|
|
 قصة بدر مع بدر !!!!!!!
|
نشرت السودانى
سيناريوهات:قصة (بدرالدين).. كاملة
في يوميات سابقة بعنوان (غزوات ومعارك) كنت قد قصصت لكم أعزائى القراء قصة ابنى (بدرالدين) مع المعاينات إلا أنه لضيق المساحة المخصصة (لليوميات) لم أستطع أن أحكيها لكم كاملة وها هى أحكيها لكم من الألف للياء.
أظهر ابني(بدر الدين) نبوغاً وذكاء حاداً منذ وقت مبكر.. الشيء الذي جعلني ومنذ أن بلغ عمره الثالثة أقوم بادخالة إلى مدرسة أجنبية لمعرفتي أنا كأستاذ قضى ربع قرن مدرساً بكافة مستويات التعليم أن المدارس الحكومية أضحت وظيفتها هي (تفريخ) الفائض التربوي وأن التعليم شأنه شأن (الصحة) أصبح فقط لمن يملك بعد أن (رفعت) الحكومة يدها من (المواطن) واستبدلتها (بكراعها).. عموما التحق (بدر الدين) بالمدرسة الخاصة وأظهر فيها نبوغاً حاداً جعله يحتل المركز الأول فيها ثم ما لبث بعد فترة وجيزة أن أصبح من الناطقين بالإنجليزية والفرنسية وبالطبع العربية بطلاقة يحسد عليها..
لا أخفي عليكم إعجابي به خاصة عندما يشير أحدهم إليه قائلاً (هذا الشبل).. ولكنني كنت أقول في (سري) آه لو علموا أن هذا الشبل يتكلف تعليمة في العام الواحد مئات (الدولارات) التي أقوم بجمعها؟؟ محاضرة.. محاضرة.. (كدم الحجامة)!.
كبر (بدر الدين) وأجتاز كل مراحله الدراسية بنجاح منقطع النظير وعندما حان وقت الجلوس لامتحانات (الشهادة السودانية) أحرز مركزاً متقدماً وقد أختار أن يمتحن مساقاً علمياً رياضياً ودون تفكير أختار (بدر الدين) الهندسة الكهربائية لشغفه منذ صغره بفك وتركيب (الألعاب) والأجهزة الكهربائية..
مضت سنوات الجامعة كالبرق وتخرج (بدرالدين) من احدى الجامعات المرموقة وبدأت رحلة البحث عن (وظيفة) ويالها من رحلة.
بعد أكثر من عامين قضاهما (بدر الدين) عاطلاً عن العمل أو (طائراً) كما يحلو له أن يقول وفي أحد الأيام تلقى مهاتفه من واحد من أولاد دفعته يخبره فيها بأن هنالك وظيفة مهندس كهربائي في احدى المحطات الحرارية وأن هنالك لجنة معاينة سوف تعقد بعد أسبوع...
لم يكن لي علم بذلك لولا أنني وجدت أن (بدرالدين) قد بدأ في الاستغراق في المذاكرة وأن جل وقته قد بدأ يستهلك بين الكتب والمذكرات فلما سألته عن السر وراء ذلك أخبرني بمسألة المعاينة.
يوم المعاينة:
- اسمك : بدر الدين الفاتح يوسف
- طيب يا بدرالدين والله دي معاينة (طيبة ومباركة) أنت عارف يا(بدر) معركة (بدر) كانت سنة كم هجرية؟
لم يكن بالطبع يتوقع سؤالاً كهذا.. كان من الممكن أن يتوقع أي سؤال حتى لو في الكيمياء أو الأحياء أو الرياضيات أو حتى الجغرافيا.. ولكن معركة بدر... فهذا ما لم يتوقعه.. تصبب ( بدر) عرقاً وتلعثم وهو يقول:
- والله في الحقيقة.. أصلو...
الآ أن أحد أفراد ( المنصة) حاول أن يخرج (بدر) من هذا (الجو):
- خليك يا ابني من معركة (بدر).. معركة (مؤته) كانت سنة كم؟
وكان لسان حال (بدر) يقول هو أنا معركة (بدر) عرفتها كمان أعرف ليكم مؤته..
- والله.. أصلو.. في الحقيقية............
- الظاهر يا بدر يا ابني انت المعارك دي ما عندك فيها طيب ورينا (غزوة) أحد كانت بين منو ومنو؟
- والله.. أصلو.. في الحقيقية.. أنا استعديت للمعاينة دي وقريت كل كتب الثيرموداينامكس والهايدرواليكترولك..و..
- خلاص المرة الجاية كمان أقرا ليك شويه في المعارك والغزوات..
معارك وغزوات:
عاد بدر الدين في ذلك اليوم إلى المنزل حزينا.. وحكى لي ما حدث مؤكدا أنه لن يثنيه عن (الوظيفة) أي شي وأنه سوف يقوم بالاستعداد لأي معاينات قادمة وقد تأكدت تماما من صدقه إذ أنني وجدت على مكتبة في ذات مساء اليوم عدداً من كتب السيرة والفقه والعبادات والتفاسير.. لابن كثير وان تيميه وابن القيم الجوزيه وابن عبد ربه وابن........
ما لبث (بدر) أن (حفظ) جميع المعارك والغزوات.. أسباب الغزوة أو المعركة.. أطرافها.. تاريخها.. كم استمرت.. عدد القتلى من الطرفين.. عدد الجرحى.. عدد الأسرى من الطرفين.. وكل كل شيء حتى نوعية الأسلحة والدواب والتكتيك العسكري الذي استخدم وأسماء القادة ونواب القادة وألوان الرايات والألويه كل.. كل.. شيء
جاءني (بدر) ذات صباح وهو منشرح الوجه يحمل (صحيفة) في يده وهو يشير لي إلى أحد الإعلانات (الحكومية) التي تشير إلى وجود وظائف (مهندسين) كهربائيين للعمل كمهندسين لأبراج الضغط العالي.. وأن آخر موعد للتقديم هو يوم الغد.
المعاينة تانى :-
- اسمك : بدر الدين الفاتح يوسف
- يعني يا بدر الدين (جدك) اسمو يوسف؟
- نعم...
- طيب ممكن تقرا لينا من الآية (23) من سورة يوسف؟
- والله.. في الحقيقة.. أصلو..
- طبعا خليك من ده... ممكن تقول لينا فيها كم آية؟
- والله.. يعني في الحقيقة.. أصلو..
- خليك من الاثنين ديل.. قول لينا هي مكية واللا مدنية؟
- ................................................
- طيب سيدنا يوسف دا أخوانو كانو كم؟
- والله في الحقيقة أصلو... يعني.... في الحقيقة
- أحدهم منتهرا (بدر): اصلو.. شنو ويعنى شنو؟ عاوز تقول شنو؟
- والله يا جماعة أنا يعني في الحقيقة.. أصلو.. أصلى تخصص (غزوات ومعارك)
- (كلهم فى هبة مضرية): قلت شنو؟ غزوات ومعارك؟؟؟ يعني ما هندسة كهربائية.. يللا أطلع بره نحنا قالو ليك عاوزين (أئمة جوامع) نحنا يا ابنى عاوزين مهندسين أبراج ضغط عالي!!
وبعدين ؟
بعد تلك المعاينة الأخيرة والتى أخبرنى بمجرياتها (بدر) بأسى وحزن شديدين بعد أن أخذنى إلى حجرته وأطلعنى على كمية الكتب الهائلة التى عكف على قراءتها مؤخراً قال لى بدر فى حسرة:
- هسع يا بوي الناس ديل أعمل معاهم شنو؟؟
- إنت براك الما عارف تعمل معاهم شنو؟ ده الشعب السودانى كلو ما عارف يعمل معاهم شنو!!.. والله شوف يا ابنى يا بدرالدين أنا بفتكر إنو إنت هسع كشفت (اللعبة) وعرفت الأسئلة بتجيك من وين؟
- كيف يعنى
- أيوه أقول ليك.. انت تركز تركيز شديد على معركة (بدر) وعلى سورة (يوسف)
ولو فى طريقه تحفظ (المصحف) كلو وكمان تحفظ (الغزوات والمعارك) كلها وزى ما قلت ليك ما تنسى تركز على معركة (بدر)..
لم يكن حفظ (المصحف) بالنسبة لبدرالدين أمرا عسيرا فهو يحفظ معظم (السور) الطوال ولم تمر أيام قلائل حتى قام بحفظه مجوداً ثم شرع بعد ذلك فى قراءة كل ما كتب عن (معركة بدر) قرأ وحفظ كل شئ حتى أسماء المقاتلين من الطرفين.. أعمارهم.. الحالة الاجتماعية لكل واحد منهم... المهنة.. نوع الأزياء التى كانوا يرتدونها.. الأسلحة التي كان كل واحد منهم يمسك بها... الخيل التي كانوا يمتطونها.. عدد الذكور منها.. وعدد الإناث.. الوقت الذي بدأت فيه المعركة (بتوقيت بدر وبتوقيت قرينتش).. والوقت الذي انتهت فيه المعركة.. أسماء القتلى.. ثم بعد ذلك كله قام (بدر) برسم خريطة توضيحية تحدد موقع المعركة تحديدا دقيقاً والمساحة الجغرافية التى كان يجري فيها القتال وكذلك خريطة (عسكرية) توضح مواقع (الجنود) من الطرفين وكيفية سير المعركة والخطط و(الجمل) التكتيكية التي تم استخدامها.. هكذا أعد (بدر) نفسه (لمعركة بدر) ولم يتبق له إلا أن يقوم بذات الإجتهاد ويبدأ بحثا دقيقا وحفظا (صماً) لقصة (سيدنا يوسف).. وقد ساعده في ذلك كثيرا أسلوب البحث العلمى الذى يستخدمه فقام بداية بدراسة حياة سيدنا يوسف عليه السلام تاريخ ميلاده.. مكان ولادته.. وفاة أمه.. حب والده له.. الرؤيا التي قصها على أبيه.. مكيدة إخوانه له.. عشق زوجة سيده (العزيز) له ومكيدة إدخاله للسجن.. الرؤيا التي قصها عليه رئيس سقاة الملك وكذلك رئيس (الخبازين) وتفسير الرؤيتين... رؤيا (الملك) وتفسير سيدنا يوسف لها.. إعجاب (الملك) به وإعادة التحقيق واعتراف امرأة العزيز عن مراودتها له، جعله وزيرا على خزائن الملك فى مصر.. لقائه مع أخوته وكل كل شئ عن (سيدنا يوسف) ولم يكتف بدر بذلك بل قام بحفظ (شجرة) نسب سيدنا يوسف حتى (أبونا آدم)!!!
ما أن ذكر لى (بدر) شجرة النسب هذه والتى تبدأ من (سيدنا يوسف) وحتى (أبونا آدم) حتى عرفت أن ابنى (بدرالدين) قد أعد العدة وجهز نفسه تماما للفوز فى أى (لجنة اختيار) لوظائف فى (الهندسة الكهربائية).
وجاءت الفرصة
في أحد الأيام (فى تلك الأيام) جاءنى (بدر) فرحا وهو يحمل (جريدة) فى يده ويطلب منى قراءة إعلان يفيد بوجود وظائف مهندسين لأبراج الضغط العالى التى تدخل تحت مشروع توسعة (الشبكة القومية للكهرباء) وأن (المعاينات) سوف تعقد بعد تقديم صورة من الشهادات والسيرة الذاتية للمتقدمين مع ترك رقم الهاتف والعنوان لكل متقدم للاتصال به للمثول أمام لجنة المعاينه.
لم يمض أسبوع واحد حتى تم الاتصال ببدرالدين للمثول أمام لجنة المعاينة بعد يومين فجاءنى وأخبرنى فرحاً بذلك ثم ما لبث أن سألنى:
- هسع يا بوى الواحد فى (اليومين) الفضلو ديل يركز على (الهندسة) واللا (التفسير) واللا (الفقه) واللا (الغزوات والمعارك )
- والله يا ابنى يا (بدر) ما عارف أقول ليك شنو لكن أقا شويه من هنا وشوية من هنا
وجاءت الفرصة:
قام بدرالدين فى ذلك اليوم مبكراً.. صلى الصبح كعادته (حاضراً) ثم رفع يديه بالدعاء طالبا من الله سبحانه وتعالى أن تكون أسئلة اللجنة جميعها عما درسه فى (كلية الهندسة - قسم الهندسة الكهربائية) وألا تكون فى أى شئ (آخر).. ثم حينما أشرقت الشمس ارتدى (بدرالدين) ثيابه وخرج متوجها للمعاينه.
- اسمك
- بدرالدين الفاتح يوسف
- أنت يا باشمهندس عارف أنحنا عاوزين مهندسين عشان يعملو شنو؟
- أيوه عارف إنتو عاوزين مهندسين يقوموا بإنشاء أبراج ضغط عالى
- أيوااا عفارم عليك.. طيب يا (بدرالدين) ممكن تتكلم لينا شوية عن الأعطاب وقياس إصلاح الأعطال المتعلقة بأبراج الضغط العالى .... قالها (بالإنجليزية):
Damage detection and repair measures regarding High-Voltage towers
تهلل وجه (بدرالدين) وانفرجت أساريره وبدأ يتحدث عن كل الأعطاب التى من الممكن أن تصيب أبراج (الضغط العالى) وعن كيفية التعرف عليها ومنع حدوثها وعن عمليات قياسها وإصلاحها وما أن أنتهى من حديثه حتى أخذ فرصة الحديث عضو آخر من (أعضاء اللجنة)
- طيب يا بدرالدين (المهندس) ذاتو لمن يطلع (البرج) عشان يصلح حاجة ممكن تتحدث لينا عن طرق (الأمان) يعنى ال safety المفروض يتبعها؟؟
تهلل وجه (بدرالدين) مرة أخرى فالسؤال سؤال سهل للغاية وقام دونما تلعثم بالإجابة عليه قائلاً :
- مفروض (المهندس) يكون بيرتدى قفازات (عازلة) وكمان مفروض يتأكد من ربط (حزام الأمان) جيداً.. وما إن إنتهى (بدر) من الإجابه حتى بادره رئيس (اللجنه):
- طيب يا (بدر) أفرض (المهندس) ما ربط حزام الأمان كويس وقام وقع من البرج و(مات) ممكن تدينا تلاته (أحاديث صحيحة) تورى إنو فى الحالة دى (المهندس) ده مات (شهيد)!!!..
الفاتح يوسف جبرا
[email protected]
::: جميع الحقوق © 2006 محفوظة لصحيفة السودان الدولية والهوية الجامعة :::
|
|
 
|
|
|
|
السنجك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست