في أكثر من مقال سابق و في العديد من المداخلات كنت قد أشرت إلى الفراغ الذي تركته حركة الأخوان الجمهوريين بعد إستشهاد الأستاذ محمود محمد طه و وقفتة و تلاميذه تلك الوقفة الشجاعة أمام محكمتي المهلاوي و المكاشفي. هذا الفراغ يكتسب في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد الآن لا سيما بعد التوقيع على بروتوكولات السلام في نيروبي في 9 يناير 2005 أهمية خاصة. فبعد التوقيع على الإتفاقات أصبح الجنوب لا يشكل ضاغطا سياسيا للتأثير في عملية التحول إلى الدولة المدنية الحديثة ذات الدستور العلماني. و أصبحت مسألة التأسيس لها تقع بكل ثقلها على عاتق القوى الوطنية التي تعول على الدستور العلماني كمخرج من الأزمة السياسة المقيمة و منفذا ننفذ به إلى الأستقرار السياسي و اساسا متينا تقوم عليه عمليات التنمية الإجتماعية و الإقتصادية.
على موقع (www.sudan.org) كنت قد قرأت بيانا للأخوان الجمهوريين – التنظيم الجديد حول القرار 1593 الصادر من مجلس الأمن بخصوص دارفور و قد قضى بتحويل ملف القضية و منذ 1 يوليو 2002 إلى المحكمة الجنائية الدولية (International Criminal Court) و المعروفة إختصارا ب(ICC) و مقرها لاهاي في هولندا. صدر هذا البيان بتأريخ 16 أبريل 2005، و قد وقف البيان موقفا مستنيرا من القرار و تداعياته فبعد أن اسس البيان لمفاهيم نظرية حول هيئة الأمم، و سيادة الشعوب، و المعايير المزدوجة لمجلس الأمن و كذا الحكومة السودانية دعا البيان الحكومة السودانية إلى الإلتزام المبدئي بالقرار و دعاها إلى تجنيب الشعب السوداني أي مواجهات مع المجتمع الدولي إذ ذلك هو واجبها و تلك هي مسئوليتها.
فبغض النظر عن الموقف من البيان، فإنه يعد الإعلان الصريح لبداية التنظيم الجديد للأخوان الجمهوريين لنشاط علني و جماهيري. هذه النقطة تكتسب أهمية كبرى و البلاد في حاجة لأي جهد ذهني مخلص للتفاكر حول قضاياها و أجندتها الوطنية الملحة، أنا هنا لا أود تقييم البيان بقدر ما أريد أن أرحب بالأخوان الجمهوريين و بهذه العودة المشرفة بوضعهم لأجندة شعبهم في جدول أعمالهم إمتدادا تأريخيا لمواقف ناصعة وقفوها في السابق و كان الشعب السوداني و الحفاظ على كرامته هو القصد من وراءها و هذا ما يؤكده بيان "هذا او الطوفان" و في أولى فقراته.
أمام الشعب السوداني تحديات جسام هذه الايام فمنها الوضع الملتهب في شرق البلاد، و الوضع المأساوي في دارفور و تعقيداته المتتالية، و هناك الوضع في جنوب البلاد بعد أن وقعت إتفاقات السلام و التي تنتظر نقلها إلى حيذ التنفيذ، و لعل البداية الحقيقة للتنفيذ تكون ببدء لجنة إعداد الدستور أعمالها، و ليس بغائب عن الأذهان الصراع المؤسف الذي يدور حول نسب المشاركة فيها بين الحكومة، الحركة الشعبية، التجمع الوطني الديمقراطي و حزب الأمة، الشئ الذي أصبح يعوق بدايتها مما يشكل عقبة أمام البدء في تنفيذ إتفاقات السلام و بالتالي يهدد بالرجوع مرة أخرى إلى مربع الإقتتال. لجنة إعداد الدستور هي أيضا تشكل الفرصة أمام السودانيين لصياغة دستورهم و هو حق لا يتميز به مجموع دون الآخر فمن هنا أوجه سؤالي للإخوة في التنظيم الجديد لحركة الأخوان الجمهوريين ما هو موقفهم من المشاركة في لجنة إعداد الدستور.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة