|
منبر السودان الجديد مشروع رؤية إستراتيجية أم أشواق صفوية؟
|
منبر السودان الجديد مشروع رؤية إستراتيجية أم أشواق صفوية؟ بدأ منبر السودان قبل أيام قليلة إنطلاقته باجتماعات حاشدة.. والمنبر كما هو معروف من بنات أفكار الاستاذ عثمان ميرغنى التى روج لها كثيرا عبر عموده المعروف (حديث المدينة) والفكرة فى حد ذاتها غير معقدة وترتكز على ان الحكومات او المعارضة بتياراتها السياسية المختلفة ظلت هى التى تشكل حياة الناس وتحدد فى مختلف المجالات لهم المعايير والأطر دون ان تشركهم فى صياغة كل هذه الاشياء وبالتالى فهم الذين يفسدون الحاضر ويصنعون المستقبل مستلبين الارادة الجمعية للجماهير، تلك هى المفاهيم الاساس التى بنى عليها صاحب المنبر رؤيته. ومن الواضح ان الفكرة رغم زخمها التعبيرى وألقها هى تعنى باختصار غياب الشورى وانحسار مواعين المشاركة السياسية سواء أكانت داخل الأجهزة السلطوية او فى داخل الاحزاب نفسها وهو أمر يجعل المواطنين على الرصيف يتفرجون بعد ان تم تغييبهم. من هنا تقفز عدة تساؤلات مهمة.. هل وجود تنظيم جماهيرى ضاغط يمكن ان يحل الازمة -اى أزمة الشورى داخل هذه التنظيمات السياسية الحاكمة او المعارضة؟ { ومن هو الذى يحدد الاجندة والمفاهيم والمعايير للتنظيم الجماهيرى الضاغط.. هل هم اعضاء اللجنة المنتخبة فيما بعد؟ واذا كان الأمر كذلك ماهو الفرق بينه وبين اى تنظيم سياسي آخر مع العلم بأن التنظيم السياسى له برامج سياسية وايدولوجية فكرية وخطاب سياسى متفق عليه وان القيادة فى الحزب هى التى تسقط هذه الايديولوجيات والبرامج على ارض الممارسة السياسية بينما المنبر الجديد ليست له معايير محددة إلا ما تراه القيادة وفق تقييمها للواقع السياسى الظرفى. ولهذا يكون السؤال.. ألا يشكل تحديد القيادة المنبرية للخيارات و المعايير التى تقيس ما تعتبره ممارسة سلطوية او حزبية بأنه ضد مصالح اعضائها بل ضد مصالح الجماهير قاطبة التى تبنت تمثيلها والتعبير عن نبضها عبر هذا التنظيم نوعاً من الوصاية والاستلاب والتجديف الانطباعى؟ وبعبارة اكثر دقة ان كثيراً من القرارات الاقتصادية والسياسية التى تصدر من الحكومات قد تكون لها ثمة مرتكزات ومرجعيات محددة وفق واقع ظرفى محدد وابعاد مرحلية واستراتيجية محددة، فهل سيُخضع التنظيم المنبرى الجديد تلك القرارت الى دراسة منهجية تراعي هذه المرتكزات.. أم بناءً على انطباع قيادته؟ - ولكن صحيح ان هناك قرارات من السهل الافتاء بها مثل فرض الرسوم او الجبايات المعوقة للمسيرة الاقتصادية والمرهِقة للقطاعات الجماهيرية ولكن يبقى ذلك من مهام وسائط الرأى العام كالصحف والاجهزة الاعلامية المختلفة بالاضطلاع بالدور التنويري والضاغط المدافع عن مصالح الجماهير. ذلك لأن المنبر الجماهيرى الضاغط بحكم تركيبته المبينة اساساً على مبادئ مجردة وليست رؤىً ومفاهيم محددة تجعل من الصعوبة بمكان ممارسة نوع من الممارسة السياسية الرشيدة والواقعية ابتداءً. ولكنه قد يكون جازباً لصفوة محدودة من الجماهير التي تعشق التعبير والافصاح عن همومها وقضاياها بينما جمهور العامة (التيرسو) والذى مازال يعانى من الامية الابجدية والثقافية لن يصر على هذا النوع من التعبير الصفوى كما ان سلوك هذه الشرائح من الصعب لجمه وتدجينه ولهذا فإن الحلم بتقديم وسائل ضغط حضارية وسلمية كما هو الحال فى البلدان الاوروبية سيكون ضرباً من الخيال ولهذا فإن ممارسة التعبير الصفوي السلمي سيكون محدوداً وبالتالى فإن مردوده التأثيري بالمقابل سيكون ضعيفاً، كما ان الحكومات فى العالم الثالث ليست مثل الحكومات فى المنظومة الاوروبية التى يمكن ان تؤثر فيها التظاهرات السلمية باللافتات والهتافات المنضبطة ولكنها عادة لا تتغير سياساتها إلا عبر الثورات العنيفة او التمردات المسلحة. لذا فإن منبر السودان الجديد إنما يقوم على ارضية هلامية يوتبية وان حسنت نية منظميه. احمد طه صديق
|
|
|
|
|
|