عودة صلاح قوش إلى بورتسودان: تداعيات الثورة والصراع على السلطة
السياق التاريخي والسياسي صلاح قوش والنظام السابق: يُمثِّل صلاح قوش رمزًا لـ"الدولة الأمنية" في عهد البشير، حيث ارتبط اسمه بقمع الاحتجاجات وترسيخ سلطة الأجهزة الأمنية. عودته من المنفى تُشير إلى استمرار تأثير "الدولة العميقة" التي لم تُفكك بعد سقوط النظام، وهو ما يُنذر بإعادة إنتاج الأدوات القمعية السابقة تحت ذرائع مثل "الاستقرار" أو "مواجهة التمرد". الوضع الراهن في السودان - تشهد البلاد حربًا أهلية وانهيارًا مؤسسيًّا، مع انتقال حكومة الأمر الواقع إلى بورتسودان بعد سيطرة القوات المسلحة على الخرطوم. هذا الفراغ السياسي والأمني يُسهِّل عودة شخصيات مثل قوش، خاصةً مع ضعف الرقابة المدنية وغياب آليات المساءلة. تحليل ردود الفعل ابتهاج الإسلاميين - يُعتبر دعم الإسلاميين لعودة قوش جزءًا من استراتيجية لاستعادة النفوذ، عبر توظيف خبرته الأمنية وشبكة علاقاته الإقليمية. يُرسل هذا الدعم رسالةً بأن "القوة" وليس الإصلاح هي الحل للأزمات، مما يُضعف المشروع المدني الذي نادت به الثورة. قد يعكس أيضًا تحالفًا ضمنيًّا بين الإسلاميين وبعض أجنحة الجيش، سعيًا لموازنة قوى التمرد أو المدنيين. صمت حكومة بورتسودان- يُفسَّر الصمت إما بـالقبول الضمني لوجود قوش كجزء من مفاوضات خفية مع أطراف داخلية أو إقليمية، أو بـالعجز عن مواجهة ترتيبات تُدار خارج نطاق سلطتها. يُشير التناقض هنا إلى انقسام داخل الحكومة بين مَن يرون في قوش "ضرورة أمنية" ومَن يرفضون إعادة إنتاج النظام القديم، لكن غياب موقف موحَّد يُعزز شكوكًا حول شرعية هذه الحكومة والتزامها بمسار الثورة. التداعيات المحتملة تراجع مكاسب الثورة -عودة رموز النظام السابق دون محاسبة تُهدد شعارات العدالة الانتقالية، وتُعمق إحباط الجماهير التي ثارت ضد الاستبداد. قد تُعيد هذه الخطوة تأسيس "الدولة البوليسية"، خاصةً مع تصاعد الخطاب الأمني الذي يُبرر القمع بحجة الحرب الأهلية. التأثير على الشرعية الدولية- صمت المجتمع الدولي يُعتبر مُؤشِّرًا على أولوية "الاستقرار" على الديمقراطية في التعامل مع السودان، ما قد يُشجع قوى الثورة المضادة. قد تستغل دول إقليمية (مثل مصر أو دول أخري ) علاقاتها مع قوش لتعزيز مصالحها في المنطقة، عبر دعم حكومة تُعطي الأولوية للأمن على حساب الإصلاح. ردود الفعل الشعبية- إذا استمر الصمت الرسمي، قد تشهد الشارع السوداني موجة احتجاجات جديدة، خاصةً من قوى الثورة والمجموعات المدنية التي ترفض تطبيع العلاقة مع رموز النظام البائد. قد يُعزز هذا الانقسام بين المدنيين والعسكر، ويُفاقم الأزمة السياسية. أسئلة نقدية هل عودة قوش تعكس فشلًا في تفكيك مؤسسات النظام القديم، أم أنها نتيجة حتمية لضعف البدائل المدنية؟ إلى أي درجة يمكن أن تُسهِم العوامل الإقليمية في إعادة إنتاج النظام الأمني السوداني؟ كيف يمكن لقوى الثورة استعادة زمام المبادرة في ظل تصاعد النفوذ الأمني؟
أن عودة صلاح قوش ليست مجرد حدث عابر، بل هي مؤشر على صراع أعمق بين مشروعين --مشروع الثورة- يسعى لبناء دولة مدنية قائمة على العدالة والشفافية. ومشروع الثورة المضادة يعتمد على إحياء شبكات النفوذ القديمة، مستفيدًا من الفوضى وغياب الإرادة الدولية لدعم التغيير. *في ظل هذه المعادلة، يُصبح مصير الثورة السودانية مرتبطًا بقدرة القوى المدنية على توحيد صفوفها، وإعادة طرح أجندة الإصلاح كخيار وحيد لإنقاذ البلاد من دوامة العنف والاستبداد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة