|
لم يستبينوا النصح الا ضحى الغد بقلم:عباس حسن أحمد
|
*لو تمهل وزير المالية قليلاً في الاجابة على سؤالنا... ولو فكر جدياً وأعمل العقل رويداً للبحث عن إجابة تكون مقبولة منطقياً واقتصادياً ولتكن هادياً له للخروج من نفق الأزمة المظلم، والغيبيات التي وضعت على أساسها الموازنة الجارية بغير ما تعجل... لما تكبد اقتصادنا هذه الخسائر الفادحة التي كشف لنا عنها وكيل وزارة المالية الشيخ المك في تصريح خص به (السوداني) والتي بلغت في جملتها (250) مليار دينار كعجز في الموازنة وثمن غالٍ لأخطاء فادحة في إعداد الموازنة التي وضعت على غيبيات وعلى جناح من السرعة ما كان ينبغي لها ان تكون. *وذلك بعد تأخر استخراج مزيج (بترودار) من حقل ملوط النفطي بعد ان لم تصدق كل التكهنات والتوقعات والتواريخ التي حددها وزير الطاقة لاستخراجه. *ولو اتبع هؤلاء الأسس العلمية في إجراءات الموازنة لما كان للوزارة ان تلجأ للاستدانة من النظام المصرفي مبلغ (100) مليار دينار أو تزيد... ما دفع البنك المركزي لدعم هذه البنوك بـ(10) ملايين دولار حتى تتمكن من القيام بدورها في دعم القطاع الخاص بدلاً عن وزارة المالية، ولو ان التخطيط الوزاري لإعداد الميزانية كان واقعياً ودقيقاً لما تحمل شعبنا المقهور اقتصادياً النتائج المأساوية والأخطاء الفادحة للقائمين على أمر الاقتصاد في بلادنا. *ولو كانت الدقة والحصافة هما المنهج المتبع لما احتاجت وزارة المالية للسحب من حساب أسعار (تركيز البترول أو إصدار صكوك إضافية بمبلغ (40) مليار دينار أو بقية الإجراءات التقشفية التي كشف لنا عنها وكيل الوزارة الشيخ المك لتغطية العجز وتفادي الخلل الهيكلي الذي لحق بالموازنة وتلافي الأخطاء الفادحة بسبب التعجل في إجراءات الميزانية التي ولدت مشوهة بدلاً من ان تكون مغطاة بإيرادات القطاعات الإنتاجية الأخرى وهنا يكمن الخلل والخطر الذي يتمثل في الاعتماد على النمو في قطاع البترول كداعم رئيسي للموازنة بنسبة تفوق الـ (53%) مما ينبئ بوقوع كارثة محققة حال تعرض قطاع البترول وأسعاره العالية لأي هبوط مفاجئ وهذا ليس مستبعداً بالنظر للتوترات السياسية والأمنية في المناطق الغنية بالنفط بينما نجد ان سياسات الاقتصاد الكلي لم تول أدنى اهتمام للقطاعات الإنتاجية الأخرى الأمر الذي اضعف الميزانية النسبية لصادراتنا في المنافسة الخارجية على قلتها. *ونستدل على ذلك بأن عائد الصادرات للستة أشهر الأولى من العام الحالي استحوذ البترول على (80%) منها بينما كانت اسهامات كل القطاعات الأخرى (20%) فقط. *ثمة ملاحظة نبديها في ما يتعلق بالاستدانة من النظام المصرفي وهي إحدى الآليات التي اتبعتها وزارة المالية لتغطية العجز ولكن يجب ان تنتبه لآثارها السالبة ومنها زيادة نسبة التضخم والتي نعتقد ان المعدلات المعلن عنها غير حقيقية وغير واقعية وهذا ما يعكسه واقع الحال المتمثل في الغلاء المستفحل في السلع الاساسية. *غاية ما ننصح به وكل ما نريده هو التأني في إعداد الموازنة للعام 2007 ولتكن هذه عظة وعبرة لنا، على ان يكون الهدف الأساسي منها اسعاد المواطن وتحقيق رفاهيته واثقال كاهله بالرسوم. *أيضاً لا بد من التنبيه للمخاطر المستقبلية التي سيتعرض لها الاقتصاد القومي حال الاعتماد على قطاع النفط لتمويل الموازنة وإهمال القطاعات الإنتاجية والتنموية الأخرى التي يخصص لها الفتات من إجمالي الانفاق بينما تستأثر الأجهزة الأمنية بنصيب الأسد بعد ان وضعت الحرب اوزارها. *أيضاً لا بد من التنبيه ان التمويل بالعجز (الاستدانة من النظام المصرفي) يعرض علاقة السودان مع صندوق النقد الدولي للاهتزاز وعدم الثقة وذلك للمطالب المتكررة من الصندوق والتي يدعو فيها لخفض نسبة الاستدانة من النظام المصرفي إلى حدودها المسموح بها.
|
|
|
|
|
|