|
الطفولة الاشتراكية
|
الطفولة الاشتراكية
تندلق الفكرة في رحم الفكرة ، فتنجب تساؤلات ٍ وتصورات لعمر الجنين ، وننسى أننا ذرفنا أبناءنا الأفكار في حضانة التجرد وجعلناهم يحبون بعيداً عن أذهاننا ، يركضون تارةً في حدائق الوجع ويلعبون تارةً بصفقات الوحدة ، فتمضي الأيام وأطفالنا الصغار يرضعون أزهار التحرر ، والمتنزهون في حدائقنا لا يفطنون لخارطة الطرق والأزقة التي ارتسمت في أرجلهم المنقوشة بحناء الفقر وريشة البساطة . فيكبر الأطفال ويصبحون مجازاً واقعياً لتلك الملاجئ التي حاكت منهم فراءً صوفية مليئةً بالأتربة والغبار الوهمي الذي تاه بنا عن ملامحهم المتعبة وتواريخهم الغائبة في شهادات المهاجر والمنافي للزمن المعتقل في عقارب النسيان . وما أن يكبروا حتى ينفضوا عنهم الشوائب التي علقت بأجسادهم البريئة المعرضة لعوامل الطبيعة ونوازع الطفولة التي لا تجد ملاذاً تلوذ به من عجرفة الطبقات السماوية وفواحش الطبيعة القسرية . وها هم يخرجون من فرائهم الصوفية ويتجمعون في مائدة الوطن ، يأكلون اللقمة سوياً لا تعنيهم قلة أصناف الطعام الموجودة في المائدة ، بل يعنيهم معنى وجودهم في مائدة واحدة لا تقصر على أحد تجاه أحد ، بل تشبع أفواههم جميعاً وتطلق لها العنان حتى لا يصيبها تثاؤب القمع ولا يبلعها لعاب الحنجرة المبحوح بداء العنصرية .
عمار عبد المنعم خليفة -------------------------------------------------------------------
|
|
|
|
|
|