وتنبيه صناع القرار إلى المخاطر الأمنية والسياسية والثقافية التي تحيط بالمجتمعات المحلية، في مهدها يدفعهم لتحمل مسؤولياتهم وواجباتهم، كما يوثق قصورهم عند عدم اتخاذهم القرارات والمواقف السليمة لدرء هذه المخاطر، ويضعهم تحت الرقابة الشعبية في ظل وهن وضعف برلماناتنا عن قيامها بالمساءلة والمحاسبة، حتى أضعفت ثقة المواطن في مؤسسات الدولة. لقد أشعلت عناوين الصحافة السودانية "لا للدماء"، شمعة الأمل في استيعاب الصحافة والصحفيين لدور وسائل الإعلام في دعم السلام ونبذ الحرب وإعلاء قيمة الحق في الحياة و الكرامة الإنسانية التي لا توجد في الأرض قوة أو فكرة تستحلها. كانت مبادرة رائعة وفي وقتها، بل استبقت الأحداث الدامية التي توسعت بين بعض قبائل دارفور. وينبغي على الصحفيين السودانيين ووسائل الإعلام السودانيين أن يجعلوا من هذه المبادرة الجماعية إطارا عاما لخطة إستراتيجية طويلة المدى تؤسس للخطاب الصحفي المهني والمتوازن في مجال الرأي والخبر، وتضع حدا للدور السالب في تناول ما يجري على أنه انتصار رغم حاجتنا لأن نطمئن المواطن بأن هنالك مؤسسات تقوم بدورها، وذلك من خلال ضبط وتدقيق مصادر المعلومات ومواءمة الرسالة الإعلامية لكل مؤسسة مع غاياتنا الكلية في ترسيخ السلام المستدام ونبذ الحرب، والتدقيق في التأثير الإيجابي المطلوب على الجمهور. لقد دعت اليونسكو في إعلان عالمي لقيام وسائل الإعلام بهذا الدور الذي تبنته الصحافة السودانية الأسبوع الماضي، وبما أن البلاد مازالت تعاني من ويلات النزاعات المسلحة في أطرافها، وتخنقها أزمة إنسانية وسياسية في معظم أنحائها فإن وسائل الإعلام مدعوة لتعمل على المحافظة والاستمرار في هذا النهج وتطويره، ويمكن لهذه المؤسسات أن تطلب من مكتب اليونسكو في الخرطوم تقديم المساعدة التقنية لها في تطوير وزيادة وعي صحفييها وتطوير مهاراتهم في إدماج هذه المبادئ والمعايير في الرسالة الإعلامية، حتى تضع الحرب أوزارها. أما الجانب الثاني من الحملة فقد تمثل في استنكار مجموعة كبيرة من الصحفيين والكتاب والمدونيين لما ذهب إليه احد رؤساء تحرير الصحف السيارة للدلالة الإنسانية في تقديم "ست الشاي" لقص شريط افتتاح غرفة العمليات التي نهض بتجهيزها مجموعة شباب خيرين. لقد اتجهت معظم الكتابات إلى رفض التقليل من شأن تلك المرأة كونها تقوم بعمل وضيع من وجهة نظر الكاتب، والذي لم يفت عليه أن الفئة الغالبة من الشعب السودان هم من الطبقة الكادحة، وأن العمل الشريف لا ينقص من قدر العامل شيئا، بقدر ما يرفعه في مصاف الشرفاء الذي يبنون حياتهم من عرق جبينهم ويقدمون لأنفسهم ولأبنائهم القدوة في الاعتماد على النفس. الجانب المفقود في تلك الحملة يتمثل في غياب التركيز على ضعف قيام السلطة التنفيذية المعنية بواجبها في إعمال حقوق الإنسان وبصفة خاصة في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية كأولوية قصوى و لا يعفيها عن تقديمها مجانا أية أسباب، حيث أقر السودان بموجب انضمامه إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باتخاذ التدابير التنفيذية والتشريعية والقضائية التي تكفل إعمال وتطبيق واحترام وحماية جميع الحقوق التي نص عليها العهد الدولي، ودستور السودان. ولأن هذا العهد يمثل الهوية التشريعية لأصحاب الحقوق والواجبات، وقد تبعه إصدار ملحق يعطي للأفراد الحق في رفع شكاوى فردية ضد دولتهم لإلزامها بمعالجة الانتهاكات الجسمية والمخالفات في تنفيذ الالتزامات وتخصيص أعلى قدر من مواردها لضمان تمتع شعبها بحقوقه الأساسية، تكون الركيزة الأساسية لهذه الحملة هي التصويب نحو واجب الإعلامي تجاه مجتمعه، أكثر من إضاعة الفرصة في التقليل من شأن كاتب المقال. إن إثارة قضية القصور في أداء الخدمة من قبل الوزراء وكبار موظفي الدولة هذه مسألة مهمة يجب أن يختتم بها كل تحقيق أو خبر يكشف عن خلل في تطبيق واحترام وحماية الحقوق الأساسية. إننا لم نسمع رأي الوزير المعني ولا المسؤول عن المساهمة في إنجاح الجهود الشعبية في مجال تحسين خدمات الصحة، لأن في ردهم توضيحا لأصل المشكلة. وبالقدر الذي سعدت فيها بدور الصحافة في نبذ خطاب الكراهية والحرب والدعوة إلى ترسيخ السلام. فإنني وغيري من أبناء السودان في الخارج نأمل أن بتعمق إعلامنا أكثر في متابعة التأثير الإيجابي لهذه الحملات، لأن ما يتم كشفه للرأي العام من حقائق، يتبعه انتظار وأمل من الجمهور بالاعتراف الرسمي بحقوق الضحايا، وتطبيق المساءلة، وفي تحقيق هذين العنصرين تبنى الثقة في مؤسسات الدولة، وفي المسؤولين، وتصبح الشفافية عنوانا لكل عمل وتتولى الصحافة دورها الرقابي ما دامت لم تعد ممنوعة من الاقتراب أو التصوير. 7__
أحدث المقالات
- ليس المهم ما قاله منصور ارباب يونس بل المهم ما يفعله منصور بقلم منعم سليمان عطرون 05-25-15, 04:22 PM, منعم سليمان عطرون
- العم - كوة تية بقلم الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكين-لندن - بريطانيا 05-25-15, 04:01 PM, سليم عبد الرحمن دكين
- العملاء داخل التنظيمات الثورية.. سوس ينخر الجسد النحيل !! بقلم شريف آل ذهب 05-25-15, 03:54 PM, شريف ذهب
- لن تنطلي على شعب المبادرات العظيمة بقلم كمال الهِدي 05-25-15, 03:47 PM, كمال الهدي
- مراجعات في موضوعي السودانوية وعروبة أهل السودان في الميزان بقلم احمد الياس حسين 05-25-15, 03:14 PM, احمد الياس حسين
- السودان وإعدام أخوان مصر...حوار صريح قبل فوات الأوان بقلم جمال عنقرة 05-25-15, 03:11 PM, جمال عنقرة
- إدارة الذاكرة بقلم عماد البليك 05-25-15, 03:06 PM, عماد البليك
- و(دمكم تقيل)!! بقلم صلاح الدين عووضة 05-25-15, 02:59 PM, صلاح الدين عووضة
- الجنوب بين سلفاكير وباقان (1-2 بقلم الطيب مصطفى 05-25-15, 02:57 PM, الطيب مصطفى
- فساد سكر ام حماية مفسدين؟(1) بقلم حيدر احمد خيرالله 05-25-15, 07:10 AM, حيدر احمد خيرالله
- ابراهيم عوض ..... الثلاثية المبدعة مع ابراهيم الرشيد وودالحاوي ( 3 ) بقلم صلاح الباشا 05-25-15, 07:08 AM, صلاح الباشا
- إصلاح النظام الصحي التشخيص والعلاج (1) بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 05-25-15, 07:06 AM, سيد عبد القادر قنات
- كنت معهم ولست منهم ......! بقلم يحيى العوض 05-25-15, 04:30 AM, يحيى العوض
- داعش ISIS؟! بقلم حامد ديدان محمد 05-25-15, 04:20 AM, حامـد ديدان محمـد
- امرأة فاتها الـقطار ! بقلم عمر دفع الله 05-25-15, 04:15 AM, عمر دفع الله
- السينما السودانية وفيلم سمسم كعكة بقلم بدرالدين حسن علي 05-25-15, 04:09 AM, بدرالدين حسن علي
- الترويع ليس حلا بقلم ماهر إبراهيم جعوان 05-25-15, 04:07 AM, ماهر إبراهيم جعوان
- هل أنتم ملائكة أيها الفلسطينيون؟ بقلم د. فايز أبو شمالة 05-25-15, 04:04 AM, فايز أبو شمالة
- السودان مايزال بخير بقلم شاكر عبد الرسول 05-25-15, 03:55 AM, شاكر عبد الرسول
- السودانوية الجامعة والإتفاق المنشود بقلم نورالدين مدني 05-25-15, 03:51 AM, نور الدين مدني
- الإستثمار الخارجي أحلام مشروعة.. بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 05-25-15, 03:49 AM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- بشرى سارة للسودانيين! بقلم فيصل الدابي/المحامي 05-25-15, 03:45 AM, فيصل الدابي المحامي
- نتائج انتخابات 2015 (4/6) نسبة المشاركة والاصوات التي حصلت عليها الاحزاب موقف الجماهير غير مفاجيء عر 05-25-15, 03:43 AM, محمد علي خوجلي
- هندوسة تفتح النار على النظام الكوسة بقلم عثمان محمد حسن 05-25-15, 03:20 AM, عثمان محمد حسن
- و ثائق نضالية من دفتر الأستاذ فاروق أبوعيسى10 بقلم وتحرير بدوى تاجو 05-25-15, 03:18 AM, بدوي تاجو
- عندما يتدثر الجلاد بثوب التبرير بقلم بدور عبدالمنعم عبداللطيف 05-25-15, 03:16 AM, بدور عبدالمنعم عبداللطيف
- السودان علي أعتاب مرحلية مفصلية "3" بقلم جمال عنقرة 05-25-15, 03:13 AM, جمال عنقرة
- في فنتازيات السودان بقلم عماد البليك 05-25-15, 03:10 AM, عماد البليك
- الاستتابة..!!بقلم عبدالباقي الظافر 05-25-15, 02:28 AM, عبدالباقي الظافر
- لماذا تسرق البنوك؟؟ بقلم عثمان ميرغني 05-25-15, 02:27 AM, عثمان ميرغني
- تعيس وسعيد !! بقلم صلاح الدين عووضة 05-25-15, 02:24 AM, صلاح الدين عووضة
- عندما يتدهور قطاع الاتصالات! بقلم الطيب مصطفى 05-25-15, 02:22 AM, الطيب مصطفى
- أمانهن مفقود ...!! بقلم الطاهر ساتي 05-25-15, 02:20 AM, الطاهر ساتي
(عدل بواسطة بكرى ابوبكر on 05-27-2015, 01:54 AM)
|
|
|
|
|
|