السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش وما قبلها لنستكشف ذاتنا وهويتنا المتحركة!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2025, 11:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-01-2025, 07:56 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش وما قبلها لنستكشف ذاتنا وهويتنا المتحركة!

    07:56 PM June, 01 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد جمال الدين-The Netherlands
    مكتبتى
    رابط مختصر



    السفر عبر الزمن: من هنا والآن وإلى الماضي: كوش وما قبلها.. ناخد مثال شخصية تخيلية لنستكشف ذاتنا وهويتنا المتحولة من خلالها!

    لنقم برحلة تخيلية مع محمد حمد عبد الله النجومي (من وسط السودان) عبر الزمن، مستندين إلى التحولات الحضارية التي قد تطرأ على "الزول" وفق كل مرحلة تاريخية واخرى، حيث تُشكل التقلبات الحضارية ، الهجرات، التبادل الثقافي، والتحولات السياسية والدينية ملامح هذه الشخصية المتغيرة بثبات، دون أن تفقد جذورها الممتدة في هذه الأرض.
    والتفاصيل اليومية تُستنبط من السياق التاريخي والجغرافي.. وباختصار.. الباقي نتركه للخيال.

    الزمن: 2025 م
    الاسم: محمد حمد عبد الله النجومي
    المظهر: جلباب أبيض، بناطيل حديثة، نظارات طبية، لحية مهذبة
    الدين: إسلام (مع تنوع مذهبي)
    اللغة: عربية سودانية
    المأكل: كسرة، فول ورغيف، شاي سادة وشاي بلبن.
    الحياة: موظف في بنك الخرطوم قبل الحرب التي نشبت 2023، هاتف سامسونغ، توتر سياسي، اختلاط إثني وثقافي بسبب التمدن والهجرة الداخلية لكن بصحبة انهيار واحباط عام وتشتت قبلي وجهوي وانسداد الافق.

    الزمن: 1900 م (بداية الحكم الإنجليزي)
    الاسم: محمد النجومي
    المظهر: جلباب قطني، عمامة بيضاء، حزام جلدي
    الدين: إسلام صوفي (الطريقة القادرية)
    اللغة: عربية مع مفردات نوبية
    المأكل: عصيدة ذرة، لبن الإبل
    الحياة: فلاح ، ولاء محلي للناظر وشيخ الطريقة الصوفية، تأثر بالوجود التركي ثم الإنجليزي.

    الزمن: 1860 م (العهد التركي المصري)
    الاسم: محمد بن حمد
    المظهر: جلباب أزرق، سيف وصوت عنج ، شامة في الوجه
    الدين: الإسلام
    اللغة: عربية
    المأكل: رغيف قمح، ملاح دمعة وبامية، بلح
    الحياة: تاجر في سوق سنار، يتعامل مع قوافل من جنوب السودان وجبال النوبة دارفور وكانو، تزاوج بين ثقافات النوبة والعرب والأتراك.. وتجارة الرقيق.

    الزمن: 1700 م (مملكة سنار - الفونج)
    الاسم: حمد ود عبد الله ود دكين
    المظهر: عمامة سوداء، شعر مضفر
    الدين: إسلام
    اللغة: عربية ونوبية
    المأكل: لحوم مجففة، باذنجان نيلي ذرة رفيعة ومريسة.
    الحياة: جندي في جيش الهمج، مجتمع مختلط من فونج , نوبة، بجا وعرب نتيجة للهجرات واندماج.

    الزمن: 1300 م (مملكة علوة المسيحية)
    الاسم: مينا (اسم نوبي مسيحي)
    المظهر: قميص كتاني أبيض، صليب برونزي
    الدين: مسيحية (كنيسة الإسكندرية)
    اللغة: نوبية ويونانية
    المأكل: خبز شعير، نبيذ تين وخمر التمور والذرة.
    الحياة: كاهن في كنيسة سوبا، تفاعل حضاري مع بيزنطة والاسكندرية، أثر قبائل نازحة من الشمال والغرب في البنية السكانية.

    الزمن: 550 م (بداية دخول المسيحية)
    الاسم: آري (اسم نوبي)
    المظهر: شعر مجدول، رداء أرجواني
    الدين: وثني ثم مسيحي (تحول حديث)
    اللغة: مروية ونوبية
    المأكل: سمك مملح، شعيروذرة رفيعة ولحم ماعز.

    الحياة: حرفي في مروي، يشهد قدوم مبشرين من الشمال وامتزاج الثقافة المحلية بالمسيحية الجديدة.

    الزمن: 350 م (انهيار مروي)
    الاسم: تكريدن (اسم مروي)
    المظهر: وشوم على الذراع، جلد نمر
    الدين: عبادة أبادماك
    اللغة: مروية
    المأكل: ذرة مشوية, سمك نيلي، لحم ضأن.

    الحياة: محارب في البجراوية، يواجه ضغطا من موجات نازحة من الصحراء الغربية وتدخلات الرومان وتغيرات في طرق التجارة وسوء الظروف المعيشية وانهيار النظام المجتمعي.

    الزمن: 200 ق.م (ذروة حضارة مروي)
    الاسم: أرتميدور (اسم مروي)
    المظهر: تاج برأس أسد، سوار نحاسي
    الدين: أبادماك
    اللغة: مروية
    المأكل: سمك وخبز الشعير، خمور التمر والذرة الرفيعة
    الحياة: كاهن في معبد جبل البركل، مجتمع حضري نشط، تأثر بالثقافة الهلينية من خلال النيل

    الزمن: 350 ق.م (بداية مروي)
    الاسم: كاشتا (اسم كوشي)
    المظهر: رداء كتاني أبيض، قلادة عقيق
    الدين: آمون ثم أبادماك (تحول قسري)
    اللغة: كوشية قديمة
    المأكل: تمور، سمك نيلي, ذرة رفيعة
    الحياة: فلاح في نبتة، يعيش تحولات دينية واجتماعية، تأثر بالهجرات من الصحراء الكبرى واليونان.

    الزمن: 750 ق.م (حضارة نبتة الكوشية)
    الاسم: بيا (اسم كوشي)
    المظهر: شعر مضفر، خرز زجاجي
    الدين: آمون وإيزيس
    اللغة: كوشية
    المأكل: سمك وبصل نيلي، عسل بري، حنطة
    الحياة: صانع فخار، مجتمع أرستقراطي، تفاعل مع سكان الواحات والمراعي القريبة وشمال وادي النيل.

    الزمن: 2500 ق.م (حضارة كرمة)
    الاسم: كاو (اسم كوشي قديم)
    المظهر: جلد غزال، صبغة حناء
    الدين: رع وآلهة الطبيعة المتعددة
    اللغة: كوشية تكتب بالاحرف الهيروغلوفية
    المأكل: حبوب برية، بيض نعام
    الحياة: صياد، يشهد بدايات الاستقرار، هجرات مبكرة من مصر واليونان وشمال ووسط أفريقيا.

    الزمن: 7000 ق.م (ما قبل الحضارة)
    الاسم: لا اسم (يُنادى بـ يا شخص يا مرايا النهر)
    المظهر: عارٍ إلا من حبل من ألياف نباتية
    الدين: أرواح الطبيعة
    اللغة: إشارات وأصوات بدائية
    المأكل: أسماك نيلية، لحوم ابقار وماعز وفواكه.

    الحياة: بدوي حول النيل، أدوات حجرية، جزء من أولى الهجرات البشرية التي استقرت على ضفاف النيل

    الثوابت عبر الزمن:
    الاسم العائلي: النجومي يختفي قبل 1000 م، لكن جذوره الرمزية تُلمح في نقوش مروي القديمة
    المظهر: الملابس الخفيفة (قطن أو كتان) استجابة للمناخ.
    المأكل: اعتماد دائم على النيل (سمك، حبوب، بلح)
    الهوية: انتماء للأرض، متغير في الشكل ثابت في الجوهر.

    ملاحظات حول الرحلة:
    ربما أكبر صدمة: بداية التحول من العقيدة الابادمكية الى المسيحية في حاولي 400م
    ثم أكثر زمن راحة: 1300 م في سوبا (استقرار نسبي، تعدد ثقافي متحكم فيه).

    اللغات المفقودة: المروية والكوشية القديمة.

    اللغات الجديدة في لحظات مختلفة: اليونانية والقبطية والرومانية ثم العربية.

    هذه الرحلة لا توثق التاريخ فحسب، بل تجسد الهوية السودانية كمرآة لتحولات حضارية لاغية لبعضها البعض وهجرات متتابعة وتحولات عميقة، ومحمد هنا ليس فردا، بل استعارة للإنسان الذي تصوغه اقدار التاريخ كل مرة واخرى ودائما.

    السؤال الوجودي المتكرر: هل الشخص هو نفس الشخص مع كل إنتقال حضاري مع ان اشياء جوهرية تغيرت في مخياله وإعتقاداته ومظهره؟!

    ---
    هذه الرحلة التخيلية ربما ستختلف قليلا او كثيرا عند تطبيقها على حالات في ارجاء اخرى من السودان غير وسطه وشماله .. اتوقع ان نشهد الرحلة اختلافات مقدارية في اللغات والاديان والمظهر والمناخ كما عدد الانقلابات الحضارية.. ربما افعل ذلك مرة من المرات.. وعلى اي حال اي منا يستطيع ان يحاكي هذا التصور التطبيقي ويرينا النتيجة من ناحيته دون التقيد بالضرورة بالمراحل الزمنية الواردة هنا.






                  

06-01-2025, 10:31 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش و� (Re: محمد جمال الدين)


    يفصل أن يقرا ذلك مع هذا: 👇

    نحو نظرية جديدة لإعادة قراءة حضارة وادي النيل: التحولات الحضارية الكبرى في القسم الجنوبي

    ملاحظة استباقية: هذه هي الحلقة الاولى من هذه السلسلة المخطط لها ستأتي كإطار نظري لما يليها في المستقبل. وسأعمل فيها التركيز على القسم الجنوبي من الحضارة أو ما تعارف عليه حديثاً بإسم كوش. مع إنني في مقبل الحلقات سأسعى إلى تبيان بعض الإشكالات لهذا التوصيف "كوش" من زواياه اللغوية والتاريخية والإثنوغرافية.

    وأنتهي من هذه الملاحظة بالتذكير أنني هذه المرة سأعمل على تبيان ما اسميه ب"النقلات او التحولات الحضارية الكبرى" التي حدثت في تاريخ القسم الجنوبي من الحضارة.

    وهذه النظرة الجديدة وإن شئت قل النظرية الجديدة "قيد التكميل" تفترض أن الحضارة بدأت أول ما بدأت وعمرت الأرض في المسافة الجغرافية الممتدة بين كرمة جنوب مدينة حلفا القديمة في سودان اليوم مروراً بأسوان ونهاية ب"الأقصر" في مصر اليوم (تسمى: طيبة قديما).

    وأما بقية الحواضر شمال وجنوب ذلك كانت موجودة ولكنها أقل صلاحية لنشوء الحضارة بسبب العوامل البيئية "المستنقعات والأرض الطينية الهشة" في كل من نبتة والبجراوية وسوبا وسنار بالنسبة لجهة الجنوب والدلتا المصرية من جهة الشمال كانت في لحظة تاريخية بدورها عبارة عن مستنقعات واسعة ثم جفت رويداً رويداً حتى أصبحت صالحة للسكنى والعمران والحضارة في لحظة مستقبلية لاحقة.

    وحدثت النقلات الحضارية جغرافياً في أقساط وعبر أزمان تاريخية مختلفة بسبب تغير الظروف المناخية وتصحر البيئة وقلة المياه الكافية للإنسان والحيوان والأرض.

    ويمكننا أن نرصد تحول واحد كبير ناحية الدلتا المصرية والبحر الأبيض المتوسط .. وأربعة تحولات حضارية ناحية الجنوب.

    وسنركز في هذه المرة في التحولات ناحية الجنوب كونها الأكثر عدداً والأكثر إنفصالاً عن ارث بعضها البعض في الضد من التحول ناحية الشمال الذي جاء أكثر ثباتاً من حيث مركزية الحضارة في الرقعة الجغرافية ولو ليس الإثنوغرافية، بعد، تلك الخاصية هيأت الظروف لإستقرار أفضل في لحظات تاريخية مختلفة. وتداخل أكبر مع الجوار الأبيض متوسطي والأرجاء الأرامية “سوريا والعراق وبقية أرجاء الشام" والجزيرة العربية وأسيا الوسطى وأخيراً روما وأوروبا الغربية” وذلك ادى الى تنوعات منمازة في الإنساق الحضارية في نفس المكان دون نقلات جغرافية للمركزية الجغرافية كما حدث ناحية الجنوب.

    مع ملاحظة مهمة أن المركز القديم في كل المراحل الحضارية كان حاضراً ولكن ظلت أهميته السياسية والإقتصادية والحضارية تتراجع بشكل مستمر. حتى أضحى رويداً رويداً مجرد مكان لتكدس الأثار وجدل المؤرخين وصراع الآيدولوجيات في العصر الحديث، بالذات أيام الإستعمار الغربي وما بعده اي حين نشوء الجغرافيات الحديثة المسماة “أوطان” وهو جدل كثيره لا ينشد بالضرورة الحقيقة التاريخية او الآركولوجية او الأنثروبولوجية المحضة وإنما جله يندمج ويندغم في حقلي الآيديولوجيا والسياسة.

    التحولات الحضارية الأربعة ناحية الجنوب والتي قلنا أنها جاءت منفصمة عن بعضها البعض إن لم نقل معادية لإرثها السابق وربما هو ذلك تماما!.

    وأيضاً لا ننسى أننا قلنا أن النقلة التي تمت ناحية الدلتا المصرية "واحدة" لكن حدثت تحولات نوعية أيضاً جاءت منفصمة أو معادية لما سبق وبالعداء نعني "الإلغاء"، محاولة دحض السابق الحضاري كلما أمكن.

    1- التحول الحضاري الأول جاء مع تحول "كرمة" إلى مركزية حضارية.. ورمزيته إستمرت في مرحلة الإله آمون (جزً من السودان الأقدم) حوالي 4000 ق م إلى حوالي 350 ق م. وبالإله آمون لا نعني مجرد رمزية دينية مقدسة وإنما يعني ذلك شعوب عديدة وجغرافيات عديدة وطبقات حاكمة وأخرى محكومة وبالضرورة إذن صراعات إجتماعية من لحظة إلى أخرى وضمنه تحول العاصمة الحضارية من كرمة جهة الشمال إلى نبتة جهة الجنوب حوالي 150 كيلومتر من كرمة لكن دون أن يحدث عند نبتة أي تغيير شامل في النسق الحضارة ومرموزاته.

    2- التحول الحضاري الثاني (مرحلة الإله أبادماك وقبلته المقدسة كانت جبل البركل).. حضارة مروي 350 ق م إلى حوالي 350 ميلادية بداية بالمؤسس "أركماني"، إذ عنده مرة ثانية تحولت العاصمة الحضارية من نبتة إلى جنوب أبعد (البجراوية) حوالي 200 كيلومتر ناحية جنوب ابعد بالنسبة لما سبق، وحالياً توجد بذات الإسم بالقرب من مدينة شندي. هذا التحول الكبير ألغى آلهة الماضي وبالضرورة ألغى أو أفنى الطبقات السابقة الحاكمة وحول اللغة الرسمية من الكوشية القديمة إلى المروية (رسمياً) وربما حدث خراب للعواصم الحضارية السابقة أكبر مما حدث في إسطورة سوبا التي سنرويها لاحقاً والتي رمزت للتحول الحضاري الثالث قبل الأخير. وبرغم ذلك الإلغاء المتعمد فإن كل تحول حضاري يحمل الكثير من الصبغات الوراثية لما سبق.

    فدولة الهوية في التاريخ كانت آيديولوجيتها تتمثل في الديني والإسطورة .. فدولة الهوية قبل إختراع دولة المواطنة الغربية الحديثة كانت دوما: دولة الدين الواحد والعرق الواحد والاسرة الواحدة الحاكمة تتضمن الفرد الواحد الحاكم.. و يقولون الأسرة الخامسة والعشرين في مصر مثلاً.. لذا أي تغيير جذري في الدين هو بدوره تغيير آيدويولوجي ربما يعني تغيير بالضرورة لكل
    النظام السياسي والإجتماعي والطبقي ويتضمن تطهير مادي ورمزي للجماعات والأعراق التي سبقت.. كما في إسطورة خراب سوبا عاصمة مملكة علوة المسيحية. وتستطيع أن تقول أيضاً خراب كرمة و خراب نبتة.. والبجراوية قبلها وبيدها.

    وجاء في الأثر أن الملك الأول المؤسس "أركماني" قتل جميع كهنة آمون لحظة التحول إلى الإله "أبادامك" على سبيل المثال لا الحصر.

    3- التحول الثالث: من أبادماك إلى يسوع المسيح حوالي 450 م إلى حوالي 1500 م هذا التحول الكبير ألغى بدوره آلهة الماضي وحول وجهة العبادة من البركل إلى أورشليم القدس. وبالضرورة ألغى أو أفنى الطبقات السابقة الحاكمة وربما حدث خراب للعواصم الحضارية السابقة وحول اللغة الرسمية من المروية إلى اليونانية (لغة الكتاب المقدس). وتحولت العاصمة مرة ثالثة من مروي في الشمال إلى جنوب آخر (سوبا/مملكة علوة) شرق العاصمة السودانية "الخرطوم" حاليا. ولا ننسى ان هناك مملكة اخرى شمال علوة بدورها مهمة (المقرة) ولكن النقلة التي تمت الى الجنوب بصعود علوة هي الفريدة في زمانها. كما ان علوة كانت الاكبر مساحة والاغنى ماديا وعاشت اكثر في حساب الزمن .. على اي حال لقد تم الغاء البجراوية/مروي وارثها على الاقل في العقيدة واللغة والطبقات الحاكمة. وهذا ما كانت تفعل كل دول الهويات في التاريخ (صيغة العرق الواحد والدين الواحد والتاريخ الواحد والأسرة الواحدة الحاكمة) تلك هي الصيغة الوحيدة في تاريخ البشرية فيما قبل دولة المواطنة الغربية الحديثة.

    ففي التاريخ من المستحيل أن يعيش عرقان في نفس المكان والزمان ويتمتعان بذات الحقوق والواجبات ولا دينان ناهيك عن تعدد ديني ولا تاريخان ولا أسرتان حاكمتان.. ذلك من أسباب خراب سوبا والخرابات الأخرى في تاريخ البشرية قاطبة.

    4- التحول الحضاري الرابع والأخير هو "سنار" حوالي 1503- إلى الآن “هذه الأيام التي نعيشها”. هذا التحول الكبير ألغى بدوره آلهة الماضي وحول وجهة العبادة من أورشليم القدس إلى مكة.. وتحولت اللغة الرسمية من النوبية القديمة و اليونانية والقبطية إلى العربية وتحولت العاصمة مرة رابعة من سوبا في الشمال إلى جنوب آخر أبعد (سنار) حوالي 300 كيلومتر جنوب سوبا.

    وبالضرورة هذا التحول الحضاري الكبير ألغى أو أفنى الطبقات السابقة الحاكمة .. ولدينا تصور أنها جماعات من الشعب الأخير الذي كانت تتشكل منه الطبقات العليا الحاكمة السياسية والدينية والمقدسة وكانت جماعة أو شعب "العنج" في أغلب التصورات.

    شرح مكرر للأهمية: في التاريخ من المستحيل أن يعيش عرقان في نفس المكان والزمان ويتمتعان بذات الحقوق والواجبات ولا دينان ناهيك عن تعدد ديني ولا تاريخان ولا أسرتان حاكمتان.. ذلك من أسباب خراب سوبا والخرابات الأخرى في تاريخ البشرية قاطبة (مكرر للضرورة!).

    ولكن كما أسلفنا حدثت وتحدث تحولات سياسية كبرى داخل النسق السناري نفسه دون أن تلغيه كاملاً بل عاشت فيه وبه. وسنجد أن لكل تغيير سياسي كبير إضافته المميزة سلباً أو إيجابا على مجمل النسق (راجع لطفاً إن شئت التعرف على هذه النقطة تفصيلياً سلسلة رسالة إلى السلفيين الجدد).

    التحول الحضاري السناري هو الأخير وما نزال نعيشه حتى هذه اللحظة وفق هذا التصور.. إذ معظم عناصر ذلك التحول ما تزال قائمة في أرض الواقع من حيث الجوهر، ولو أنه يتزلزل أمام التحولات الديمغرافية الجديدة والآيديولوجيات الجديدة والوعي الجديد بدولة المواطنة والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان وأخيراً موجة العولمة.

    ودولة المواطنة سيكون فيها التحول الجديد ونهاية النسق السناري. بحيث ستكون سنار آخر حضارة هويوية في تاريخ الرقعة الجغرافية المسماة السودان وتتحول إلى الدولة العصرية دولة المواطنة.. ويظل التاريخ يدور ويدور بنا ونحن في سفينته.. وعلينا احترام كل لحظاته لان ليس في الامكان احسن مما كان.. والا لكان!.

    محمد جمال الدين.. سبتمبر 2015.. لاهاي/هولندا

    ملاحظة هامة عندي على أثر هذه السلسلة الجديدة المسماة “نحو نظرية جديدة لقراءة الحضارة”:
    شخصياً ضد الهوية اي كانت وضد دولة الهوية ومع دولة الحقوق والمواطنة فحسب.. في طريق دولة الإنسان والإنسانية.. الحديث هنا عن شي عملي.. فهم واقعنا الانثروبولوجي والسياسي والاجتماعي وكيفية التعامل مع تنوعنا وفهم جذوره والبيئة الطبيعية المحيطة بنا عن وعي علمي ودراية موضوعية. فأنت لن تستطيع إحترام شئ وإدارته دون الإحاطة به، أليس كذلك!.. وهذا أظنه ما يؤكده واقعنا المعيش من بؤس وسوء حال.. تلك هي القضية العملية في حسباني فالتاريخ وأثار الحضارات هنا مجرد موظف في خدمة الواقع اي الوعي العملي بالراهن “الذات والأقليم والعالم” في زمان دولة المواطنة.. دولة الحقوق والواجبات المتساوية للبشر (المواطنين في الرقعة الجغرافية) بلا اي تمييز على اساس خلفياتهم اي كانت ولا حضاراتهم اي كانت.. ماضون في الطريق الشاق والطويل طريق دولة الإنسانية.. تلك هي القضية!
                  

06-01-2025, 11:33 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش و� (Re: محمد جمال الدين)



    شكر وامتنان


    أتوجّه بخالص الشكر والامتنان إلى الأستاذ محمد جمال الدين، الذي كان لمقاله الأخير "السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش وما قبلها لنستكشف ذاتنا وهويتنا المتحركة!" أثر بالغ في تحفيزي على هذه المغامرة الذهنية.
    لقد ألهمني هذا الجنون الحميد الذي يدفعنا إلى التفكير أبعد من السائد، والغوص في طبقات وعينا العميقة، حيث تتداخل الأزمنة وتتشكل الهوية في مرايا الذاكرة والخيال.
    فلك كل التقدير، أيها المحرض على التفكير، والمثير لقلق المعنى.

    زهير والمِتيا فريس أن ترى نفسك وأنت تُعاد من جديد
    استفزّني ما كتبه المفكر السوداني محمد جمال الدين بعنوان:
    "السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش وما قبلها لنستكشف ذاتنا وهويتنا المتحركة!"
    كان عنوانًا مشبعًا بالدعوة إلى التفكّر، لكنه في الوقت نفسه أربكني:
    هل يمكن أن نعود فعلًا؟
    وهل الماضي هناك لنكتشفه، أم أن ذواتنا هي التي تنتقل نحوه وتعيد تشكيله؟
    وهل الهوية فعلاً "متحركة" أم أنها تتآكل وتولد من جديد في كل صدمة تاريخية؟

    تلك الأسئلة، وهي تتصارع داخلي، قادتني إلى أن أجرب شيئًا مختلفًا.
    لم ألجأ إلى الكتب، ولا إلى الندوات، بل إلى أداة تخيّلتها وكأنها موجودة في زمن لا يرحم التوقف- نظارة الزمن الوجودي، أو كما أسميتها: المِتيا فريس.

    لم تكن تجربة مريحة. كانت صادمة، مربكة، وفي كثير من لحظاتها، موجعة.
    لكني خرجت منها وأنا أحمل وعيًا متشظّيًا، أكثر صدقًا من وعيي السابق.
    وعي لا يريد أن يعثر على "جوهر" ثابت، بل على أثر متعدد لرحلة إنسان سوداني يعيد اكتشاف ماضيه من أجل أن يفهم نفسه في الحاضر.

    وهكذا بدأت التجربة.
    زهير والمِتيا فريس: أن ترى نفسك وأنت تُعاد من جديد
    ما الذي سيحدث لو استطاع الإنسان أن يرى نفسه كما كان يمكن أن يكون؟ لا كما تخيله، بل كما عاشه فعلاً في أزمنة أخرى؟ هذا ليس حلمًا خياليًا في زمن الميتافيرس والذكاء الاصطناعي، بل سؤال تجريبي خاضه الصحافي والكاتب السوداني زهير عثمان حمد بنفسه عبر أداة تقنية فريدة تُدعى "المِتيا فريس"—نظارة الزمن الوجودي.

    لم تكن التجربة محض استعراض بصري لمشاهد قديمة. بل كانت رحلة داخل الذات، تقلبت فيها الهويات، وتصارعت فيها اللغات، وتنازعت الرؤى، وتحوّلت الأسئلة من "ماذا حدث؟" إلى "من كنت؟".

    1. دخول الزمن: لحظة الانكسار الأول
    حين ارتدى زهير نظارة "المِتيا فريس"، لم يختر زمنًا متوقعًا. لم يعد إلى 1956 ليرى لحظة الاستقلال، ولا إلى الستينيات ليتأمل عنفوان الخرطوم. بل اختار أن يبدأ من حيث لا يتوقع أحد: القرن السادس قبل الميلاد، مملكة نبتة.

    في البداية، كان المكان غريبًا: ضوء أحمر رملي، معابد حجرية، نيل هادئ لكنه مهيب، وكهنة بملامح مألوفة وغير مألوفة في آن. وعندما نظر إلى إحدى المرايا البرونزية في هيكل أبادماك، رأى صورته، بملامحه الحالية، لكنه يرتدي ثوبًا كوشيًا، وعلى جبينه وشم ملكي. لم يكن مجرد مراقب، بل أحد الفاعلين. ملك؟ جندي؟ شاعر معبد؟ لم يكن يعرف بعد. لكنه شعر بشيء من الامتداد الداخلي—ذلك الإحساس بأن التاريخ ليس خارجه، بل في نخاعه.

    2. الشكوك تبدأ: هل أنا هذا؟
    أعادته المِتيا فريس إلى القرن العاشر، إلى سوبا المسيحية، حيث وجد نفسه هذه المرة شماسًا يتحدث بلغة نوبية ولاتينية، يدوّن مخطوطًا عن قصة صعود مدينة، ودمارها المنتظر. كان صوته مختلفًا، هادئًا، لكن داخله نزاع بين الإيمان والحقيقة. هناك، لم يكن اسمه زهير، بل "جنوح"، وكان يحمل شكوكًا شبيهة بتلك التي ستحمله لاحقًا كصحفي في الخرطوم، حين يكتب عن الحرب، عن السلطة، عن تشوّه الحقيقة في خطاب الدولة والمعارضة معًا.

    الأسئلة بدأت تتراكم:

    إن كنت في الماضي قد آمنت بإله مثلث الأقانيم، ثم عبدت الأسد المقدّس، ثم كبّرت باسم الله في الخرطوم… من أنا فعلاً؟

    أأملك هذا الإرث؟ أم أنه يملكني؟

    هل أنا عقل مستقل، أم نص طويل مكتوب بأقلام كثيرة؟

    3. لحظة الخرطوم: مرايا الواقع
    أعادته النظارة إلى سنة 2023، منتصف الحرب في السودان. رأى نفسه كما هو، في مكتبه الضيق، يحاول أن يكتب موقفًا متزنًا. يتردد بين واجب الصحافة ونداء الضمير، بين العنف المتلفز وخريطة لا تتضح. كانت أصعب لحظة في التجربة: أن ترى نفسك كما أنت، دون وسائط ولا سرديات.

    في المِتيا فريس، لم يكن زهير البعيد عن الحرب، بل رأى كيف كان يمكن أن يكون ضابطًا صغيرًا في الجيش، أو متحدثًا باسم الدعم السريع، أو إمام مسجد يحث الناس على الثبات، أو حتى ناشطًا في مطبخ خيري بشرق السودان. كل تلك الهويات ممكنة، وكلها كانت بداخله.

    4. الانفجار: لم تعد النظارة ضرورية
    في المرحلة الأخيرة من التجربة، تحوّلت "المِتيا فريس" إلى ما يشبه شاشة داخلية. لم يعد يحتاج أن يرتديها. صار يستدعي الأزمنة داخليًا. أصبح الزمن مادة شعورية.

    رأى ابنته تحمل كتاباً عن الهوية وتبكي.

    رأى نفسه شيخاً عجوزاً يهمس لتلميذ في قرية على الحدود.

    رأى نسخة منه تمشي وحدها في الخرطوم المهجورة عام 2035 تبحث عن شيء من السلام.

    هنا، فهم زهير أن الهوية ليست قرارًا، ولا سيرة ذاتية. بل نهر واسع لا نراه كاملًا من ضفة واحدة. وأن الكتابة ليست إجابة، بل محاولة لتثبيت ظلّ السؤال قبل أن يُمحى.

    الخاتمة: من أنت حين تنظر من المستقبل؟
    تجربة "زهير عثمان" مع المِتيا فريس ليست خيالاً علمياً، بل استعارة حية للوعي المعاصر. ففي عالم يتمزق فيه السودان، وتتهاوى فيه المعاني، تبقى التجربة الكبرى ليست في النجاة، بل في فهم من نحن حين نُجرّد من اللحظة، ونُوضع في مرآة الأزمنة.

    ليس عليك أن تكون كل ما كنت. لكن ربما، عليك أن تتذكر كل من كان يمكن أن تكونه.

    وهذا، تحديدًا، هو وعد المِتيا فريس.
                  

06-02-2025, 08:54 AM

Hani Arabi Mohamed
<aHani Arabi Mohamed
تاريخ التسجيل: 06-25-2005
مجموع المشاركات: 3563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش و� (Re: محمد جمال الدين)

    صباح الخير

    أستأذن منك أن تقرأ ما كتب شخصي الضعيف في "كرمة والقمر" ... تجدها في عدة مصادر أونلاين
    احترامي
                  

06-03-2025, 05:46 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش و� (Re: Hani Arabi Mohamed)

    أهلا بيك رفيقنا المبدع زهير.. فكرة (المِتيا فريس) فكرة مبدعة فعلا وممتعة
                  

06-03-2025, 05:47 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السفر عبر الزمن من الآن وإلى الماضي: كوش و� (Re: Hani Arabi Mohamed)

    سلامات هاني عربي .. حاولت الوصول إلى الرواية ذات العنوان المثير ولكنني لم أوفق بعد في الحصول عليها .. سأحاول مرة ثانية مساء اليوم.. لا بد أنها صادرة عن تجربة كبيرة وناضجة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de