في خضم الحرب المستعرة في السودان، أعلنت السلطة العسكرية في بورتسودان عن تشكيل حكومة جديدة تضم كتائب قاتلت إلى جانب الجيش. تمّت هذه الخطوة تحت إشراف مساعد قائد الجيش، الفريق أول ياسر العطا، واعتُبرت جزءًا من صفقة سياسية تُبررها السلطة على أنها "اعتراف بالتضحيات". لكن في جوهرها، تُعد هذه الخطوة شرعنة لقوى مسلحة بعضها متهم بانتهاكات جسيمة، مثل "كتيبة البراء" المرتبطة بالإسلاميين، و"درع السودان" بقيادة أبو عاقلة كيكل. هذه الجماعات التي كانت تتحرك خارج إطار القانون، أصبحت اليوم جزءًا من السلطة التنفيذية. في خطاب صريح، أكد عبد الفتاح البرهان أن "كل من حمل السلاح سيشارك في المشروع السياسي"، مما يُحاول تحويل هذه التشكيلات من أدوات حرب إلى شركاء حكم، متجاهلًا واحدًا من أهم مطالب الثورة- فصل السلاح عن السياسة. إعادة إنتاج النظام القديم مشاركة المليشيات الإسلامية تُعيد إلى الواجهة تحالفات نظام البشير، الذي كان يعتمد على هذه القوى في بسط سيطرته. وبدلًا من تفكيك ما يُعرف بالدولة العميقة، يجري الآن دمجها علنًا في مؤسسات الحكم. موت العدالة الانتقالية هذه التعيينات تمنح جماعات مسلحة شاركت في قمع الثورة شرعية سياسية دون مساءلة، مما يضرب مبدأ العدالة الانتقالية ويُغذي ثقافة الإفلات من العقاب. غياب الشرعية وتهديد الوحدة الوطنية الحكومة الجديدة تفتقر إلى أي شرعية شعبية حقيقية، خصوصًا مع استمرار الحرب وانعدام التوافق الوطني. كما أن إشراك جماعات ذات طابع قبلي وعسكري يُهدد بتفكيك السودان فعليًا، بين مناطق نفوذ الجيش في الشرق والدعم السريع في الغرب ويُفاقم الاستقطاب الأهلي والمناطقي.
بداية الفتنة التي سوف تطيل أمد الحرب , إن تشكيل هذه الحكومة، في ظل الحرب، وبمشاركة المليشيات، ليس سوى بداية فتنة تُقنّن منطق العنف وتُطيل أمد النزاع. لا تُبشّر هذه الخطوة بسلام أو انتقال، بل تُكرّس انحدار الدولة نحو مزيد من التفكك والانقسام، وتفتح الباب لحقبة جديدة من الحرب السياسية المستترة بالسلاح.
05-27-2025, 09:55 PM
صديق مهدى على صديق مهدى على
تاريخ التسجيل: 10-09-2009
مجموع المشاركات: 11018
Quote: كارثة صحية في السودان: 1286 وفاة بالكوليرا في سبع ولايات ونداء استغاثة من الأطباء
الجريدة / فدوى خزرجي
كشفت الدكتورة أديبة إبراهيم السيد، عضو اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء – فرعية خصوصي أم درمان، عن تسجيل 1286 حالة وفاة بالكوليرا في سبع ولايات سودانية، وذلك في ظل ما وصفته بـ"الوضع الكارثي المتفاقم". وأوضحت الدكتورة أديبة في تصريح خاص لـ"الجريدة" أن ولاية الخرطوم تصدّرت عدد الوفيات، حيث سُجّلت 500 حالة وفاة في مدينة أم درمان وحدها، و346 حالة في الخرطوم. كما سُجّلت 45 وفاة بمدينة ود مدني بولاية الجزيرة، و305 حالات في الولاية الشمالية، و33 في ولاية نهر النيل، بالإضافة إلى 57 حالة وفاة في شمال كردفان. وأكدت أن العدد الفعلي للإصابات يفوق الأرقام المعلنة بكثير بسبب صعوبة الحصر، وسط تفشي العدوى وانتشارها على نطاق واسع. ووصفت الدكتورة أديبة الوضع الصحي في البلاد بأنه "ينذر بكارثة إنسانية"، مرجعة الأسباب إلى تلوث المياه، وانقطاع الكهرباء، وانعدام مياه الشرب النظيفة، وتكدس النفايات في الشوارع. هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تفشي الكوليرا، وحمى الضنك، وأمراض أخرى. وفي مستشفى النو بمدينة أم درمان، أفادت الدكتورة أديبة بأنه تم تسجيل أكثر من 450 إصابة بالكوليرا و150 حالة وفاة، مؤكدة أن الوضع هناك "خارج السيطرة". كما وصفته بـ"الكارثي" أيضًا في مناطق جنوب الحزام بالعاصمة الخرطوم. وحذّرت من نقص حاد في الأدوية المنقذة للحياة، وخاصة المحاليل الوريدية، موضحة أن مريض الكوليرا يحتاج إلى ما بين 50 إلى 60 كيس محلول وريدي يوميًا، وهي غير متوفرة حاليًا. وقد تسبب هذا النقص في مضاعفات صحية خطيرة وارتفاع عدد الوفيات. وأشارت إلى أن المجاعة وسوء التغذية أسهما بدورهما في تسريع انتشار الأمراض. كما لفتت إلى نقص الكوادر الطبية، خاصة في أم درمان ومراكز العزل، مما اضطر المستشفيات إلى تنويم المرضى في الممرات وخارج العنابر، وهو ما دفع إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية في مستشفى النو. وناشدت الدكتورة أديبة وزارة الصحة والمنظمات الإنسانية الدولية، والصليب الأحمر، لتوفير الأدوية والمحاليل الطبية بصورة عاجلة. كما دعت الكوادر الطبية إلى الاستنفار والعمل بالمستشفيات، خاصة في أم درمان. الجريدة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة