ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 00:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-05-2005, 00:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!!


    طيلةَ حياتي هنا في أرض الحرمين ، تعاملتُ و تكلّمتُ مع معظم الشعوب العربية ، و قضيت مع بعضهم سنيناً طويلة ، و تأملتُ في دينهم ، و أخلاقهم ، و طريقة تعاملهم ، فوجدت أعجبهم و أغربهم هو الشعب السوداني ، بلا نزاع أو منافَسة!
    --

    سبحان الله ، ما قصة هذا الشعب؟ لماذا هو هكذا؟

    كأن الإبتسامة لم تُخلق إلا من وجه مسلمٍ من أرض السودان ، و كأن حُسن الخُلُق مُحتكرٌ لهم و الله! ، فإذا رأيتُ عربياً حَسَنَ الخُلُق ، فلن أتعجب إذا قفزت إلى ذهني خاطرة تقول: "إنه قد نشأ في بيتٍ سودانيّ!". لا و الله لن أتعجب من ذلك.

    يا أهل السودان ، ما سرُّكم؟ كيف يمكن لأعداد غفيرة من الناس ، من شتّى الطبقات و الأعمار و البيوت ، و أساليب التربية ، أقول: كيف لهؤلاء كلّهم أن يتّفقوا على أن يكونوا أحسن شعوب العرب أخلاقاً؟ كيف اتُفقوا أن لا تَبرحَ الإبتسامة ثغورهم؟ كيف اتّفقت هذه المجموعات المختلفة ، في بلد واسع المساحة (ما شاء الله) أن يكونوا **قدوةً** لجميع شعوب العرب - بل جميع شعوب العالم و الله - في حُسن الخلق و دماثة الطبع؟

    لم أرَ و الله كَشَعب السودان في الطيبة ، و الدماثة ، و حُسن الخُلُق. إنهم يقفون عالياً فوق جميع شعوب العالم (و ليس الشعوب العربية فقط) ، فبعض الشعوب الغربية تُكثر الإبتسام ، لكن ليس لديهم الشهامة الإسلامية التي يملكها أهل السودان ، و البعض قد يملك الشهامة ، لكن لا يعرف بشاشة الوجه ، و البعض قد يتبسّم في وجهك و يذمّك إذا ما ولّيتَ ، لكن هذا الشعب المدهش يجمع كل ما طاب و حُسنَ من الأخلاق ، و الذي يدهش هو نسبة من يمتلكون هذه الطيبة و حُسن الخلق: ليس "البعض" ، و لا "الكثير" ، بل "الأغلبية الساحقة" ، و لكل قاعدةٍ شواذّ طبعاً ، لا يزيدون القاعدة إلا تأكيداً .
    .

    و كأن هذه الفضائل المدهشة لا تكفي ، فقد طبّق إخواننا المسلمين في السودان قول رسول الله: "من تشبَّه بِقومٍ فهو منهم" ، و أنا و المسلمون نشهد أن شعب السودان قد تشبة ليس بأخلاق رسول الله فقط بل حتى بلِباسه! ، فهذه العمائم المَهيبة و الثياب البيضاء الفضفاضة (و التي تريح أنظارنا قبل أجسادهم) لهي مِن أشبه المظاهر بِمَظهر رسول الله و صحبه الكرام ، إن لم تكن أشبهها على الإطلاق.

    عندما أرى إخوةً من السودان ، فهذا والله ينقلني للقرن الأول الهجري ، و هو العصر الذي يثير الشجون ، عصر رسول الله و أصحابه ، أعظم قرون التاريخ ، فكأني أرى لمحةً من قرية مسلمة في زمن رسول الله: عمائم حسَنَة المظهر مَهيبة المطلع ، و ثيابٌ عربيةٌ خالصة ، و أخلاقٌ تؤدِّب أمماً. لله درّكم!

    .

    يا شعب السودان ، أنت عظيمٌ بدماثتك.

    يا شعب السودان ، أنت قدوةٌ بطيبتك.

    يا شعب السودان ، أنت مَثَلٌ ببسمتك.

    يا شعب السودان ، و الله ، و بالله ، و تالله ، إننا نحن مسلمو الجزيرة نحبكم في الله ، حبّاً صافياً لوجه الله ، فسيروا على منهج الأخلاق الإسلامية و العروبة الأصيلة هذه ، لا تحيدون عنه ، و أسأل الله أن يجمع المؤمنين منكم و منّا في دار السلام بعد يوم الحساب ، إنه سميعٌ مجيب.

    أخوكم المحبّ... أبو حمود

    http://alsaha.fares.net/[email protected][email protected]
    _________________
                  

01-05-2005, 01:13 AM

قلقو
<aقلقو
تاريخ التسجيل: 05-13-2003
مجموع المشاركات: 4742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)

    الأخ ابو حمود..
    حقيقة لقد اخجلت تواضعنا..لكن قل لى بربك اذا كنا نحن هكذا فمن ان بأتى اولئك الذين يحكموننا وهم لا يشبهوننا فى شيئ ؟
                  

01-05-2005, 01:16 AM

مريم بنت الحسين
<aمريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)

    يتفق العرب "الخليجيين" على أن السودانيين أكثر الناس أمانة.. واوسعهم بذلاً.. وأكثرهم ترابطاً وتواصلاً وصلة للرحم... هذا الكلام يرفع الراس... لكن لاتزال نظرتهم أننا "دون" أقل من المستوى... وما عايزه اقول كلماتهم البستخدموها في حقنا.. يعني، لو كنا اقل من المستوى الأخلاقي الذي كتبه الكاتب، كان السباب واللعن معززاً ببعض كلماتهم المذلة للإنسانية كانت ستكون بدل "بسم الله"..

    كيفك يا عمو عبد الله؟

    بنت الحسين
                  

01-05-2005, 02:05 AM

nile1
<anile1
تاريخ التسجيل: 05-11-2002
مجموع المشاركات: 2749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: مريم بنت الحسين)

    الأخ عبد الله
    لك التحية ونشكر عبرك الأخ أبو حمود على كلماته الطيبه في حقناونقول له أحبك الله الذي أحببتنا فيه.
    لي زميل طيب كالأخ أبو حمود أحسب أنه رجل تقي نقي ودود وكان ولا يزال هذا رأيه في أهل السودان وبيني وبينه من المودة الكثير والكبير..ما يأتي أحد على ذكري بحضوره وأنا غائب إلا وشهد لشخصي الضعيف ولأهل السودان بالطيبة والإستقامة والإخلاص والتسامح ونقاء السريرة ..
    قلت له يوما..أنت تكن لنا كل هذا الود والتقدير ولكن غيرك يرانا دونا عنكم أنتم العرب مكانة.
    أنكر على قول ذلك وذكرني بحديث المصطفي عليه الصلاة والسلام(لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى)
    قلت له..هل أنت مقتنع بما تقول
    رد على..إذا لم أقتنع بما يقول النبي عليه الصلاة والسلام فبحديث من أقتنع.
    قلت له..إذا طابت منك أن تزوجني أختك أو إبنتك فهل ستقبل؟؟؟؟
    إضطرب في جلسته وأتسعت حدقتاه وأجابني في تلقائية وبسرعة البرق....لا..بصراحه...لا
    سألته..لماذا؟؟؟ألم تقل أنه لا فضل لك ولا لغيرك على بسبب لوني الأسود
    رد على..من ناحية دينية فهذا هو الصحيح ولكن أنت تعلم أعرافنا وعاداتنا وتقالدينا
    ___________________________

    و....كما تدين تدان...يتعنصر بعضنا (ونتشعبط) بأهداب العروبة الواهية الباهتة التي لم تنفع أهلها..أو ليس الأجدي أن نتحرر نحن من عقدة اللون ونلتفت إلى هويتنا وخصوصية تركيبتنا الإجتماعية؟؟؟؟
                  

01-05-2005, 03:00 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)


    الذين لا يصدأون
    د.ثريا العريض

    صديقة أجنبية.. زوجة لدبلوماسي تنتقل معه في بلاد الله الواسعة.. قالت وقد آن أوان السفر.. "سوف ننتقل إلى السودان.. وقد عشت في تونس وعمان والعراق قبل السعودية.. أما السودان فلا أعرفه.. أنتم في البلاد العربية تتشابهون وتختلفون كثيرا.. لا أجد ما يجمعكم في البلد الواحد ولا في المجموع.. لا أدري إن كانت تجربة الماضي تفيد في التنقل بينكم!"
    فكرت في حلم الوحدة العربية.. والتجمعات الراهنة في ارتباطات إقليمية.. والخلافات على حدود سرابية.. ومناسبات جماهيرية.. ولم أستطع أن ألغي ملاحظتها..
    قلت لها صادقة!
    ستحبين السودان..!
    قد لا يكون في رخاء البلاد التي عشت فيها.. ولكنه غني بروحانية خاصة.. لم تتح لي زيارة السودان ولكني عايشت الكثيرين من أبنائه وبناته متغربين للدراسة أو للعمل في بقاع مختلفة من العالم تمتد من بلادنا العربية إلى أمريكا وأوربا..
    وأستطيع أن أقول عنهم ما لا أستطيع أن أقوله في أي جماعة أخرى منا.. لم أجد في التعامل مع أي منهم ما أفقدني احترامي له شخصيا أو لأبناء بلده..
    وجدت في الزملاء والزميلات من السودان ذلك الشعور بالمسئولية والرغبة في القيام بالواجب على الوجه الأكمل.. ووجدت فيهم الطيبة دون غباء.. والاعتزاز بالنفس دون غرور.. واحترام الآخرين دون تذلل.. ومعرفة حدود حقوقهم وحقوق الآخرين..
    لهم شخصية مميزة.. شعب عرف الاستعمار ولم يتعود الخنوع.. وعاش الفقر ولم يتقمص الذل.. وحفظ انتماءه إلى عروبته وأفريقيته وإسلامه دون أن يشرخ ذلك في شخصيته الخاصة..
    أين في البلاد العربية أو غيرها من يقوم بانقلاب ناجح ضد سلطة مرفوضة ثم يترك كرسي السلطة راضيا؟
    أين في البلاد التي تعاني كوارث العالم تجدين الصبر والاتزان والهدوء الذي واجه به السودانيون مجاعاته وجفافه وفيضاناته حكومة وشعبا؟
    ستحبين السودان.. وأهله.. يحبون بعمق.. ويحسون بعمق.. ويتألمون بعمق.. ولكن أصواتهم تظل هادئة..
    بلد طيب.. يملؤه الناس الطيبون.
    ربما تجدين سودانيا يبتسم فقط عندما يحتاج شيئا منك وينسى ملامح وجهك حين لا يحتاجه..
    وقد تجدين سودانيا يخبئ القليل الذي عنده كي لا يشاركك فيه..
    وقد تجدين سودانيا يحلف ألف يمين ليقنعك أنه صادق وهو يتكلم بلسان مقسوم..
    وقد تجدين سودانيا يرتشي ويختلس ويسرق ويهرب من مسئولياته أو يتلاعب بصلاحياته..
    ولو حدث ذلك يا سيدتي فستكونين قد إلتقيت ظاهرة نادرة بينهم..
    لأنهم جد شرفاء.. ولا ينسون ذلك..
    مثلك درت العالم عدة مرات وزرت بلاد الجهات الأربع.. عربية وغير عربية.. فوجدت أن ابن البلد أطيب في بلاده منه في خارجها.. ربما يتأثر بالهواء الملوث فيصدأ بعض معدنه.. ربما هو دفاع عن النفس في مواجهة الغربة..
    لا أستطيع أن أقول لك أنني عايشت السوداني داخل حدود بلاده..
    ولكن إن كان مثل من عرفت منهم خارجها.. فسوف تحبين السودان والسودانيين..
    أكاد أجزم أنهم من معدن أصيل لا يصدأ..

    (نقلا عن صحيفة الرياض السعودية)..
                  

01-05-2005, 03:06 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)

    الاخ عبدالله عثمان
    لك التحية ولكل المتداخلين/ات ..


    مدح أبي حمود ،وترصيصه " أحاسن الاخلاق" للسودانيين،
    لا تنقصه الغرابة ولا العجب ! .. وقد يسعدنا جدا جدا ، كسودانيين،
    أن يأتي تشــكيرنا قبل يوم الشكر ؛ ولكن : يجب ألآ يوهمـنا بأنه
    ليس بأكثر من إنطباع شخصي ، لشخص ما، في زمن ما ، و " معرفةٍ مـا" برجحان
    احاسن الاخلاق في شعب مــا . فمهما نزهو بطيب أخلاقنا ومحاسن صفاتنا ، لن
    يفيدناالزهو ان نتجاوز " المعلومات من الأمور بالضرورة " ، نعم نحن شعب مثلنا
    مثل غيرنا ، فينا الصّالح ومنـّا الطّالح .. قد نمتاز بفروقات بيننا وبين
    مماثلين لنا في محيطنا القريب أو البعيد ، ولكنـّها تبقي فروقات مفهومة في
    تفاوتٍ مألوف بين فرد وأخر ..

    الرابط الموضّح ، لم يعمل ، فهل تم نشر هذا التشكير المجـأني في صحافتنا
    أم صحافة دولة عربية أخري ؟؟ .. وإن كان النشر قد تمّ " زيتنا في بيتنا"
    فلا يبقي لنا إلآ اجترار مثلنا القائل [ شكــّارتا دَلـَّكتا !!!]

    لك الود أخي عبدالله ،، وكل عام وانت بخير آملين أن يعود موضوعك في نهاية السنة
    الماضية 2004 ( أنثربولجيا خبــر ) البدّاليَّات .. وتواصل لنا فيه ..


    ولكم التحايا // محمد أبجـــودة .
                  

01-05-2005, 03:18 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)
                  

01-05-2005, 10:19 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)


    Asharq Al-Awsat 04/27/2001

    السودان، هذا البلد المسكين!
    حسونة المصباحي
    منذ طفولتي المبكرة، أحببت السودان. فقد كنت في سنّ الخامسة أو السادسة على ما أظن، عندما وَفَدَ إلى قريتنا رجال سود على ظهور أحمرة قميئة وأنشدوا أناشيد دينية، خشع لها أهلي، ما رأيت مثله قبل ذلك قط، حتى أن البعض منهم بكى من شدة التأثر. عند انصرافهم صباح اليوم التالي قالت لي أمي حين سألتها عن أولئك الرجال الغرباء، انهم من أهل السودان. وكان لهذا الاسم ـ أي السودان ـ وقع غريب على أذني، إذ اني ما سمعته قبل ذلك البتة. وفي خيال الطفل الذي كنت، وُلِدَ بلد غامض مسربل بالألغاز أسود كالليل، حينما ألفظ اسمه تعتريني مشاعر وأحاسيس غامضة شبيهة بتلك التي اعترتني وأنا أستمع إلى أولئك الرجال السّود ينشدون على ضوء الشموع والمصابيح أناشيد دينية وقد اكتنفت ملامحهم مشاعر الخشوع والورع.
    وعندما دخل الراديو إلى قريتنا، وكان ذلك مطلع الستينات، سمعنا أغنية جميلة «الممبو السوداني» فأحيت في خيالي من جديد ذلك البلد البعيد. وأذكر أن الأغنية أعجبتني كثيراً، كما أعجبت أغلب أطفال قريتنا. وفي سهراتنا تحت القمر، كنا نرددها بمتعة لا مثيل لها.
    وكنت في السابعة عشرة لما ازداد تعلقي بالسودان وأهله. حدث ذلك خلال ربيع ممطر، والناس سعداء لأن الحاجة باتت مؤكدة. بداية العطلة، وكنت إذذاك في إعدادية حفوز، وسط منطقة القيروان، عدت راجلاً كعادتي إلى القرية قاطعاً مسافة عشرين كيلومتراً تقريباً. كان الطقس باردا، وكانت الأوحال تضاعف من قسوة الطريق. عند وصولي، كان التعب قد نال مني حتى اني لم أتمكن من انهاء العشاء، ومبكراً أويت إلى الفراش لأنام حتى الساعة الحادية عشرة من اليوم التالي. كنت لا أزال مرهقاً وكانت ساقاي منتفختين. كان هناك كتاب على الطاولة الصغيرة جنب الفراش، علمت في ما بعد أن أختي هي التي جاءت به. فتحته وقرأت العنوان: «موسم الهجرة إلى الشمال». تمعّنت طويلاً في اسم صاحبه ـ الطيب صالح ـ فتبيّن لي أني لم اسمع باسمه البتّة قبل ذلك. قرأت الصفحة الأولى وإذا بي أغيب تماما حتى عمن حولي، وألج عالماً غريباً ساحراً استحوذ عليّ استحواذاً كلياً. عند انتهائي من قراءته، بدا لي انني عثرت على الكنز الذي طالما راودني في أحلامي! السودان الآن لم يعد رجالاً غرباء سوداً على ظهور أحمرة قميئة، ولا أغنية جميلة نرقص على انغامها تحت القمر الصيفي. لقد بات شاسعاً وكبيراً وحميماً، وبات أهله كما لو أنهم أهلي، حياتهم شبيهة بحياتنا، وعاداتهم كعاداتنا. وازداد السودان ألفة حين قرأت روايات الطيب صالح وأقاصيصه الأخرى مثل «عرس الزين» و«دومة ود حامد» و« بندر شاه»، التي كشفت عن اعماق ذلك البلد. وعن خفّة روح أهله، وعن بساطتهم، وسذاجتهم، وبراءتهم، وأيضا عن صدقهم وشجاعتهم وكرمهم.
    في عام 1973، جاء الطيب صالح إلى تونس مدعوّاً لحضور مؤتمر الأدباء العرب الذي انعقد هناك. لأيام ظللت أراقبه من بعيد، متهيّباً الاقتراب منه، والتحدث إليه. وكان هو يتابع أعمال المؤتمر صامتا، منزويا في ركن قصيّ، متحاشيا كل تلك الحركات والمواقف الاستعراضية التي كان يلجأ إليها جلّ الأدباء العرب للفت الانتباه. بعد عرض مسرحية «الزنج» لعز الدين المدني في المسرح البلدي على شرف ضيوف المؤتمر الآنف الذكر، وجدت نفسي وجهاً لوجه مع الطيب صالح، فانطلق لساني، وإذا بالرجل نهر من المحبة والصدق واللطف والبساطة والتواضع. ومنذ ذلك الحين تصادقنا وبتنا نحرص على أن نلتقي ولو مرة كل عام، سواء في أصيلة، أو في لندن، أو ميونيخ.
    وخلال العشرين سنة الأخيرة، تعرفت على سودانيين آخرين زادوا في محبتي لهذا البلد ـ أي السودان ـ وأهله الطيبين. من هؤلاء أذكر إبراهيم الشوش الصديق الروحي للطيب صالح، والذي يواجه مصاعب الحياة ومكائدها بالنكتة الظريفة والضحكة الطفولية الخارجة من القلب مثل حزمة من نور، والذي بذكائه الحاد يستطيع أن «يلتقطها وهي طائرة» كما يقول التونسيون. أذكر ايضا صلاح أحمد ابراهيم، الرجل الأنيق، الواسع الثقافة، الديمقراطي السلوك، والذي خطفه الموت منا قبل بضع سنين، فخلف فراغا هائلا خصوصا في أصيلة، حيث كنا نلتقي. وثمة رجل آخر التقيته مرة واحدة، غير أنه ظلّ حاضرا في الذهن، دائما، أعني به الدكتور عبد الله الطيب، الذي قضيت معه وقتاً رائعاً في مدريد ربيع 1983، لما حضر مؤتمر طه حسين الذي عقده المركز الثقافي المصري هناك. وكانت متعتي شديدة لما انشدني آخر الليل وعن ظهر قلب مقاطع من مسرحيات شكسبير الشهيرة.
    غير أن هذا السوداني الطيب، الجميل، العذب، الهادئ، الوقور، المتزن، الصادق، النزيه، الذي أحببت، يواجه منذ عقود عدة مصاعب تزداد استفحالاً يوماً بعد يوم للبقاء على قيد الحياة. فثمة جزء كبير منه نفي أو طرد أو قتل، أو هو ارسل الى ظلمات السجون ليمثل به أشنع تمثيل. وما تبقى منه، وهو الجزء الأكبر، يعاني يومياً الجوع والاضطهاد والإهمال والمرض، وبالكاد هو قادر على أن يوفر لنفسه لقمة العيش.
    وكان الجنرال جعفر النميري هو أول من فتح باب جهنّم الحمراء أمام هذا البلد المسكين، مخضعاً إياه على مدى عقد بكامله، وبتواطؤ مع حسن الترابي، لأبشع أنواع القمع والاضطهاد، زارعاً بين أهله بذور الشقاق والفتنة، مسرّباً سمّ الفساد والرشوة إلى الإدارة ومؤسسات الدولة من القمة إلى القاعدة. وعندما خلع هذا الجنرال الذي كان يتحلّى بأبشع مواصفات الحاكم الشرقي المستبدّ، ظن أهله، وظننا نحن الذين نحبه، أن السودان سوف يتخلص نهائياً من الدكتاتورية، وسوف يعيش ديمقراطية تكون مثالاً للعالم العربي، ولكافة البلدان الأفريقية. غير أن ذلك الأمل انطفأ بسرعة، واللصوص والقتلة الذين خرجوا من الباب، عادوا من النافذة، ليواصلوا تمزيق أوصال هذا البلد أو نهب خيراته، وتبديد ثرواته في شراء المزيد من الأسلحة لاذكاء نار الحرب والاقتتال بين أهله وجنسياته، فيما أناس يموتون بعشرات الآلاف جوعاً ومرضاً.
    وإذا ما كانت مصيبة العراق هي أن حاكمه يدعى صدام حسين، الذي يعشق أن يواصل الحروب حتى وهو نائم، فإن مصيبة السودان هي هذا الرجل المهووس بالزعامة وبالسلطة والذي يدعى حسن الترابي، الذي لم ينقطع على مدى ثلاثين عاما عن إيذاء بلده وشعبه، وتدبير المؤامرات الدنيئة والخبيثة هذه، ونشر الفرقة بين أبنائه وارضاخهم للاذلال والمهانة وللمظالم اليومية.
    وقد دلّت كل التجارب ان هذا الرجل الذي يظهر الوداعة واللطف، غير أنه يخفي في داخله ذئباً شرساً، قادر على التضحية بكل شيء، بما في ذلك بلده وشعبه، فقط ليظل حاضراً في المشهد السياسي، محتفظاً بمهابة الزعامة وسلطتها ونفوذها. وطالما ظلّ حسن الترابي في اللعبة السياسية السودانية، فإن هذا البلد المسكين، أي السودان، سيظل في ذلك النفق المظلم الذي دخله قبل عقود ولن يكون بإمكانه الخروج منه أبداً.. ولن يكون بإمكاننا نحن أن نرى من جديد وجهه المشرق الطيب، الذي احببناه وألفناه في ذلك الزمن الذي يبدو بعيداً الآن.

                  

01-06-2005, 03:17 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)


    حدثنا عبد ربه بن صالح، عن عروة بن زويم، عن جابر بن عبدالله، عن النبى صلى الله عليه وسلم لما نزلت (فيومئذ وقعت الواقعة)، ذكر فيها ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، قال عمر: يا رسول الله: ثلة من الأولين وقليل منّا؟ قال: فأمسك آخر السورة سنة، ثم نزل (ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر، تعال فأسمع ما قد أنزل الله: (ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين)، ألا وإن من آدم الىّ ثلة، وأمتى ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل، ممن شهد أن لا إله الاّ الله وحده لا شريك له).
    تفسير القرآن الكريم للحافظ بن كثير – المجلد الرابع صفحة 336 – دار الحديث للطباعة القاهرة

                  

01-14-2005, 00:22 AM

nile1
<anile1
تاريخ التسجيل: 05-11-2002
مجموع المشاركات: 2749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما قـصـة السـودانـيـيـن؟!! .. أمـرهـم عـجـيـب!! .. غـريـب!! (Re: عبدالله عثمان)

    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de