|
أوهام المجرم بوش وحربه الصليبية في العراق
|
أوهام بوش في العراق بقلم: بيرتُس هندريكس
بعد لقائه في العاصمة الأردنية عمان مع رئيس الحكومة العراقية، نور المالكي، ينتظر الرئيس بوش في واشنطن صدور تقرير مجموعة دراسات العراق (لجنة بيكر) يوم الأربعاء القادم، والتي ستعرض فيه توصياتها حول معالجة الأوضاع في العراق بطريقة أخرى، يقول محررنا للشرق الأوسط، بيرتس هندريكس بأنه ليس من الواضح تماماً إلى أي مدى سيقبل بوش بهذه التغييرات:
"إما أن يكون المالكي غير مطلع على مجريات الأمور، أو أنه يخفي نواياه الحقيقية، أو أن قدراته أقل من أن تحول نوياه الطيبة إلى أفعال". هذا الكلام الذي تسرب عن ستيفان هادلي، مستشار الأمن القومي، حول رئيس الوزراء العراقي أثار حنق وغضب المالكي. ولكن المضحك في الأمر هو أن هذا القول يمكن أن يناسب بوش نفسه كثيرا، فالعراق تعصف بها حرب أهلية، يتهرّب بوش من تسميتها كذلك. ويبدو أن حكومة المالكي تسيطر فقط على المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد؛ وحتى هذه المنطقة اعتبرت غير أمنة تماما لاستقبال الرئيس الأميركي. رئيس الحكومة العراقية المالكي هو "الشخص المناسب في المكان المناسب"، حسب الرئيس بوش الذي يبدو أنه بدأ يصدّق أن تسريع عملية تدريب قوات الأمن العراقية سيمكّن الحكومة العراقية من تولّي مهام أكبر عن الأميركان في يونيو المقبل؛ وبأن رئيس الحكومة المالكي يستطيع التعامل مع الميليشيا الشيعية العائدة لمقتضى الصدر الذي يدعم المالكي في البرلمان بثلاثين نائبا ما زال بحاجة إليهم للبقاء في السلطة.
وفوق هذا فالمشكلة الرئيسية لقوات الأمن العراقية والشرطة لا تتعلق بنقص في التدريب، وإنما بالافتقار للولاء للدولة العراقية المحايدة التي هي فوق كل الأطراف، فكل فريق منهم موال في المقام الأول لزعمائه الشيعة أو السنّة أو الأكراد، فلا يمكن تصور مدى السذاجة والجهل ونقص الخبرة.
ومن الواضح أيضاً أسلوب النعامة الذي ينتهجه بوش ورغبته في إخفاء نواياه الحقيقية. فلو سلّم بأن سياسته في العراق قد فشلت تماماً، لكان من الصعب عليه اللجوء إلى مناورة أخرى بعد صدور تقرير مجموعة دراسات العراق (لجنة بيكر). وستقدم هذه اللجنة المشكّلة من قبل الجمهوريين والديمقراطيين معاً تقريرها المنتظر يوم الأربعاء القادم. النقاط الرئيسية في التقرير تسرّبت منذ أسابيع، وتتضمن التوصية بانسحاب تدريجي للقوات الأميركية حتى تصل في آخر الأمر إلى ما بعد الحدود العراقية الكويتية، وقبل كل شيء إجراء محادثات مع الدول المجاورة التي لها تأثيرها على الأوضاع في العراق، ومن ضمنها سوريا وإيران. لكن إجراء مفاوضات سياسية مع دول في "محور الشر" أو حلفائهم يعني تحوّلا في الاتجاه المعاكس لمسار حكومة بوش. ولهذا أيضاً ثمنه، فإن المحادثات مع إيران تعني الكف عن ملاحقة إيران بشأن ملفها النووي. والمحادثات مع سوريا، في الوقت الذي يحاول فيه حزب الله والموالون لسوريا الإطاحة بالحكومة اللبنانية الموالية لأميركا، هو أمر يصعب قبوله، وحتى طلب العون من حلفاء أميركا، السعودية ومصر والأردن – والذين يخشون تشكيل ’الهلال الشيعي‘ في الشرق الأوسط – له ثمنه أيضاً. هؤلاء يمكنهم ممارسة نفوذهم على المتمردين السنة في العراق، لكنهم في المقابل يريدون الضغط على أميركا وإسرائيل للتوصل لحل للمشكلة الفلسطينية أخيراً. بالنسبة لهم الطريق إلى بغداد يمر بالقدس وليس العكس. ومن الواضح بأن الرئيس بوش يود الإبقاء على خياراته مفتوحة لبعض الوقت. وهذا يعني التمسك بخيار إمكانية إحراز النصر بعد في العراق. وهذا ما يقلق رئيس الوزراء العراقي.
وفي نهاية الأمر يجب أن نتذكر أن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بقي "الرجل المناسب في المكان المناسب" بالنسبة للرئيس بوش حتى هزيمة الجمهوريين في انتخابات الكونجرس الأميركي. http://arabic.rnw.nl/data/2006/reports/212200612.htm
|
|
|
|
|
|