كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: بيروت - لوس انجليس... الى أميركا الشاسعة حيث أصدقاء من بلادنا يزدهرون ثم تنكبهم «نازداك» و. (Re: luai)
|
مدينة الملائكة
مع الاقتراب من لوس انجليس تذكرتُ ان اسمها يعني «مدينة الملائكة» باللغة الاسبانية. في ذلك الجزء من الولايات المتحدة، تطغى اللغة الاسبانية على الانكليزية. حتى من يحدثك بلغة الانكلوساكسون، ينطقها بلكنة وبلكنات. مع ذكر الملائكة يأتي ذكر القديسين. ثمة ست مدن متقاربة في تلك المنطقة تبدأ كلها بلفظة «سان»: سان فرانسيسكو وسان هوسيه وسانتا مونيكا وسان دومينغو وسانتافي وسانتا كلارا وسانتا كروز. هل يوجد غيرها؟ ربما. تتصل المدن الست بخيط آخر، ربما كان معاكساً تماماً! فغير بعيد من هذه الاماكن، وعلى مرتفع من سلسلة جبال الروكي، تقع بلدة «ساكرامنتو». يجمعها مع مدن «القديسين» تلك، حرف السين في بداية الاسماء باللغة الانكليزية. هذا الحرف يمثل بداية اسم الشيطان Satan والجنس #######: الكلمة الاكثر شهرة في العالم، والاكثر تردداً على شبكة الانترنت. ذلك خليط اميركي خاص ومتناقض يجمع بين القديس والشيطان والجنس.
وَصَفَ المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه الطريقة التي «صنع» فيها الاوروبيون اميركا بالمغامرة التي جمعت الكاهن والتاجر وحامل السلاح. الارجح انه شيء شديد الانغراس في الثقافة الاميركية ايضاً. تحضر اميركا في ذهن الكثير من ابنائها على انها القديس الذي يتحوّل شيطاناً. تشن حرباً على الارهاب، وتمارس ارهاباً اقسى منه. تمنع الجند من كتابة الكلمات النابية على القذائف، ولكنها تأمرهم ان ينهالوا بها على المدنيين. تخوض حرباً في العراق، وتقتل المدنيين بلا تمييز وتمارس بشاعات لا تحصى بالضد من قوانين الامم المتحدة والانسانية، لكنها تلوم تصوير اسراها في التلفزة بدعوى ضرورة الالتزام بمعاهدة جنيف!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بيروت - لوس انجليس... الى أميركا الشاسعة حيث أصدقاء من بلادنا يزدهرون ثم تنكبهم «نازداك» و. (Re: luai)
|
شقراء اخرى
مصطفى ليس قصة معزولة. حكى لي كثرٌ ما يشبهها. احياناً كانت الالسن كأنها تستنسخ الحكاية. واحياناً، تدخل بعض التفاصيل الاخرى. عبدالرحمن، المولود في صيدا ايضاً، والذي يحمل الجنسية الاميركية، لم يخل وصوله الى بلاد العم سام من خضات عائلية. هدده ابوه مراراً بانه لن يعطيه قرشاً واحداً اذا سافر الى اميركا. لم يهتم. بكت امه امامه وفي غيابه، لانها كانت متيقنة من ان ابنها سينفذ الحلم الذي داعب سنوات مراهقته كلها. سيسافر للعيش في اميركا. استطاع تصميمه أن يلين موقف الاب. تحول جزع امه الى رعب لا يوصف. سيسافر الصغير: هذا الجميل المحبب اليها من بين ابنائها، لانه يشبه اخوالها الذين تربت في كنفهم. على رغم كل الدموع والخوف، وصل عبدالرحمن الى اميركا. عمل في شركات الكومبيوتر. جمع اسهم «نازداك» في مثل خفة النمر وشراسته. وصلت «ثروته» الى ما يزيد عن مليوني دولار. على عكس مصطفى، انفق على نفسه المال واغدق. سافر الى جزر الهونولولو مراراً. وفي كل رحلة اعطى ذراعه الى شقراء اخرى!
نظراً الى وسامته. زاد سحر المال في قوة الاغواء. على عكس مصطفى، لم يطلب مغادرة اميركا. ولم تغوه ابداً فكرة العودة الى صيدا. الارجح ان ذلك خفّف عليه وقع صدمة فقدان الثروة. «انا مثل مصطفى، لم ابع اي سهم حتى الآن»، يعترف في هدوء لافت. يعمل راهناً في مجال قروض الاراضي والبيوت. يبدو كأنه وجد موئلاً آخر و...«شقراء اخرى»، كما يقول متهكماً وبفرح حقيقي!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بيروت - لوس انجليس... الى أميركا الشاسعة حيث أصدقاء من بلادنا يزدهرون ثم تنكبهم «نازداك» و. (Re: luai)
|
السوداني آدم
لا شيء من الفرح في لهجة السوداني آدم. سائق تاكسي في مدينة سان هوسيه. مقر «وادي السيليكون» Silicon Valley. لم يخل فراقه السودان من مشكلات. مانعت عائلته، لانه عزم على بيع قطعة ارض في مدينة كسلا تمثل كل ما تبقى له من ارث الاب. واجه كل المشكلات بتصميم عنيد. لم يكن لديه غير حلم واحد اسمه الهجرة الى اميركا. باع الارض. اشترى تذكرة بوجهة واحدة، من دون عودة.
عندما طلبتُ من آدم ان يوصلني الى متجر «فرايز» الضخم للالكترونيات، دُهشتُ من قوة إلمامه بشؤون الكومبيوتر والانترنت وشركاتهما. روى لي ليس فقط كيف تبخرت ثروته المليونية، بل كيف ان شركته كلها قد اختفت من الوجود. «اشترتها شركة «انتل»... لم يبق لي من وادي السيليكون سوى الذكريات». انتهزتُ الفرصة لأطلب منه ان يجول بي في ذلك الوادي الاسطوري. قَبِلَ فوراً. لم يفته ان يقول «لو انك طلبت ذلك قبل سنتين. لكان مستحيلاً. انظر حولك نحن الآن قبيل غروب يوم الجمعة... عندما كان وادي السيليكون في عِزّه، لم يكن من الممكن العودة الى المنازل في وسط سان هوسيه او ضواحيها، في ساعتين او ثلاث ساعات. مكثت هنا عشر سنوات. لا املك اي شيء. عندما وصلت الى اميركا كنت اظن ان كل من قضى عشر سنوات في الولايات المتحدة يحوز ثروة بالتأكيد»!
______________________________________________ احمد مغربي - الحياة اللندنية
| |
|
|
|
|
|
|
|