الانتهازية السياسية والكذب و إنعدام المبادئ لسدنة التجمع الوطني الديمقراطي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 06:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-31-2005, 11:45 AM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الانتهازية السياسية والكذب و إنعدام المبادئ لسدنة التجمع الوطني الديمقراطي






    .


    الانتهـازيــة

    سمير أسماعيل
    [email protected]



    ما إن وطأ الإنسان وجه البسيطة حتى بدأت احتياجاته ورغباته المتنوعة بالظهور ، ومع تطوره و نشوء المدنيات و الحضارات تزايدت إحيتاجاته و تشعبت في كافة مجالات الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأخلاقية و الثقافية ، وأصبحت المصالح الشخصية و ما يتعلق بها من مصالح العائلة و العشيرة و الفئة الخاصة هي العامل المؤثر و المحرك لنشاطه ، و الأساس الذي يعتمده في تكوين علاقاته و رسم أبعاد سلوكياته العامة و الخاصة .
    هذه الحالة التي بدأت تأخذ مع استمرار تفاعلها و تطورها على مرّ التاريخ أبعادا أكثر شمولية و منهجية بحيث أصبح الصراع على الوجود و المصالح من أهم القضايا التي تشغل الفرد و الفئات و الجماعات ، ومفهوم هذا الصراع سيأخذ في مراحل لاحقة عدة اوجه منها مفهوم الصراع الذي تقوم به الدولة أو الذي يقوم به المجتمع للحفاظ على حياة أفراده و حماية مصالحهم باعتبارهم مجموعة واحدة متجانسة ، و مفهوم يأخذ وجه آخر ينحصر في الصراع بشكله المعلن أو المخفي الهادف إلى تحقيق مصالح خاصة ليست عامة ، و هذه الأخيرة ستكشف عن نفسها بشكل واضح مع قيام المجتمع بعملية الإنتاج لتأمين حاجاته الضرورية حيث أنه في هذه المرحلة سترافق عملية الإنتاج التي يقوم بها المجتمع ظهور ثروة اجتماعية هائلة يصرفها المجتمع في مجالات مختلفة و هو ما سيثير لعاب فئة من الأشخاص رجحت مصالحها الشخصية على جميع المبادئ و الاستحقاقات ( الالتزام و التضحية ) ، فكان سلوكها انعكاس طبيعي لما يختلج في ذاتها من حب الذات و المصالح الشخصية ، فباتت تشكل أحد أخطر الأمراض السياسية و الاجتماعية التي كان لها آثارها السلبية الخطيرة في انحراف مسيرة الجماهير التواقة إلى التطور، و الحيلولة دون التعبير عن إرادتها و تمتعها بالحرية و العيش بسلام ، فهؤلاء لم يستطيعوا أن يدركوا بأنه لا وجود لهم بلا جماعة و بلا مجتمع متماسك يحميهم و يحفظ له تطلعاتهم و على يديه تتحقق أمانيهم في الحياة الكريمة ، و أن تلك المصالح كانت ستتحقق فيما لو لم يستعجل أصحابها تحقيقها بصورة آنية و فورية من خلال الالتفاف على كل القيم و المثل و سحقها تحت الأقدام و التلاعب بمفاهيمها ، الأمر الذي جعل من هذه الفئات و لا زالت عقبة كأداء أمام مسيرة تطور الأمة ورقيها . لذلك كان لا بد من نظرة متعمقة لهذه الفئة التي تلاعبت بمقدرات الأمة ، و نشرت ثقافتها التبريريه لممارستها النفعية في أوساط المجتمع ، مع اعترافنا بقلة الدراسات التي واجهت هذا النوعية من البشر بشكل مباشر و صريح .

    و ما نعنيه بهذه الفئة هي الوصولية و الانتهازية التي أصبحت اليوم من أخطر الآفات التي تنخر في أوصال المجتمع و أسسه ، و معولا هداما يعمل على القضاء على ما تبقى من القيم و المبادئ ،لاسيما وأننا نلمس المبدأ الانتهازي في زمننا هذا أكثر من أي زمن مضى خاصة بعد أن قنن ووضعت له الضوابط و الأطر التي تجعل ممن لديه ميولا خفية رجلا انتهازيا مع مرتبة الشرف إن هو استجاب و لم يردعه دين أو قانون أو عرف ، و لا نعني بكلامنا هذا أن الإنسان لم يعرف هذه الفئة من الناس إلا في زمننا هذا فالأصولية و الانتهازية ليست مفهوما جديدا يستخدمه المثقفون و السياسيون في مصطلحات القاموس السياسي الحديث ، بل كان أسلوبا متبعا منذ أن قامت البشرية ، فهي ظاهرة إنسانية خطيرة تطفح بشكل عنيف في النفوس الشريرة و تظهر على السطح في الظروف العصيبة ، و لها عواقبها و انعكاساتها السيئة على المجتمع كسائر الظواهر و الآفات الاجتماعية الأخرى ، لأن الانتهازي لا ينتمي للأمة فحسب بل يحطم صمودها و يجعلها في بلبلة شديدة و يفقدها قدرة التمييز بين الحقيقة و الزيف بحيث تضيع المقاييس و المعايير فتتمزق من الداخل و تصبح كالأشلاء ، بل إن ممارساته الضيقة الأفق شكلت مدخلا يدفع الأمة بكل شرائحها و بكل ما تمتلكه من قيم و مثل و إنجازات ضخمة و عظيمة و تاريخ حافل على صعيدي النظرية و التطبيق إلى هوة سحيقة .

    ما هي الانتهازية :
    تشتق الكلمة في معناها اللغوي من مادة ( نهز ) التي تعني اغتنم ، و الانتهاز هو المبادرة و يقال انتهز الفرصة أي اغتنمها و بادر إليها ، و هي في معناها الاصطلاحي أو السياسي لا تختلف كثيرا عن المعنى اللغوي المشار إليه فالإنسان العاقل هو الذي يغتنم الفرص و يستثمرها من أجل أهداف معينة تختلف باختلاف منطلقاتها فقد تكون محدودة ضيقة الأفق لا تخرج عن إطار المنفعية الذاتية القصيرة الأمد ، أو أهدافا سامية و‘مثل عليا يكافح الإنسان في سبيل تحقيقها و يضحي بالغالي و النفيس على مذابحها و عند ذلك يصبح استغلال مثل هذه الفرص المتاحة عملا مشروعا بل وواجب شرعيا قد يحاسب الإنسان على التفريط بها و تفويتها .

    أما الانتهازية كظاهرة في المجتمع فهي : اتخاذ الإنسان لمواقف سياسية أو فكرية لا يؤمن بها في سبيل تحقيق مصالح فردية أو حماية مصالح شخصية ، أو أن يتخذ الشخص مواقفه السياسية و آراءه الفكرية حسب تغيير الظروف أملا في الحصول على مصلحته الخاصة و المحافظة عليها دون أن يكون مؤمنا بالمواقف و الأفكار التي يتخذها ، أي أن الانتهازية تعني التضحية بالأهداف الاستراتيجية من اجل تحقيق أهداف مرحلية مؤقتة .

    إن أي تنظيم سياسي وبعد أن ينتقل من مرحلة النضال في سبيل تحقيق أهدافه و منها تسلم السلطة إلى مرحلة الانتصار و تسلم السلطة ، لا بد و أن يواجه في طريقه الكثير من العثرات لأن النهوض بالمهام المنوطة به يختلف بين المرحلتين .
    فنضال التنظيم السياسي في مرحلة ما قبل تسلم السلطة هو في سبيل بناء المجتمع أو الدولة و إعادة صياغتهما من جديد ، و هنا يكون للسلطة سلطانها على النفوس لما فيها من ميزات و مغريات و يخطئ من يظن أن هذه المرحلة سهلة أو هي اسهل من سابقتها .
    و لعل أخطر هذه الصعوبات التي تواجه الأحزاب السياسية أو حركات التحرر بعد نجاحها في الوصول واستلام مقاليد الحكم في بلد من البلدان هي الانتهازية المقترنة بالتوسع التنظيمي لقاعدة الحزب أو الحركة ، ففي مرحلة بناء المجتمع الجديد أو المنشود الذي يجب أن يختلف ببنيته و قيمه و علاقاته عن المجتمع القديم ، تسعى الأحزاب التي تصل إلى السلطة إلى استقطاب فئات المجتمع عن طريق التوسع التنظيمي مما يؤدي إلى ظهور الانتهازية بكل صورها و أشكالها و إلى بروز الثورة المضادة بكل أسلحتها و صنوفها ، و لما كانت الحرية هي العامل الحاسم الذي يعيد التوازن في المجتمع ، إلا أن وجود الحرية يعني وجود مثقف ثوري و مثقف انتهازي ، و هذا يعني أن مقابل كل إنسان واع قد يوجد انتهازي فلا يمكن أن يكون كل الناس ثوريين أو كلهم انتهازيين ، و بما أن دور السياسي هو تنظيم و إدارة التناقضات في السياق التاريخي والاجتماعي للمجتمع ، و نظرا لحاجة السياسي الماسة للمثقف في هذه العملية و ذلك نظرا للدور الذي يلعبه المثقف في عملية تغيير اللغة و مفاهيمها و التعامل معها و قراءة التاريخ لذلك فإن الخطورة الكبرى تكمن في إمكانية أن يقع السياسي في شباك المثقف الانتهازي

    و الانتهازي ( بشكل خاص المثقف الانتهازي )
    هو إنسان ذكي جدا يتمتع بمرونة عجيبة ، غير مبدئي ، براغماتي ، لاعب ماهر يجيد كل الأدوار ، يكرس قلمه لمنافعه الشخصية ، و هو يخاطب الجماهير معتمدا على ثقافة كل المعارف الاعتيادية و بالتالي يمارس نشاطه وفق أيديولوجية اعتيادية ، و هو أفضل من يقوم بتزييف الحقيقة ، و يقوم بدور هام و خطير في خداع و تضليل السياسي حيث أنه يزيف الواقع برمته مقابل مصالح شخصية و يضحي بالمصالح الاستراتيجية للأمة و الوطن في سبيل تحقيق مصالحه الذاتية . فهو يستخدم الواقعية و المثالية تبعا للحالة أو الموقف و الفائدة ، و بما أن هدفه في العيش هو براغماتي في الأصل ، فهو يعمل على أن تتطور أدوات المجتمع دون تطور لغته المرافقة طبيعيا لتطور الأدوات بحيث يخدم ذلك حياته البراغماتية ، و يسعى إلى تجميد المفاهيم و فبركتها بحيث تخدم أهدافه المرحلية ، و يزين الواقع بغية إقناع الجماهير المعذبة و المسحوقة كرامتها الإنسانية بما يخدم مصالحه ، و هو العدو اللدود للحقيقة و يبذل كل جهده لكي لا تظهر.
    و غالبا ما يكون الانتهازيون ذوو شخصيات جذابة و مثيرة ،و ربما يتمتعون بصلاحيات واسعة و سلطات تجعل الكثيرون يتهافتون عليهم ، و هم يبحثون - عن قصد - عن الأشخاص الملائمين لممارسة تسلطهم بأقصى ما يمكن .
    إن الفرد الانتهازي مجرد من أي مبدأ أو عقيدة أو فكرة أو مذهب معين و سرعان ما ينقلب على ادعاءاته و لا يمانع من الخروج عن الجماعة التي يدعي الانتماء إليها ، و يتصف بصفات الغدر و الخيانة للفئة أو الحزب الذي ينتمي إليه أو حتى لبني جلدته أو لأبناء شعبه .

    أما المثقف الثوري فبعكس الانتهازي هو إنسان مبدئي بطبعه و مبادئه و أفكاره ، يتحمل كل شئ في سبيل مبدئه ، شجاع و موضوعي ، لا يبني حياته على شقاء الآخرين بل يضحي بسعادته و معيشته اليومية في سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية ، يرى سعادته في سعادة الآخرين ، ناقد متحرك سلاحه الحقيقة التي يكرس كل حياته للكشف عنها و إظهارها للناس ، يدرس الواقع كما هو و بما أن الواقع يسير وفق قوانين موضوعية خارجة عن إرادة الإنسان ولكون الحقيقة تغير شكلها في كل مرحلة لذلك فهو في بحث دائم عن الحقيقة ليكشفها و تصبح بذلك منارا يسير عليه الناس ، لا يقبل الظلم و القهر ، إنسان ديالكتيكي يبحث عن نقيضه ، و هو يدرك تماما بأنه إذا بطل القانون أو أوقف عن الفعل تحولت حياة الأمة إلى صحراء قاحلة لا ماء فيها و لا شجر.
    و نظرا لأن المثقف يلعب دور بالغ الخطورة في الحياة الاجتماعية يأتي من مسألة التأثير في وعي الناس لا سيما و أن الوعي هو انعكاس الواقع في إدراك الناس و من هنا تأتى خطورة هذه المسألة و أهميتها ( احتمال الخطأ و الصواب فيها وارد ) فكلا المثقفين الثوريين منهم و الانتهازيين يلعبان دورين مختلفين في وعي الناس فهما يقومون بنقل الواقع إلى فكر الناس وهذا يعني أن احتمال تشويه الواقع في وعي الناس وارد بغية تحقيق منافع شخصية قد يكون المال سببها أو طلب العظمة بالنسبة للانتهازيين .
    فإذا برز المثقف الانتهازي و سيطر على الساحة الاجتماعية و استطاع أن يخدع السياسي بآرائه المشوهة للواقع عندها ستقع المصيبة على المجتمع بأكمله لأنه في هذه الحالة سيتاح له أن يلعب دورا مهما في المؤسسات السياسية أو الأحزاب أو المؤسسات الثقافية أو الإعلامية و بالتالي سيكون له دور في توجيه القرار المؤثر في المجتمع سواء في الواقع الاجتماعي أو استغلال الظروف الجديدة لمحاولة نفخ الروح في مشروعات فكرية و تربوية تغريبية و تخريبية بذرائع مختلفة ، و الهدف من ذلك كله الإفادة من الظروف الجديدة لاغتنام النفوذ و معه الثروة و الحضور السياسي و الإعلامي على طريقة أثرياء الحرب، لكن ذلك لا يعني أن الانتهازية كظاهرة مقتصرة فقط على الأحزاب الثورية وحسب و إنما تعتبر ظاهرة اجتماعية بحد ذاتها ، و يتم تشخيصها بأنها من الأمراض الفتاكة التي تصيب المجتمع و منها ما يحدث خلال آليات التجديد و التطوير في الدولة و المجتمع

    الخصائص التي تميز الانتهازية
    • الانتهازية ليست ظاهرة عامة بل ظاهرة فردية تخص التركيب الأخلاقي للفرد ، و قد يجتمع الانتهازيون في فئة أو تكتل أو تجمع ، و لكن هذا التجمع هو مؤقت تقتضيه الظروف و يزول فور زوالها ، لذا فالصفة الأولى لأي تجمع انتهازي هي التغير و عدم الثبات على المواقف ، و الشيء الوحيد الثابت عند الانتهازي هو مصلحته الشخصية الأنانية و كل ما عداه يتغير ، انه يغير مواقفه و آراءه و أشكال معيشته و صداقاته وعلاقاته بالآخرين من يوم لآخر و من ساعة لأخرى إذا ما اقتضت مصلحته الشخصية ذلك .
    • لا تشكل الانتهازية طبقة أو فئة و إنما تأتي من عموم الطبقات و الفئات ، و الفرق كبير بينها و بين الطبقات الرجعية المعادية للتقدم لأن الطبقات التي تدافع عن القديم يكون لها موقف واضح و صريح تدافع عنه و تعتقد أنه صحيح و صواب .
    • الانتهازية ليس لها موقف صريح وواضح لأن مواقفها و آراءها لا تنبع من معتقداتها بل من مصالحها المتسارعة و المتقلبة فهي تقول اليوم ما تنقضه غدا و تقول إذا ما تتخلى عنه بعد غد و هي لا تطرح آراءها بشكل نظرية متكاملة بل بشكل مواقف سياسية آنية .
    • لا تمتلك الانتهازية أي شيء يمكن أن تقدمه للمجتمع ، و لا يمكن أن تكون عاملا إيجابيا في مرحلة من المراحل ، و لا تطرح نفسها كنظام بديل لأي شيء و إن كانت تطرح نفسها كرمز من رموز الحكم في بعض الأحيان ،و السبب في ذلك أنها لا تهتم بتنظيم المجتمع بل بتحقق مصالح أنانية خاصة بها فقط .
    وهناك أصناف من الانتهازيين يبدون مهارات كافية للعب على الحبال متى حتمت عليهم مصالحهم الشخصية و الذاتية ، فالأنانية هي الصفة البارزة لدى أمثال هؤلاء فمنهم من يلبس ثوب التقدمية و العلمانية تارة و أخرى ينحاز إلى مذاهب و فئات رجعية أو يدعي الوطنية في حين يلهث وراء المخططات الأجنبية و الهدف من وراء ذلك كله هو الحصول على منافع مادية أو بغية تبوء مناصب رسمية أو من اجل تحقيق الشهرة . و تبرز في مجتمعنا العربي ظاهرة المثقف الانتهازي بشكل واضح حيث تتراكم انتهازيته على طريقة مع و ضد ، و رغم أن هناك عقول لا تريد أن تصدق أن ثمة مثقف عربي انتهازي لم تردعه تلك ثقافته العربية عن الولوع في خطيئة الارتهان لمصالح الذات الضيقة لكن هؤلاء موجودون فعليا و لا يزالون يمارسون لعبة التدليس و خداع الذات و هم يحملون مشروعهم الانتهازي أينما حلوا و كيفما تحركوا .

    من أين يأتي الانتهازيون
    الانتهازي قد يأتي من أي طبقة في المجتمع ومن عموم الفئات ، و لكننا يمكن لنا أن نحدد أكثر الفئات الاجتماعية التي يظهر منها الانتهازي :
    1 - الفئة الوسطى : و هي بيئة جيدة لنمو هذه الظاهرة ، ففي زوايا هذه الفئة شرائح فئات كثيرة تعيش بطرق غير مشروعة تقوم حياتها على اقتناص الفرص التجارية و الاحتكار و الصفقات و السمسرة و الوساطة و المحسوبية و الصداقات مع الشركات الأجنبية ، لذلك فإن همها الوحيد أن تلتصق بالطبقة السياسية الحاكمة و أن تنسج معها علاقات ودية بشتى الوسائل الأمر الذي يجعلهم يدخلون الحياة السياسية لحماية مصالحهم الخاصة .
    2 - الفئة المثقفة : و هي مصدر مهم لظهور الانتهازية لأن المثقف في الوسط المتخلف غالبا ما يستغل ثقافته لتحقيق مآربه الشخصية ، و هذا لا يعني بأن الثقافة العامة هي التي تخلق الانتهازية بل هي عامل مساعد ومهم لمن تتوافر فيه الروح الانتهازية ، وذلك لأن البعض من هذه الفئة يحاول أن يحقق مصالحه بواسطة دخوله النشاط السياسي أو النشاطات الأخرى فمثلا : الموظفون الملتفون حول الوزير أو المدير و يتملقون ساعين وراء الترقيات و التنفيعات ، و أيضا فئات من الشعراء و الكتّاب الذين يستعملون أقلامهم للمديح و الثناء أو للذم والقدح حسبما تقتضيه المناسبة .
    3 - الأحزاب الثورية و المنظمات الشعبية : و يعود السبب في ظهور هذا المرض في الأحزاب الثورية و المنظمات الشعبية إلى الضعف الأخلاقي لدى بعض الأفراد الذين يشكلون كوادر الحزب أو المنظمة الشعبية ، و إلى عدم تلقي التربية العلمية و الثورية بشكل صحيح نتيجة عدم اقترانها برقابة صارمة على السلوك و الممارسات و الأخذ بالاعتبار المحسوبيات و الولاءات الشخصية الضيقة ، مما يؤدي إلي نتيجة حتمية هي فقدان سيطرة القيادة على كوادرها إن لم تكن مشاركة لها في تحقيق مثل هذه المصالح . فالأحزاب و الحركات عندما تنتقل من حالة المعارضة و الاضطهاد إلى حالة النصر واستلام السلطة تكون معرضة لانبثاق الميول الانتهازية الكامنة لدى بعض الأفراد الذين ناضلوا في صفوفها ، ولكن ليس الانتصار هو الذي يخلق ذلك بل الضعف الخلقي وعدم توازن الشخصية ، و الأمثلة كثيرة على الأفراد المنحدرين من طبقات فقيرة و عملوا في صفوف الأحزاب الثورية و أصبحوا في غاية الانتهازية بمجرد أن اصبحوا مسؤولين ، كما أن المنظمات الشعبية تعتبر أيضا و سطا ملائما لظهور الكثير من الشخصيات الانتهازية في صفوفها


    الانتهازية السياسية

    يوجد في الكثير من الأوساط لاسيما السياسية منها مجموعة من المثقفين الذين لا يمتلكون هوية فكرية سياسية واضحة المعالم تشكل دليل عمل و فلسفة و استراتيجية لهم في الأنشطة و البرامج السياسية و الثقافية ، بل كثير ما يقدم هؤلاء أنفسهم تنظيرات فكرية في شتى المجالات و الميادين ، فهم يعلنون أنهم يساريون عندما يجتمعون مع القوى اليسارية و التقدمية العربية ، و أنهم قوميون عندما يجتمعون مع القوميين و قس على ذلك ، و هذا راجع بالضرورة إلى الخلفية الفكرية و الثقافية التي نشأ و ترعرع في أحضانها ذلك النوع من المثقفين ، فغياب المنهجية العلمية ينتج عنه خلل في التحليل السياسي و يؤدي بذلك المثقف أو المثقفين إلى الإيمان بمنطلقات و أسس غير واضحة الفهم تزداد صعوبة و تعقيدا عندما تختلط عليه الرؤى السياسية و تدفع به إلى الاتجاه نحو اللافكر و اللاوعي علميا و فلسفيا، فلا يكون لديه اختلاف أو تباين مع أي قوى اجتماعية وسياسية ، بل إنه بالإمكان أن يتفق معها في قضايا مجتمعية عديدة طالما أن ذلك المثقف لم يحدد معالمه الفكرية ، فالتجاذب و التقاطع و التداخل مع فكر مغاير ليس صعبا عليه ، لاسيما أنه يستطيع من خلاله أن يرسم رؤاه السياسية وفقا لتلك العلاقة القائمة على المصالح المتداخلة و المتبادلة حتى و إن اختلفوا في المنابع و المدارس الفلسفية .
    و هناك من يعزو هذا الاختلاف والتباين إلى اختلاف وجهات النظر من الديموقراطية بشقيها السياسي و الاجتماعي و منظمات و هيئات المجتمع المدني و الحريات العامة ( حرية الرأي و الفكر و التعبير ) و الحرية الشخصية و الموقف من المرأة و حقوقها السياسية و الشخصية ومن أهمها حقها في إقرار قانون الأحوال الشخصية ، بالإضافة إلى قضايا أخرى مثل المرئيات السياسية التي لا تبنى على فرضيات سياسية محددة ، و انطلاقا من أن كل ما سبق يتطلب تحديد موقف واضح ذي أبعاد استراتيجية من الديمقراطية وأفقها الأوسع و الأرحب في الفكر الإنساني ،لذا فإن جملة من الأسئلة تطرح بنفسها على هذه الفئة من المثقفين الذين تتبدل وتتغير مواقفهم و أفكارهم و فقا لمعطيات و متطلبات خاصة أهمها :
    ما هي هويتهم ، و هل الديموقراطية النسبية تشكل بعدا لبلورة وعي سياسي و ديموقراطي في المجتمع، أم هي غاية من أجل تحقيق هدف ؟ ، من هم حلفاءكم السياسيون في هذه المرحلة ،و كيف ينشأ التحالف السياسي ،و ما هي شروط و معايير تأسيس تحالف سياسي ؟ ، و من هي القوى الاجتماعية التي تتكون منها التحالفات و هل هذه التحالفات استراتيجية أم هي تحالفات تكتيكية ؟ .
    و نحن نقول أنه على المثقفين التفكير عميقا في كيفية التعاطي مع متطلبات المرحلة الانتقالية ، و على المثقفين الذين يتهربون من التعاطي مع القضايا السياسية بشجاعة نادرة أن يتعلموا و يقبلوا مبدأ النقد و النقد الذاتي الذي يعود على الفرد و الجماعة بالثقة بالنفس و يعطي لهم المصداقية في حياتهم السياسية .
    و إدانتهم يجب أن تكون إدانة جماعية لأنه بغير ذلك لن يكون ثمة أي مصداقية لهذه الإدانة أي أن إدانة جماعية لثقافة و سياسية و مرحلة اكثر منها إدانة شخصية ، و لن يكون هناك أمل بتحرير المثقف العربي من عقدة السياسي سوى القيام بحفريات عميقة تكشف الخلل في علاقة المثقف العربي بالسلطة ، فالسلطة العربية حريصة على جلب المثقف الذي يضفي المشروعية على أدائها أو على الأقل يتحالف معها في وجه خصومها ، و هذا مؤشر إن دل على ضعف و تهافت هذا المثقف و غياب مشروعه الحقيقي الذي يبشر به كل يوم و يسوق مفرداته على الشارع العربي ، إلا أنه يكشف أيضا هشاشة السلطة العربية التي تعتمد على مثقف هش و انتهازي لم تعد كل أفعاله كافية لحجب الثقة عنه .
    و الأسى الأكبر أن يقوم بكشف تلك الملابسات التي تدين علاقة المثقف بالسلطة مثقف انتهازي آخر قد يبدو اكثر رخصا و انكشافا من المثقفين الذين يبرع في إدانتهم ، و هنا يكمن إشكال آخر فأي درجة من المصداقية يحملها مثقف انتهازي آخر ليجعل نفسه خصما و حكما في آن و هو ذاته متورط في ثقافة الاستجداء على أعتاب السلطة لذلك لابد أن نحدد لأنفسنا جملة من الأسس التي يجب علينا إتباعها عند تعاملنا نع هذه الفئة من الناس و هي :

    • ضرورة التعرف على الدوافع التي تحركهم .
    • ضرورة مطالبتهم بالتخطيط و الإدارة في ضوء الأهداف و ذلك للحد من غلوائهم و تخبطهم و فوضويتهم .
    • تطهير البيئة و المناخ المحيط من جراثيمهم ، و أنجع طريقة ووسيلة للقضاء عليهم و الحد من خطرهم و التخلص من آثارهم هي كشف أكاذيبهم التي ينصبوها للمجتمع بكل فئاته .
    • كثرة الحديث و الكتابة عنهم و التحذير منهم .
    • الرقي بوعي الناس تجاههم و تدريب حواسهم لتكون قادرة على كشف أنماطهم و تعريتها كي لا يصاب بها الناشئة و يتوهمون بأن هذه الطريقة المثلى للعيش و تحقيق الهدف .
    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=30698
                  

01-31-2005, 11:48 AM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتهازية السياسية والكذب و إنعدام المبادئ لسدنة التجمع الوطني الديمقراطي (Re: Kamel mohamad)

    التجمع.. الميتة أم رماداً شَحْ



    د. حيدر ابراهيم علي

    هذه مرثية لتجربة كان من الممكن أن تصبح نقلة في التاريخ السياسي لولا نقص الخيال والصدق. ولكن المكابرة والأنانية وضعف الحس القومي أوصل التجمع الوطني الديمقراطي الى ميتة غير كريمة، ظهرت في الاتفاق الأخير وفي تعليق العقيد جون قرنق حين سئل هل سيحضر اجتماع التجمع القادم في أسمرا؟ وكان رده الشامت: لو كان التجمع موجوداً سأحضر! ذكرتني وفاة التجمع غير المعلنة مناحة بنونة بت المك نمر والتي كانت تدخر أخاها- عمارة- للدفاع عنها وحماية القبيلة مقاتلاً شارساً ولكنه مات على الفراش. وفي نفس المعنى جاء الشاعر البياتي وتحدث عن عظمة من يموت واقفاً وأنفه الى السماء، تقول مع بعض تحويرات التداول الشفاهي.
    ما دايرالك الميتة أم رماداً شح
    ديرالك يوم لقاء وبدماك تتوشح
    وعلينا الا نفهم «اللقاء» في هذا السياق بدعوة جديدة للعنف والاقتتال السياسي. ولكنه تذكير بتاريخ التجمع الوطني الذي بادر بالوعود وملأ الدنيا بشعارات الاقتلاع من الجذور، وسلّم تسلم، وسكب كثيرا من المداد في شرح الانتفاضة المحمية بالسلاح ودخول الخرطوم من بوابة الشرق، فهذه التزامات وضعها التجمع بكامل وعيه وإرادته على نفسه وروج لها سنوات طويلة، فمن المطلوب ببساطة - أن يوضح لجماهيره كيف حدث هذا التحول؟ وأن يبرر لمقاتلين أضاعوا سنوات من عمرهم واختاروا العمل المسلح حسب رؤية التجمع هذه الخطوة، فهناك ضباط مثل السر العطا وعبد الرحمن خوجلي والرشيد وجعفر وغيرهم وحتى المرحوم الفريق فتحي أحمد علي، يحتاجون الى عزاء واحترام لتضحياتهم. ولا ننسى طلاب الجامعات الذين خاضوا معارك سياسية بجسارة أكبر من سنهم، لأن الانتفاضة المحمية على الأبواب، الا يستحق طلاب الجامعة الأهلية، في جحيم سنوات القمع يناضلون ويغامرون باجسامهم وارواحهم: الاعتذار والتوضيح؟ أليس من الواجب مخاطبة آلاف اللاجئين في المنافي الذين انتظروا العودة الى الوطن والذي أصبح بخذلان التجمع: في تورنتو وسيدني وواشنطن وامستردام؟
    لست ضد الاتفاق ولكن مع احترام عقول المواطنين وعدم القفز على قضايا يؤسس عليها التاريخ والذاكرة التي تساعد شعبنا في بناء المستقبل. والا نستمر في خداع الشعب والاحتيال- كما هو الحال منذ الاستقلال: فمن يريد أن يسترد ممتلكاته يمكن أن يفعل ذلك دون استخدام اسم الشعب أو المعارضة أو التحول الديمقراطي. ومن يريد أن يلحق بنسبته في قسمة السلطة، فليفعل دون اتفاقات وبروتكولات يدعي أنها لاسترداد كرامة الشعب السوداني. أي بطريقة مباشرة من أين اكتسب التجمع هذا التفويض المطلق؟ وما هى المرجعية؟ هل عاد الى قواعده أو ممثلين للقواعد؟ ولكن هذه هى المشكلة أى السبب الحقيقي للميتة أم رماداً شح، أقصد عدم الارتكاز على شرعية جماهيرية يعود اليها ويناقشها، واستبدل ذلك بتفويض أو مناديب يمثلون- حسب الأزمة! حزباً أو نقابة - أو ما يقارب ذلك. فقد كان مقتل التجمع وهو الداعي للديمقراطية، هو رفضه - للمفارقة - الجماهير والمؤسسة، فمن البداية أعلن أنه تجمع أحزاب أى لا يمكن لأية معارضة غير مشكلة أن تنضم للتجمع لو كانت مكونة من أفراد نشطين- رغم أن الشكل الأول للتجمع في عام 1990م شكله معارضون أفراد في القاهرة، ثم بعد ذلك استولت عليه الاحزاب وتحول من جبهة معارضة الى حكومة ظل تنتظر استلام السلطة دون العمل على إسقاط النظام أو لوح الثلج الذي سوف يذوب مع حرارة الشمس- الوهم الذي ساد لدى الكثيرين.
    إن سبب الموت الحاسم هو غياب المؤسسية. وظل الناس يكررون الهيكلة والتفعيل في كل اجتماع. وانتظرنا الذي يأتي ولايأتي: اعادة التكوين لزيادة الفعالية. وظل التجمع بلا عضوية مسجلة ولا اشتراكات ولا صحيفة ولا مقر، والأخير وجد قبل فترة قصيرة بعد أن خشى أن تسحب المنحة المخصصة لايجار مقر لأن مدتها كادت تنقضي. وبالمناسبة صحيفة السودان الناطقة باسم التجمع توقفت لعدم سداد مبلغ 300 (ثلاثمائة) جنيه مصري في حينها. وضاعت جهود الصحافيين المتطوعين مثل ابراهيم على ابراهيم ومعاوية جمال الدين ومحمد عبدالماجد وغيرهم. وتوقف صحيفة الاتحادي لنفس الأسباب. هذا خلل جوهري في أي عمل نضالي أى عدم البذل والتضحية والعطاء. ولكن من يبخل بماله وجهده ووقته وراحته يستحيل أن يمثل قيادة ملهمة ومقنعة. وصدق طيب الذكر جيفارا حين عرَّف المناضل بأنه آخر من ىأكل أو ينام أو يرتاح، فهو أول من يشبع ويستيقظ ويتقدم.
    هناك سبب آخر مهم وهو القيادة، فقد كانت القوى الحديثة هى باستمرار طليعة اسقاط النظم الدكتاتورية. ولكن هذه المرة فرضت تركيبة التجمع أو ميزان القوى المرحل من فترة الديمقراطية، أن تكون القوى التقليدية هى قائدة المعارضة. فرئيس التجمع الوطني هو في الأصل زعيم ديني قبل أن يكون زعيماً سياسياً، والأول يشترط الطاعة والقبول ويصعب عليه قبول الاختلاف: لذلك كان هناك ميل واضح للإجماع وتجنب النقاش والتصويت على القرارات. ووجد رئيس التجمع دعماً مطلقاً من القوى الحديثة داخل التجمع، رغم رأيها المعروف فيه. ولكنها ظنت إمكانية الاستفادة من التنافس التاريخي بين الزعامة الدينية الختمية والزعامة الدينية المهدية. وأن الأول يسهل التعامل معه ولا يشاكس كثيراً. لذلك كانت عداوتهم للسيد الصادق المهدي مكشوفة حتى ترك التجمع، فارتاحت القوى الحديثة. والسيد المهدي بدوره يعتبر نفسه أكثر من زعيم ديني. ويحاول أن يتجاوز هذه الوضعية بتقديم نفسه كسياسي ومفكر. ولكنه في الحقيقة يكتسب شعبيته من طائفته المو########. ولم يكن المهدي يرضى في قرارة نفسه أن يرأسه في التجمع السيد الميرغني. ولم يكن ينتظر مضايقات فقد كان لديه مهندسوه للشقاق والتخريب: مبارك الفاضل ونجيب الخير، فقد نجحا في سحب حزب الأمة من التجمع. ومارس السيد المهدي حريته في لقاءات جنيف وجيبوتي وسرّع موت التجمع وظل يتفرج في تخبطه شامتاً.
    ولابد من التوقف عند دور حزب الأمة في موت التجمع، فالسيد الصادق المهدي وجد صعوبة في معارضة نظام الجبهة حتى النهاية، لأسباب شخصية وموضوعية الأول- كما أسلفنا - بعده عن القيادة والثاني لم يتقبل - وهو المفكر الإسلامي كما يقدم نفسه - أن يقاوم نظاماً ينسب نفسه الى الفكر الاسلامي لدرجة رفع السلاح مثلاً. وقد قالها في مقابلة مع صحيفة «الشرق الاوسط». فهو المتحمس لمحاربة نظام النميري خلال السبعينات في الجبهة الوطنية. ورفع منذ البداية شعار الجهاد المدني والذي كان أقرب الى مفهوم التوالي في غموض المعنى وبالتالي استحال تطبيقه. ويتحمل السيد المهدي مسؤولية عظيمة حين عجز عن تطوير التجمع وحين خرج عنه لم يقدم البديل الأفضل.
    أطلق العقيد جون قرنق والحركة الشعبية رصاصة الرحمة على التجمع حين أبعد حلفاءه عن المفاوضات، بحجة إطار الايقاد التفاوضي وشروطها. وظل التجمع يبرر عزلته بأن الحركة تمثل التجمع. وحتى الأسبوع الماضي يردد الناطق الرسمي للتجمع: إن الحركة جزء لا يتجزأ. وسأله مسؤول حكومي بخبث: إذن لماذا المطالبة بالمؤتمر الدستوري طالما الحركة جزء منكم وقد وقعت الاتفاقية في نيفاشا؟! وانطلقت الحركة بعد التوقيع تتعامل مع التجمع كذكرى أكثر منه واقع ومستقبل. وبالمناسبة لم يحضر أى مسؤول كبير من الحركة مراسم توقيع الاتفاق بين الحكومة والتجمع في القاهرة. وأرجو متابعة لقاء اسمرا هذا الأسبوع لنعرف شكل العلاقة الحقيقي بين التجمع والحركة.
    ورغم كل شئ كانت تجربة التجمع إمكانية جيدة لعمل جبهوي لو استطاع تجنب ومعالجة السلبيات الكثيرة السابقة. وما زالت هناك امكانيتان: الموت مرة ثانية حين يعود الى الداخل، أو أن يكون التجمع رغم الميتة أم رماداً شح مثل طائر الفينيق: ينبعث من رماده في حياة جديدة تعلمت من التاريخ ومهمومة بشعبها حقاً. وليس بمصالحها الضيقة التي أضاعت نصف قرن منذ الاستقلال.
                  

02-02-2005, 12:30 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتهازية السياسية والكذب و إنعدام المبادئ لسدنة التجمع الوطني الديمقراطي (Re: Kamel mohamad)

    السياسة السودانية ومرض النجومية الطفولي عند المثقفين
    د. محمود شعراني
    بلغة السياسة تعني الانتهازية إهتبال الفرص العاجلة دون النظر إلى غايات آجلة، وعادة ما يضحي الانتهازي بالمصالح العامة في سبيل تحقيق مصالحه الشخصية الضيقة فهو في العادة لا يخشى الوغى حين يكون مدار هذا الوغى هو القتال في جبهة التغيير الاجتماعي، وهو إن خاضه فإنه لا يعف عن عند المغنم على النقيض تماماً من موقف عنترة بن شداد حين قال:-
    ينبيك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعف عند المغنم
    فالانتهازي صاحب عقيدة تعبوية تقف عند حد النضال من أجل تحقيق هدف شخصي لا جماعي، وقد يأخذ هذا النضال عدة أشكال مرتبطة بالهدف الشخصي كما هو الحال مع أفراد المليشيات المرتزقة. وفي الحقل السياسي فإن الانتهازية ترتبط ارتباطاً عضوياً بالنجومية (STARDOM) وإحراز التفوق الشخصي حتى وإن كان ذلك على حساب المصالح العامة.. ومن كان هذا ديدنه فإن الغاية عنده تبرر الوسيلة... وللأسف فإن النزعة نحو النجومية هي أمر يتفشى في أوساط المثقفين اليوم، وهو أمر ليس بالجديد ولكنه قد تفاقم في خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة حتى أخذ شكل الظاهرة (RHENOMENON) وخاصة في أوساط المثقفين الذين تستهويهم مادة (ساس يسوس).
    وتاريخياً ينقسم المثقفون إلى قسمين : قسم استدرجته القوى الحزبية الطائفية فقبل أن يعمل موظفاً عندها في مقابل المنصب والشهرة حتى وإن جرّ ذلك إلى الازدراء بالمصلحة الوطنية العليا وإهمالها. والقسم الثاني من المثقفين استهوته الأنظمة المدنية المرتبطة ارتباطاً عضوياً بالطائفية، فانساق وراء العسكر موظفاً لكل مواهبه في التخريج السياسي والتبرير للأنظمة الشمولية متخذاً موقفاً براجماتياً دون الوقوف على أرضية فكرية منهجية، فكانت تلك براجماتية غير حميدة من ذلك النوع الذي وصفه وليام جيمس بقوله: (( يكون الإنسان في الغالب مجبراً على إتخاذ القرار حينما يعوزه الأساس النظري الفكري المناسب)).
    وهذا يعني بالضرورة أن كلا النوعين من المثقين إنما إنطلقا في تعاملهما مع الشأن السياسي العام من منطلقات غير فكرية وإنما هي منطلقات ذاتية ومصلحية ضيقة مما أدى عبر تاريخننا السياسي الحديث إلى ممارسة السياسة بلا فكر وبلا منهجية وبلا برامج وذلك لأن الذاتي هنا يتغلب على الموضوعي فتكون النتيجة هي الأثرة لا الإيثار والطموح الشخصي التعبير بلسان الحال ولسان المقال عن عقدة التفوق (SUPERIORITY COMPLEX) والتي ما هي في التحليل النهائي إلا مرضاً طفولياً يعبر عن عقدة نفسية أخرى هي عقدة الشعور بالنقص (INFERIORITY COMPLEX)، وكما يرى عالم النفس (الفريد آدلر): ((فإن كلاً من عقدة النقص وعقدة التفوق متلازمتان وحيثما نجد عقدة للتفوق نجد وراءها عقدة للنقص)). ويجب أن يكون في الاعتبار أن كلمة (عقدة) الملحقة بالحالتين (النقص والتفوق) إنما تمثل حالة من المبالغة في الإحساس بالنقص والشغف الشديد بالتفوق. إذن فالتناقض الظاهري بين الحالتين ليس حقيقياً، وهكذا ومن الناحية العلمية فإن كلتا الحالتين توجدان في الشخص الواحد. والشغف بالتفوق والنجومية لا يقف عند هذا الحد بل هو يشكل نفسية وعقلية الفرد، ونحن حينما نلاحظ الأطفال الكسالى غير النشطين ونرى عندهم عدم الاهتمام بأي شئ، فالذي يخطر لنا أن مثل هؤلاء الأطفال خاملون وجامدون ولكن وعلى الرغم من كل هذا نجد عند هؤلاء الأطفال الرغبة الأكيدة في التفوق. ونحن نشاهد أن الأطفال الذين يعانون من عقدة التفوق قد يمارسون نشاط السرقة وهم يؤمنون أنهم يخدعون الآخرين ويأخذونهم من غفلاتهم، وهكذا يشعر أمثال هؤلاء الأطفال أنهم قد أصبحو (مميزين) أكثر من غيرهم وبمجهود قليل. وهذا هو نفس الشعور الذي ينتاب المثقفين الانتهازيين الذين يظنون أنهم أبطال في جبهة التغيير الاجتماعي، وهم دائماً ما يريدون الظهور بمظهر العظمة غير المتوفرة حقيقة في شخوصهم، ولا يهتمون في سبيل هذا الظهور بمصالح الآخرين، وهكذا هم يفقدون ما يمكن أن يسمى بحاسة التفاعل الجمعي (COMMUNAL SENSE) ويبدو أن هذه نزعة من نزعات الطبيعة الإنسانية التي توضح أن الأفراد (أطفالاً وبالغين) حينما يشعرون بالضعف والنقص فإن اهتماماتهم بقضايا المجتمع وأحواله تتوقف ولكن تتولد في المقابل لديهم الرغبة الشديدة في التفوق الشخصي بدون أن يتم مزج ذلك بالمصلحة الاجتماعية، وقد تبدو أحياناً عقدة التفوق غير ظاهرة وملحوظة في الفرد ولكنها مع ذلك تبقى كآلية للتعويض عن الشعور بالنقص.
    وبسبب هذه العقدة النفسية إغتربت نخبة من المثقفين عن مشكلات حياتنا وجنحت نحو التعلق بالنجومية والمطامع الخاصة رغم طلاء الوطنية الظاهري الذي يحاول عن طريقه المثقفون (بزعمهم) إخفاء حقائق نفوسهم وتوجهاتها وانتقل محور السلوك عندهم من النضج إلى الطفولية، فتراهم وقد تصدرت صورهم صفحات الصحف اليومية، وغالباً ما تظهر الصورة وقد وضع صاحبها سبابته على صدغه على طريقة (أحمد شوقي بك) كما يقول صديقنا البروفيسر فاروق محمد إبراهيم. وهم يكتبون فيما يعرفون وفيما لا يعرفون، والنماذج كثيرة ولكنني سأكتفي بالتعرض لنموذجين (هما الكاتب الدكتور عبد اللطيف البوني والكاتب السياسي الحاج وراق الأمين العام لحركة القوى الحديثة الديموقراطية "حق") وذلك لارتباط تناولهما الكتابي بالمصلحة الاجتماعية والتوعية الشعبية التي أهملها المثقفون منذ فجر الحركة الوطنية، وقد كان هذا واجبهم الأول تجاه مواطنيهم وأهلهم الذين انفقوا الغالي والنفيس في سبيل تعليمهم حتى حاز بعضهم أعلى الدرجات الأكاديمية ولكن وكما يقول المثل الشعبي السائد فإن ((القلم ما بيزيل بلم)).
    وأول نموذج هو لكاتب يطل كل يوم على قراء الصحف بصورته وقلمه الذي سبق وأن كتب به رسالة للدكتوراة يبدو أنها من النوع الذي لا يزيل البلم ولا يشفي السقم. فقد كتاب هذا الكاتب مرة وهو ينتقدني شخصياً لأنني قد قمت في زمن ليس بالبعيد برفع دعوى قضائية ضد جعفر نميري لانتهاكه لحقوقي الشخصية، وثم للدعوى الدستورية التي رفعتها ضد رئيس الجمهورية الحالي لاسباغه العفو على جعفر نميري، بحيث لم تحظى دعواي بالنظر القضائي _ وقد قال وقتها ذلك الكاتب واصفاً إياي بقوله: ((ديل ناس قريعتي راحت)).. فتأمل _ عزيز القارئ_ وقتها مثل هذا الفهم السقيم للأشياء وممن يدعون أنهم من المثقفين ومن نجوم المجتمع. وثم أنظر إلى مثل هذا التزييف والتعتيم والتغبيش للوعي الشعبي والمواطن البسيط الذي يقع على عاتق (المثقفين) _ وأنا أضعهم دائماً بين قوسين_ مسئولية توعيته بحقوقه الأساسية بحيث يدرك هذا المواطن العادي أن مطالبته بحقوقه لا ينبغي أن تصنف وتوضع تحت خانة (ناس قريعتي راحت) حيث أن مثل هذه المطالبة إنما تتضمن إلى جانب نشر الوعي بالحقوق، المطالبةو المنادة بمساواة كل الناس أمام القانون ويستوي في ذلك الحاكم والمحكوم. أما الذي ضاعت (قريعته) فهو مثل هذا (المثقف) الذي لم يستطع قلمه أن يزيل شيئاً من (بلمه)، فكان كالذي أعطى الآيات فانسلخ منها وأخلد إلى الأرض وهو يطلب نجوم السماء!!
    أما النموذج الثاني فهو مثقف يدعي أنه من (المنظِّرين) بكسر الظاء، وهو في الحقيقة من (المنظرين) بفتح الظاء_ من الذين يضلون الناس بأفعالهم وأقلامهم إلى يوم يبعثون، تسويغاً للشمولية وتغبيشاً لوعي الجماهير، وطلباً لنجومية زائفة لا تعبر إلا عن عقد نفسية كما أسلفت القول.. وقد علق هذا (المثقف) في عموده الصحفي اليومي مشنعاً على بعض المحامين السودانيين من الذين استجابوا لدعوة الانضمام لهيئة الدفاع عن الرئيس العراقي صدام حسين برفع الدعاوي في هذا الخصوص ضد الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية للتجاوز الذي تم في العراق من قبل هاتين الدولتين فيما يخص اتفاقات (جنيف) والشرعية الدولية. ولقد فسر هذا الكاتب موقف أولئك المحامين تفسيراً سياسياً ضيقاً وظن أنهم إنما يدافعون عن نظام سياسي ويتبنون موقفاً سياسياً بعينه، بينما يدرك طلاب السنة الأولى في كليات القانون أن حق الدفاع عن أي متهم هو حق إنساني تكفله له القوانين المكتوبة وغير المكتوبة وتنص عليه العهود والمواثيق الدولية، وإن هذا هو الذي دفع بمحامين أمريكان وأروبيين للإنضمام لهيئة الدفاع عن صدام حسين. ولو قرأ مثل هذا (المثقف) التاريخ الإسلامي واطلع على موقف الخليفة عمر بن الخطاب من قاتل شقيقه وقد جاءه يطلب حقاً... فقال عمر: ((والله إني لا أحبك حتى تحب الأرض الدم)) فقال الإعرابي: ((أويمنعك هذا من إعطائي حقي؟)) فقال عمر: ((لا..)) فقال الإعرابي: ((إنما تأسى على الحب النساء)). لو قرأ مثل هذا (المثقف) هذه الرواية التاريخية وقرأها معه (المثقف) السابق ذكره، إذاً لأدركا أنهما يتخلفان عن عصر هذا الإعرابي بنحو أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان!!
    وخلاصة القول إن أمثال هؤلاء (المثقفين) من أصحاب النجومية الزائفة إنما يقفون حجر عثرة أمام التوعية الشعبية والتنوير الاجتماعي وهم أصحاب مصلحة خفية في إبقاء الشعب على جهله وقلة وعيه. وهم في نهاية المطاف ليسوا سوى نسخ مكررة من نسخ تاريخية سابقة، وهم من تلك الطبقة التي يصدق في حقها قول أبي جعفر المنصور في بيته الشهير:
    كلهم يطلب صيدْ غير عمرو بن عبيد
    فليتحرر هؤلاء من قيود عقدهم النفسية ومصالحهم الذاتية وذلك لأن مفهوم الثقافة له ارتباط لا ينفك بالاخلاق، فالمثقف الحر هو الذي يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يفكر ويقول ويتحمل مسئولية كل ذلك، تماماً كما فعل الشهيد محمود محمد طه الذي قال في المثقف (الأمثل) أنه ذلك الذي يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول ثم لا تكون نتيجة عمله إلا البر بالأحياء والأشياء... فهلا رحمنا أصحاب النجومية الثقافية ونحن من الأحياء؟؟!!

    د. محمود شعراني
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de