سوف يذكر التاريخُ يوماً أنَّ الميلادَ الميمون لحكومة (تأسيس)، في السادسِ والعشرين من يوليو، بنيالا البحير، غرب الجبيل، في أقصى غرب السودان، وبميثاقٍ ودستورٍ بيِّنَين وجريئَين لم يسبق لهما مثيلٌ في تاريخ البلاد الحديث هو الحدثُ الأكبر بعد ميلادِ الحركة الشعبية لتحرير السودان، في السادس عشر من مايو عام 1983، بمدينة بور في أقصى جنوب السودان.
إنَّ الحكومةَ الجديدة، ذاتُ الأجندةِ غير الانفصالية، التي ستكون مقارُّها في نيالا، علاوةً على أنها ستكون صوتاً وملاذاً وحاميةً وخادمةً لكلِّ المواطنين المناهضين لبقاءِ وبطشِ الدولة السودانية القديمة الفاشلة ستشكّل كابوساً دائماً للإسلاميين وجيشِهم المتغطرس، المتعطّش للسلطة والهيمنة، وترياقاً مضاداً ثابتاً لكلِّ قوى السودان القديم، التي تسعى عبثاً إلى الحفاظِ على البنايات المتداعية، والمؤسساتِ المتهاوية، والأنظمة الفاسدة لدولتهم الظالمة، التي فقدت—بكلِّ المعايير—كلَّ مبرّراتِ البقاء والاستمرارية.
إنَّ السيادةَ التي أساءت النُّخبُ الحاكمةُ، تاريخياً، استخدامَها — تارةً بالعدوان السافر على الحريات السياسية والمدنية، وتارةً أخرى بالفساد والمحاباة والمحسوبية، ومراراً باتّباع سياساتٍ خارجيةٍ متهوّرة، تُدار بعقولٍ أيديولوجيةٍ مغلقةٍ ومتحجّرة — قد عادت اليوم، فعلاً لا قولاً، إلى أصحابها الحقيقيين: السواد الأعظم من شعوب السودان المُغيَّبة عن مراكز القرار.
فهنيئاً لهذه الشعوب، التي ظلّت أعناقُها، رغم كثافة الضيم وطول أمده، مشرئبّةً إلى الحرية وبزوغ فجر السودان الجديد، بميلاد حكومتها التأسيسية الأولى. وهنيئاً لتحالف (تأسيس) بهذا الإعلان المجيد لنظامٍ سياسيٍّ ودستوريٍّ جديد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة