|
|
 طارت الفكرة .. وجاءت السكرة ..!
|
حديث المدينة
عثمان ميرغني
طارت الفكرة .. وجاءت السكرة ..!
في عنوان خبر من مراسلها بالعاصمة الاريترية اسمرا كتبت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية ( مبارك الفاضل يدعو لتكوين ''جبهة مسلحة'' ضد الخرطوم لمنع الصوملة).. ورغم أن متن الخبر بالكاد يمكن الاستنتاج منه مضمون عنوانه ..الا أن السيد مبارك الفاضل أوضح الأمر أكثر في بقية تفاصيل الخبر حيث قال (القرارات الدولية أفرزت واقعا جديدا في السودان يغير المعادلة الثنائية التي سارت عليها نيفاشا، ولا بد للمؤتمر الوطني والرئيس البشير من اعادة حساباتهما، على ضوء هذه المستجدات، فإما التوافق على مشروع وطني يحقق الحل الشامل او ترك البلاد لتدخل بالكامل تحت الوصاية الدولية مع خطر المزيد من المواجهات التي تقود للصوملة. والمطلوب الآن من المؤتمر الوطني والرئيس البشير اعادة هيكلة أوضاعه وتشكيل حكومة جديدة تستطيع اجراء مفاوضات مع المعارضة).
والسيد مبارك الفاضل الذي كان يتحدث من اسمرا هو ذاته السيد مبارك الفاضل الذي كان مساعدا لرئيس الجمهورية قبل اشهر قليلة وأعفى من منصبه بطريقة دراماتيكية في ثنايا خلاف مع الحكومة .. حيث سافر بعد اقالته الى الولايات المتحدة الأمريكية وظل فترة طويلة خارج السودان متنقلا بين بعض البلاد .. وعاد لفترة قصيرة الى الخرطوم ثم غادر الى اسمرا وسافر منها الى طرابلس ثم عاد اليها مرة أخرى..
ورغم أنني لا أميل هنا الى التعويل على عنوان الخبر الذي يضع مبارك الفاضل في مواجهة (مسلحة ضد الحكومة) لسبب بسيط هو أن متن الخبر ليس فيه تأكيد لذلك .. إلا أن الذي (لا) يثير الدهشة مطلقا .. هو السلوك السياسي العتيد الذي يفترض أن السياسي إما في الحكومة أو حامل السلاح ضدها .. فالسيد مبارك الفاضل ومنذ خروجه من الحكومة ظل فترة طويلة خارج السودان وترشح أخبار تلمح إلى أنه يعول أكثر على ثقل الناقمين على الحكومة خاصة الحاملين السلاح في الغرب أو الشرق ..
ومن حق أى سياسي أن يتدبر مواقفه حسب رؤيته .. لكن المنطق يفترض أن لا تكون هذه الرؤية قائمة على ركن وحيد هو المصلحة الحزبية.. فيظل الحزب ملتزما ببرنامج الحكومة بل وبكل أخطائها الى آخر لحظة يغادر فيها الكراسي والمناصب فيكتشف أن الحكومة آثمة لا تستحق غير طامة كبرى تطيح بها الى سواء الجحيم
حتى آخر مرة التقينا فيها مع السيد مبارك الفاضل في منزله ثم مكتبه بالقصر الجمهوري قبل خروجه من الحكومة كان يبشر بمبادرة للتعامل مع الوضع في السودان عموما ودارفور خاصة لم يكن في طياتها أية أجندة دموية بالسلاح .. لكن بعد خروجه من كابينة الحكومة طارت الفكرة وجاءت السكرة «سكرة الممارسة الحزبية الضيقة القديمة» .. وأصبحت اسمرا المقر الجديد الذي يدار منه حزب الامة الاصلاح والتجديد ..
رغم أن - وحسب الأخبار- لا أحد رحب بعودة مبارك الى حضن العمل المعارض بالخارج .. لا اسمرا .. ولا الفصائل الدارفورية المسلحة .. ولا الفصائل الشرقية الأخرى ..
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
A.Razek Althalib
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست