عندما يغضب أصدقاؤنا بالنيابة عنا

Quote: رأي القدس الأثنين، 4 إبريل 2005 قرار مجحف في حق السودان الذين يعرفون الرئيس السوداني عمر البشير عن قرب يؤكدون دائما بان الرجل يتمتع بأخلاق عالية، ومواقف وطنية ليس عليها اي غبار، مضافا الي ذلك نظافة يده ولسانه، فلم يسع للمال مطلقا، ولم ينخرط في اي مجال تجاري، وقيل انه عندما كان يسافر في مهمات عمل الي الخارج، قبل ان يتولي مهامه كرئيس، يرفض اخذ مبالغ مالية لتغطية نفقات الرحلة، او بدل سفر وحتي انه اذا اخذ هذه المبالغ فغالبا ما كان يعيدها الي خزينة الدولة او ما تبقي منها. هذا لا يعني ان الرجل لم يرتكب اخطاء قاتلة في بعض الاحيان، مثل ابعاد ومن ثم سجن معلمه الدكتور حسن الترابي، وحكم البلاد بقبضة من حديد، وعدم مكافحة بعض اوجه الفساد التي انتشرت في السودان في عهد حكم الانقاذ، فالرجل ليس كاملا او خاليا من العيوب. نقول هذا الكلام بمناسبة القسم الذي اقسمه الرئيس البشير بعدم تسليم اي متهم سوداني بارتكاب جريمة حرب في اقليم دارفور الي المحكمة الجنائية الدولية، لان القرار الذي صدر عن مجلس الامن الدولي في هذا الخصوص، انتهاك صارخ لسيادة السودان، ويشكل حلقة جديدة من حلقات الاستهداف الامريكي للعالمين العربي والاسلامي. فليس من المنطق ان يمارس الجنود الامريكيون في العراق وافغانستان واماكن اخري من العالم جرائم حرب، افظع بكثير من تلك التي حدثت في دارفور، ولا ينطبق عليهم هذا القرار، ويتمتعون بحصانة تمنع مقاضاتهم او مثولهم امام محكمة جرائم الحرب الدولية، اسوة بالجنود الآخرين. فانتهاك اعراض المعتقلين في سجن ابوغريب في العراق، وتعذيب افغان حتي الموت في معتقلات كابول، وفرض حصار ظالم علي ابناء الشعب العراقي لاكثر من عشر سنوات، قتل اكثر من مليون منهم، كلها جرائم حرب. وقتل اكثر من مئة الف عراقي علي الاقل في الحرب الامريكية الاخيرة علي اساس اكاذيب اسلحة الدمار الشامل غير الموجودة ايضا جرائم حرب. نحن لا ندافع هنا عن الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الجنجاويد المدعومة من الحكومة السودانية، في دارفور. فالصور لا تكذب، وشاهدنا عبر شاشات التلفزة القري المحروقة وعشرات الآلاف من المهجرين الذين يعيشون في العراء ومعسكرات اللجوء علي الحدود هربا من الموت، فالحكومة السودانية ارتكبت اخطاء قاتلة عندما سكتت، ان لم تكن شجعت، مثل هذه الجرائم، ولم تتحرك مبكرا لوقفها، علي اعتبار ان هؤلاء الضحايا هم مواطنون سودانيون علاوة علي كونهم مسلمين. ولكن من الواضح ان هناك عملية استهداف واضحة للسودان ونظامه، وتصفية حسابات امريكية معه، وجري استخدام الامم المتحدة كغطاء في هذا المضمار. من الواضح أن مهمة مجلس الامن الاساسية باتت معاقبة الدول العربية والإسلامية، وإذلال شعوبها وحكامها في آن. فبعد إذلال ليبيا والعراق وفرض الحصار عليهما ها هو مجلس الأمن يمارس الشيء نفسه علي السودان، ولن نفاجأ إذا ما تحرك المجلس نفسه، وفي القريب العاجل، لاستصدار قرار يطالب سورية بتسليم بعض قادة أجهزة أمنها للتحقيق معهم في جريمة اغتيال الراحل رفيق الحريري. لعل الحكومات العربية تدرك كم هي مستهدفة، وتستخلص الدروس من القرارات الصادرة ضد السودان وليبيا والعراق، وتحاول اتباع سياسة سد الذرائع أي الكف عن التصرف بطريقة بشعة وإجرامية في حق مواطنيها. فعندما لا تتصرف الحكومات بطريقة حكيمة، وتدعم ميليشيات تابعة لها تعيث في الأرض فساداً وقمعاً، عليها أن تتوقع مثل هذه القرارات والعقوبات. احترام حقوق الإنسان، وتوسيع دائرة المشاركة في الحكم، وترسيخ المساواة بين المواطنين هي من أهم تعاليم الإسلام، ولا بد أن تدرك الحكومات العربية أن زمن إبادة مدينة كاملة دون أن يهتم أحد قد ولي والي الابد. فالحكومات العربية بإجراءاتها القمعية والدكتاتورية هي التي تسهل لمجلس الأمن، وأمريكا علي وجه التحديد، مهام اذلالنا وفرض الحصارات علينا.