|
|
 الاستاذ حسن نجيلة تعلمنا منه محبة العرض والأرض والإنسان
|
خواطر / الاستاذ أحمد حماد إدريس - الدمام
هناك عقول طورت حياتنا وأياد مسحت عن جباهنا العرق عندما اخترعت الآلة وحررت الإنسان من عبوديته الكبرى ..هناك عبقريات فاقت شدو الطيور والعصافير وهمس النسيم..هناك إجلاء علمونا كيف نحترم أنفسنا ونقدر سوانا ونعرف حدودنا ..هناك أحرار علمونا قيمة وأهمية الحرية..هناك شعراء وأدباء وفنانون علمونا محبة العرض والأرض والإنسان ..هناك خيرون علمونا عظمة الخير ..نحن مدينون دون أن ندرى بجماليات الحياة لكل هؤلاء ..من هؤلاء عمنا الكبير المرحوم حسن نجيلة صاحب الملامح من مجتمع السودان وصاحب الذكريات في دار العروبة وبادية الكبابيش ثم هو نفسه صاحب ذلك السفر القيم أيام في الاتحاد السوفيتي..
من منا يذكر مجلة عمنا حسن نجيلة..مجلة القلم..تلك المجلة الأدبية ذات الغلاف الأبيض الذي لا يشغله سوى مربع صغير يحمل مختطفا من اثر أدبي ما..من يذكر المجلة التي لم تخض المعارك ولم تشن الحملات ولا أطلقت ما يسمى السجالات ولا انشغلت بتصفية حسابات لانه لم يكن لها في الأصل حساب مع أحد..من يذكر تلك المجلة التي قبعت بهدوء على تخوم الحداثة من دون أن تعبرها ولكن من دون أن تمجد التقليد..وفتحت صفحاتها لأدباء المشرق والمغرب في ذلك الوطن العربي السعيد من محيطه الهادر إلى خليجه الثائر لكي يتبادلوا وقد تبادلوا على صفحاتها ثمرات عقولهم ومواهبهم ..من يذكر المجلة التي لم تطمع إلى أن تكون ولا عنيت بان تمثل تيارا حتى إنها خلت من ذلك التقليد المهني المسمى افتتاحية والذي يحمل خطاب المجلة والتزاماتها وأحكامها تاركة لكل مشارك في المجلة أن يصوغ خطابه الخاص ويعبر عنه وباجتماع تلك الخطابات وتجاورها كان يقوم خطاب المجلة الهادئ كجدول صغير يتسلل بين الصخور..من يذكر تلك المجلة التي تباعد عنها رئيس تحريرها فلا يقع القارئ على صورة له ..ولا على مقالات ومتابعات تمجده وقد زهد بمثل هذه الأمجاد وهذه الطريقة في توظيف أو استخدام المنابر حتى أن من يقرا المجلة يكاد لا يتبين رئيسا وموجها لها بعد ما افرد الصفحات لكل أديب سواه..من يذكر تلك المجلة التي احتفظت بعبق قديم يتمثل في مراسلات الأدباء واخوانياتهم فيقرا أحدهم كتاب الآخر مثلا وهو يخاطبه بصورة مباشرة بمعايير الصداقة والاهتمام الأخوي وبالطبع بقدر من المجاملات فيتعرف القارئ إلى طبيعة علاقات الأدباء واهتماماتهم وشوا غلهم دونما حاجة إلي أضواء إعلامية باهرة ومضخمة أو ادعاء الموضوعية في اختيار كتب والسكوت عن أخرى..من يذكر تلك المجلة التي فتحت صفحاتها للأدباء المهاجرين والمهجرين وتابعت أخبارهم وأحوالهم من قبل أن تنتشر وسائل الاتصالات الحديثة وقبل أن تتقدم وسائل المواصلات السريعة..من يذكر تلك المجلة التي كانت تنشر أنباء الإصدارات في المشرق والمغرب عبر باب ..برقيات أدبية..وقبل أن تزدهر الصفحات الأدبية بخدماتها المتنوعة والمتفاوتة..قلة من يذكرون ..مجلة القلم ..لصاحبها حسن نجيلة كان بالفعل صاحبها أي مالكها وليس أي شئ آخر..فكل عدد من أعدادها كان يصيغه المساهمون فيه من الأدباء والأديبات العرب من دون أن يكون لصاحبها سطوة أو حضور ولا حتى ظهور..ومن دون أن ينشغل في تدبير الحروب الثقافية ولا تنظيم الحملات الفكرية..كان حريصا على أن يتجاور الجميع من أصحاب التقليد والتجديد سواء بسواء وفى مرتبة واحدة وبحسبان أن الحياة تحتمل هذه النقائض بل هي تتآلف منها وخصوصا في المراحل المسماة انتقالية..
إذا كانت المجلة استقطبت أعدادا كبيرة من المبدعين فهي للحق لم تنجح في إطلاق أحدا منهم ولا قامت بتزكيته وتطويبه دون سواه فهي كانت تضع نفسها كمنبر بين المنابر لا تدعى أمرا ولا تستحوذ على شئ .. والان وبعد ما يقارب الأربعة عقود على إغلاقها للسبب المعهود السكتة القلبية عفوا اقصد ..الضائقة المالية..وبعد أن مضت عمرا قصيرا لم يتجاوز العامين فان قارئها قلما يتذكر إنها لفحته بنص خارق أو شحنته بطاقة عقلية استثنائية على انه يتذكر وداعة تلك المجلة ووسطيتها واعتدالها بما تمحضه لقارئها من شعور بالسلام أمام تعدد الطرائق الأدبية .
لئن كان الأثر الذي تركته يظل في الحصيلة اقل بما لا يقاس بذلك الذي تركته شقيقتها مجلة الخرطوم وكانت قد سبقتها في الصدور إلا إن القلم نجحت في تقديم نموذج للصحافة الثقافية الكلاسيكية والمنفتحة في آن واحد والتي لم تقترن بدار نشر أو مؤسسة وقد انقطعت لوظيفتها الأصلية دونما زيادة أو نقصان وقد تخففت من العقائد والتبشير بها والمحاججة حولها وفى حسبانها أن الإبداع هو بذاته عقيدة وهو ما بات يسلم به كثيرون هذه الأيام ممن لم ينتبهوا في حينه لحضور تلك المجلة ذات الغلاف الأبيض والسمعة البيضاء والأيادي البيض...وبمناسبة الخرطوم عاصمة الثقافة العربية هل من طالب بإحياء ذكرى أديبنا الراحل حسن نجيلة بإعادة طباعة مجلة القلم في هذه المناسبة....
احمد حماد إدريس -- الدمام..
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الاستاذ حسن نجيلة تعلمنا منه محبة العرض والأرض والإنسان (Re: علاء الدين حيموره)
|
رحم الله الأستاذ حسن نجيلة
| Quote: ..مجلة القلم ..لصاحبها حسن نجيلة كان بالفعل صاحبها أي مالكها وليس أي شئ آخر..فكل عدد من أعدادها كان يصيغه المساهمون فيه من الأدباء والأديبات العرب من دون أن يكون لصاحبها سطوة أو حضور ولا حتى ظهور..ومن دون أن ينشغل في تدبير الحروب الثقافية ولا تنظيم الحملات الفكرية..كان حريصا على أن يتجاور الجميع من أصحاب التقليد والتجديد سواء بسواء وفى مرتبة واحدة وبحسبان أن الحياة تحتمل هذه النقائض بل هي تتآلف منها وخصوصا في المراحل المسماة انتقالية.. |
شكرا الطيب
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الاستاذ حسن نجيلة تعلمنا منه محبة العرض والأرض والإنسان (Re: ابو جهينة)
|
الاخ الرائع علاء حيمورة
\
حفظكم الله آل حيمورة فانتم اسرة تتميز بكثير من الابداع
عطاؤكم يشهد عليه القاصي والداني ليس على المنبر فحسب بل في اي ناصية من نواصي الابداع فانت وانعام واشراقة كفاكم الله شر الحاسدين.
نامل ان يشارك الاخ ياسر كما ذكر لاتحافنا بالكثير عن ذلك الرجل المخضرم
الاخ ابو جهينة
شكرا على مروركم ونتطلع لاسهاماتكم
لك التحيات النواضر
شيقوق
| |
|
|
|
|
|
|
| |
الطيب شيقوق
علاء الدين حيموره
ابو جهينة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست