|
|
 أستأذنكم في أن تتوقفوا عند هذا المقال وتتأملوه !!!.
|
أستاذنا الكاتب المرموق عبد الله على ابراهيم كتب هذا المقال الذي يفصح عن الكثير ويكشف بصدق عن رؤية جسدتها الأيام واقعا عاشه الكثيرون من أهلنا في السودان .. لذا آثرت نقله تعميما للفائدة ولتمكين الجميع هنا من الاطلاع عليه والتأمل فيه والوقوف عند ما يعنيه ..
فالتحية لهذا الكاتب العميق .. واليكم نص القال الذي جاء بجريدة الصحافة السودانية الصادرة بالخرطوم اليوم الثلاثاء المصادف 4/1/2005م.
مع خالص مودتي .
خضرعطاالمنان
*********************
عنوان المقال : هل ساق الاستعمار ولده معه؟
خاب ظن السودانيين في الاستقلال باكراً جداً. فقد سمعت علي شرخ الصبا قولهم "دا شعب يدوه استقلالو". وذاع بين الناس اسم "العم أزرق" الذي كان علي خلاف الوطنيين قاطبة في اعتقاده أن يبقي الإنجليز لخمسين عاماً أخرى. واشتهرت عبارة المرأة التي قالت: "إنتو يالإنجليز لا تفوتوا ولا تموتوا". فقد أحزن الناس الشقاق الذي ضرب أطنابه والاستقلال ما يزال طفلاً يحبو في حين ظنوا أنهم قد طووا به صفحة الخلاف. فقد أرخت حوادث مارس 1954 والتمرد الجنوبي في1955 وانقسام الاتحادي ومذبحة مزارعي جودة (1956) بظلها الثقيل علي فرحنا بالحرية الوطنية المستردة. ويبدو أن مصدر النكسة أن الوطنيين السودانيين وعدوا الناس المن والسلوى متي ما زال الاستعمار و "لملم عدده" وساق معه ولده كما في أغنية الفنان حسن خليفة العطبراوي. فقد صور الوطنيون أن "أمة أصلها للعرب" وأن "دينها خير دين يحب" لن تضل أبداً.
ومر نحو نصف قرن منذ استقلالنا تفاقمت به الخيبة وأصبحت حالة سودانية خاصة من الإحباط المقيم. وقد سمعت من ثقافة هذا الإحباط عبارات نافذة. مثل الذي قال لمن اشتكي من "مشينا لورا" منذ الاستقلال إنه لو كنا نسير القهقري بطريقة صحيحة لبلغنا غاية ما. وقد وجد هذا الإحباط معبرين عنه على مستوى الصفوة في ما أسميته "التنصل عن الاستقلال." فقد وجدت من يذكر عهد الاستعمار بالخير وحيدة الخدمة المدنية واستتباب الأمن ودقة مسار الخدمات حتي أنه ليضبط المرء ساعته علي حركة قاطراته. وبناء علي هذا فالنفر المتنصل من الصفوة لا يقبل أن نرد محن عهدنا الوطني الى اصل لها في دولة المستعمرين. فمن رأيهم أننا قد أفسدنا في الأرض وعلينا التبعة.
يقع خلافنا حول لوم المستعمرين أو لوم أنفسنا، علي خيبة الاستقلال في سياق خطاب يجري في المستعمرات السابقة حول تبعة نكد تلك البلاد في فترة ما بعد الاستعمار. و بلغت الخصومة في هذا الباب حداً وصفه بها المرحوم إدوارد سعيد بأنه تصلب بين اللوم واللوم المضاد. فالمستعمرون السابقون يلومون الغرب بينما يرد الغرب بالمثل ويلقي التبعة علي لايميه. و تسمي اللائمون ب"البرانيين" أي من يرون أن محنة أفريقيا المستقلة وغيرها هي من صنع الغرب الاستعماري. بينما تسمي الغرب اللائم المضاد ب "الجوانيين". ونعني بذلك أنهم يردون عيب أفريقيا الي الأفريقيين الذين أساءوا الحكم. ويقول البرانيون إن أفريقيا لم تنعم أبداً بالاستقلال. فقد دلفت من استعمار قديم الي استعمار جديد من فرط قبضة الغرب علي السوق العالمي. أما الجوانيون فيقولون إن حجة البرانيين عذر اقبح من الذنب. وأن ألأفريقيين ممن رماهم الله فلا نفع يرتجي منهم. وهم دون استحقاق الاستقلال.
وقد خلص نفر من الجوانيين الي الدعوة الي عودة الاستعمار بصورة ومنطق ما الي أفريقيا لإصلاح ما أفسده الأفارقة الغشماء. فقد قال بول جونسون في مقال بمجلة الشؤون الخارجية المعروفة أن الأفارقة ما استحقوا الاستقلال اصلاً وقد أزف الوقت ليعود المستعمرون الأوربيون لإنقاذ القارة من نفسها. واتفق معه في ذلك وليام فاف بحيثيات مختلفة. فقد قال فاف أن أوروبا قد جاءت الي أفريقيا وهدمت نظماً صالحة للحكم فيها واستعجلت الخروج منها قبل أن تبني بدائل تلك النظم التي أهلكتها. أما أبرز عناصر خطاب الجوانيين فهي كلمة نشرها البروفسير علي مزروعي عام 1994 بعد فاجعة المحرقة الرواندية. فهو لم يخض كثيراً في حديث اللوم و قال بعودة الاستعمار الي أفريقيا بصور مبتكرة. ومن تلك الصور ان يكون بصورة انتداب تتولي إدارته دول أفريقيا العظمي مثل مصر ونيجيريا وجنوب أفريقيا وحتي الكنغو. وما يزال المقال مثار جدل لما فيه من تخذيل لأفريقيا من أحد حداة حريتها.
ما يزال موقف البرانيين من لائمي الغرب عندي هو الأوفق. فهو صحيح الجوهر جدا متي أحسنا طرحه بصورة ذكية. فقد كتب ديستكهي كتاباً أوضح فيه أن مذبحة رواندا المنسوبة الي وحشية الأفريقيين هي بالأحري نتيجة وحشية أوروبية. فقد ساس المستعمر الأوربي رواندا بتكلفة زهيدة استعمل فيها التوتسي، ذوي الاصول الأثيويبة، علي الهوتو من الزنج البانتو. وقد بث المستعمرون علماً أنثربولجياً صار بمقتضاه التوتسي ارفع درجة من الهوتو في سلم الرقي ولهم حكم الهوتو علي أنهم أغلبية في البلد. وكان هذا العلم الاستعماري قنبلة موقوتة تفجرت في وقتها المعلوم في سياق سياسات رواندا المستقلة. وسيتقوي موقف البرانيين متي ما هجروا ثنائية اللوم واللوم المضاد التي تضع الأفريقيين ككل في مواجهة الأوربيين أو المستعمرين. فليس يصح لنا أن ندافع مغمضي العيون عن أداء صفوة أفريقيا لمجرد انهم أفارقة. فقد سقط جيل الحركة الوطنية الأفريقية في تجربة الحكم. وبعض أسباب سقوطه المروع أنه قد استقى خياله وعلمه من الغرب حتي في وصم شعوبه الأفريقية بالبدائية ولا بد له من نقلها الي الحداثة بخطة الغرب ومنهجه وحزازاته ذاتها. وقد جفف هذا الجيل الوطني الأفريقي الحاكم أشواق وفطانة غمار الناس حين كمم الأفواه ودجن النقابات ونصب بروج الحزب الواحد فوق ثراء الحوار الوطني العام. لقد سقط هذا الجيل القومي، الذي سماه فرانز فانون ب"ديدبان المستعمرين" سقوطاً مدوياً لا يستحق معه أن نواري سوءته برابطة العرق أو الجغرافيا. وستقوي حجة البرانيين متي استصحبت هذا النظر الطبقي لإشكالية خيبة الاستقلال. ومن ذلك أن ننتبه لكتابات أمثال كين سارو ويو القتيل الذي لم يتزحزح عن لوم الغرب علي محنة بلده نيجيريا ومحنة جماعته الخاصة ، النقوني. وهي الجماعة القليلة التي ينبع النفط في دارها وتظل فقيرة لاستئثار نخب الجماعات الغالبة في نيجيريا علي ثروة البلاد. و نسب سارو ويو محنة شعبه الأقلية الى ما اسماه بـ "الاستعمار الداخلي أو الأفريقي". ومتي استقام لنا أن أفريقيا ليست أمة واحدة، أصبحنا في وضع افضل لتقدير الإرث الاستعماري الذي يظن الجوانيون أنه قد زال بينما هو باق معنا عدداً، وعدة، وولداً.
_________________
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أستأذنكم في أن تتوقفوا عند هذا المقال وتتأملوه !!!. (Re: almulaomar)
|
Quote: الأخ خضر عطا المنان
الموضوع جدير بالقراءة ولي عودة إن شاء الله للتعقيب
|
الملا عمر الحبيب :
من وين نكتا الموضوع دا ؟؟؟
وأنت وين ذاتك غاطس الزمن دا كلو ؟؟
انا قلت يكون أهلنا في ( قندهار ) واللا
في ( جبال تورابورا ) قبضوا عليك من زمان
وسلموك للأمريكان واستلموا الملايين !!!!.
يا مرحب بيك وفي انتظارك ما تود قوله
حول هذاالمقال الدسم .
لك ودي .
خضرعطا المنان
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أستأذنكم في أن تتوقفوا عند هذا المقال وتتأملوه !!!. (Re: خضر عطا المنان)
|
الاستاذ خضر عطا المنان :
الموضوع جميل
نحن لسنا من اللذين عاصروا زمن الاستعمار ولم نري مشهد ابائنا وهم يرتدون الاردية وشاهدنا بقية من انضباط جدي في المواعيد ..
لا ادري هل اذا بقي الاستعمار فترة اطول كان سينصلح حال السودان ؟؟؟
لا ادري هل خروج الاستعمار في ذلك التوقيت رحمنا من جنوب افريقيا اخري ..؟؟
كل البنا التحتية سمعنا بها من زمن الانجليز واضاف نميري عليها ...
خطوط النقل والسكة حديد واستادات الكورة ...
كل الاجداد والحبوبات بيقولوا لينا والله انتو ما حضرتو زمن الانجليز !! يعني الكلام زي الكان عاجبهم ولا يكونوا بقوا ماشين بي نظرية " المستجير من الرمداء بالنار " ..
| |
|
|
|
|
|
|
| |
خضر عطا المنان
almulaomar
nour tawir
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست