|
|
 المغرب بعيون سودانية ... ومن أكادير مع التحية
|
بسم الله الرحمن الرحيم
المغرب بعيون سودانية:
كم أنت جيل أيها المغرب ....المغرب أنت المبعوث بحضارتنا إلى
الغرب... ( أغادير أوفلا )... أحببتك(بِزّاف بزاف)
الحلقة الأولى(1)
ابوبكر يوسف إبراهيم
أغادير أعود إليك شيخاً بعد أن زرتك مراراً وتكراراً وأنا في شرخ الشباب وكأنني أعود لأجتر ذكريات الماضي بعد أن إستصحبت الذي مضي... أشعر وكأنك تعاتبينني في أني لم أصن عهداً بيني وبينك وكأنا حبيبان قد إفترقا على موعد باللقاء فأخلف الوعد إحدهما ... أعود إليك ( أغادير) أو كما يحلو لأهلها أن تنطق (أكادير) بادئ الأمر عليّ أن أذكر أنه في أول رحلة لي لميناء (الصويرة) وهو ميناء أكادير ظننت أن الإسم مشتقٌ من الكدر ... عهد ذاك سألت صبية بعمر الزهور إن كان ظني صحيحاً فبادرتني بقولها:ـ لِم التشاؤم فنحن في المغرب دوماً متفائلون، ثمّ شرحت لي المعنى والخلفية التاريخية، فعجبت لشعبٍ تدرك صبيته وصباياه قيمة ومعنى تاريخ بلادها، هنا يهتمون بالتاريخ بطريقة تدعو إلى الدهشة لأنها لم تتحدث عن تاريخ مدن المغرب كله, بل فقط عن مدينة (أغادير) وشَحَنَتْ عقلي بمعلوماتٍ ثرة وكثيرة عن هذه المدينة وبحماسة وفخر منقطعي النظير حتى شعرت بأن عقلي أصبح غير قادرٍ ليستوعب المزيد يومذاك أما إن تكرر هذا الآن وأنا كهل فحتماً لا بد من أن أخاف من مداهمة مرض الألزهماير الذي يهاجم ويدمر الذاكرة لأنني أريد أن أغادر هذه الحياة ببعض عقلٍ وليس بلا ذاكرة، ويومذاك اضطررت وقلت لها يكفيني هذا فلنترك ما تبقى لزيارة قادمة بإذن الله مضحياً بالجلوس مع غيداء هيفاء في عمر الورود ومثل هذه الجلسات تثير الشجون في نفس كهل مثلي إذا ما إجترّ ذكرى ذاك الموقف ... لذا فإن حدث ذاك اليوم فحتماً الخوف على بقايا الذاكرة يكون أهم ويستحق التضحية بالغيداء, و[ أغادير اوفلا ] تعني (الحصن الكبير) باللغة البربرية، والبربر يقنطنون منطقة سوس وحاضرة الأقليم (أكادير).. وأيضاً هناك بربر الأطلس الأوسط ، أما حصن أكادير يرجع لحقبة الإستعمار البرتغالي لذا فالأجداد أقاموا [حصنهم الكبير] ليدافعوا عن وطنهم من هجمات المستعمرين البرتغال والأسبان وضربوا أروع أمثلة للبطولة والتضحية والذود عن الحياض أدهشت الغزاة فولوا هاربين تاركين أروع الحكايات الساخرة عن جبن وهروب الغزاة.!! أغادير مدينة وادعة جميلة يحتضنها الأطلسي في حنوٍ ودفء تكريماً لبطولة أهلها وشجاعتهم لأنهم كانوا يدركون ما معنى الأرض والعرض ووحدة وقدسية الأوطان، ليت بعضنا يتعلم منهم!!؟ وسكان المغرب الأصليون هم البربر حتى تمازجوا مع الدماء العربية عندما جاءت الفتوحات الإسلامية وبدء دولة الأندلس ... و في هذه المدينة الجميلة يعيش الجميع في تمازج وتجانس وانصهار منقطع النظير، العرب والبربر واليهود المغاربة بوتقة وتلاحم لا تستطيع أن تجد موطن الاختلافات الثقافية أو العرقية إلا عندما تشاهد العروض الثقافية التي لن تستطيع أن تفرق بينها إلا حينما يتحدث مقدم العرض ويخبرك بالخلقية الثقافية لكل فرقة تعرض فنونها؛ ربما هذا أحد أسباب ازدهار المغرب سياحياً لأنها وظفت التنوع الثقافي والعرقي ضمن منتجها السياحي، لكل مدينة في المغرب طعم ولون خاص وتاريخ وقصص مورِّخ لها، كذلك تنوع الطقس بين منطقة وأخرى رغم أن الطقس في الصيف إجمالاً معتدل ولطيف ، كما إن هذا التنوع أثرى السياحة المغربية وصارت أحد أعمدة إقتصاده ووراء هذا سرٌ عظيم وكبير وهو الحفاظ على الهوية وكذا التاريخ وآثاره وصيانتهما باعتبار أنه موروث حضاري وهو ركيزة اقتصاده وإدراك الجميع لما لذلك من أهمية تنعكس على دخل الفرد ومقدرته المادية المعيشية... المدهش أن المغاربة مولعون بجمع وحفظ تاريخ وتراث بلادهم ويؤرخون لأحداثها بكل حيادية وبلا خجل أو وجل سلباً أم إيجاباً ولا قيود من رقيب والذي في الكثير من الدول التي تخاف التاريخ يعمل مقصه لتحوير الحقائق إن لم يخفها أو يزور التاريخ والوقائع وربما يرجع هذا للاستقرار السياسي وجو الديمقراطية التي تعيشه المملكة المغربية. إن عملية حفظ التاريخ وتوثيقه عملية مضنية تحتاج إلى تجرد من الميول والهوى في تسجيل النجاحات والإخفاقات, لذا يجب أن يتحلى المؤرخ ومسجل التاريخ بالنزاهة والأمانة لأنه ينقل للأجيال أحداث ووقائع بلا رتوش لأنها ميراث يملّك لمن يورثه، والوارث هم الأجيال الحاضرة والقادمة التي عليها أن تقرأ إرثها الحضاري وتحكم بنفسها للتعلم.
المغاربة شعب متحضر ومنفتح ومتدين وهو صوفي المزاج, وهذه الصفات لا تأتي إلا من قاعدة عقدية راسخة مؤمنة نابعة من قواعد التصوف الصحيح... والتصوف الصحيح برأيي هو أعلى درجات الشفافية الروحية في العبادة، وهذه الصفة أمر مغروس في وجدان الشعب المغربي وما كانت لتتأتى لولا وجود علماء رواسخ ومتبحرين في أصول الدين من تفهم لأحكام الدين والسنة والفقه. الأمر الآخر أن العائلة المالكة تنحدر من نسل أحفاد آل بيت النبي عليه أفضل الصلاة والسلام, فحب الشعب لمليكهم الشاب محمد السادس يعكس تقديرهم لهذه المنزلة الشريفة ومحبته لآل البيت الأطهار الأشراف. والمغرب منجابة فقد أنجبت من فلذتها من العلماء كالشيخ العارف بالله المرسي أبو العباس و العارف بالله الشيخ ابوالحسن الشاذلي من أقطاب التصوف وحملة العلم والكثيرين مما يضيق المجال بذكرهم.
أغادير أوفلا [الحصن الكبير] المدينة الوادعة الجميلة التي يحتضنها الأطلسي في حنو ومودة هي في الحقيقة رمز تقاليد مغربية راسخة... أهلها دائمو التبسم والابتسام, الرجال يلقون عليك السلام والصبايا يبتسمن لك في ترحاب حتى ترى عبر البسمة جمانٍ أبيض قد نضد ( لا عليكم من هضللة كهل ضحك المشيب برأسه فبكى)... أغادير في حراك دائب... السياح في كل مكان... الجميع يعمل بلا كلل ولا ملل. زرت [ الحصن الكبير] وهو على أطراف المدينة فوق جبلٍ... منظر بهي ورائع وجميل وأنت تشاهد أغادير على مرمي البصر من فوق الحصن... أضواء المدينة ومبانيها ومآذنها وكنائسها ومعابدها تخلب الأبصار... بانوراما جميلة كأنها بطاقة بريدية تود لو تبعث بها إلى عزيز أو حبيب لتشرح له روعة المشهد. ( حاشية: [ أحبك أغادير بزاف بزاف ] تعني أحبك أغادير كثير... كثير)...غداً نتواصل بإذن الله،،،،،،
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست