|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: خضر حسين خليل)
|
الاخ عادل تحية وبعد ،،، في قراءة سريعة لهذا البوست ذو الكريزما المميزة يجدر بي فقط أن أسجل حضور لأعود حالما يتسنى لي قراءته بالطريقة التي أحب أن أعرف بها هذا التحليل العميق الذي يجب أن يأخذ حظه من التفكير ومقارنته بالماضي والحاضر والمستقبل وبعضٍ من افكار لم تتأتي بعد ..... أن لم أعد فأعرف أنني لم أهضم الدرس بعد ،،، لك شكري وتقديري على هذا التفحص الدقيق والتحريض على المعرفة والإستنارة ،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
-14- ان الصفقة قد ادت الي ايقاف القتال في الجنوب؛ ولكنها لم تؤدي ولن تؤدي الي السلام العادل الشامل؛ لانها اساسا لم تعالج اسبا وجذور المشاكل التي انتجت القتال؛ والمتمثلة في حالة التاخر الاقتصادي وطابع الدولة الريعي ومحاربة الانتاج والمركزية المفرطة واغتراب الدولة عن المواطن والاحاديات الثقافية والسياسية والهيمنة الدينية الاقصاء وتغييب المجتمع المدني ؛ وهي كلها ثيمات تعيد انتاجها الصفقة في نموذجها المقدم الينا؛ سوي في شكل ومحتوي حكم الشمال والجنوب علي يد طرفيها؛ او في كامل النظام المسخ الذي سيحكم البلاد.
ان الحديث عن السلام في حين تسيل انهار الدم في دارفور؛ وتدق طبول الحرب في الشرق؛ انما يعبر عن الافق الضيق الذي تعامل به طرفا الصفقة مع المشكلة السودانية؛ ونحن هنا نقول انه اذا ما تنازل طرفا الصفقة عن بعض جشعهم؛ وادخلا مثلي النخب الدارفورية وشرق السودان في نظامها؛ فان هذا لن يحل الاشكال؛وستظل الصفقة صفقة؛ لانها تقسم الاسلاب والغنائم ؛ دون ان تهتم بحل الاشكالات الحقيقية.
اننا نقول هنا؛ ان موقفنا يختلف تماما عن موقف قوي التجمع او حزب الامة؛ والتي تدافر وتعافر لكيما تجد لها طرفا من الكعكة؛ بينما نحننناضل من اجل هزيمة كامل النهج الذي ادي الي الازمة؛ والي مقاربة الحلول التي تزيل اسبابها؛ ولا توقف القتال فحسب؛ وانما تضمن عدم اندلاعه من جديد؛ وذلك بتفكيكالدولة السودانية واعادة بنائها من جديد؛ علي اسس مدنية وفيدرالية وبسيطة؛ وان توجه نحو الانتاج لا الاستهلاك؛ وان تطور الموارد والثروات بدلا من ان تهتم بتوزيعها؛ وان تشيع العلمانية السياسية والاجتماعية وروح التسامح والاندغام الاجتماعي والثقافي؛ لا ان تقوم علي تصعيد الاختلافات الثقافية والقومية وتقسيم الوطنوالمواطنين علي اساسها.
اننا كنا ولا زلنا ضد الحروب الاهلية في السودان؛ باعتبار انها التجسيد الابشع للازمة؛ومصدر الخراب الاساسي لكل الموارد - البسيطة- المتوفرة؛ وقبل كل شي تحمل الموت والتدمير للانسان ولكل ما هو انساني؛ وقد ظل يدفع ثمنها الباهظ المواطنين البسطاء؛ وينتقع منها لورادت الجرب والساسة الانتهازيين؛ ولا زلنا عند موقفنا منتايدد اي وقف لها؛مهما كانت حيثياته واسبابه والقائمين عليه.
الا ان ايقاف حرب ما اوعدة حروب؛ لا يعني تحقيق السلام باي حال من الاحوال؛ فتحقيق السلام الشامل لا يتم دون دون نزع كل فتيل للحرب؛ ناهيك عما اذا كان هذا الايقاف يحمل في احشائه نذر حروب جديدة؛ او يحرض علي حروب جديدة؛ او يشجع علي استمرار اخري قائمة؛ كما هوالحال مع الصفقة الحالية؛والتي ستؤدي لاطلاق مارد الحرب في دارفور وفي الشرق وجبال النوبة والجنوب والشمال نفسه؛ بما تحمله من اقصاء ومن انانية ومن سطحية وخطورة في الحلول؛ ولذلك لا يمكن لنا ان نسمي هذا العيث سلاما.
اننا نرفض تماما خلط المفاهعيم والمصطلحات؛ والذي يمارسه الكثيرون عن عمد اوعن جهل؛ حين يسمون الصفقة الحالية واتفاق تقسيم البلاد ومقدراتها ومواردها؛ بين من لا يملكون ولا يستحقون؛ بانه سلام؛ ولو ارتبط بوقف مؤقت لاطلاق النار ووقف العمليات القتالية في الجنوب؛ فالحرب عمليا في الجنوب متوقفة منذ عامان؛ ومستعرة في دارفور في نفس الوقت؛ التزاما بقاعدة النظام المجربة في عدم تشتيت القوي؛ و"سلام" لا يوقف سيل الدم المدرار الان في دارفور؛ لا يمكن الا ان يكون استهبالا وخديعة ودجلا وكذبا؛ و"سلام" لا يتقي خطر اندلاع القتال في الخرطوم او الشمالية او الشرق او جبال النوبة او كردفان؛ لا يزيد عن كونه ثوب وهمي يلبسه نظام عار؛ يعرض به وصف تصفيق الحاشية وصمت الجمهور المصدوم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
-15- لا نعلم ماذا تم من بعد؛ بعد ان صرخت الطفلة: الملك عريان.
كتب التاريخ لم تسجل لنا هذا؛ واهل الادب يهتموا بالنهايات المثيرة؛ اكثر من اهتمامهم بالتسلسل المنطقي للاشياء؛ ويتركوننا موزعين بين مختلف الاحتمالات.
نحن هنا نطرح احتمالا رئيسا؛ وهوان صرخة الطفلة قد اسقطت الاقنعة وكسرت صمت الزيف؛ فماذا تم بعدها يا تري: فهل هرول الملك مسرعا الي عربته ليختبئ؛ ام القي عليه البعض عبائة اومعطفا او سروالا؛ لكي يغطوا عريه المخجل؛ وهل عوقب المحتال الخياط؛ ام عوقب الملك المحتال؛ ام عوقبت الحاشية الكذابة؛ ام انتفض الشعب كله علي عصبة المحتالين بملكهم غير الميمون؟
هناك احتمال ثاني؛ يحمل ايضا الكثير من الاسئلة؛ وهو هل احدثت صرخة الطفلة اثرها؛ وايقظت الناس من سباتهم وسلبيتهم وعجزهم؛ ام انها عوملت كصرخة طفلة؛ لا يجب ان يستمع لها الكبار والعقلاء؛ وواصل الملك العرض الاستربتيزي وكأن شيئا لم يكن؛ وقمعت الطفلة من قبل ابيها وامها؛ وحاولت الحاشية والناس والجميع ان يقنعوا انفسهم؛ ان تلك الصرخة لم تكن ؟
لا نعرف شيئا من هذا ولا ذاك؛ ولا يهمنا الا نعرف؛ فنحن لا نبني المواقف علي الاساطير؛ وفي ملوك اليوم العراة وحاشيات الكذب والنفاق؛ ما يقدم لنا عشرات الامثلة كل لحظة؛ عن مسيرات الخداع ؛ وان كان الاطفال قد اصيبوا - لسبب ما - بالخرس؛ ولكننا نقول اننا لن ننتظر حتي تكشف الامر لنا براءة وصدق الاطفال؛ وان شعبنا لن يصمت امام المهزلة؛ وان الخياط والملك والحاشية عندنا مدانون؛ كلهم مدان بقدر ما كذب علينا واجرم وافسد.
لا سبيل لنا اذن ؛ غير ان نرفض خدعة اليوم الكبري؛ المسماة ب"السلام" في السودان؛ ولا سلام ولا يحزنون؛ وانما متاجرة باسم السلام؛ كما كانت بالامس متاجرة باسم الاسلام؛ وكما كانت متاجرة باسم الثورة ؛ وكما كانت متاجرة باسم السودان الجديد؛ الي آخر موال التجار واشباه الثوار.
سنظل في موقفنا من هذا النظام؛ ولن نعطيه شرعية لا يملكها؛ ولن نوافق علي خدعه الصغيرة او الكبيرة؛ ولن نقبل مناوراته ولا تحالفاته الجديدة ولا القديمة؛ ومن يذهب معه يصبح مثله عدوا لنا؛ نعرفهم من تاريخهم ومواقفهم؛ انهم اعداءالشعب واعداء السلام الحقيقي؛ ونعمل كل ما في وسعنا وما في غير وسعنا؛ لاقتلاعهم من حياتنا العامة؛ وارسالهم الي حيث موقعهم : موقع المحتالين الترزية والملوك المحتالين والمنافقين والمنتفعين والظلمة والقتلة والسفاحين؛ من كل شاكلة ولون.
عادل عبدالعاطي 10-12/1/2005
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
Quote: سنظل في موقفنا من هذا النظام؛ ولن نعطيه شرعية لا يملكها؛ ولن نوافق علي خدعه الصغيرة او الكبيرة؛ ولن نقبل مناوراته ولا تحالفاته الجديدة ولا القديمة؛ ومن يذهب معه يصبح مثله عدوا لنا؛ نعرفهم من تاريخهم ومواقفهم؛ |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
عزيزي العوض الطيب:
Quote:
Quote: ثم كان ان قطعت الصمت القاتل طفلة. |
حلاوايي للبنية الفنجرية.. أكان تسكت شويي.. وتخلي شهرزاد تحكي |
الف حلاوة لكل بنية فنجرية؛ والاطفال لا يعرفوا الكذب؛ حتي نعلمهم اياه.
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
العزيز خضر حسين خليل:
سلامي وتحياتي
Quote: ساعود حالما اقرؤك بتمعن اكثر بوست ثري واعدك بنقاش حول هذه الكتابه المتانيه لك الود والاحترام |
شكرا للكلمات الجميلة واتمني عودتك قريبا بمداخلاتك العميقة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
العزيز الجميل صديق رحمة النور:
سلام واشواق واحترام
Quote: في قراءة سريعة لهذا البوست ذو الكريزما المميزة يجدر بي فقط أن أسجل حضور لأعود حالما يتسنى لي قراءته بالطريقة التي أحب أن أعرف بها هذا التحليل العميق الذي يجب أن يأخذ حظه من التفكير ومقارنته بالماضي والحاضر والمستقبل وبعضٍ من افكار لم تتأتي بعد ..... أن لم أعد فأعرف أنني لم أهضم الدرس بعد ،،، لك شكري وتقديري على هذا التفحص الدقيق والتحريض على المعرفة والإستنارة ،،، |
حضورك كان بهيا وجميلا .. ايقن انك ستعود باقرب مما تعتقد؛ وكلنا نحاول ان نهضم الدروس من شعبنا البسيط والصادق؛
لك الود اجزله.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
العزيز زول واحد :
تحياتي العطرة
Quote: اتفق مع الاخ صديق رحمة فيما قال المقال يعتبر كتابا دسما لك التحية ولي عودة ان شاء الله |
دائما ما ابتهج بوجودك في كل بوست؛ شكرا لك علي الاطراء لهذا الجهد المتواضع؛ وانتظر عودتك الاكيدة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Marouf Sanad)
|
العزيزمعروف
تحياتي واشواقي الحارة ..
تعرف يا صديقي ان تسجيل موقف ضد كل هذا التيار؛ من الصعوبة بمكان؛ ومن الصعوبة ايضا الالتزام بهذا الموقف والمثابرة عليه ضد كل اشكال الترغيب والترهيب والجدل والدجل.
لك التحية والانحناءيا صديقي علي انكمن اصحاب المواقف؛ وقت يراد لنا ان نساق كالانعام للبصم علي الخديعة الكبري ..
اما اليد فلا هم لك؛ كان بها شد عضلي او تمزق عضلي؛ وحسب الطبيب فينبغي ان اتوقف عن الكتابة علي الكومبيوتر لمدة اسبوع؛ ولكني ببساطة لا استطيع؛ خصوصا في هذه الايام.
لك الود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
Quote: في احتيالها الابدي وكلبيتها السرمدية؛ |
تعرف يا عادل
ناس كثيرة كان ينقصها دخول مدارس الإحتيال الأبدي ونيل شهادات الكلبية السرمدية
تخيل مظهري خريج بلباس مدرسة الإحتيال الأبدي وأنا استلم شهادتي الكلبية السرمدية في ذلك الإحتفال الذي يشهده الجبابرة
وأعمامي يختالون فرحا ياسلام ود أخونا خلص القراية وبقى محتال كلبي
واحد منهم يقول ليهم ياعورة مش كده وبس ده أبدي سرمدي ويا حليلكم الوراكم الموت
كلامك بالحيل عديل والأبدية السرمدية مبروكة علينا بعد كدة لينا الله وعيشة السوق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: المسافر)
|
عزيزي المسافر
Quote: ناس كثيرة كان ينقصها دخول مدارس الإحتيال الأبدي ونيل شهادات الكلبية السرمدية |
معذرة علي هذه التعبيرات "القوية" ولكن ماذا نقول عمن يروا ثوبا هو في الوهم؛ ويصفقوا لخدعة كبري بين محتال صغير ومحتال كبير ..
حاشاك انت من مدارس وشهادات كهذه ؛ ودمت يا عزيزي ملتفحا بالحق مستصحبا ضميرك اينما حللت.
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
أخي عادل هذا التناول بالتحليل لمجمل التاريخ الحديث للسودان يحتاج مني لمزيد من الوقت وانت ببهاء تحرضني وغيري على التفكير. للكلام بقية. اتفق معك على الكثير مما طرحت واختلف مع بعضه. ليس هذا هو المهم... المهم هو قوة الصدق في طرحك وهو ما يسعدني. لك الود الدائم ولزوارك الكرام ودمت
------------- محمد عبد الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: alfazia3)
|
الصديق محمد عبدالله
شكرا لك علي المرور والقراءة رغم طول البوست نسبيا؛ وانا جد سعيد ان حرضت كلماتي المتواضعة علي التفكير..
ساظل انتظر عودتك لمزيدمن النقاش في "عضم" الموضوع.
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
الاعز عادل عبد العاطي سلامات إيجاز غير مخل لتاريخنا السياسي الحديث نتفق معك في كثير مما ذهبت اليه ونختلف بعض الشئ نأمل أن نعود قريبا بعد القراءة المتمعنة.
بشري الطيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: بشري الطيب)
|
العزيز بشري الطيب
تحياتي وتقديري واحترامي ..
لا بأس ان نختلف ونكون ثقافة الاختلاف؛ فالانسان مرات لا يكاد يتفق في كل شي حتي مع اقرب الاقربين من رفاق واصدقاء واهل؛ واتمني ان يكون اتفاقنا حول المصيري والاستراتيجي فيما يتعلق بالوطن والمواطن؛ وهو الهدف الاساس.
لك الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
نحو مشروع السلام (الحقيقي) في السودان تغيير حكم الانقاذ الحالي أهم ضمانات السلام عـرمـان محمد احمد
برغم الزخم الاعلامي الكثيف، والاهتمام الذي تبديه بعض الدوائر الاجنبية، بمشروع السلام السوداني، القائم علي برتكول مشاكوس لايزال (السلام الحقيقي) هو التحدي، والغاية التي تنتظر التحقيق، علي أرض الواقع في السودان. والاتفاق علي وقف اطلاق النار الاخير، هو بلاشك قصاري ما تملكه الحكومة \"الجهادية\" و حملة السلاح من قادة الحركة الشعبية، وما عدا ذلك فليس للحكومة والحركة شرعية \"ديمقراطية\" تسوغ لهما التقرير بشأنه، نيابة عن الشعب السوداني!!
ثم ان عملية \"السلام الحقيقي\" تقتضي تسريح جيش حكومة \"الجبهة الاسلامية\" المسيس ومليشياتها، و كذلك جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان، الذي جري تنظيمه علي أسس قبلية، والعمل علي بناء جيش جديد للسودان الموحد الجديد علي أسس جديدة، تنأي به عن الصراعات السياسية، والقبلية والجهوية. وأول هذه الاسس الجديدة، هو ان مسئولية الدفاع عن السودان ووحدة ترابه، تقع علي عاتق الشعب السوداني بأكمله، وهذا ما سنعود للتفصيل بشأنه، في وقت لاحق.
في مقالي بعنوان "نعم للسلام الحقيقي في السودان.. لا لمشاكوس والسلام المزيف والاطماع والمبادرات الاجنبية" جاء مايلي : \"الشعب السوداني عرف بأنه شعب مسالم ومتسامح ومحب السلام.. و يتوق السودانيون الان الي وقف الحرب الاهلية الطويلة التي أهلكت الحرث والنسل، والي احلال السلام علي ربوع السودان .. ورغم بشاعة الحروب الاهلية، يحدثنا التاريخ عن ان بعضها قد أحدث تحولات جذرية في مسار المجتمعات التي شهدتها.. فالحرب الاهلية الامريكية مثلا تمخض السلام الذي اعقبها عن تقوية وصيانة وحدة ولايات الاتحاد الفيدرالي الامريكي، حتي غدت أمريكا الدولة النموذج للتعدد العرقي والثقافي المنصهر في بوتقة الوحدة الوطنية، و المتجرد عن أوهام الهوية.. ولقد اقدم الرئيس الامريكي آنذاك أبرهام لنكولن علي خوض الحرب الاهلية عندما انفصلت ولاية ثاوث كارولاينا وتبعتها ست ولايات جنوبية اخري هي مسيسبي والباما و فلوريدا وجورجيا و لويزيانا وتكساس وكونت الاتحاد الكونفيدرالي للولايات الامريكية في عام1861 وهددت ولايات فرجينيا واركنساس وتنسي ونورث كارولاينا باللحاق بركب الانفصال، و بطبيعة الحال لم يكن الهدف من اقدام إدارة لنكلون والكونجرس آنذاك علي الحرب هو تحرير الرقيق، وانما كانت الحرب دفاعاً عن اتحاد الولايات الامريكية الفيدرالي الذي تأسس و! فق دستور1789 و قد اقتبس ابرهام لنكولن من الكتاب المقدس عبارة \"البيت المنقسم لا يقوم\" واعلن عن تصميمه القاطع لحماية الاتحاد من التفكك، و اثبتت الايام انه قد كان محقاً كل الحق.. ولو ان ابرهام لنكولن تقاعس عن واجبه وسمح بتصدع الاتحاد، لما قامت للولايات المتحدة قائمة ، ولما كان لها شأن يذكر خارج حدودها القائمة وراء الاطلنطي، دع عنك ان تتولي قيادة العالم المتحضرفي وقتنا الحاضر. \" .
واذا كانت التجربة التاريخية للحرب الاهلية الامريكية، في القرن التاسع عشر، قد تمخض عنها تعزيز الوحدة الوطنية، بين ولا يات الاتحاد الفيدرالي الامريكي، فيرجي لتجربة الحرب الاهلية الطويلة في السودان، ان لا تؤدي الي تقسيم البلاد في مطلع الالفية الجديدة الي دويلات، يعود بها السودان القهقري الي عهود السلطنة الزرقاء و مملكة الفور والمسبعات!! ان السودان ينتظر بعد تجارب الحرب الاهلية المحزنة و المريرة، ترسيخ دعائم السلام والديمقراطية والعدالة الحرية، ومن ثم \"الوحدة الطوعية\" لاقاليم الوطن الواحد.
بين السلام "الحقيقي" والمزيف
لقد بات من المهم للغاية التمييز بين السلام \"الحقيقي\" الذي ينشده شعب السودان، وشعارات السلام المزيف، التي تعني بخدمة مصالح غير مشروعة، وتسعي لتمرير أجندة خاصة، تتعارض مع مصالح الشعب السوداني، صاحب الحق الاول والاخير. ومن المؤكد ان أي مشروع سلام لا يعبأ بالشعب السوداني، في الحاضر والمستقبل، ولايستفتي فيه أهل السودان بأجمعهم، بالوسائل الديمقراطية الصحيحة، لا يمكن أعتباره مشروع\" سلام حقيقي!!
وما نراه الان هو ان اطراف المفاوضات الحالية، قد عمدوا منذ البداية علي فرض أجندتهم، التي هي ليست بالضرورة أجندة الشعب السوداني، في مفاوضت السلام الجارية حالياً، بل قامت الحكومة الغير ديمقراطية، الحالية، بتجاهل و عزل وتغيب الشعب السوداني، كما أحيطت المفاوضات بالكثير من الغموض، واكتنفتها السرية، وكأن السلام مؤامرة تدبر بليل!!
واذا غيب الشعب السوداني، فيما سمي بـ\"مفاوضات السلام السودانية\" الاخيرة، وجري تهميش دوره، فمن يرعي حقوق أهل السودان ومصالحهم المشروعة ؟ الاجابة هي ان الشعب السوداني وحده، هو المسئول عن الدفاع عن حقوقه، و رعاية مصالحه الحيوية، والوصول الي غاياته الكبري، في الحرية والعدالة و السلام والوحدة. و سوف يرفض الشعب السوداني بطبيعة الحال، ويراجع أي اتفاق مصيري يضر بمصالحه و يوقع في غيابه، بواسطة أي جهة لا تملك شرعية تمثيله والفصل في قضاياه المصيرية، كما هو حال حكومة \"الانقاذ الوطني\" الحالية.
ان اي اتفاق سلام فوقي يتم بمعزل عن الشعب السوداني وفي غيابه، هو اتفاق مكتوب عليه الفشل، و عرضة للنقض في اي وقت، ونقض العهود امر معهود في الاتفاقيات العجلي، والمشوبة بالاغراض، التي ابرمت من قبل، بين ساسة الشمال والجنوب، وآخرها اتفاقية السلام من الداخل!! ام يظن البعض، أن السلام هذه هذه المرة ستحرسه قوي أجنبية ؟
السلام في السودان لن تحرسه "قوي أجنبية" !!
يجري الان البحث في أمكانية ارسال قوات دولية الي جنوب السودان، وقد صرح الامين العام للامم المتحدة، بضرورة حظر السلاح علي حكومة السودان.. و قد جاء في مقالي بعنوان \"نعم للسلام الحقيقي في السودان.. لا لمشاكوس والسلام المزيف والاطماع والمبادرات الاجنبية\" مايلي:
\"وهكذا صار البترول مصدر معاناة للمواطن السوداني بدلا عن ان يكون نعمة.. ولقد ابدي مبعوث ادارة بوش الابن،المولعة بالبترول واستخدام القوة،القس اليميني\" دانفورث\" اهتماما خاصاً بموضوع الثروة البترولية السودانية وكيفية تقسيمها اكثر من اهتمامه بقضية السلام التي بعث من اجلها حسبما هو معلن، وزارت السودان وفود أمريكية تمثل ما يسمي بمراكز الدرسات السياسية والاستراتيجية لذات الغرض، كما تشير بعض المصادر الي ان من بين أجندة مشاكوس (الخفية) موافقة الحكومة الاسلامية الجهادية الحالية علي إقامة قواعد عسكرية أمريكية في السودان، وربما تنشاء تلك القواعد تحت غطاء المراقبة الدولية لتنفيذ الاتفاقية.. وقد ظلت الانباء تطالعنا من وقت لاخر بتهديدات أمريكية للحكومة السودانية الجهادية الخائفة، لاكمال السير في طريق مشاكوس، وهو طريق لن يؤدي في رأينا الا الي انفراط عقد الوحدة الوطنية، وزعزعة الامن والاستقرار والسلام في السودان، و تفجير الصراعات الاقليمية و الاثنية من جديد في هذا الجزء من افريقيا الاستوائية!! \" وموضوع القوات الاجنبية المقترح ارسالها لجنوب السودان،وتصريحات الامين العام للامم المتحدة، بشأن! حظر السلاح علي حكومة السودان، يحتاج بطبيعة الحال لبحث منفرد.
لقد أكدت شواهد الحال الان في افغانستان والعراق، ان التدخل الاجنبي، القائم علي خدمة المصالح الاقتصادية والجيواستراتيجية لبعض القوي الكبري، لا يحقق بالضرورة الاستقرار او السلام والرخاء المنشود للشعوب، بل انه قد يضا عف ويفاقم معاناتها، وربما يؤدي الي المزيد من أهراق الدماء والدموع، بصورة لا تخطر علي بال الحالمين بجنات السلام، والمنتظرين للخلاص علي ايدي قوي قادمة من خارج الحدود.
وفي خضم المصالح المتضاربة في عملية السلام الحالية، من البديهي القول بان أي قوي أجنبية، لا يمكن ان تحرس وتضمن عملية السلام في السودان، وانما علي عاتق أهل السودان وحدهم، تقع مسئولية تحقيق وحماية ورعاية السلام الحقيقي.
ان السلام هو الهدف الاستراتيجي، والقضية المحورية في السودان اليوم. بيد انه لا يمكن الاكتفاء بالتفاؤلات والاماني الكسولة والنوايا الحسنة، في مواجهة قضايا الشعوب المصيرية. ومعلوم ان الطريق الي النار محفوف بالنوايا الحسنة، و حسن النية وحده لا يكفي لحفظ حقوق الشعوب، و تحقيق مصالحها الحيوية، والاستراتيجية. ومن هنا يجب تقويم سيناريوهات سلام مشاكوس و نيفاشا ، و تناولها بعلمية، وبحثها من كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجيوستراتيجية، والاثار المترتبة عليها، في المدي المنظور والبعيد. وهو امر يقتضي كشف ورفض، كل ما من شانه المساس بالمصالح العليا للسودان، وكرامة شعبه وحريات وحقوق مواطنيه، وأمنه واستقراره، وأستقلاله وسلامة أراضيه.
أبعاد ثورات الشعب السوداني في أكتوبر ومارس ابريل
لـقد برهنت ثورات الشعب السوداني في اكتوبر 1964 ومارس ابريل 1985، علي قدرة هذا الشعب الهائلة، علي أخذ وأنتزاع حقوقه والدفاع عن حرياته وحقوقه، ووحدة ترابه الوطنية. وقد ورد في مقالي \" السودان والانتفاضة الشعبية\":
\"ارست الانفاضة الشعبية في السودان بعض المفاهيم الجديدة في علم الثورة والتغير الاجتماعي، من هذه المفاهيم الجديدة مفهوم\" قوة الاجماع الشعبي\" في مقابل المفهوم القديم للقوة\" القوة المسلحة\". فقد أثبتت ثورة أكتوبر 1964 التي كررها الشعب السوداني في مارس أبريل 1985، ان نظام الحكم يسقط مهما بلغ من القوة العسكرية عندما يصل الرفض الشعبي له مرحلة العصيان المدني. والعصيان المدني يعني خرق القوانين السارية في الدولة جماعياً وبالوسائل السلمية. بيد ان العصيان المدني يجد سنده احيانا في القانون الدولي المعاصر، حيث لا يجوز لاي شخص تنفيذ أية تعليمات او أوامر صادرة عن كائن من يكون، إذا كان تنفيذها من شأنه ان يؤدي الي ارتكاب جرائم ضد الانسانية او انتهاك لحقوق الانسان، وهي من الجرائم التي لا يجوز العفو عنها ولا تسقط بالتقادم.
و\"الاضراب السياسي العام\" هو اعلي مراحل العصيان المدني، وفي مرحلة \"الاضراب السياسي العام\" تتعطل آليات وأجهزة الحكم في الدولة بصورة شاملة، ولا يمكن بعد ذلك لنظام الحكم ان يستمر معلقاً في الهواء، فيسقط من ثم وينهار، كما حدث في السودان إبان ثورة أكتوبر وانتفاضة مارس ابريل 1985. والجدير بالملاحظة في ثورات الشعب السوداني هو ان قواعد الجيش والشرطة تشارك في تنفيذ \"الاضراب السياسي العام\" بدون ان تكون لديها تنظيمات نقابية بالمعني المألوف، حيث تقوم الرتب الصغري والوسطي بالضغط علي القيادات العليا، بل وتتمرد عليها وتجبرها علي الانحياز الي جانب الشعب. وهذا يؤكد حقيقة هامة كثيراً ما غابت عن أذهان البعض وهي ان \"الاضراب السياسي العام\" لا يحتاج لقيادات نقابية، كما هي الحال في الاضراب المطلبي العادي الذي تقوم فيه القيادة النقابية بالتفاوض مع المخدم نيابة عن فئات بعينها، ويرفع الاضراب عادة عندما يتم التوصل الي اتفاق مع الخدم حول مطالب العاملين. اما الاضراب السياسي العام فينبع أساسا من الشعور العام بالظلم الذي ينتظم كل القطاعات والفئات، ويعم جميع أوساط الشعب نتيجة لسوء وفساد أداة الحكم..! فيتفجر الغضب الشعبي في انتفاضة شعبية تطيح بالنظام الحاكم في وضح النهار. والحق ان الشعب السوداني يتجاوز كل قياداته ويفاجئها هي نفسها بالانتفاضة قبل ان يفاجئ العالم. بيد انه وعقب كل انتفاضة شعبية في السودان يظهر من يسمونهم (قيادات السـاعة 11 ) وهي قيادات تركب موجة الانتفاضة الشعبية في اللحظات الاخيرة، ولكنها لا تتورع من ان تنسب لنفسها كل إنجاز الشعب الفريد بعد نجاح التغيير!!
ويمكن بلورة أسباب تجدد الانتفاضة الشعبية في السودان علي النحو التالي:
إهدار الديكتاتوريات العسكرية والمدنية للحريات والحقوق الاساسية للانسان السوداني.
عجز الديكتاتوريات العسكرية والمدنية عن حماية الوحدة الوطنية و تحقيق السلام في جنوب البلاد.
الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الناجم عن حكم الديكتاتوريات العسكرية والمدنية. وستظل جذوة الانتفاضة الشعبية في السودان مشتعلة، الي ان تتحقق تطلعات الشعب السوداني العملاق، في الحياة الكريمة و الحرية، والديمقراطية الحقيقة والعدالة واحترام حقوق الانسان.\".
آن لاهل "الجبهة بشقيها" ان يحملوا حبالهم وعصيهم ويرحلوا
برغم كل التنازلات المخزية، التي قدمتها جماعة \"الجبهة الاسلامية\" الحاكمة الان في السودان للحكومة الامريكية، التي وضعت سودان \" الانقاذ\" في قائمة دول الارهاب الدولي، ومارست عليه كل أنواع الحصار السياسي والدبلوماسي و الاقتصادي، يمكن وصف حال العلاقة بين حكم \"الجبهة الاسلامية\" والولايات المتحدة الان بالحال الجهنمية، فكلما قدمت جماعة \"الجبهة الاسلامية\" الخائفة تنازلات جديدة للولايات المتحدة، قالت لهم امريكا: هل من مزيد؟! وقد عبر \"كولن باول\" وزير الخارجية الامريكي، عند آخر لقاء له مع وزير الخارجية السوداني، عن تلك الحال \" الجهنمية\" بقوله \"نريد المزيد\" من التنازلات!! كما وجه \"كولن باول\" في لقائه الاخيرة بالمتفاوضين من اهل \"الجبهة الاسلامية\" والحركة الشعبية، بالحضور الي واشنطن للاحتفال بمراسيم انتهاء \"الحرب الأهلية\"او انتهاء \" الجهاد\" في جنوب السودان، و توقيع الاتفاق النهائي امام الرئيس \"جورج دبليو بوش\" الذي قرر الان- بعد كل تنازلات أهل \"الجبهة الاسلامية الجهادية\" لامريكا- استمرار سريان العقوبات علي السودان، التي كان من المفترض ان ينتهي أجلها في 3 نوفمير 2003 لمدة عام آخر!!
وهكذا فشل \"المشروع الحضاري\" لنظام \"الانقاذ\" وانتهي بركوع أهل \"الجبهة الاسلامية\" وسجودهم للأمريكان، فهل تنمحي من ذاكرة الشعب السوداني، سطور أناشيدهم وقصائدهم، التي ظلوا يزعجون بها اهل السودان ردحاً من الزمن، مثل قصيدة \"الطاغية الامريكان\"؟ حيث يرد قول حاديهم:
الطاغية الامريكان ليكم تسلحنا
ياطاغية الاسلام عاد الله اكبر للجهاد
لن نذل ولن نهان ولن نطيع الامريكان
وهي من القصائد التي كانت تؤدي بأيقاعات تشبه موسيقي الجيرك، ويرقص علي انغامها السيد عمر البشير واخوانه من قادة نظام \"الجبهة الاسلامية\" بعصيهم الابنوسية!!
آن الاوان لاهل\"ّالجبهة الاسلامية\"ّّ بشقيها الحاكم، والذي اخرج من الحكم، ان يحملوا حبالهم وعصيهم، ويرحلوا الان عن الحياة السياسة السودانية، بعد أزهاقهم لملايين الاراوح من ابناء الشعب السوداني، في الشمال والجنوب، وأقامتهم للاعراس الهستيرية لـ\"لشهداء\" الذين زوجوهم بالاف من \"بنات الحور\" في السماوات، بينما تزوجوا هم من نساء المتزوجين من \"الشهداء\" مثني وثلاث ورباع، في هذه الحياة الدنيا!!
أن حكم \"الجبهة الاسلامية\" المستند علي فكرها المتخلف، لم يكن في يوم من الايام ديمقراطيا،ً ولن يكون. فلقد أهدار هؤلاء الحريات والحقوق الاساسية للانسان السوداني، طيلة سنوات حكمهم العجاف، اما الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل الحكم الحالي، فحدث عنه ولا حرج.
حكم الجبهة الحالي، انماهو اذن التجسيد الحي لمشكلة البلاد، والتعبير الواقعي الواضح عن أزمة السودان في أعلي تجلياتها، ولا ينبغي والحال هذه التعويل علي نظام كهذا، في تحقيق السلام \"الحقيقي\". . ولا يمكن لذي عقل، ان يجني من الشوك العنب.كما ان منطق الاشياء يقول، في خضم الصراعات و النزاعات الاثنية والجهوية، التي ظهرت بعد توقيع برتوكول مشاكوس، بأنه لا يرجي من نظام تحكمه جماعة كهذه، تحقيق \"السلام الحقيقي\" وحماية الوحدة الوطنية في السودان!!
ومن هذا المنطلق تجئ أهمية وضرورة العمل الجاد منذ اليوم، علي إرساء دعائم السلام \" الحقيقي\" في السودان، بتغيير وإزاحة حكم \" الجبهة الاسلامية\" القائم اليوم، بكافة شخوصه ورموزه ومؤسساته وقوانينه وأفكاره، مع محاكمة قيادات \"الجبهة الاسلامية\"بشقيها الحاكم والمعارض، من الذين جنوا علي السودان وأهله، بتدبيرهم للانقلاب العسكري في 30يونيو 1989، علي كل ما ارتكبوه من جرائم في حق السودان وشعبه، وفي مقدمة تلك الجرائم بالطبع، جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان، وهي جرائم لا تملك أي قوة علي وجه الارض الحق في إعفائهم منها. و تلك المحاكمات، ستكون بلاشك من ضمن أهم الضمانات، اللازمة للسلام\" الحقيقي\" والديمقراطية والحرية والعدالة، في حاضر ومستقبل السودان.
\"ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب، وان الله لا يهدي كيد الخائنين\"-صدق الله العظيم
عرمان محمد احمد
أكتوبر2003
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
يقدم لنا هذا البوست -ذو النكهة الخاصة- مجموعة من الإجتهادات الخاصة بتحليل موضوعات تتعلق بالحياة والتدفق المستمر في منطقة السياسة السودانية التي تحتوي على فضاءات مفعمة بالاجواء والدلالات العميقة .... ويعد - في وجهة نظري المتواضعة - محاولة هادفة ثبحث عن طرق أخرى للأنثربولوجيا غير الإكاديمية الصارمة التي تقتضيها منهجية البحث عند التطرق لمثل هذا المواضيع أذا يعتمد الأخ عادل على تقديم المعلومة التاريخية مستنداً على مفهوم التداعي التاريخي ومالآت الواقع المرير أن لم أكن مخطئاً في تقييمي ، سلطة النص التي يبسطها الكاتب يفتح أفقاً واسعاً لدخول الأفكار في فضاء جدلي متشابك ... ويعدل عن مسميات كثيرة كانت ترزح في ركن التسليم بالشي ، لتقترب بمسافة أكثر عن تفكير الجيل الحالي الذي لا يدين معظمه الى الشكل التقليدي للحزبية السودانية وممارسة السياسة بالصورة التي كانت عليها في الماضي ... وعلى الرغم من الجدل الطويل والتنازع النفسي الذي يخالط معظم من يقرأ هذا البوست الى أن هذا الجهد التحليلي الذي أنتهجه الأخ عادل يدل على إنشغاله بقضية الوطن بالصورة التي تؤهله بأن يقدم بديلاً مقبولاً الى درجةٍ ما ... وهذا ما أعتقد بأن على الأخ عادل إنزاله في الجزء رقم -16- حسب تسلسل سيناريو الخدعة الكبري ،،، فتسجيل موقف مضاد - كما أشار عادل في أحدى مداخلاته - من الصعوبة بمكان وايضاً الإلتزام بهذا الموقف والمثابرة عليه ومقاومة كل أشكال الترغيب والترهيب والجدل والدجل الذي نعيشه ، فتسجيل موقف مضاد من الحركات السياسية وإستراتيجياتها والمثابرة عليه ليس كافياً لإستحداث حلول تلقائية لكل المعضلات والمتناقضات والبيرواقراطية التي تعاني منها معظم الأحزاب ... أذ أن البحث عن إستراتيجية ورؤى متكاملة وبرنامج شامل كامل وتنزيله لأرض الواقع هو من ضروريات المرحلة لتلافي النقص والتناقض والتداعي الناجم عن مسلسل الخدعة الكبري - كم أشار الأخ عادل - وإلا فأننا نسير في إتجاه تمديد هذه الخدعة لإجيال قادمة ، وتظل المحاولات لتقديم رأي جديد خارج هذا الاطر دخولاً في أدب ( المقارنة والمثاقفة والتعالق النصي ) الذي يعرف في علم التناص الادبي بأنه تعالق أي - الدخول في علاقة مع الواقع المعاش لإستنساخه بصورة جديدة تماما كما يفعل الشعراء عند ممارسة التناص بالسرقة الشعرية أو الأستشهاد بأبيات ماضية لواقع جديد ... الأسطوة التي أبتدعها الأخ عادل هي واقع معاش وتثبت تشبث الإنسان بكل طمعه وحبه الغريزي للبقاء والحياة ، فالسياسة غابة تستوجب تشبثاً فطرياً بالسلطة والكرسي للبقاء والتناسل وحفظ الحزب من الإنقراض ، كما أن هذه الأسطورة تمرر وهم ذاكرة الخلود السياسي رغم تلاشي ذلك أمام حقيقة التغيير الحتمية (الموت) السياسي أو الجسدي للأحزاب. ولكن الخطابات السياسية للأحزاب لا تعبرعن هزيمتها وتعطي أحساساً عالي بالذات وتمييزها وتفردها وزهوها مهما تأرجحت موقع حزبها وعدم قدرته على مسايرة الأوضاع وعجزة عن إفراز برنامج يحتوي الازمات وتشعرك دائما بالأمل في وجود حياة وسط جو تسيطر عليه وحشة الموت ... الوضوح والصدق والقوة في ربط الفكرة وتسلسلها التي ميزت هذا البوست وغذته بقوة دفع تدخل القلوب بقوة رغم التحفظات الصغيرة في بعض المقاطع تجعل من هذا البوست مدخلاً لكتاب لا يمكن ان يتخطاه تاريخ السودان السياسي الحديث باي حال من الاحوال ، فلك كامل الود أخ عادل على هذا الجهد المقدر وارجو تكملة جهدك بإنزال المداخلة رقم 16 التي تحوي الحلول والتوصيات والبرنامج المصغر للمرحلة الحالية والمرحلة والقادمة وأن كان قد تعرض لجزء من مقاطعها مقال الاخ عرمان ... وأرجو عدم التردد في طباعة هذا الجهد بين دفتي كتاب لعله يكون هادئاً لمن ينشد الحقيقة أو جزء من الحقيقة ومن مصادر محايدة أو غير ملوثة بتجارب الحكومات ذات يوم ...
هذا ولك حب وتقدير واسف على الإطالة ... ومازال للحديث بقية تقتضي تناول سيناريوهات جدلية المركز الثلاثة ل د. أبكر وتلك السيناريوهات التي أضفتها عليها ... ولكن لكل حدثٍ حديث فيما سياتي من أيام ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Sidig Rahama Elnour)
|
العزيز صديق ..
لو لم يكن لهذا البوست من فائدة؛ غير التحريض علي المساهمة المفصلة اعلاه؛ لكفاه ذلك هدفا ولعاوض زمن وجهد والم كتابته.
مقاربتك للنص اعلاه؛ لا اعتقد انها تعليق عادي؛ بل انها نص موازي؛ حرك واثار ما اسقطه النص اعلاه؛ وهو قضية: وماذا بعد وما العمل وما البديل؛ وهي قضية شائكة؛ لفتّ انت النظر اليها بحكمة كبيرة؛ حين قلت:
وهذا ما أعتقد بأن على الأخ عادل إنزاله في الجزء رقم -16- حسب تسلسل سيناريو الخدعة الكبري ،،، فتسجيل موقف مضاد - كما أشار عادل في أحدى مداخلاته - من الصعوبة بمكان وايضاً الإلتزام بهذا الموقف والمثابرة عليه ومقاومة كل أشكال الترغيب والترهيب والجدل والدجل الذي نعيشه ، فتسجيل موقف مضاد من الحركات السياسية وإستراتيجياتها والمثابرة عليه ليس كافياً لإستحداث حلول تلقائية لكل المعضلات والمتناقضات والبيرواقراطية التي تعاني منها معظم الأحزاب ... أذ أن البحث عن إستراتيجية ورؤى متكاملة وبرنامج شامل كامل وتنزيله لأرض الواقع هو من ضروريات المرحلة لتلافي النقص والتناقض والتداعي الناجم عن مسلسل الخدعة الكبري - كم أشار الأخ عادل - وإلا فأننا نسير في إتجاه تمديد هذه الخدعة لإجيال قادمة ،
اعتقد ان بناء هذه الاستراتيجية والرؤي والبرنامج الشامل؛ امر يفوق قدرة اي شخص منفرد؛ وهو ينبغي ان يكون جهد مؤسسات متعددة؛ ومن بينها مؤسسات الاحزاب الجديدة وخزانات الافكار والمثقفين المهمومين بقضايا الوطن والعلماءالمتخصصين في مجالاتهم؛ وان كانت الصياغة النهائية لها لا بد تاتي من مؤسسة واحدة ذات اعتبار - حزب سياسي ؛ مؤسسة فكرية ذات وزن؛ مفكر كبير ذو خبرة ودربة - الخ الخ ؛ ولكن هذا لا ينبغي ان يكون مبررا للتهرب من المسؤوليةى؛ والاكتفاء بكسل النقد وسهولته والهدم؛ دون بناءالجديد.
لقد تحدثت من قبل عن صعوبة قيام فرد او مجموعة او جيل بمهمتين متناقضتينفي آن واحد: الهدم والبناء؛ لان كلاهما تحتاجان الي طبيعة مختلفة وادوات مختلفة؛ وقلت ان ازمتنا - نحن رافضي القديم والباحثين عن البديل - اننا في زمن قياسي مطالبين بان نقوم بالمهمتين معا؛ اي هدم القديم وبناء الجديد؛ وهولعمري امر صعب ان لم يكن مستحيلا؛ وقد ذكرت ما قاله لي الاستاذ الجودة قادم؛ انه من معضلة الحزب الليبرالي انه مطالب بمهمتين ثقيلتين: التاسيس النظري والبرامجي بما يحتاجه من روي وتدبر؛ والانخراط الفاعل في معمعة النضال السياسي بما يقتضيه ذلك من سرعة في البت ووضع كل الكوادر في صف النضال اليومي الاول؛ وهي كوادر شحيحةى وتعد علي اصابع اليدين اواكثر قليلا.
مع ذلك فاننا نلتزم بمحاولة اجتراح هذه المهام؛ سواء علي صعيد المؤسسة - الحزب الليبرالي السوداني - ؛ او علي صعيد الافراد - فيما يتعلق بشخصي الضعيف تحديدا؛ حيث لا يمكنني الحديث باسم الاخرين؛ وقد خطي الحزب خطوات جادة بصياغة برنامجه السياسي العام وتقديم تخليليه للازمة للسياسية السودانية وسبل الخروح منها؛ وان كان لا يزال مطالبا بالتدقيق والتفصيل النظري والبرامجي لما يطرح؛ زمده الي افاق جديدة بما يتيح شمولية الطرح لمختلف عقديات الازمة ومالاتها.
http://www.liberalsudan.org/
سوف اقوم من جانبي بكتابة الجزء 16 من هذا المقال؛ والذي ربما يكون طويلا ولذلك سانزله بشكل منفصل وبعنوان جديد؛ وساقومبتجميع المقال المتواضع اعلاه؛ ومقالات اخري متشابهة؛ واعادة تحريرها ونشرها في كتاب - او مجموعة كتيبات- ؛ وان كنت اظن ان وقت اسهامي الحقيقي لم يأت بعد؛ وانني لم اصل الي النضج السياسي والفكري والتوازن الروحي الذي يتيح لي ان ادخل المجال العام من بوابة طرح البدائل والتبشير بها؛ لكن لا بد مما ليس منه بد.
اما مقال دكتور ابكر وسيناريوهاته والتي تفضل كريما بتجديد رايه فيها مؤخرا؛ وقراءاتي لها فهي تحتاج الي اخصاب وتفاعل؛ اتمني ان ارجع له هنا او في مقام اخر ..
ولك الود المقيم.
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
يقول الاستاذ عادل
Quote: لا يزال بنا الحال منذ ان كانت بلادنا الحديثة؛ ان تربص بنا ملوك محتالون؛ وحاشية مرائية؛ وعلماء كذبة؛ ورواد ما فتئوا يكذبوا اهلهم؛ وحواة ومهرجين يتبعون كل كاذب وزنيم؛ ومتخصصين في التزوير والتدليس؛ ومهرة حذقة في الاحتيال والتدجيل؛ يريدوا ان يخدعوا الناس وهم لا يخدعوا الا انفسهم؛ لان الحق يظهر ولو بعد حين؛ وساعة الباطل ساعة؛ وساعة الحق الي قيام الساعة.
|
ويقولQuote: كانت اول خدعاتنا هي سيطرة السامريين علي حياتنا العامة؛ ممن مزقوا الوطن علي اساس الانتماء الطائفي والديني؛ وجعلوا من الدين واسم السلف العظيم؛ مطية للمال والكرسي؛ يبغوه لا لخير يعم الجميع؛وانما لمصلحة ترجع للذات والاسرة والاقربين؛
|
ويضيف
Quote: مثقفين مهترئين باعوا امانة الكلمة وشرف القلم وقيمة العلم بثمن بخس دراهم معدودات؛ وببهرج من سلطة زائلة جلسوا عليها يوما او بعض يوم.
|
ثم
Quote: ومن راس الرمح الجديد في "ثورة" قوي الظلام والتاخر والتسلط: تنظيم الاخوان المسلمين بقيادة ساحرهم الجديد رجل التقليد والتجديد المزعوم؛ واللاعب بالبيضة والحجر وممن سيكون له اسؤا الاثر في مستقبل السودان السياسي؛ حسن عبدالله الترابي.
|
ثمQuote:
الي معسكر الايدلوجيين اليساريين من كل شاكلة ولون؛ والذين كانت تعشعش بينهم النماذج الانتهازية جنبا الي جنب مع التماذج الثورية الحقة؛ وهوالمعسكر الذي في المحصلة؛بانتهازييه ومبدئييه؛ قد طور علاقات للتسلط والدكتاتورية قوية؛ جعلت له دور الاسد في الانتكاس بما تبقي من روح اكتوبر؛ عندما خططت ونفذت وايدت شرائح مختلفة منه؛ انقلاب الشؤم في 25 مايو 1969 الاسود
|
و
Quote: مايوالخدعة الصغري؛ والتي ظننا انه بعدها لا خدعة ولا خداع؛ |
وهي:
Quote: اتت متلفحة ثوب اليسار رافعة شعارات محاربة الرجعية والاشتراكية؛ لتخفي من تحتها طابعها الشمولي الجامح ونزوعها الاسنهلاكي الكاسح وجوهرها الاقصائي المتمكن فيها من لحظة الولادة والي لحظة الممات؛ وعندما اختلف الانتهازيون مع المتحجرون من قبائل اليسار؛ لعلع الرصاص وقامت المذابح واتجهت مايو يمينا لتتحدث عن الوحدة الوطنية والتنمية وتوقع خدعة صغيرة من خدعها فيما سمي باتفاقية اديس اببا والتي اسماها المايويون بالوحدة الوطنية ولا كانت وحدة ولا وطنية؛ حتي مزق رئيس النظام الورق الذي خطه بيده؛ مثبتا ان نخبة السودان وحكامه لا يفوقهاانسان في الحنث بالعهود والهرب من الالتزامات؛ ومن بينها التي فرضوها علي انفسيهم او قالوا انها من المنجزات.
|
وبالتنيجة:
Quote: لم تكن "الانقاذ" صاعقة اتت الينا من سماء صافية؛
|
لان :
Quote: مجري كل تطور الدولةالسودانية الحديثة الانحداري؛ كان يقود بحيثياته كلها؛ الي ان يمسك الفاشست السلطة؛ عندما تفشل كل الطرق السلمية والديمقراطية ؛ لجر الناس للاستسلام للقسمة الضيزي؛ الممارسة في حكم وادارة السودان واهل السودان.
|
وبالنتيجة:
Quote: لم تأت الانقاذ بجديد اذن؛ سوى انها ذهبت بكل ما هو سلبي واناني واقصائي في حياتنا العامة؛ الي حدوده القصوي؛ وشكلت التعبير المتطرف لازمة النخبة السودانية؛ والتي وضعت اسس ايدولوجيتها في نشيد مؤتمر الخريجين الاول؛ والذي يقول: "امة اصلها للعرب دينها خير دين يحب"؛ او قبلها في حديث سليمان كشه في العشرينات عن الشعب العربي الكريم؛ فهل فعلت الانقاذ اكثر من ان اسفرت بالمضمر والمسكوت عنه؛ وحاولت تنفيذ كل البرنامج الفاشل الذي سارت عليه بلادنا منذ الاستقلال؛ والذي كان يقودنا من ازمة الي اخرى؛ حتي اوصلنا لام الهزائم: حكم الانقاذ.
|
Quote: لم تات الانقاذ بما لم تأت به الاوائل؛ وانما طبقت بانتظام ومثابرة؛ ماظل يمارس بعشوائية ومدافرة منذ الخمسينتات والستينات؛ من قبل اعضاء النادي النخبوي الحاكم؛ من عسكريين ومدنيين؛ طائفيين ومتمردين علي الطائفية عائدين اليها؛ ودمجت الانقاذ في ايدولجيتها وممارساتها كلا من عبود وحسن نصر وجعفر نميري والصادق المهدي وحسن الترابي ؛ ولذلك فلا عجب ان طعمت تيمها باقطاب المايويين من امثال شدو وسبدرات وغيرهم؛ واعادت النميري "معززا مكرما"؛ وجذبت لها العدد الوفير من قادة الاحزاب الطائفية؛ كحسين ابو صالح وعبدالله محمد احمد وزين العابدين الهندي ومبارك الفاضل المهدي ؛ وجددت دمها بالمنكفئين من اليساريين ممن دعموها سرا وجهرا؛ عملا وفكرا؛ ولا غرو؛ فانها كانت التعبير الامثل لاقصي احلام هؤلاء الموجودة في لا وعيهم والممارسة في وعيهم.
|
الخلاصة اذن من هذا الماراثون السردي لنصوصك هي:
علي أي اساس بنيت احتجاجك لمشروع الحركة التفاوضية مع النظام الذي تقول عنه : " لم تأت الانقاذ بجديد " . وطالما هو باعترافك انت " لم تات الانقاذ بما لم تأت به الاوائل" وطالما هو الوجه الاكثر ووضوحا وتطرفا وانكشافا من بين وجوه هذه النخب التي هي كله من بعضه علي حد اعترافاتك انت , فانقاذ: Quote: " انما طبقت بانتظام ومثابرة؛ ماظل يمارس بعشوائية ومدافرة منذ الخمسينتات والستينات؛ من قبل اعضاء النادي النخبوي الحاكم؛ من عسكريين ومدنيين؛ طائفيين ومتمردين علي الطائفية عائدين اليها؛ ودمجت الانقاذ في ايدولجيتها وممارساتها كلا من عبود وحسن نصر وجعفر نميري والصادق المهدي وحسن الترابي ؛ ولذلك فلا عجب ان طعمت تيمها باقطاب المايويين من امثال شدو وسبدرات وغيرهم؛ واعادت النميري "معززا مكرما"؛ وجذبت لها العدد الوفير من قادة الاحزاب الطائفية؛ كحسين ابو صالح وعبدالله محمد احمد وزين العابدين الهندي ومبارك الفاضل المهدي ؛ وجددت دمها بالمنكفئين من اليساريين ممن دعموها سرا وجهرا؛ عملا وفكرا؛ ولا غرو؛ فانها كانت التعبير الامثل لاقصي احلام هؤلاء الموجودة في لا وعيهم والممارسة في وعيهم.
|
الانقاذ اذن خلاصة دولة "الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي" وقد قاتلت الحركة الشعبية كل هذه "السلالات" من الانظمة التي خرجت من بطن تلك الجماعة كل هذه السنين وقدمت فيها الملايين ارواحهم ثمن هذه الثورة المسلحة والتي تربعت فوق عرش اكثر الحروب طولا في هذا الزمان الغابر ولكن بالنتيجة لم تحقق الحركة النصر الكاسح الذي تمكنه من تدشين دولة فوق فضاء "التنوع التاريخي والمعاصر" , لعوامل عدة منها صعوبة تحقيق النصر الحاسم علي نظام قائم فوق بنية لوجستية قوية وذو امتدادات "جماعية" تهتم كثيرا بقصة "انصر اخاك ظالما او مظلوما" , ولتعقيدات العلاقات الاقليمية والدولية وتقلباتها ولاشكاليات الجغرافية وتعقيداتها وغيرها من عوامل كثيرة لا يتسع المجال هنا لحصرها , المهم ان الحركة بعد مسيرة تجريبية ليست بيسيرة وصلت الي قناعة مفادها ان تحقيق النصر الحاسم علي دولة الحاكورة الجماعية هذه غير متحققة ؟ فماذا هي فاعلة اذن غير ان تركب حصان التفاوض ؟ ففي غياب النصر الحاسم يبقي الخيار البديهي هو التفاوض وبما ان السؤال مع من التفاوض غير وارد بناءاً علي قراءتك انت يا عادل اذ قلت :
Quote: " لم تأت الانقاذ بجديد اذن"
|
واضفت:
Quote: " لم تات الانقاذ بما لم تأت به الاوائل"
|
واكدت:
Quote: " لم تكن "الانقاذ" صاعقة اتت الينا من سماء صافية"
|
وشرحت :
Quote: " شكلت التعبير المتطرف لازمة النخبة السودانية |
وفصّلت:
Quote: " طبقت بانتظام ومثابرة؛ ماظل يمارس بعشوائية ومدافرة منذ الخمسينتات والستينات؛ من قبل اعضاء النادي النخبوي الحاكم |
" التي هي نادي "الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي"
اذن فيما تلوم الحركة اذا ما اختارت التفاوض مع "الانقاذ" بحكم التوقيت القدري الذي شاء ان تكون سلالة الانقاذ هي التي في "الاتجاه المعاكس" ممثلا لسلالة دولة "الجماعة" في اللحظة التي اتخذت فيها الحركة قرار التفاوض . فالانقاذ مثل غيره "كلّه من بعضه" .
السؤال وبالقياس علي استخلاصاتك انت من خلال قرءاتك تلك لمسيرة هذه الدولة وعلي الشكل التي اسردته هنا ليست مع من التفاوض؟
وانما علي ماذا التفاوض؟ طالما خيار التفاوض اتخذت بناءا علي قراءة تاريخية لمسيرة نضالية ليست بيسير وبناءاً علي خلفية قدمت فيها التضحيات ليست بقليل السوال السليم هو:
علي ماذا التفاوض؟
و
كيفية التفاوض؟
وهذه بالضرورة تدخلنا الي شيطان التفاصيل حيث "الحساب ولد" وهو ما اجادها الحركة ايّما اجادة والتفاوض في حد ذاته فن يدرّس في الجامعات ولا يمكن ان تلام الحركة علي ما اخذتها من حقوق ليدخلها الي عرين السلطة حيث منها تبدا المعارك الاكثر شراسة والتي سوف تدور في فضاءات الثقافية التواجد في مفاصل الهيمنة ذو اهمية في حسم الكثير. واما موقف الحركة من قضايا الهوامش الاخري ففيه " قولان":
قول وردت علي لسان قائد الحركة نفسه وفي خطاب نيفاشا وما بعدها من خطابات اكد فيه علي ثوابت الحركة وكرر فيه رفضه لقتال المهمشين وطبعا هذه الاقوال سوف تجرب وتحكم عليها في محك التاريخ. واما الاقوال الاخري والتي منها قولك انت هاهنا في ورقتك هذه فهي استنتاجات وقراءات يدخل في باب التنبؤءات ربما تصدق وربما تكذب حينما تختبر والفيصل ايضا التاريخ ,ففي التاريخ مخازن للحقائق والاكاذيب ,فلماذا العجلة ولماذا الحكم علي ما قد يكون بنفس الطريقة التي نحكم بها علي ما كان مثل تلك التي اسردتها عن مسيرة الدولة التي كانت والتي كشفت زيف وضحالة افق القادة الذين تربعوا فوق عرشها. ولنا عودة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: د. بشار صقر)
|
الاخ العزيز دكتور بشار صقر
تحياتي وشكري عليالمداخلة المهمة؛ولك تقجيري علي مجمل اسهامك في سودانيز اونلاين وفي ساحة الحوار الفكري السوداني ..
يبدو لي اننا نتفق في المنطلقات؛ ونختلف في النتائج ..
لا خلاف لنا حول تحليل الهيكل المشوه للدولة السودانية ما بعد الكولونيالية
لا اختلاف بيننا حول غياب اهم معالم الدولة الوطنية من اتفاق سياسي بين مواطنيها وتوفر حكمديمقراطي قريب مكن المواطن ومعبر عنه ونظام اقتصادي لا يقومعلي الامتيازات وانما علي الكسب الشريف الذي ينطلق فيه الجميع من فرص متساوية ..
نختلف علي تحليل دور الحركة الشعبية ؛ وربما علي تحليل طبيعة نظام ما بعد نيفاشا ..
بالنسبة للحركمة الشعبية؛ ازعم انها لم تكن تنطلق من استراتجية واضحة؛ وان الطرح الاولي لمفهوم السودان الجديد؛ باعتباره تفييرا في كامل البنية؛ وهي احتمال الثورة كما طرحه ابكر ادم اسماعيل؛ قد انتكس للمفهوم الضيق للسودان الجديد؛ اي المفهوم الجغرافي ؛ اي التعبير عن مصالح الجنوب.
هنا ايضا يطرح السؤال حول المساومة التاريخية؛ وهل نيفاشا مساومة تاريخية؛ تحقق نوعا من الدولة الرضائية؛ وبمشاركة كل الاطراف الاجتماعية والفكرية والجهوية الفاعلة؛ ام انها مساومة انتهازية تقف علي اقدام مهتزة؛ لن تثبت امامالاعاصير ..
اطرح ايضا سؤال دارفور الحارق؛واين هي من منطق المساومة الانتهازية الذي تم؛ وهل رفض حركة تحرير السودان - الفصيل الاكثر راديكالية في دارفور - للتسوية الدائرة؛ لا يعبر عن قصور منهج التسوية؛ وانها اتفاقات لن تصمد طويلا ؛ وخصوصا اذا اضفنا تململ الشرق؛ وعدم رضا الشمال.
الحركة الشعبية منذ مدة طويلة لم تعول علي الثورة والتغيير الشامل في السودان؛ وربما يرجع هذا لفشل تجربة لواءالسودان الجديد - لنج - ؛ وربما لعوامل اكثر عمقا؛ ثم لما تبينت امكانية الثورة بعد انطلاقها في دارفور؛ ووصول النظام الي اقصي درجحات ضعفه؛كانت الحركة قد مشت طويلا في طريق التسوية؛ بحيث كان الرجوع عنه مستحيلا .
نقطة اخري تستحق الاهتمام؛ وهو تعامل الحركة مع محيطها الطبيعي؛ او مصدر دعمها الاول ؛ وهم مواطني جنوب السودان؛ والي اي درجة كان تعاملا تحريرا تثويريا ديمقراطيا؛ والي اي درجة كان تعاملا سلطويا قمعيا فوقيا ؟
هذا ما سيجعلنا مدرك اتجاهات التطور في الحركة؛ ولماذا اخترات هذا التكتيك ام ذاك ..
سارجع قطعا ..
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
الأخ/ عادل عبدالعاطي. أمين منبر معاش كل عام وأنت والجميع بألف خير. لا أملك إلا أن أحني لك الكي بورد لهذا الرؤية النافذة. ولي عودة مرات عدة.
وكل عام والجميع بألف خير....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
الاستاذ عادل.. حمدالله على السلامة وتحليل ممتاز في زمن العري.. ومضغ جلود البلاغة مضغا.. وفي زمن مات الرئيس/ عاش الرئيس.. ولمزيد من التحليلات..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخِدعة الكٌبرى .. (Re: Abdel Aati)
|
الاخ : عادل ألم يحن بعد أوان عودتك ، لتزين مساحات البورد بكتاباتك وتحاليلك بابداع واسهاب وطول بال قل ان يوجد في زمننا
غياب عادل عن المنبر فقد وخسارة كبيرة
| |
|
|
|
|
|
|
|