همس الحروف الأبيض تختنق ، و يتحول فيها حماة الوطن إلى جلاديه ✍️ د. الباقر عبد القيوم علي
الأبيض تختنق،و يتحول فيها حماة الوطن إلى جلاديه* ✍️ د. الباقر عبد القيوم علي
Bakry11 يونيو، 2025 114
همس الحروف الأبيض تختنق ، و يتحول فيها حماة الوطن إلى جلاديه
مدينة الأبيض جوهرة كردفان ، و عروس الرمال تختنق اليوم تحت وطأة انفلات أمني مروع ، لا تُخطئه عين مبصرة ، و يرتجف له قلب كل وطني غيور على ما تبقى من نبض هذه المدينة الآمنة .
وصل متحرك مختلط من قوات شتى الي الابيض ، بصفته هو السند و حامي الحمى ، و لكن بكل أسف ، كان جالباً للخراب ، و يعتبر سادس سيوف البلاء التي تعاقبت على شعب هذه المدينة الذي أنهكه الحصار ، و الخوف من الحرب ، و من الخذلان و من الوعود المكسورة ، فأصبح من الصعوبة بمكان أن يميز المواطن من هو معه ، و من ضده . فما الذي تبقى من هيبة الدولة ، حين تصبح القوة المناط بها الحماية هي ذاتها من يروع المواطن ، ويطلق الرصاص على الأبرياء ، ويحول الأسواق إلى ساحات رعب ؟ ، فإذن من يحمي من و من ماذا في هذه المدينة التي غاب فيها العقل ، و إنكسر في عتباتها ميزان المسؤولية ، وذابت فيها الفروق بين شرف الجندية ، و قطاع الطرق ، و الله إنها لمأساة حقيقية . إنها الفوضى و لكن للأسف تعلن نفسها بكل وقاحة ، تطلق رصاصها في الهواء تارة ، و في صدور الناس تارة أخرى ، ركشة تُدهس ، أرواح تُزهق ، ورصاص سكران يتراقص فوق رؤوس من لا ذنب لهم سوى أنهم مواطنين أبرياء يعيشون في وطن أصبح فيه السلاح فوق القانون ، والقوة فوق الحق و إختلط الحابل بالنابل . شهادات المواطنون تنزف دماً و تتلوي من الوجع ، قوات ترتدي الزي الرسمي ، الذي يعبر عن شرف الدولة ، و لكنها تنهب تحت التهديد ، و تطلق النار جزافاً ، و تتعامل مع الخلافات المدنية و كأنها معارك حرب ، و مع المواطنين كأنهم أعداء لم تعد مدينة الأبيض هي الأبيض التي كانت آمنة بعد غروب الشمس ، فهي الآن تُغلق الأبواب فيها على الخوف ، ويهمس الناس بأسماء الأسواق التي تحولت إلى بؤر للنهب و الترهيب . في سوق كريمة ، و ود عكيفة ، و الصالحين يسير الناس على أطراف الخوف ، و كل مار بها يعتبر مشروع ضحية في ليل سلبت فيه الطمأنينة من الوجوه ، وضاع الأمن بين أصوات العربات العسكرية ، و الطلقات النارية الطائشة ، و تهديدات من باعوا ضمائرهم لسكرة القوة . أريد أحداً يحدثني ما هو الفرق بين هذه القوات ، و الميليشيا ؟ ، أي عدالة تُجيز لجندي أن يطلق النار على حافلة تقل مدنيين بدون ذنب ، فيقتل جندياً مثله ، و يصيب آخرين ، فقط لأن الجندي فيها إستقوى بسلاح الدولة و هو في حالة سكر ، و أعمى بصيره و من أمن العقاب أساء الأدب. أليست هذه هي نفس أفعال المجرمين الذين تحاربهم الدولة و الشعب سوياً ، أليست هذه هي قُبح الميليشيا و قد تم تسليحها بشرعية الدولة ؟ . إن ما يحدث في الأبيض ليس خطأً فردياً كما يبرر البعض ، بل جريمة ممنهجة ، يتحمل مسؤوليتها كل من سمح ، أو سكت ، أو برر ، أو سحب عينيه عن هذه المدينة التي تذبح الآن من الوريد إلى الوريد و في وضح النهار . الآن و ليس غداً ، يجب على الدولة أن ترفع صوت الحسم و بقوة ، و يجب أن تُطرد هذه القوات و كل القوات المساندة من الأبيض ، غير مأسوف عليها ، وأن تُفتح أبواب المحاسبة لا المجاملة ، لأن ما يُرتكب بحق سكان المدينة هو خيانة ، و خيانة للمهمة و خيانة للوطن ، و خيانة لإنسانية باتت في مهبّ الرصاص . هذه ليست حماية و ليتها لم تكن ، هذه كارثة ، و هؤلاء ليسوا جنود ، بل مجرمون في زي رسمي و تحت حماية القانون ، نريد ان نفهم فقط من يحمي من و من أي عدو .. كان الله في عونك يا شعب و يا وطن .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة