(1) :: كنت هناك، ولا يزال الحريق المفاجئ بحي سلبونا على آلسنة الأهل ببورتسودان .. فالأهل بمدن وأرياف البحر الأحمر يتقاسمون ( الحلو و المر)، ومثل السواد الأعظم من أهل السودان، كما يفرحون لأفراح بعضهم، فانهم يتألمون لأحزان بعضهم .. وما يحزنهم - منذ مساء الأربعاء الفائت - هو ما حدث لبعض الأهل بحي سلبونا.. أثر إلتماس كهربائي بأحد بيوت الحي العريق، إشتعل الحريق في هذا البيت، ثم إلتهم بيوت الجيران، بيتاً تلو الآخر..
:: تسعة بيوت، خرج كل من فيها بجلده عند إرتفاع ألسنة اللهب، لتحترق كل ما فيها.. لا راد لقضاء الله وقدره، والحمد لله على كل حال، فالخسائر فادحة، وتحسب أهل البيوت أثرياء من التعفف، وكذلك حين يستقبلوك بالترحاب .. زارهم واليهم موجهاً بحصر الخسائر وتشكيل لجنة تقصي الحقائق عن أسباب الحريق، وتفقدهم معتمدهم أيضاً موجهاً بحصر الأضرار، وشكلوا لجنتهم الشعبية برئاسة إبنهم الطيب عبد الرحمن المصباح، والتي رفعت تقريرها كما يجب ..
:: والفاجعة تستدعي أن تتحرك السلطات ومنظمات المجتمع، أما أبناء بورتسودان - بالداخل والخارج - ليسوا بحاجة إلى تذكير بما يفعلون في الملمات.. وما رأيته من ملاحم تعكس بأن الأسر المنكوبة لن تعبر وحدها بحر المأساة .. وكأن شيوخ ونساء وشباب سلبونا هم من خصاهم الراحل المقيم سيف الدين الدسوقي بالنص الشعري : والناس في وطني شوق يهدهدهم ..كما يهز نسيم قامة القصب/ والجار يعشق للجيران من سبب .. وقد يحبهم جدًا بلا سبب/ والناس أروع ما فيهم بساطتهم .. لكن معدنهم أغلى من الذهب..!!
(2) :: وهناك أيضاً أمطار خير وبركة.. وعودة الذباب نهاراً والناموس ليلاً، وفوضى الأسواق .. ولكن كما قلت في ذات زاوية، فالقضاء على الذباب والناموس وزحام الأسواق مقدورعليه، فلتنتبه السلطات المركزية وتتعظ من مآسي ولاة عهود صُناع الغبائن، بمنهم الوالي السابق .. فالبحر الأحمر من الولايات ذات الخصوصية، والتي بحاجة الى مجتمعات مستقرة.. وهذا يعني أنها بحاجة إلى مسؤولين إصلاحيين يديرونها بالسياسة والإنفتاح على الناس، وليس بالأمن و التقوقع في الحزب ..
:: وبنود الصرف هناك ما لم تفتح المدارس والمشافي في الأرياف ومحطات المياه وشبكات الكهرباء والطرق في المحليات، وما لم توفر المعلم والطبيب والوظيفة للمواطن وأفراد أسرته أينما كانوا ، فأنها – بنود الصرف - لن تحمي حدودنا الشرقية من المخاطر - التي تحيط بها بكل وضوح - ولو شيدوا بها حصون الأمن والتحزب طولا وعرضاَ.. فالمجتمعات المستقرة هي التي تحمي الحدود وليست المدافع والرصاص فقط، ولا استقرار لأي مجتمع إلا في ظل التنمية ..
:: ثم لاتزال مياه النيل - الموعودة بها بورتسودان - هي ترمومتر (النجاح والفشل)، ليس لحكومة البحر الأحمر فحسب، بل لحكومة السودان..فالقضية مركزية، وليست ولائية بحيث نحمل الحكومة الولائية وحدها المسؤولية.. وكثيراً ما وعدت السلطات المركزية أهل البحر الأحمر بتنفيذ هذا المشروع، ولكن ظلت مراكز قوى مركزية نافذة بالخرطوم (تفرمل الوعد) .. أي منذ عقود، ظلت تلك المراكز تعطل هذا المشروع الاستراتيجي بالتلكؤ في توفير مبلغ التمويل..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست