|
هل يقرأ الرئيس هذا الكلام؟!
|
أدهشتني التصريحات التي أدلى بها د. خليل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة المتمردة حتى الآن للإنتباهة يوم أمس حين أعلن رفضه لكل أشكال التدخل الدولي في نفس الوقت الذي أعلن فيه كبير مساعدي رئيس الجمهورية مني أركو مناوي وناطقه الرسمي »العجيب« محجوب حسين عن ترحيبهما بالقوات الدولية بل إن الأخير اعتبر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1706 إنتصاراً لدارفور!. لطالما أبديت استغرابي لتنصيب رجل لا يملك من القوة أو القدرات الشخصية أو التعليمية أو السياسية أو حتى العُمرية شيئاً يؤهله لأن ينصّب في الموقع الذي يحتله وهل تبرم الاتفاقيات أو تتفاوض أطراف الصراع إلا لتحقيق السلام؟! وهل يمنح الموقعون على الاتفاقيات المناصب والسلطات إلا لأنهم جديرون ومؤهلون لتحقيق السلام؟! وهل يسدد الثمن إلا لمن يأتي بسلعة السلام ويوقف الحرب؟!. مناوي لم يوقف حرباً ولن يستطيع تماماً كما حدث عندما وُقعت اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997 مع رياك مشار ونصّب مع أتباعه في مواقع سياسية مهمة لكن الحرب لم تتوقف واضطرت الحكومة إلى الدخول في جولة جديدة من المفاوضات مع قرنق تمخضت عن نيفاشا وما أدراك ما نيفاشا!. هل بربكم يوجد محظوظ في الدنيا مثل مناوي الذي يستمتع الآن بسلطة لا يستحقها في وقت لا تزال الحكومة تسدد فاتورة الحرب؟ بل إن تصريحات الرجل ومواقفه لم تختلف في كلمة واحدة عن تلك التي ظل يقولها ويتخذها عندما كان في ميدان القتال... إنه زمان العجائب والغرائب!. ثم يطل علينا د. خليل ابراهيم بهذا الموقف النبيل... ترى من هو الأقرب إلى الرئيس كبير مساعديه وكبير معارضيه في نفس الوقت »مناوي« الذي يضرّ ولاينفع ويتعاون مع الأعداء ويساند من يسعون لغزو واستعمار بلاده أم د. خليل ابراهيم الذي لا يزال يرفع السلاح لكنه يعلن عن موقف شريف يرفض فيه القوات الدولية ويقول إن قرار مجلس الأمن رقم 1706 »خطير بحق الشعب السوداني لأن فيه بوادر استعمار جديد« بل يعلن استعداد جبهة الخلاص الوطني التي يشارك في قيادتها وحركة العدل والمساواة للوصول إلي حل مع الحكومة »في يوم واحد«!. لو كنت مكان الرئيس لفعلت شيئين اثنين أولهما دعوة مناوي واخطاره رسمياً بأن لعب دور المشاركة في الحكومة والمعارضة للحكومة في نفس الوقت مرفوض بل هو في واقع الأمر أخطر على سيادة الدولة وهيبتها من التدخل الأجنبي كونه يأتيها من داخلها »على طريقة حصان طروادة« مع بيان أن ثمن المنصب الذي يحتله هو أن يكون له القدح المعلى والدور الأكبر في وقف الحرب وأن الرئيس مخوّل بموجب اتفاق أبوجا باختيار من يشغلون المناصب وأن ذلك مشروط بتحقيق مطلوبات معينة أهمها القوة الميدانية القادرة على فرض السلام واتساق المواقف السياسية بين الأطراف المشاركة في الحكومة وأن هناك خيارات أخرى للرئيس الذي يخوله منصبه بإعادة النظر في تنفيذ الاتفاق وفقاً للمستجدات السياسية والمصلحة الوطنية العليا!. الشىء الثاني الذي أنصح به بعد وضع مناوي في »مواعينه الحقيقية« هو أن يبتعث الرئيس وفداً حكومياً على رأسه رجل في وزن وصدق د. غازي صلاح الدين أو د. قطبي المهدي أو د. ابراهيم أحمد عمر للتفاوض مع الفصائل غير الموقعة والسعي الجاد للتوصل إلى اتفاق يوقف الحرب بدلاً من الاتفاق الحالي مع عدو لا يملك غير نفسه وبعض معاونيه!. إن على الرئيس البشير في هذه الظروف الاستثنائية التي تقتضي حشد وتوحيد الصف الوطني أن يتقرب باعاً إلى من يتقرب منه ذراعاً عملاً بروح الاسلام خاصة عندما يتعلق الأمر بمواجهة أمريكا وبريطانيا وبتوحيد الجبهة الداخلية وشتان شتان - ونحن مقبلون على مرحلة جديدة وخطيرة من تاريخ السودان - بين رجل يساند التدخل الأجنبي من داخل القصر الجمهوري ورجل يعارض »الاستعمار الجديد« من خارج القصر بل من ميدان القتال!. إن الرئيس بذات القوة التي واجه بها كل الضغوط الدولية من أجل الإذعان لدخول القوات الأممية بحاجة إلى اتخاذ قرارات جريئة يجمع بها الصف الوطني فعندما يستفحل الداء العضال يضّطر الجراح إلي اتخاذ أخطر القرارات التي لا بديل لها ولا غنى عنها. إذا تمخضت المفاوضات عن اتفاق يوقف الحرب يتعين على الرئيس أن يضع في منصب كبير مساعدي الرئيس المشرف على إقليم دارفور من بمقدوره وقف الحرب ومن يملك قراره المستقل بعيداً عن الإملاءات الخارجية ومن يعمل بانسجام داخل مؤسسة الرئاسة وليس من يسدد فاتورة تنصيبه في موقعه الحالي بعد أن قدّم فروض الولاء والطاعة في واشنطن وتلقى التعليمات قبل أن يدخل الخرطوم ويبدأ مسير التشاكس والتعاون مع طلائع الاستعمار الجديد!
الطيب مصطفى
|
|
|
|
|
|