الشلك أمة .... ولها حضارة ترقت فى مدارج الحضارة الإنسانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-16-2024, 09:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-24-2006, 09:49 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52570

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشلك أمة .... ولها حضارة ترقت فى مدارج الحضارة الإنسانية


    الشلك أمة .... ولها حضارة ترقت فى مدارج الحضارة الإنسانية
    جون كيمو سلفيو أجينق

    الولايات المتحدة الأمريكية
    [email protected]
    كان ذلك عنوان لبحث ألقيته على هامش المؤتمر السنوى الثالث لجمعية فشودة الخيريةبامريكا NAFA-وتعرف إختصارا ب (North American Fashoda Associationالشمالية) وهى جمعية خيرية أسست فى العام2001 ومسجلة بولاية فيرجينيا الأمريكية والعضوية فيها متاحة للجميع سيما الذين يسعون جاهدا للإبقاء على عادات ،تقاليد ونظام قبيلة الشلك المتميز.

    إن ثقافة الشلك ،كغيرها من الثقافات و العادات الأخرى فى الأنحاء المترامية من السودان الشاسع الواسع لم تلق سوى الإهمال ، النسيان و الكب فى مزبلة التاريخ. ويحار المرء حقيقة عندما يدرك، مثلا ان صورة المحارب الشلكى التى كانت دامغة على طابع البريد فئة 3 قرش فى عهد الأ ستعمار البريطانى قد أزيل و تم إستبدالها بصور أخر فى العهود الوطنية بعد استقلال السودان.

    النتيجة كانت ان الكثير من السودانيين ، ناهيك عن الأمم العربية و الأفريقية وغيرهم اصبحوا لا يعلمون عن أمر هذه الأمة إلا لماما ، الأمر الذي هدى بالقائمين على أمر هذه الجمعية الى توقيع ميثاق ميلادها و برامج عملها الثقافى و الإجتماعى كجمعية تهدف و ترمى الى المحافظة على ثقافة الشلك وحدها‘ بل كل الثقافات و العادات الموجودة فى السودان بحسبان ان صورة السودان الحقيقية و الجلية للأعيان لا ولن تكتمل مالم تظهر و تبرز كل هذه الثقافات ،الحية منها و الميتة ، القوية والضعيفة ،الصالح و الطالح،النافع و الضار،الخ.......

    ما يميز السودان عن غيره من البلدان هو انه بلد الثقافات المتعددة كتعدد مناخه وفصول السنة فيه بالتالى فأن المصلحة الوطنية للسودان تكمن فى وحدته المتمثلة فى ثقافاته و فنونه وتقاليده المتعددة والمتنوعة، فهذه البوتقة قوس القزحية تكتمل بتعايش الثقافات لا بنحرها و وأد البعض فى مهدها . عليه تقيم جمعية فشودة الخيرية أسبوعها الثقافى فى الفترة فيما بين يومى 26 و27 من ديسمبر من كل عام كملتقى لكل الثقافات السودانية للمشاركة و الإبداع حتى نعيد بناء الصرح الثقافى الذي أهملته الحكومات و المؤسسات الثقا فية فى بلاد نا.

    لقد كان اليوم الثقافى للسنة المنصرمة 2003 جميلا حيث أدلى فيه الأستاذ والمربى /عبيد محمود بكلمة ضافية عدد فيها المزايا التى تتميز بها الشلك كقبيلة ، منها النظام والإ نضباط والإمانة، كما أطربت بلبلة (البلابل) الحضور بلأغانى و الأناشيد الوطنية من قبيل "أصبح الصبح" كلمات الشاعرالكبير محمد الفيتورى وألحان محمد وردى. وللفت الأنظار، فأهل السودان يعتقدون بأن هذا النشيد نظم فى ثورة أكتوبر1964 لكن الحقيقة أنه أعد كأغنية الأفتتاحية عندما رشحت الخرطوم أنزاك لتكون المقر الدائم لمنظمة الوحدة الإفريقية (الإتحاد الإفريقى حاليا). السودان بلد أفريقى من الطراز الأول، وعند الحديث عن أفريقيا، فإنما نتحدث عن الثقافات و القيم الموجودة فى هذه القارة السمراء وهنا ياتى الشلك بالكم الهائل من التراث و الثقافة الأفريقية.

    من المعروف ان الشلك ينحدرون من السلا لة الحامية، مثلهم مثل بقية قبائل السودان الأخرى ما عدا العربية بالطبع ،و هم نيليون أيضا، حيث ان النيلين ينقسمون الى ثلاثة مجموعات رئيسية فى جنوب السودان وهى :الدينكا ، النوير ولوه.

    Luoو ينحدر الشلك من مجموعة اللوه التى تنقسم الى مجموعات صغيرة يشكل الشلك فيها الجماعة الرئيسية. فهجرة اللوه الى مواطنهم المعروفة اليوم قد أتسمت بالمغامرات و الخلآفات الحادة بين هذه المجموعة فبوصولها الى المنطقة التى تسكنها قبيلة البارى، فى الإستوائية، تفرع لوه الى مجموعتين رئيسيتين :ألأولى أتجهت جنوبا: مكونة فيما بعد قبائل ألأشولى ،ألور ،لانقوبالإضافة الى قبائل صغيرة أخرى تسكن يوغندا الأن. أما المجموعة الثانية فأتجهت شمالا و دخلت بحرالغزال حيث آثرت مجموعة صغيرة منها البقاء و الإستقرار مكونة قبيلة اللوه ببحرالغزال وجور بئل وبلندا بور.أما الفصيل الرئيسى فواصل الرحلة شمالا و عبر النيل (النهر) ليؤسس مملكة الشلك ببينما تفرعت مجموعة صغيرة و أتجهت شرقا لتكون قبيلة ألأنواك..

    يشكل الشلك المجموعة الوحيدة من بين أفراد مجموعة اللوه التى ترقت و تطورت فى شتى مناحى الحياة و الرقى الإنسانى حتى وصلت الى ما تسمى اليوم بأمة. وقد بدأء ذلك فى بداية الربع الثانى من القرن الرابع عشر بفضل مجهودات زعيمهم الروحى نيكانقو أكوارو أبنائه داك و كال.

    و لمملكة الشلك أوجه شبه فى كثير من الشؤون بالمماليك النوبية القديمة التى كانت سائدة فى شمال السودان قبل دخول العرب والإسلام الى السودان. و يقال ان حرفة تعدين الأسلحة البيضاء و صناعة آلالات الصيد المختلفة التى تشتهر بها الشلك ، قد إنتقلت اليها عبر المماليك النوبية القديمة.كذلك أهل جبال النوبة يجمعهم بالشلك تاريخ طويل على مر العصور و الأزمنة زاقو فيه معا الحلو والمر وسوف ناتى الى ذكر ذلك مرة أخرى.

    فى أواخر القرن الرابع عشر للميلاد تمكن نيكانقو آكوار من توطيد أركان دولته الوليدة و ذلك عن طريق إستخدام الوسائل الدبلوماسية و العسكرية. الوسائل الدبلوماسية ، مثل الترغيب والإقناع، اما الطرق العسكرية فكانت عن طريقة احتواء المعارضة و المقاومة وضم الأمم و القبائل الأخرى الى الشلك . لقد كان لهذه الدبلوماسية المحنكة اليد الطولى فى ازدهار وتقدم مملكة الشلك بل وتوسعها حتى وصلت حدودها مشارف مدينة الخرطوم الحالية. وما فتئت الأمم المتقدمة فى عالم اليوم ،الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا، على سبيل المثال لا الحصر تستخد م هذه الربلومسية العتيقة فى شتى ضروب الحياة بدأء بالسياسة و إنتهاءا بالإقتصاد .إن دبلوماسية نيكانقو لم تقتصر على امور مملكته الداخلية و رسم سياساته مع الرعية من أبناء قومه و بنى جلدته ، تعدى ذلك الى تحكيم علاقات الشلك عامة مع القبائل المجاورة مثل الدينكا و النوير بالإضافة الى النوبة .

    لقد تسارعت مملكة الشلك فى النمو والتوسع شمالا فأخزت هذه المبادىء الأساسية التى أرسته نيكانقو تأخز منحى أقوى فى صورة السياسة الخارجية للشلك فى تحديد العلاقة ، سلما او حربا، مع جيرانهم ومع الأجناس الأخرى التى دخلت السودان لاحقا كالعرب و الأتراك مرورا بالمصريين و الأنجليز و الفرنسيين. لقد أكد هذا النموذج الشلكى النظرية القائلة بنضوج الأنسانى الأفريقى منذ القدم.

    من الثابت ان أسلاف الشلك قد قدموا الى مناطقهم الحالية منذ زمن قديم لكن مما لا شك فيه ان نظرائهم من الدينكا و النوير قد سبقوهم الى جنوب السودان ، رغم ذلك تمكن الشلك من إرساء أسس لنظام ملكى/ وراثى فريد و نادر لايوجد مثيل له اليوم إلا فى بريطانيا (الملكة) و اليابان (الأمبراطور) وجنوب أفريقيا (مملكة سويتو). ويبدو ان المؤرخين لا يملكون الكثير من الحقائق التاريخية لقبيلة الشلك إلا أن النظام الملكى القائم على اساس الملك الإلهى المطلق ( ) ظل متسلسلا بطريقة سلسة و مستدامة رغم محاولات القضاء عليه و وأده ( المهدية و الأتراك-المصريين). فمن ما هو متناقل عن ألأسلاف مرورا بالأجداد ثم الأباء ان النظام الوراثى فى الشلك منذ نيكانقو آكورا الزعيم ، الأب الروحى ،الرث الأول، و مؤسس مملكة الشلك، كان حكرا على الأسر الحاكمة وأليك أسماء ملوك الشلك الزين تولوا او استولوا على عرش المملكة منذ تأسيس المملكة الى يومنا هذا:-

    1-نيكانقوا آكوارا- 1545-1575.

    2-كال نيكانقو-1575-1590

    3-داك نيكانقو1590-1605

    4-نيدآور نيكانقو1605-1615

    5-أوشلو داك1615-1635

    6-ديواد أوشلو1635-1650

    7-بوج ديواد1650-1660

    8- آبوضوك بوج (إمرأة)1660-1670

    9-دوكوض بوج1670-1690

    10- توقو دوكوض (وهو مؤسس مدينة فشودة المقر الدائم لرث الشلك حتى يومنا هذا)1690-1710

    11-أوكون توقو1710-1715

    12-ضيكور توقو1715-1745

    13-موقو ضيكور1745-1750

    14-واك ضيكور1750-1760

    15-ديلقوط ضيكور1760-1770

    16-كوديد أوكون1770-1780

    17-يور كوديد1780-1820

    18-أنى يور1820-1825

    19-أكود يور1825-1835

    20-أوين يور1835-1840

    21-أكوج أكود1840-1845

    22-نيضوك يور1845-1859

    23-كواضكير أكود1859-1870(عزل من الرث من قبل مدير مديرية فشودة التركى وعين مكانه أجانق نيضوك)

    24-أجانق نيضوك1870-1875

    25-كوجكون كواضكير1875-1881(طرد من العرش و هرب الى جبال النوبة ثم قتل فيما بعد على أيدى أنصار المهدى)

    26-يور أكوج1882-1892( تولى العرش و قتل على يد المهدية عندما ثارالشلك ضدها وكان ذلك على يد زاكى طمل/أمير المهدية.

    27-كور نيضوك1892-1903( عين من قبل المهدية وأسلم فكان أول رث يدخل الى الإسلام فى تأريخ الشلك)

    28-بادييت كواضكير1903-1917

    29-بابيت يور أكوج1917-1944

    30-أنى كور نيضوك1944-1945

    31-داك بادييت1945-1951

    32-كور بابيت1951-1974

    33-أيانق أنى كور1974-1992

    34-كونقو داك1992---(الرث الحالى الذي يتربع على عرش المملكة فى فشودة)

    ورغم ان هذا الترتيب لا يخلو من بعض الخلل الذي حدث، إلا انه يظل صحيحا و مطابقا لأقوال الأباء و الأجداد و العارفين ببواطن الأمور عند الشلك.و الخلل نشأ ، إما لأن بعض أفراد ألأسر التى تحق لها تولى عرش المملكة لم يتمكنوا من إتمام المراسيم التى تقتضى ذلك ،أو بسبب التدخلات الخارجية و الأجنية فيما تخص القبيلة ( أقال مدير مديرية فشودة فى عهد التركية الرث كواضكير أكود (1859-1870 ) وتم تنصيب أجانق نيضوك مكانه(1875-1870 ).

    كذلك فى ظل سياسة الأسلمة القسرية و القهرية و الأسترقاق التى أتبعتها الدولة المهدية(1881-1998 ) ضد الشلك، فر الرث كوجكون كواضكير(1875-1881) الى جبال النوبة حيث تولى يور أكوج العرش (1882- 1892 ) إلا ان الشلك لم يكونوا راضين بحكم المهدية و سياساتها القمعية المتمثلة فى الإسلمةالإجبارية و تزويدهم للدولة المهدية بالمؤن و الرقيق ، فأنتفضوا فى العام 1892 مما هدى بالخليفة عبدالله التعايشى الى إرسال مجموعة من الدراويش الى ديار الشلك بقيادة الأمير زاكى طمل، و بمساعدة من قبيلة النوير، تمكن الإنصار من قتل الرث/ يور أكوج و هو يدافع عن عاصمة مملكته(فشودة) و عين كور نيضوك كرث (1892-1903 ) من قبل المهدية فأعتنق الإسلام وكان بذلك أول رث فى الشلك يدخل الإسلام و غير أسمه الى كور عبدالفضيل نيضوك. وهكزا ظل الرث كور يعتلى العرش حتى حين وصول الحملة الفرنسية القادمة من الكنغو بقيادة مرشاند و دخولها فشودة فى صبيحة يوم الأحد الموافق10/ يوليو 1898 .إلأ ان النوير سرعان ما إستدركوا خدعة المهدية بأنهم سيكونون الضحية التالية بعد القضاء على مقاومة الشلك، فاتحدوا مع الشلك فى مقاومة المهدية ووقف حملات الرق و الأسترقاق،وقد كان لهذا الأتحاد أثره الواضح فى شل و وقف تقدم المهدية جنوبا.

    أما الحملة الفرنسية على مناطق الشلك فلم تكن قائمة على الحرب والإحتواء بقدرما هى حملة" لكسب قلوب و أفئدة " الشلك لصالح الفرنسيين فعند قدوم مارشاند الى فشودة قدم بندقية الى رث / كور عبدالفضيل كهدية رغم علمه بولاء الأخيرة للمهدية و طلب منه الإ نضواء تحت الحماية الفرنسية . وسرعان ما أخبر الرث كور الخليفة فى أمدرمان بوصول الفرنسيين الى فشودة وامام تردد الرث فى قبول العرض الفرنسى، وصل تيوك ، ابن الرث يور أكوج الذي قتله الأنصار، طالبا مساعدة الفرنسيين له فى إستعادة عرش أبيه و أسرته. فى 25 / أغسطس 1898 أخبر تيوك الفرنسيين بقدوم بواخر المهدية من أعالى النهر حيث هزم الأنصارعلى يد الفرنسيين وقبل الرث كور أخيرا بالوجود الفرنسى شريطة عدم المساس بعادات، ثقافة ، وقيم و معتقدات الشلك.رغم سمة الخوف التى أظهرها رث كور من المهدية، بأعتبارأنه ليس سوى دمية من صنع المهدية ، إلا انه كان يأمل دوما فى التمتع بشىء من الإستقلال الزاتى بعيدا من تأثير قوى خارجية،إيا كانت. كان موقفه يجسد رفض التدخل الإستعمارى و إستغلال الشعوب الإفريقية لزا كان على أهبة الأستعداد لمد يد الصداقة لا الخنوع و الخضوع.

    فى تلك الأثناء كانت القوات البريطانية-المصرية القادمة فى حملة إستعاد السودان قد دكت حصون الدولة المهدية و أزالت آخر قلعة حصينة فيها.و بورود نباء التواجد الفرنسى فى أعالى النيل ، بدأت سلسلة من المحادثات الحادة بين بريطانيا، التى لم تكن لتتحمل وجود نفوز أوروبى أخرعلى أعالى النهر، و فرنسا ، التى كانت تطمع فى توسيع مستعمراتها شرقا حتى المحيط الهندى. بريطانيا كانت تعتقد بان من يسيطر على فشودة يستطيع السيطرة على مصر ، كما ان فشودة تقع فى دائرة الأستراتيجية البريطانية القائمة على إعمال خط سكة حديد يمتد من رأس الرجاء الصالح فى جنوب أفريقيا و حتى القاهرة فى مصر.

    لقد كانت فشودة تجسد فى ذلك الزمان النقطة التى تقسم بها القارةالسوداء من الغرب الى الشرق ، ومن الجنوب الى الشمال. من هنا تعمدت فرنسا فى رفض تقديم اى تنازلات عن فشودة لصالح بريطانيا العظمى، أنزاك. كان الموقف الفرنسى بمثابة إعلان حرب لكن فرنسا رضخت للطغوط البريطانية وقبلت بالإنسحاب مقابل ان تتنازل لها بريطانيا عن المغرب فى أقصى شمال غرب القارة وان تخضع مصر لسيطرة بريطانيا الكلية.

    لقد كان للنزاع حول فشودة مآلات عدة، على الصعيد الخارجى، تمكن القوتان العظمتان ، فى ذلك الوقت، من تأجيل حرب عالمية وشيكة،ربما، الى عام1914 .اما على الصعيد الداخلى، رجع الشلك الى التمتع بتسير دفة شوؤنهم و إدارة أمورهم بأقل تدخل ممكن من الخارج.ولا يخفى على احد بأن البريطانيين واصلوا سياسة عدم التدخل هذا فى شوؤن الشلك ، إلا فى الحدود الضيقة او عند الضرورة او الحاجة الماسة، وذلك أبان حكمهم لسودان حتى الإستقلال فى العام 1955.و بالتالى تمكن الشلك من إثراء الثقافة السودانية والمجتمع السودانى بعاداته و ثقافاته، من قبيل ذلك ألأغنية المعروف عند الشلك ب-"الجاك قوج طوم" أى "ألجاك، أعزف على العود" وهذه الأغنية تستخدم اليوم لدى القوات المسلحة السودانية وفى المهرجانات والمناسبات الكبيرة، وحتى عند نشؤ الإنقلابات العسكرية فى السودان بينماالكثيرون يجهلون مصدرها ، سواء كان ذلك عن جهل حقيقى او عن سبق رصد والترصد.

    بالرجوع الى قائمة ملوك الشلك ، نلاحظ وجود لإمراة ، وهى أبضوك بوج أعتلت عرش المملكة مما يشكل الدليل على ان المرأة كانت تتمتع بكل مزايا الحكم فى المملكة ، على خلاف المعتقد السائد لدى الكثيرون.

    مثلما تسارعت مملكة الشلك فى التقدم و النمو ، طفقت تتراجع بشكل ملحوظ. ففى العام 639-641 للميلاد غزا العرب مصر وفى 651 للميلاد أمر والى مصر الجديد/ عبدالله بن أبى السرح بغزو بلاد السودان لكن حملته فشلت و توصل الى صيغة إتفاق مع النوبة عرفت بإتفاقية البقط. كانت الإتفا قية تقضى بان يرسل النوبة عدد من العبيد الى مصر مقابل حصول الأخير على مواد و بضاعة من مصر. لقد فتحت هذه الإتفاقية الباب على مصرعيها، كما يقال، لأستعباد و إسترقاق الشلك من قبل العرب و الأتراك من ثم الأوربيين و سماسرتهم من البرتغاليين، المانيين، إسبانيين، الفرنسيين ، و البريطانيين. وقد كلفت هذه التجارة الشلك كثير ولا يزالون يذكرون عمليات أصطيادهم الى أبنائهم، بحسرة و الدموع تترقق من أعينهم. كما يقصون لأولادهم بطولاتهم النادرة بكل فخر و إعتزاز.

    فقد تزامن توسع إمتداد نطاق مملكة الشلك شمالا ببداية الهجرات العربية الى مناطق شمال السودان، فما كان للشلك من خيار سوى اللجؤ الى الدبلوماسية العسكريية لوقف تقدم الغزاة الجدد صوب أراضيهم، و كان وسيلتهم الفضلى فى ذلك هى الغارات و المناوشات من على متن الزوارق النيلية( وسيلتهم فى الصيد و الحرب معا). وفى لحظات إشتداد الوغى و حمى وطيس المعارك، إبتكر الشلك ما يسمونه بمنقوأقيلو- الغزاء التقليدى للشلك فى شكل عينات من الزرة لكن بعد صحنها و طبخها- و يظل المرء بعد اكله من دون الحاجة الى طعام لعدة أيام. تمكن الشلك بهذه الوسيلة من هزيمة العرب و القبائل التى أستعربت فى شمال السودان وقد ساعدهم على تحقيق الإنتصارات عدم دراية العرب بالنيل و الحرب على متن الزوارق. ويقال ان النتيجة المباشرة لهجمات الشلك المتكررة كانت قيام السلطنة الزرقاء او مملكة الفونج فى سنار(1504-1505). و التسمية بالسلطنة الزرقاء ، فيها إشارة واضحة بان هولاء القوم لم يكنوا عرب او مسلمين فى المبتدأ، وبالتالى فمن المرجح انهم شلك. ورغم دحض هذه المقولة من مؤرخيين حديثا إلا ان الرحال الإسكتلندى ، جيمس بروس، زار سنار فى العام 1772 وتوصل الى خلاصة مفادها ان الفونج كانوا شلكا فى الاصل. و إزا أثبتت ذلك بصورة قاطعة ، يصبح الشلك قد ساهموا فى بناء الحضارة الإنسانية ليس فقط فى حدود مملكتهم فحسب و إنما خارجها ايضا.

    بعد ان أعتنقت الفونج الإسلام فى عهد ملكهم بادى الثانى (ابودقن) [1644-1680]، شنوا هجمات شعواء ضد الشلك على إمتداد النيل الأبيض حتى وصلوا جبال النوبة ، ومن تلك اللحظة أصبحت مناطق الشلك و النوبة بمثابة أهداف أستراتيجية فى عمليات الرق [ وهنا نجد ان المصير جمع الشلك بالنوبة]

    آثر الشلك عدم الرد على هذه الغارات وانتظروا[ حيلةالشلك فى الحرب هى الصبر والصبر ثم الصبر حتى ينسى العدو] حتى عام 1684 (عام مجاعة فى السودان) حينما قاموا بهجمات مضادة هد موا فيها جميع النقاط و المراكز الإسلامية التى أقيمت على النيل الأبيض حتى قرب منطقة الآس القريبة من مدينة الكوة الحالية و التى تبعد مسافة الساعة من الخرطوم العاصمة. و فى تلك السنة تمكن محاربو الشلك من الوصول الى ملتقى النيليين، ألأبيض وألأزرق وبمشاهدتهم للنيليين عند ملتقاءهما أطلقوا عليها لفظ " كاد اتوم" وهما كلمتان منفصلتان: كاد وتعنى النهر ، وأتوم وتعنى إلتقاء فى لغة الشلك . ومن هاتين الكلمتين أشتقت كلمة "الخرطوم" بعد إستعرابها و إضافة الألف و الام" ال" إليهما، بينما يحسب الكثيرون بان التسمية أتت من " خرطوم الفيل" رمز و شعار العاصمة الذي وضع بغرض تضليل البلاد والعباد و إلهاء الناس عن حقيقة الأمر. يؤيد ما قلته أقوال الدكتور ولتر كونيجوك كذلك الدكتور لام أكول أجاوين فى العام 2003 فى ملتقى أقيم فى الخرطوم عندما أثير موضوع العاصمة القومية وقوميتها فى محادثات السلام السودانية الجارية الآن بمدينة نيفاشا الكينية و يتهيا لى مما سبق ان الحركة الشعبية و الجيش الشعبى لتحرير السودان تملك الكثير من المصداقية فى المطالبة بان تكون العا صمة قومية و خالية من أى قيود دينية كانت ام غيرها، وذلك من منطلق التاريخ ناهيك عن غيره.

    صحيح ان الشلك لم يستطيعوا الصمود كثيرا بعد مجىء الحكم التركى- المصرى و ذلك لسبب بسيط وهو ان أسلحتهم التقليدية لم تكن قادرة على مواجهة البنادق والمدفعيةالتى قدمت الى السودان مع دخول الأتراك.مع ذلك فان الدينكا قد سبقت الشلك الى تلك الأنحاء .

    ظلت سياسة الحروب والدبلوماسية العسكرية للشلك فى الشمال هى السائدة مما أثرت على حركة التجارة والقوافل التجارية التى كانت تمر عبر وسط السودان و النيل ألأبيض وفى خضم المعارك التى كانت تدور نجح الشلك فى السيطرة على طريق القوافل من الغرب الى الشرق بحيث أصبح الطريق غير سالك إلا بعد موافقتهم ، التى تكون مرهونة بالأوضاع سلما ام حربا. ففى أوقات السلم كانت القوافل تعبر المنطقة من كباية الى سنارعبر الأبيض ومناطق الشلك على إمتداد النيل الأبيض. أما فى أوقات الحرب، فكان الشلك يسدون طريق القوافل مما هدى بتجار القوافل الى التفكير فى بديل فأوجدوا للقوافل طريقا من الجنوب الى الشمال يبدأ من الأبيض عبر شندى وحتى مصر عن طريق الصحراء، وقد عرف هذا الطريق بدرب الأربعين.

    حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادى كانت حدود قبيلة الشلك تقف عند جزيرة آباء فى وسط السودان، فالسلاح النارى لم تخمد مقاومة الشلك حتى ذلك الحين. فى عام 1820 أرسل محمد على باشا ابنه أسماعيل لغزو بلاد السودان بهدف الحصول على الزهب و العبيد وإكتشاف منابع النيل، بين أسباب أخر. وفى عام 1830 تمكنت الإدارة الجديدة من إقامة اول إتصال بالشلك عندما قام خورشيد باشا بأول محاولة لإستكشاف منابع النيل ، لكن الشلك هجروا قراهم فى وجه البواخر النيلية التى كانت تقل المستكشفين . و فى رحلة العودة أغار الشلك على هذه البواخر لكنهم تكبدوا خسائر فادحة بسبب التفوق المدفعى على الأسلحة التقليدية. مضت البواخر فى سبيلها ألا ان الشلك تمكنوا من نصب كمين لاحقا إستردوا فيه ممتلكاتهم من الأبقار و الأغنام ما عدا مائتى شخص أخزوا كرقيق . فى عام 1839 نجح سليم قبطان فى إختراق أراضى الشلك بمؤازة الأسلحة النارية و المدفعية الثقيلة حتى وصل الى خط عرض 5 درجة شمالا عند غندوكورو. و فى نفس العا م بدأت الحملات الأوربية من أجل وقف تجارة الرقيق و إلغائه تأخز حيزا فى السياسة الأوربية و لعل الدافع فى ذلك لا يرجع الى الأهداف الإنسانية النبيلة التى كان هؤلاء ينادون بها ، لكن بصورة أوضح بسبب ان محمد عاى باشا وإ دارته فى مصر، كان قد إستدان مبالغ طائلة من البنوك الأوربية وو عد بإستيفاءتلك الديون من عائدات الرق و الرقيق وخاب حلمه لأن الشلك وقفوا بشراسة و صلابة كما حاربوا بضراوة ضد حملات الإسترقاق مما اثر سلبا على خزينة الدولة فى مصر، التى لم تستطع إستيفاء ما عليها من إلتزامات تجاه البنوك والبيوتات الراسمالية فى أروبا، عليه قرر الأوربيوون عدم جدوى هذه التجارة و طالبوا بإلغائها نهائيا. لكن، وكما هو معروف، إستمرت هذه التجارة رغم الحظر المفروض عليها لسنوات عدة. قصارى القول ، ان الشلك ساهموا فى وقف أفظع جرائم فى تأريخ الإنسانية جمعاء ، ألا وهى تجارة العبيد.

    مصادر:-

    1-The Race to Fashoda; European Colonialism and African Resistance in the Scramble for Africa. By David Levering Lewis.

    2-A Modern History of the Sudan: From the Funj Sultanate to the Present Day. By P.M.Holt.Gross Press

    3- A History of the Southern Sudan: 1839-1889. By Richard Gray

    4-The Southern Sudan, 1883-1898: A Struggle for Control . By Robert O. Collins

    5-Fashoda; The Newsletter of the North American Fashoda Association (NAFA) vol.1,Oct./Nov./Dec.2002. Issue no. 1

    6- Shilluk Oral History
                  

05-24-2006, 10:03 PM

waleed500
<awaleed500
تاريخ التسجيل: 02-13-2002
مجموع المشاركات: 6653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الشلك أمة .... ولها حضارة ترقت فى مدارج الحضارة الإنسانية (Re: Deng)

    Quote: من الثابت ان أسلاف الشلك قد قدموا الى مناطقهم الحالية منذ زمن قديم لكن مما لا شك فيه ان نظرائهم من الدينكا و النوير قد سبقوهم الى جنوب السودان ،

    كانو وين فى البداية؟؟؟؟اقصد هجرتهم الى الجنوب كانت من وين؟؟قدموا من اى المناطق؟؟
                  

05-24-2006, 10:28 PM

عدلان أحمد عبدالعزيز

تاريخ التسجيل: 02-03-2004
مجموع المشاركات: 2227

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الشلك أمة .... ولها حضارة ترقت فى مدارج الحضارة الإنسانية (Re: Deng)

    "FROM FASHODA TO DARFUR WE SAY PEACE AND NOT WAR”

    FIFTH ANNUAL FASHODA CULTURAL DAY

    As you know, the beauty of our show relies on your participation and support. Therefore, you are cordially invited to the fifth Annual Fashoda Cultural Show.
    This year event will feature:
    Shilluk Folk dance
    · Music
    Poetry
    Fashion Show
    Sudanese Cuisine (from 5:00 P.M. to 6:00 P.M.)
    Brief Reflections on CPA & DPA

    Please feel free to invite some family and friends including kids!

    DATE: May 27, 2006

    TIME: 4:30 P.M. To 9:30 P.M.

    LOCATION:

    MINNIE HOWARD SCHOOL
    3801 W. Braddock Rd
    Alexandria, VA 22302

    CONTACTS:

    Mrs. Abuk Ajak @ 703-300-8620 Cell
    Mr. Ywomo Byenyo@ 703-944-5561 Cell
    Mr. Kwathi Ajawin @ 703-300-8621 Cell
    Mr. Obec Adibo @ 571-235-6481 Cell

    The event is sponsored by NORTH AMERICAN FASHODA ASSOCIATION and any donation is appreciated!


    See ya!

    (عدل بواسطة عدلان أحمد عبدالعزيز on 05-24-2006, 10:29 PM)

                  

05-25-2006, 00:23 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الشلك أمة .... ولها حضارة ترقت فى مدارج الحضارة الإنسانية (Re: Deng)


    رجل من الشلك بزيه التقليدى


    فتاة شلكاوية.. غلاف مجلة لايف الامريكية عام 1950
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de