|
|
 عثمان ميرغني يكتب عن احتفال الانقاذ بذكري انقلابها: النصب على الضمير..!!
|
النصب على الضمير..!!
عثمان ميرغني
*منذ سنوات طويلة كتبت أكثر من مرة أنصح حزب المؤتمر الوطني أن يستدرك خطابه السياسي العام.. بأن لا يحتفل بذكرى 30 يونيو وأن يستعيض عنها بذكرى الاستقلال.. حتى لا يخلق الإحساس بفئوية الإنقاذ.. وكتبت أكثر من مرة أنه سيأتي اليوم الذي سيضطر فيه حزب المؤتمر إذا اصر على الاحتفال بذكرى 30 يونيو أن يفعل ذلك في ثياب حزبية محضة بعد ان تخلع عن الاحتفال الزينة الرسمية التي كانت تلبس عن طريق الاحتفال في حدائق القصر الجمهوري وإعلان عطلة قومية في البلاد.
*ومرت السنوات وجاء اليوم الذي يستبين فيه النصح.. يكابد حزب المؤتمر الوطني مشقة بالغة في التحايل على الاحتفال بذكرى 30 يونيو هذا العام.. فاستخدم في البداية تعبير (احتفالات السلام) رغم أن الجميع يعلم أن الاحتفال بالسلام لا محل له منطقيا الا في تاريخين.. إما التاسع من يناير من كل عام باعتبار توقيع اتفاق السلام الشامل في نيروبي في هذا التاريخ وبدء سريان اتفاق السلام في المرحلة التمهيدية Pre-interim.. أو التاسع من يوليو من كل عام باعتبار اليوم الذي تم توقيع الدستور فيه وأداء القسم لمؤسسة الرئاسة الجديدة وبدء سريان الفترة الانتقالية.
*ونكاية في نفسه أصر حزب المؤتمر الوطني على القفز فوق القانون وتعليق لافتات باسمه على المؤسسات والوزارات الرسمية.. وتفريغ دواوين الحكومة للذهاب الى موقع الاحتفال لحشد مسيرة جماهيرية.
*وما كان حزب المؤتمر الوطني في حاجة لكل هذا الكبد النفسي مع ضميره.. لو حاول أن يدرس الجدوى العملية من مشروع الاحتفال نفسه.. فالاحتفال ليس عملا مطلوبا في حد ذاته أو شعيرة تعبدية تؤدى بلا حاجة للتأمل في مناقبها مقابل مثالبها.
*أى احتفال سياسي هو في النهاية عمل مقصود في سياق الخطاب الجماهيري العام.. ولو اتضح أن الااحتفال يهدر الجدوى الإيجابية فالأجدر ان يتم تجاوزه.. لكن الاحتفال بذكرى الإنقاذ تثبته نفسية العادة أكثر من حضور الفائدة منه.. إحساس يائس عند البعض أن دوام المآل.. بدوام الحال.
*البعض لا يريد أن يعترف أن الانقلاب العسكري الذي حدث فجر 30 يونيو 1989 صار ملفا في التاريخ لكنه لا يمثل مرجعية شرعية أو قانونية لواقع اليوم.. حتى رئيس الجمهورية نفسه موجود اليوم في موقعه بمرجعية انتخابات رئاسية جرت مرتين.. واحدة عام 1996 والثانية عام ..2000 ولم يعد المتغير السياسي الذي حدث في صبيحة 30 يونيو يمثل شرعية لأي مكون سياسي موجود - على الأقل نظريا - فالاحتفال به لم يعد له أى معنى إلا ربما ذكرى شخصية للباقين في الحكم من اعضاء مجلس قيادة الثورة.
*وما يؤكد قولي ان حزب المؤتمر نفسه تحايل على الاحتفال وأطلق عليه (احتفالات أعياد السلام) لأنه يدرك تماما أن لا سبيل للاحتفال بمتغير سياسي لم يعد يمثل أى شرعية أو مرجعية في البلاد حاليا.
*على كل حال، وكما ذكرت كثيرا في الماضي، العبرة ليست في التحديق والقلق من الدراما التي أمامنا.. مسيرات جماهيرية يحشد لها موظفو الدولة خلال ساعات العمل.. بل في المنهج والعقلية التي تنجب مثل هذه الدراما.. لا بد من إعادة تركيب هذا المنهج وتصحيحه.
www.alsudani.info
|
|
 
|
|
|
|
Mustafa Mahmoud
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست