|
ويـلات الصبـر في السياسة وفي الحزب الإتحادي الديمقراطي
|
ويـلات الصبـر في السياسة .. وهل للصبر من ويلات في سياستنـا العظيمـة.. وهنـا يكمن السؤال .. لماذا ارتبط الصبر بأرفع مكانة في الإيمان .. وهل سيدنـا أيـوب عليه السلام هو نموذج أم رسالة للمبتلين .. وما هي ويلات الصـبر إذاً .. وكيف يمكن لها أن تتحول فينـا لمنزلـة عاليـة .. الصبر مربوط بالبلاء في أغلب الأحوال .. الصبر على المرض .. الصبر على الظلم .. الصبر على الفقـر.. الصبر على كل شيء يمكن لنـا أن نصبر عليـه حيث أنـه مفتاح النجـاة.. وكما نعلم فإن البـلاء يعم حتى على العباد المؤمنين .. فهو لا يخص أو يتجزأ ولكن الفرق هنا بأنـه يزيـد من حسنات المؤمنين.. هـذا قـد يقـود إلى ما نحن فيـه .. الصبـر على السياسـة والسياسيين .. هل لهـا مقابل من حسنـات .. وما هي هذه الويلات الناتجـة من صبرنـا هنـا .. الإجابة هنـا .. لا.. فهي تنـدرج تحت بـاب الخنوع.. نعـم الخنوع.. فلا صبر على خنوع .. وهـذا مختلف تماماً من الصبر على الظلـم .. فنحن مطالبون بأن نغير ما بأنفسنا حتى يغيـر الله القدير ما بنـا من سوء الحـال..
صبرنـا وصبرنـا كثيراً على حال حزبنـا الوطني الاتحادي أو الاتحادي الديمقراطي فلا فرق عنـدي غير في المسمى وفي من يهيمـن عليه الآن من جماعات وكيانات شتى متفرقـة.. هـل العجـز أم البلاء نابع من هذا الحـزب أم منـا نحن ؟ السؤال بسيط والإجابـة أبسـط .. كان مخططاً لهـذا الحزب أن يقـود تطلعات الجماهير السودانية وآمالهـا .. فلا جهوية بننـا أو قبليـة أو ربط الإنتماء بالدين .. فهو حزب وسـط .. لـه من البرامج غير المكتوبـة الكثير.. مؤسسيـه هم تاريخنـا وحاضرنـا ومستقبلنـا أيضاً .. لا نربط رفـع علم الاستقلال كإنجاز وحيـد للحزب و لقائـدنا معلم الأجيال معنى التحاور عند الخلاف .. الزعيم الخالد فينـا أبد الدهـر الشهيد إسماعيل الأزهري .. ولكنه شقيق لأشقـاء كثر .. معـه حملوا هم السـودان ومأزقـه.. لماذا أرادوا لحزبنا أن يكون وسطـا .. لتنوع السودان في كل شي .. ولتطرف النفس السودانية في عكس عزتها بقبليتهـا أو جهتهـا.. ولخطورة هذه العزة على المواطنـة.. وكان الحل التراضي.. هـل نحن بحاجة لهذا السرد ؟ كلا ... منعاً للتكرار الممل .. ولكن لإيضاح عمق وُبعـد نظر من أرادوا للحزب أي يكون وسطـا..
ما هو وضـع حالنا الأن في الحب الأكبر .. السـودان .. تمزق في كل شئ .. نعرات قبليـة وجهويـة على أقصاها .. إندثار الوحدة الوطنية أوانحسارها أمام مـد الجهوية ، الدينيـة والقبليـة العمياء .. لماذا وبعد خمسون عاماً من الإستقلال نرجع لمربع الفشل الأولي .. منا من يقول لعدم معالجـة أساس المشكلة وتغطيتهـا فقط على جرحها الذي إلتهـب وإحتقن لمرحلة اللاعـودة .. ومنـا من يقول كل هذا من إفرازات التوجـه الواحد في سياستنـا خلال الثلاثون عامـاً المنصرمة من عمرنا والتي إرتبطت بتحقيق المصلحـة الذاتية على الفائدة العامة وما نتج منه من أن ترفع الأطراف السلاح وتقاتل حتى تحقق القليل لأهلها .. الكثير لهـا..
ولكــن.. ما هو دور من طالبهـا برفع مطالبهـا على أسنـة الرماح والبندقيـة الصمـاء .. وما هو دور من أعجز حزبـه من النهوض بمسؤولياته المؤسسية .. أين الديمقراطيـة فينـا كمنهج وسلوك قبل الممارسة.. لمـاذا قُـدر للحزب دومـاً أن يفقـد زعاماتـه وآمالـه فجأة وفي أشـد الأوقات حرجاً ... بعد التسليم بأمر الله الكريم إستشهـد فينـا واقفـاً الزعيم محمـد إسماعيل الأزهري ... فقدر الزعماء الشهادة وقوفاً وذلك بالحق ومع الحق ولا خوف من عبـدٍ .. الموت علينا حق .. لكنـه نزر نفسـه كلها من أجل قضية الحزب .. لم يهنأ بوقت خاص له.. ومن قبله أشقاء كرام .. علي أبوسن .. الشهيد الشريف حسين الهندي .. ومن بعدهم الشريف زين العابدين الهندي _ رغم الإختلاف معه في توجهه الأخير مع الحكومة _ وجمع كريم من الأشقاء الشهداء اللذين لا يكفى لسردهم صفحات .. ما هو واقعنـا الآن .. لذلك وكما قال لي أحد الأشقاء الأعزاء "الحزب دى معمول ليه عمل ولا الحكاية شنو ؟" أصبحنا نبحث في اللامعقول لإيجاد تفسير لما حدث ويحدث .. هل الَعمل وعلى إفتراضه داخلي أم خارجي ؟ تتشابك كل الإجابات هنـا .. يا جماعـة الخير .. لا توجـد مؤسسيـة أو دستور يُحتكم عليه .. وفي حال وجوده هنا وهناك فهو غير مُفعـل .. مللنـا من توجيه اللوم والسبب لهذا وذاك .. رغم صحـة الأسباب .. أصبح الحزب يُقـاد من الخارج .. تُعقـد مؤتمراته بالخارج .. الفصـل والتعيين أيضاً بأوامر من الخارج.. ونرجع كل ذلك لمرحلة المعارضة والنضال ضد النظام .. أي نظام .. وأي معارضة .. وهم مشاركون .. وهذا يرجعنا إلى صدر المقال .. هل هناك صبر في السياسة .. وصبر على السياسيين ؟ لا يوجـد .. فويلات الصبر هنـا عظيمة وغير محتملة ولا تنطبق بأي حال من الأحوال على طبيعة الأشياء في تعاطي السياسة والتعامل معها .. من يصبر هنا ظالم لنفسه ولوطنـه .. كفى رهن للثوابت وللإنجازات .. كفى تشرذم وإختلاف .. فالأمر على تعقيـده واضح الحقائق .. المال هو المتحكم بأمر الحزب .. الطائفة تريد أن تسيطر على تاريخ الحزب .. كثيرون كانوا لا يشاهرون بالرأي أصبحوا الأن من الزعامات .. لا نبخس أحد قدره .. ولكن من يتزعم فليقوم بدور الزعماء أيضاً .. لم يجلسوا على كراسي الزعامات والوزارات .. بل النار كانت هي قبسهم .. ومحرقهم على أيدي الجلادين.. لا ندعوا لزعامة مؤثقة بحرق النار وظلم الجلاد .. ولكن فلتكن زعامة ترتضي الحوار .. وتؤمن بالمؤسسية .. تغير الوضع في كل العالم .. الكاريزمـا لم تعـد مطلوبة برغم طلبنا لها في الحزب .. من يحكم هم الجماعة أو المؤسسة أو "الشركات" كما في كثير من الدول عافانـا الله منـا حيث أننا لم نتخلص بعـد من سيطرة الفرد .. هل نحـن بحاجـة لأن نصبر على الويلات القادمة من فعل سياسينـا مرة تلو المرة ؟! إذا تفهمنـا هذه الجزئية الكبيرة في المعنـى لمـا أصبحنا اليوم نخضع لفرد أو جماعة من غير حُكم المؤسسية.
* حاتم عبدالعزيز محمد صادق
|
|
|
|
|
|