|
الموت القادم من الشمالية !!
|
الموت القادم من الشمالية !! > يبدو مشهد «السرطان» مسيطراً على مجريات الأمور بالولايات الشمالية. ومن الصعب أن تجد منزلاً لم يسكنه المرض اللعين بنهر النيل أو الشمالية «العناقريب» هناك تخرج من بيوت الطين على رؤوس الناس عند رأس كل ساعة. والبكاسي تنقل عبر الأسفلت الممحوق الجثث الحية الى مستشفى بحري والشعب والخرطوم. > السرطان الجديد القديم أصبح شغل الناس الشاغل أمام دكان ود البدري بعطبرة، جنباً الى جنب مع الفشل الكلوي الذي وفد الى الساحة الشمالية بقوة منافساً لا يعرف الرحمة. هدَّ حيل عبد الجبار الراكز وامتص عافيته، حول يده التي طالما أخرجت الثمار من جوف الأرض بالسلوكة و«الطورية» الى يد هزيلة لا تحتمل التحية «الراكزة» ومسؤوليات الحاجة أم الحسن وابنائه الصغار وزوجته رقية. > عنقريب بعنقريب.. ونواح بنواح.. يجري سباق السرطان والفشل الكلوي على مضمار نهر النيل والشمالية. سباقاً يختطف الشباب من المدارس والجامعات والمزارع والأسواق. ويلقي بهم هناك في المجهول بحثاً عن جرعة علاج كيميائي، أو غسلة كلية. وكلاهما مكلف في مجتمع السوق الحر وبوار الأشياء. > يرحل هؤلاء يومياً بفضل الاغارة المنتظمة للجنجويد الصحي. ولا أحد هنا ليتهم اللا شئ بارتكاب مجازر جماعية. ليعترف علناً أن الشمالية كلها مهددة في وجودها. بسبب فقرها وقحطها وتخلفها، ويطلب مَدنا باسم الانسانية بالامصال والمستشفيات ضمن قسمة السلطة أو قسمة الفقر. > شكر لسامح عبد المنعم الذي هاتفني من الشمالية، مؤكداً أن الحديث عن ازدحام المواصلات بالخرطوم دليل «عافية» وأمنية غالية لشاب في بداية عقده الثاني مسكون بالسرطان. في قرية لا تعرف الكهرباء والرفاه ومياه المواسير. > أسرة لا تعرف مصطلحات التهميش فقط لأنها تحياه. ولا تعرف صناديق الزكاة لأنها غنية بفقرها وأثمالها البالية. الشاب واسمه «ياسر» على سرير المرض، أو قل على سرير الموت. والدته الحاجة «زهرة» تحولت الى «عود يابس» لأن الفتي هو الوحيد في سجل العائلة الصغيرة للحاج منصور الذي رزقه الله بالفتى ياسر بعد خمس فتيات. يعتقد أن إحداهن وهى «إخلاص» ماتت بسبب السرطان دون أن يكتشف الفحيص الذي زاروه في ليلة شتوية باردة أنه السرطان. واكتشفه الحاج منصور الآن لإن إخلاص عانت من ذات الآلام التي يعانيها ياسر اليوم. ويضحك الحاج منصور اليوم وهو يقول الفحيص افتكر المسألة ملاريا.. تاريها سرطان. > هناك حيث لا سوداتل ولا أسفلت. حيث الصحراء والرمال الناعمة القاتلة. من الصعب أن تقنع عبد الكريم الذي زار الخرطوم لأول مرة في حياته قبل شهر لمعاودة ابن خالته الذي فارق الحياة بالمستشفى. من الصعب أن تقنعه بأن مياه الخرطوم ليست نقية جداً ومرفهة جداً لأن عبد الكريم لم يشرب في حياته الا المياه المرصعة برواسب الآبار و«بعر» الماشية. > من الصعب أن تقنعه بغير الصبر والجلد والاحتساب لأنها المعاني التي تربى عليها. وهى ذات المعاني التي ورثها ونفذها في بيت العزاء. الوجه صارم والدموع تهطل بغزارة في الداخل بين الجلد والعظم، تمد لسانها الى السرطان وآلام الكبد والكلى والملاريا. > السرطان يزحف في السودان كله ولا إجابات، الجهات المختصة وأهل العلم والاختصاص وحقوق الانسان الثري والفقير ينظرون الى كل شئ ، الدستور والمستور والمفوضيات و...و.. كل شئ الا الانسان والسرطان وأمراض الكلى. > دعونا ننظر في الأسباب جنباً الى جنب مع العلاج ونجيب على التساؤلات كلها. ما السبب؟ لماذا ينتشر السرطان على هذا النحو المخيف. في الوسط والشرق والشمال، اذا لم تتوقف الأسباب التي تمد المرض بأسباب البقاء. لن تجدي الخطب الباردة والباهتة. > إليكم سادتي، زادت أسعار الدبلان بالشمالية، لكثافة الطلب، فجأة أصبح الدبلان مطلباً غالياً هناك، لا لأن السكان قرروا فجأة تغيير أثمالهم البالية، يريدونهاسادتي لمواراة شبابهم، يريدونها كفناً يضمن للشباب موتاً مشرفاً ورداءً أبيض للراقد على العنقريب. > وإليكم أيضاً، لم يجد السكان هناك عنقريباً يحملون عليه جثة عبد الدائم، فانتظروا عنقريباً ذهب الى المقابر لمواراة نفيسة بت الخضر. الأخبار قالت أنها ماتت بالسرطان، فيما فارق عبد الدائم الحياة على كرسي الغسيل، هذه الأخبار حصرية لأن الصحف لن تنشرها الا كنعي مدفوع القيمه فالمساحات فيها مشغولة بلجان الدستور وخلافات الساسة وانتصار الهلال على فريق الحكاية جايطة لكرة القدم. اميرعبدالماجد
جريدة الصحافة اليوم
اذا كان هذا صحيحا فلما السكوت عنه ادعوكم اخوتي بالوقوف معا لشن حملة قوية لتقصي الحقائق عن هذه الظارة
|
|
|
|
|
|