|
غدا الخميس 12/05/2005 الموسيقار حمزة سليمان في جلسة أستماع بالنادي السوداني بأبوظبي
|
تقيم أمانة الثقافة بالمركز الثقافي الاجتماعي السوداني بأبوظبي يوم غدا الخميس الساعة الثامنة والنصف مساءا جلسة استماع بالقاعة الرئيسية الكبرى للموسيقار الأستاذ حمزة سليمان الذي وعد بتقديم نماذج من تجربته الغنائية وأسهاماته منذ فرقة عقد الجلاد حتى الوقت الراهن وسيغني ولأول مرة رائعة محمد طه القدال (يا نفسي يابت الأسى) وسيغى من روائع محجوب شريف وحميد والدوش والكتيابي وأزهري محمد على وبقية المبدعين - الدعوة عامة ويرجى عدم أصطحاب الأطفال وأسمحوا لي هنا بأعادة نشر البوست الذي تحدثت فيه عن رحلة حمزة الفنية
حمزة سليمان في رحلة البحث عن الجمال... أعتلى رونق الكلمات عطرا ووفاء بقلم : عاطف عبد الله [email protected] يعد الأستاذ حمزة سليمان من المطربين القلائل الذين ربطوا ما بين الفكرة في اللحن والموقف في الكلمة.. لذا نجده في غاية الحرص في انتقاء الشعر كما ينتقى الموسيقى واللحن ليس فقط من النواحي العلمية والجمالية بل من موقفهما من القيم والمبادئ التي أختارها حمزة وهو الانحياز لقضايا الوطن ولإنسانه البسيط والتعبير العميق عن الهموم الإنسانية عامة وهموم الشباب خاصة بحس تذوقي وفني عالي المستوى، ولم يتنازل أبدا عن ذلك من أجل أي كسب عاجل ، مادي أو أدبي...أختار الطريق الطويل الوعر والصعب كي يتواصل مع جماهير الأغنية... وهو نفس الدرب الذي سار فيه من قبل الخليل ووردي وعركي ومصطفى سيد أحمد ، لكن في ظروف وتحديات أصعب كثيرا من الظروف التي عبرها أولئك الرواد حيث الزيف يغطي اليوم كل مساحات التواصل الممكنة. ولا مكان في الساحة الفنية إلا للتقليد وترديد أغاني السوق وما يتهافت عليه تجار الكاسيت من أغنيات الحقيبة وما شابهها، وحمزة نأى بنفسه وفنه عن تلك البغبغائية. مر حمزة بعدة تجارب ومدارس غنائية مختلفة ومابين حمزة الآن وبدايات انطلاقته الأولى في فرقة " نمارق " بون شاسع من الخبرة والتجربة تخللتها محطات عديدة قد يكون معهد الموسيقى وفرقة عقد الجلاد والهجرة هي أميز أعمدة تلك التجربة. مدرسته الأولى كانت هي الأسرة فهو ينحدر من أسرة فنية عريقة أمه " حاجة آمنة بت إبراهيم " متعها الله بالصحة والعافية لها حس فني عال وروح شاعرية نظمت الكلام وشبعت أولادها لبنا دسمه اللحن والإيقاع، فهي وإن كانت تعد القهوة فالإيقاع كما يكون بين يديها حين تسحن البن، يكون على فمها يتدفق لحنا وغناء، والوالد سليمان العوض العاشق الصوفي الموله في حب الرسول الأعظم ذو الصوت الشجي غذى مسامعهم منذ الطفولة بالإنشاد النبوي الذي كان له حافظا ومرددا، لذا ليس عجبا أن نجد أن أشقاءه جلهم إن لم يكن كلهم تسري الموسيقى مجرى الدم في عروقهم وعلى رأسهم هرم الموسيقى السودانية دكتور الماحي سليمان وأبناءه نزار وناجي وغسان الماحي .
تخرج حمزة سليمان من معهد الموسيقى والمسرح في 1995 وكان ضمن المتفوقين، قرر احتراف الغناء مع مجموعة عقد الجلاد، وتعد مدرسة عقد الجلاد وتجربتها الغنية في الغناء الجماعي وتعمقها في كل ألوان طيف الغناء السوداني شرقا وغربا ، جنوبا وشمالا إضافة هامة لمسيرة حمزة الفنية، وكما أسهمت في صقل تجربته كان العطاء بينهم متبادلا حيث كان يتقاسم جلّ ألحان أغانيها مع المبدع عثمان النو ، حيث قدم حمزة أغنيات شكلت مسار عقد الجلاد مثل صوت الاستحالة التي يقول فيها المناظر هى ذاتا الصور نفس المشاهد الشوارع والبيوت الاماكن والمقاعد والزمان واقف مكانة والرقم اللسه واحد
واغنية صرخة للشاعر القاص يحى فضل الله لى وين وكيف لى لمتين يا ضحكة ضاعت وين يا حزن يا مرتاح بين الدموع والعين
واغنية بطن الحوت للشاعر جمال عبد الرحيم التي يقول فيها قالوا العلم ممحوق وكتر الفهم ما بحوق اخر الزمن يا ناس ودوا الولد للسوق
واغنية ابوى يا فارس الحوبة للتيجانى حاج موسى " وشين ودشن للشاعر صلاح احمد ابراهيم ما شين ودشن وحر سيافى وكلمة مافى وهزارو خشن بسموم وسوافى وتسأل شن الحبب فية الحب فى ذاتة مبرر كافى شين ودشن
وبعد أن ترك مطربنا حمزة فرقة عقد الجلاد وأسس شكله الفني الخاص للكنه ما زال يرفد عقد الجلاد بجديده وآخر تعاونه معهم كان في أغنية ود باب السنط مرثية محجوب شريف للراحل علي المك التي يقول فيها ود باب السنط والدكة والنفاج والحوش الوسيع والساكنين افواج واللمة التى ربت جنا المحتاج والنار الدغش والريكة جنب الصاج وحمزة كغيره مثل العديد من المبدعين فرض عليه التغريب والتشتت في العصر الإنقاذي الراهن، فهاجر بحثا عن جو أبداعي معافى، وتغرب بالخليج وعمل كمعلم ومحاضر للموسيقى ولم يلهيه ذلك عن فكرة البحث عن شكل جديد يستوعب ألحانه وأداءه بعد أن ضاقت عليه عباءة عقد الجلاد ، فبحث عن الشعراء الشباب الذي ينسجم فكره مع طرحهم الشعري .. فقدم أجمل الألحان لعاطف خيري والصادق الرضي وحميد وأزهري محمد علي والكتيابي والدوش ومحجوب شريف. حمل حمزة الوطن بين جوانحه في الغربه وغنى له، وتغنى به وتناوله بحب وعشق وحنين كما نجده في رائعة محمد الحسن سالم حميد " وطنا " التي يقول فيها :
وطنا حبيبنا رغم البيك هي الأشواق حنينا إليك زين يا زين يظل دفاق ما حوجتنا ونديك وغيمنا إليك دوم ساساق يلاقي البينا من واديك نحبك من طرف ننجم برغم قطائع الإملاق ما تنذم علاقة دم وفاء وتاريخ على الإطلاق إذا ما الغربة لمتنا على ذات الخلق واخلاق وطن كان في ذمتنا فكيف يبقى الزمن فراق هي الأشواق
وغنى لإنسان هذا الوطن البسيط وعن همومه وحياته كما في رائعة الشاعر جمال عبد الرحيم "المشلعيب" التي يقول فيها
يا مساكين الحواري في البيوتات الطرف بره على هامش المدينة الرواكيب الغرف القرع والمشلعيب والعناقريب والخذف ومويه الزير والدلو وقفه العيش أم سعف وصوره ألام البكت خوف من الحال الوقف يا مساكين غنوا ليها وطيبو الجرح النزف وغنوا للبت الابت تقبل الجاه بالشرف لقيه الزول البجى في مواعيد الصدف جالب المافى ونفيس وزاهي في زيو الترف وقولوا للأمل البقوم ماشى في الريح العصف لابس اسمال الهدوم وجوفو محروق بالأسف بكره يا حبل الهموم ظلمة الليل تنكشف .
كما قدم أروع الألحان عن الحب كما في رائعة الصاق الرضي سوف أصنع لي حبيبة والتي يقول في مطلعها
سوف اصنع لي فتاة من دماي كي تقدسني وتبكى عند موتى دون زيف سوف اصنع لي فتاة من دخان سجائري لتلم عن وجهي غبار الاغتراب وكي تقينى من مكابدة النزيف
وبعد أن طاف بنا عاليا في مخيلة الصادق الرضي ولوحته التي رسمها عن فتاته يعود بنا حمزة لمعايشة الواقع بكل وعورة تضاريسه ولنعيش علاقة الحب كما هي مجردة إلا من تلك الأحاسيس النبيلة كما تناولها محجوب شريف في السنبلاية التي تغنى بها الدكتور وردي وكما قال وردي حين قدمها بأن الحب ما عاد " القطر الشالك أنت إنشاء الله يدشدش حته حته " وحبيبي فات وأنا بموت وراه .. إلخ .... كذلك أسقط حمزة عن الحب تلك الميلودرامية الفجة التي ميزت بعض أغاني الحقيبة وما تلاها من أغنيات الستينات والسبعينات .. جرد الحب من تلك الرومانسية الخيالية التي ربطت بين الحب والحرمان وجعلته صنوا للعذاب وفعل مرادفا للألم، وليس له طعم إلا إذا كان مصحوبا بالآهات والفراق والصد، أما الحب الذي تغنى به فهو الحب المتبادل، تلك العلاقة الاختيارية التي ربطت بين أثنين دون أن يمس الجماليات التي تميزها ، وعمق المشاعر، تناول الحب كأخذ وعطاء واختيار حر عاقل وليس حرمان وبكاء طارقا بذلك أبواب المدرسة العقلانية في الغناء العاطفي كما في قصيدة أزهري محمد علي يا مفتونه التي يقول في مطلعها
يا مفتونه بصدق الوعد يا مسكونة بحلم الغد أنا خيرتك بين الشهد وبين اللبن الفطرة وانت اخترتى سواد البن وطعم القهوه البكره انا خيرتك وانتى اخترتى
ولم تعترض طريقه المسافات فسافر بنا حمزة خارج الحدود في أطار بحثه عن جمال الكلام وغنى لمحمود درويش " عندما كنت صغيرا وجميلا كانت الوردة داري " وغنى للراحل نزار قباني " لم يحدث أبدا ... أن أحببت بهذا العمق " كما لحن وأدى "مسافر ابدا " من كلمات احمد عبد المعطى حجازى التي يقول في مطلعها
اعبر ارض الشارع المزحوم لا توقفنى العلامه اثير حيثما ذهبت الحب والبغض واكره السائمه ادفع راسى ثمنا لكلمه اقولها لضحكه اطلقها او ابتسامه اسافر الليله فجاه ولا ارجوا السلامه
وكما غنى بالفصحى وأبدع غنى بالعامية وكان أبدع وأروع كما في رائعة الأستاذ عبد القادر الكتيابي زي زيتونة وفيها قدم حمزة اللحن الخفيف الراقص وتألق كعادته زي زيتونه ولون اللون الفجر البدرى وكيف ما كيف لا نحس لا ندرى انقسمت بأنه ورقصت فرشت ريش ألوانه قدل طاؤس الوهج السحري طلق النشوه انطلقت فينا سنابك خيل الزار الشعرى الدنيا تدور بى اركانه كانه مكانه الكان من اول ما هو مكانه .
أما أجمل أغانيه فهي لحنه لأجمل ماقيل من كلام لعاطف خيري في قصيدة مسادير التي يقول في أحد مقاطعها باب الروح متاكا إنسربي صاحيات الحدايق ، أرعي قبال منجنيق الخوف يعاود ضربي قبل الطير وصعلوك النحل منكبي هشي العافية من تمري المخمر وعبي وزي ما النيل طبق مركوبو مارق للبحر مدبى أدخلي في الجسد محمومة بي المرض اليحير طبي ذي اتر النعال فوق الرمال متخبى هشي العافية من تمري المخمر وعبي
ولم ينسى حمزة التراث فبعد أن أستوعبه وهضمه عبأ مخيلته منه ولكن لم يتناوله إلا بعد أن أضاف إليه الجديد في اللحن والتوزيع مما جعله معبرا ومعايشا لواقع اليوم كما فعل في رائعة عبيد عبد النور يا أم ضفاير
يا أم ضفاير قودي الرسن واهتفي فاليحيا الوطن اصلوا موتا فوق الرقاب كان رصاص أو كان بالحراب البدور عند الله الثواب اليضحى وياخد العقاب وبالتغيرات الموسيقية واللحنية التي أدخلها حمزة في هذه الأغنية نجده قد أبتعد عن فخ التقديس في تناول التراث والتمسك به كعملية أنفعالية تاريخية كما هو، بل ذهب إلى أن الغوص في التراث واستخراج نفائسه يجب أن تتم بعملية براجماتية علمية تقوم على متابعة وتواصل لميكانيزمات العمل الإبداعي وإيجاد الجديد فيه حتى يخلق منه صيرورة متواصلة قائمة على وسائل واساليب تتماشى مع أهداف وإمكانيات اللحظة الآنية دون الإخلال ب جمالياته أو تغيير جوهره.
عاطف عبد الله أبو ظبي 05/06/2004
|
|
|
|
|
|
|
|
|