عز العرب حمد النيل رئيس الهيئة السياسية بالتجمع الاتحادي
(ما كان حديثا يفترى) أن القوى السياسية والمدنية سعت بين ردهات وسوح العمل السياسي منذ أبريل ٢٠١٩م حتى تجنب بلادنا ويلات ما هو أسوأ من فض الاعتصام، كالمصير الذي أحاق ببلادنا اليوم. أما المتفرغون لشيطنة القوى الوطنية بغية العودة إلى السلطة ولو على أسنة الرماح وغيرهم فقد رفعوا عقيرتهم بالسباب على الشراكة حينها، و هل الشراكة إلا قيام كلٍ بدوره في إطار الحقوق و الواجبات!
لقد مثلت مجزرة فض الاعتصام جريمة ضد هوية وذاكرة وطنية لجيل كامل لعب دورا محوريا في ثورة ديسمبر المجيدة، كان يتطلع إلى استفادة شعبنا دروسا و عبرا من ثلاثين عاما تحت نير الطغيان ليضع أساسا جديدا لقصرٍ مشيدٍ من الحرية والسلام والعدالة. كانت المجزرة عامئذٍ محطة ذهول للجميع بالكيفية التي تم بها التقتيل و التنكيل بشباب أعزل ليس لديه إلا صوته المتحد وسوطه الذي يجلد به شعارات الاستئثار بالسلطة على رقاب شعبنا ؛ و لم يدُر بالخَلَد أن تمثل هذه المجزرة التي بدأت حول أسوار القيادة العامة ثم امتد الفض الغادر لكل مدن الاعتصامات بعد ذلك، تاركة باباً للسماح باستسهال القتل بشتى أنواع السلاح و بالرمي في لجة النيل و بكتم الأنفاس في الغرف المغلقة، وطريقاً إلى حرب تطال الوطن بأسره مورس فيها كل ما من شأنه قتل النفس التي حرم الله بالحق بما لا تقبله فطرة الإنسان السوي، و انفتح الباب واسعا للإرهاب واعتماد طرائق جديدة للتجريم تقوم على الإثنية و العرق ثم انفتاق العرى، و ضاع الأمس و ذياك الصوت ( دمت يا وطني المسالم .. دمت سالم).
اليوم وقد علا خطاب الكراهية و ضاقت دائرة التسامح التي طالما تفاخر بها السودانيون بين الشعوب واتسعت دائرة التكافل الاجتماعي فتحمل المغتربون و المهاجرون عبء أهليهم في ديار الحرب، لا يزال طرفا الحرب بعيدَين عن معاناة شعبنا في جميع أنحاء البلاد فمن لم تطاله آلة الحرب زحفت على دياره جيوش المرض و الجوع و (كمان) الموت بسبب مجهول؛ و غياب تام للكيان الذي ضاع في ردهات سلطة الأمر الواقع ذات (القلوب الشتّى)، و فساد يزكم الأنوف.
ستظل مجزرة فض الاعتصام سؤالاً يتجدد حول العدالة المغيبة، وأن سحائبها تظل محلقة في السماوات صنواً لأرواح الشهداء. ولكن (ليس ثمة من مفر) فقانون المحاسبة لا يفرق بين وضيع و رفيع ولا يحاسب مجرما ويحصن مجرما آخر، فالناس سواسية أمام نصب العدالة. نخرج من نافذة الاعتصام إلى بوابة الحرب. وسيعود القانون في بلادنا حارساً وسيداً حيث لا إفلات من المحاسبة والعقاب طال الزمن أو قصر.
الوقت ينفد و الدائرة تضيق و نحن في الذكرى السادسة لجريمة فض الاعتصام التي توافق هذا العام العشر الأوائل من ذي الحجة يبقى عاليا (صوت النذير) بإيقاف الحرب شعاراً تستفل معه كل الأصوات، ف(الناس في بلدي) أصبحوا يموتون و لا يقوون على صناعة الحب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة