المصدر: جريدة الرأي العام التاريخ: 21 فبراير 1953م
"سارت الأمة السودانية أمس في موكب واحد ، حشد لم يشهد مثله السودان- الطلبة والنقابات والجاليات في الموكب- موكب الفتيات يثير الحماس – السيد عبد الرحمن يقبل جبين السد محمد عثمان تحت ظل علم الحرية – الأجانب يشاركون الوطنيين أفراحهم". استعداد في كل مكان: واصلت لجنة المهرجان القومي اعداد المواطنين والنزلاء الكرام لليوم العظيم قبل أيام، فتوالت النشرات والاذاعات حتى اذا أتى يوم أمس (الجمعة 20 فبراير 1953م) وهو اليوم المرتقب كان كل شخص عليما بما يفعل، كيف يسير وأين يجلس أو يقف، ومن أين يبدأ الموكب وأين ينتهي. حلة من الزينة: وقد أعد أصحاب المتاجر والمنازل العدة لتظهر متاجرهم ومنازلهم مشرقة مزدانة تتفق مع بهجة اليوم وإشراقه. وقد كان مساء الخميس امتحانا لذلك البشر فبدأ سوق ام درمان في حلة جميلة من الزينة والازدهار وقد كثرت الأعلام فوق المتاجر والمنازل ، وقد زان أصحاب التاكس واجهات عرباتهم بأعلام التحرير وبأعلام هيئاتنا الوطنية. ولم تنحصر الزينة في ام درمان – وهي التي اقيم فيها المهرجان – بل ساهمت الخرطوم والخرطوم بحري بنصيبهما في اعداد ذلك الثوب الرشيق الجميل الذي لبسته العاصمة المثلثة يوم أمس. جامع الخليفة: وقد أعد جامع الخليفة في ام درمان اعدادا جميلا لهذه المناسبة العظيمة فكمل تنظيمه قبل 24 ساعة من ايتداء الحفل ، وقد تصدره سرادق ضخم ملئ بالكراسي واعدت أمامه منصة للخطابة وعليها مكبرات الصوت وقريبا عنه أعدت حجرة صغيرة للإذاعة. شعلة لاتنطفئ: وقد أعدت ورشة الهندسة الميكانيكية وجراج العاصمة الوطنية شعلة من نار ونور لم تنطفئ طوال ساعات المهرجان، فكانت النار تخرج من فوهة ركبت على الأرض وسلط عليها من فوق (دش) يمدها بقطرات من سائل فيها القوة والاشتعال وكتب فوق هذا الشعلة المتقدة "شعلة الوطنية". وكان موقع الشعلة أمام منبر الخطابة فكانت بحق شعلة الوطنية وقد تجاوب منظرها المثير والمنير مع حماس الجماهير وتكتل المواطنين. تدفق المواطنين: وفي الصباح الباكر تدفقت الجماهير وهي تهرول صوب جامع الخليفة ، كم يا ترى بين الأحفاد والأبناء من سار في تلك الساعة المبكرة على خطى سارها أبوه أو جده في القرن الماضي وهو يلبي داعي الصلاة في مسجد الخليفة؟ الألوف تتدفق والمدعوون يتوافدون نحو السرادق ويحتلون الكراسي وطوابير النقابات والشباب والكشافة المواكب الدينية والفرق الرياضية تخفق اعلامها تتجه نحو الساحة الوسطى للجامع، والفضاء يتلاشى رويدا رويدا حتى اختفت أرض الجامع ، ولم يعد الانسان يرى شيئا غير هذه الكتل المتراصة من البشر. زوارنا الكبار: وقد كان في طليعة الضيوف الذين لبوا الدعوة السكرتاريون الثلاثة الاداري والمالي والقضائي ومدير الخرطوم والبكباشي حسين ذو الفقار وأغلب مديري المصالح ورجال الدين وضباط الجيش المصري وكبار الموظفين المصريين والصحفيون المصريون الذين قدموا خصيصا لمشاهدة هذه المناسبة التاريخية، وكثيرون من رجال الجاليات وكرام النزلاء الأجانب. وقد كان قادة الأحزاب وأعضاء لجنة المهرجان يستقبلون الضيوف بكل حفاوة بل كان جميع أفراد الشعب وجميع من حضر المهرجان يشعر بأن الضيف الكريم هو ضيفه الخاص. وعندما امتلأت الكراسي كان كبار السودانيين يخلون مقاعدهم للضيوف كلما قدم منهم أحدا ولم يجد مقعدا. السيد محمد عثمان: وقد انتدب سيادة السيد علي الميرغني نجله الأكبر السيد محمد عثمان الميرغني لينوب عنه في الحفل ، وما أن لمحت الجماهير سيادته في الحفل حتى استقبلته بالتصفيق وخف أعضاء لجنة المهرجان وكبار رجالات الأحزاب لاستقباله حتى جلس في المكان المعد له. السيد عبد الرحمن: وقبل التاسعة صباحا بقليل وصل سيادة السد عبد الرحمن المهدي فاستقبلته الجماهير بالتصفيق وخف أعضاء لجنة المهرجان وكبار رجالات الأحزاب لاستقباله . عناق: وما أن لمح السيد عبد الرحمن – وهو يهم بالدخول- ابن أخيه السيد محمد عثمان الا وتقدم لتقبيله فوقف السيد محمد عثمان وهم بتقبيل يد عمه الذي ضمه الى صدره في حنان بالغ وقبله في جبينه فكانت لحظة تاريخية شعر كل منا أنه يضم الى صدره أمل السودان في وئام دائم حتى تحقق أمانينا الكبرى. ــــ نواصل
02-25-2005, 10:26 PM
maman
maman
تاريخ التسجيل: 11-21-2002
مجموع المشاركات: 1041
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة