|
|
 قصة إختطاف اليستير ووالدته باتريشيا بدارفور
|
إمرأة تغيث بالأغنام .. ودبلوماسي يخرج من الخرطوم الى بغداد !
قصة إختطاف اليستير ووالدته باتريشيا بدارفور
عرض : ضياء الدين بلال
إستطلاع : رشوان وياسر وإيمان
اليستير كينج سميث .. عندما غادر السفارة البريطانية بالخرطوم قبل اكثر من عامين بعد أربع سنوات قضاها في منصب المستشار السياسي والاعلامي للسفارة .. كان قبل يوم من مغادرته قد تم تكريمه من مجموعة من اصدقائه السودانيين - أليستير الشاب الذي إنتصف الثلاثين من العمر.. اهدى اليه اصدقاؤه جلباباً قاني اللون وشالاً وطاقية .. الشاب الذي يتحدث العربية بطلاقة تشوبها لكنه خفيفة .. فاجأ الجميع عندما بدأ في لبس الجلباب امام الحضور .. فتطايرت الصفقات والضحكات صاخبة .. !!
كانت تلك آخر ايام اليستير بالسودان .. الذي انتقل بعدها إلى وحدة العراق بالخارجية البريطانية .. وزار بغداد عدة مرات في وقت كان يهمس البعض في الخرطوم بأن الشاب اليستير تتسرب من بين نظاراته الذكية رائحة مخابراتية نافذة تعرفها الانوف المدربة !!
رسائل (سونا)
الرسائل الهاتفية المرسلة من وكالة «سونا» للانباء لمشتركيها كانت تنقل خبراً عن اليستير دون أن تذكر اسمه مع إبقائها على صفته السابقة «كمستشار سياسي».
الخبر : «إختطاف المستشار السياسي للسفارة البريطانية شمال الفاشر»..!!
بعد ساعة من هذا الخبر ارسلت «سونا» رسالة اخرى جاء فيها :
«السفارة تتوقع إخلاء سبيل رعاياها وعودتهما اليوم الى الفاشر»..!!
اما الخبر الاخير الذي ارسلته «سونا» فقد نقل تصريحاً من المستشار السياسي للسفارة
يقول (إحتجاز الرهائن سوء فهم اكثر منه إحتجاز) ..!!
ومن جانبها أوردت (رويترز) أن مصادر بالامم المتحدة قد صرحت لها أن متمردي دارفور إحتجزوا بريطانيين يديران منظمة إغاثة تعمل في غرب السودان ثم افرجوا عنهما بعد ست ساعات .. !!
رحلة للبحث
بعد توارد تلك الاخبار وتتابعها إنطلق فريق «الرأي العام» لمعرفة القصة وتفاصيلها .. وإلتقت الصحيفة بالمستر وليام باتي السفير البريطاني بالخرطوم الذي روى القصة قائلاً (ترجع قصة إحتجاز السيدة باتريشيا عندما سافرت الى ولاية دارفور الايام الماضية .. فهي رئيسة لجمعية تطوعية تعمل في مجال الاطفال اسمها (Kids For Kids) وتتخذ من بريطانيا مقراً لها .. ولها فرع رئيسي بالخرطوم وسافرت إلى هنالك وهي تحمل معها معدات وادوية منقذة للحياة لمستشفى مليط إضافة إلى نصف مليون جنيه إسترليني لدعم الاسر الفقيرة ولإبتياع مجموعة من الاغنام التي تدر الالبان للصغار.. ولشراء آليات تعين على إستخراج الماء النقي .. وعندما جاء ليل أول أمس وهما في عربة تابعة للامم المتحدة في طريقهما لمدينة الفاشر وفي المنطقة التي تقع شمال شرقي الفاشر إعترضتهما قوات حركة تحرير السودان ومنعتهما التحرك رغم أنهما كانا يحملان الاوراق كافة التي تسمح لهما عبور تلك المنطقة وإمتد الاحتجاز حتى فجر يوم الاحد .. حيث سارعت الامم المتحدة والسفارة البريطانية بالاتصال بالجهات كافة لاخلاء سبيل المحتجزين.. وتم الإفراج عنهما لكن الليل والظلام لم يكونا في صالحهما مما دعاهما للبقاء هنالك حتى فجر الأحد .. وفي خلال حديثي مع «الرأي العام» تكون السيدة باتريشيا وإبنها اليستير في طريقهما إلى مدينة الفاشر التي اتوقع الا يكملا برنامجهما بها) ..!!
الإغاثة بالاغنام
وتفيد متابعات «الرأي العام» أن السيدة البريطانية باتريشيا من مواليد دارفور حيث كان والدها مسؤولاً إدارياً للسلطات الاستعمارية في العام 1914 .. فقد زارت مناطق مليط في شمال دارفور قبل سنوات وهي اكثر المناطق تضرراً بالجفاف ووقفت على معاناة السكان وعلى وجه الخصوص الاطفال.. واستقر رأيها على أن تعود الى بلادها وتطلب من الاطفال البريطانيين والمنظمات الخيرية دعم مشروعها الرامي لتزويد الاسر بعدد من الاغنام الحلوب.. وبالفعل افلحت في جمع مبالغ اولية عادت بها الى دارفور واشترت كمية من الاغنام واعطت كل اسرة عدداً منها على أن تؤخذ هذه الاغنام بعد الانجاب لتدعم اسراً أخرى وتحتفظ الاسر الاولى بالاغنام الصغيرة.. وواصلت باتريشيا مجهوداتها في حفر الآبار والمساعدة في توفير القابلات لانها وجدت أن ممارسة ولادة الحبل شائعة في تلك المناطق .. وكانت قد عقدت إجتماعات عديدة في السودان مع لفيف من المواطنين الخيرين فرحبوا بمجهوداتها وتكونت لجنة بالخرطوم لتنفيذ هذا المشروع على نطاق اوسع..!!
سفير السودان ببريطانيا
اتصلت «الرأي العام» بالسفير حسن عابدين سفير السودان ببريطانيا الذي رأي في حادث الاختطاف نمطاً متكرراً من قبل حركات التمرد خاصة حركة جيش تحرير السودان .. ويقول عابدين (سبق لهذه الحركة ان إستهدفت منظمة اوكسفام وإنقاذ الطفولة من قبل وتسببت في مقتل موظف في برنامج الغذاء العالمي في جنوب دارفور مما اضطر هذه المنظمات أن توقف عملياتها الاغاثية هنالك) .. ولا يعتبر السفير حسن عابدين ما حدث خرقاً لوقف إطلاق النار ولكنه خرق لبرتكول تأمين إنسياب الاغاثة الموقع بين الحكومة وحركات التمرد في ابوجا .. وانتقد السفير صمت المجتمع الدولي والدول الراعية لهذه المنظمات .. وأن صمتها يعطي إشارة خاطئة للمتمردين للتمادي في التجاوزات.
دكتور غازي صلاح الدين :
ويعتبر الدكتور غازي صلاح الدين أن ما حدث لا يعتبر إبتداراً لسياسة جديدة أو محاولة مقصودة لاحداث تحولات في الاوضاع الميدانية أو السياسية على قدر ما انها تصرفات ذات طابع محلي إستجابة لاوضاع معينة تقدرها المجموعة المختطفة .. !!
عميد أمن (م) حسن بيومي
ويرى العميد أمن «م» حسن بيومي أن هذه المنطقة التي تم فيها الاختطاف (ما بين الفاشر ومليط) معروفة منذ زمن بعيد أنها منطقة يكثر فيها اللصوص وقطاع الطرق .. ويذكر بيومي حادثة إختطاف مدام كوستر باحثة الآثار الفرنسية من قبل مجموعة حسين هبري التشادية من دارفور.. التي كانت قد طالبت بتقديم فدية في مقابل إطلاق سراحها.. ويرى بيومي أن حماية الدبلوماسيين وممثلي المنظمات الاجنبية تقع على عاتق الحكومة السودانية اذا اخطروها بتحركاتهم .. خاصة عند زيارتهم للأماكن الملتهبة.. !!
الخارجية السودانية
وترى الخارجية السودانية أن اليستير ووالدته كانا يتحركان وفق الضوابط التي تحددها الجهات المسؤولة ولكن ما حدث يرد في اساسه لعدم تحديد المواقع .. ويقول الدكتور التجاني فضيل وزير الدولة بوزارة الخارجية (عدم تحديد المواقع .. هو وراء إختطاف البريطانيين .. وفي إتفاقية انجمينا هنالك بند يطالب الاطراف بتحديد مواقعها.. الحكومة وافقت ولكن حاملي السلاح رفضوا ذلك).. ويرى فضيل أن تحديد المواقع سوف يحدد المسؤوليات ويوضح المواقع واماكن تواجد قوة كل طرف .. !
دكتور أمين مكي مدني
ويصف الدكتور أمين مكي مدني (الخبير القانوني المعروف) ما تم انه محاولة لصب الزيت على النار .. بسبب الصدى الواسع الذي تحدثه اخبار إختطاف الاجانب في المحيط الدولي .. ويصف دكتور أمين مكي مدني عمليات الاختطاف بأنها نوع من الإبتزاز ومحاولة للضغط على طرف ما لتحقيق مآرب واغراض ذاتية او مكاسب مادية .. !!
محاولة للفت النظر !
الدلالات السياسية لاختطاف الاجانب بدارفور من قبل المتمردين كما يراها د. «حسن مكي» الخبير الاستراتيجي هي محاولات يقوم بها المتمردون للفت النظر حول قضية دارفور وتعني ايضاً ان انفلاتاً امنياً لا يزال قائماً وان الامر لم يعد تحت سيطرة الحكومة ويشير الى ان عمليات الاختطاف التي تتم هناك عبارة عن كروت للضغط السياسي على الحكومة. ويتفق د. «الرشيد أبو شامة» الخبير الاستراتيجي بمعهد الدراسات الدبلوماسية جامعة الخرطوم مع ما ذكره «د. حسن مكي» ويشير الى ان عملية الاختطاف بقصد تسليط الضوء على وجودهم على أرض دارفور لكنه قال إن عملية الاختطاف في كل الاحوال عملية مستهجنة ومرفوضة وليست في مصلحة المواطنين النازحين أو اللاجئين بالمعسكرات لما يقوم به الموظفون الدوليون الذين يعملون في تقديم العون الانساني لاولئك المواطنين وقد يترتب على ذلك انسحابهم أو توقفهم عن تقديم العون اذا ما تكررت مثل تلك الحوادث الأمر الذي يضر بالمواطنين بالدرجة الاساس وليس المتمردين.
أخــيراً
من الواضح أن السفارة البريطانية كانت حريصة على معالجة الموقف في اسرع وقت ممكن مع الاحتفاظ بخيوط ود مع المجموعة الخاطفة او «المحتجزة» لمدام باتريشيا وإبنها أليستير لذلك وصفت السفارة ما حدث انه (سوء فهم) واكتفت الحكومة السودانية بتصريحات مقتضبة وإبتسامة كانت تقول الكثير..!!
الرأي العام الاثنين21فبراير2005
|
|
 
|
|
|
|
Ridhaa
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست