سياق الأحداث في السودان وعلاقتها بالتدابير الأمريكية السياق العام للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع تشهد السودان حربًا أهلية مُعقدة بين الجيش النظامي (بقيادة عبد الفتاح البرهان) وقوات الدعم السريع (بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي")، مع تداخل عوامل داخلية (صراع على السلطة والموارد) وخارجية (مصالح إقليمية ودولية). خروج الدعم السريع من أم درمان قد يُفسر كخطوة تكتيكية لتفادي الضربات الجوية أو لإعادة تنظيم القوات، لكن تزامنه مع التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على قيادة الجيش يفتح الباب لقراءة أعمق. العلاقة بين انسحاب الدعم السريع والضغوط الأمريكية التوقيت المُشبوه -الإعلان الأمريكي عن "تدابير وشيكة" ضد قادة الجيش (بسبب استخدام أسلحة محظورة) يتزامن مع انسحاب الدعم السريع من مواقع استراتيجية، مما يشير إلى وجود تنسيق غير مباشر. قد تكون واشنطن ضاغطة على الطرفين لتحقيق مكاسب سياسية، مثل إجبار الجيش على التفاوض أو تعزيز شرعية الدعم السريع كفاعل "مُعادي للإرهاب". يُستدل على ذلك من تاريخ الدعم السريع في التعاون مع التحالف العربي في اليمن، ما جعله طرفًا مقبولًا لدى دول بعينها، الحلفاء للولايات المتحدة. أدوات الضغط الأمريكية- العقوبات المُحتملة على الجيش (كالتي طالت نظام البشير سابقًا) قد تهدف إلى تقويض قدرته العسكرية والاقتصادية، خاصة مع اتهامات باستخدام أسلحة كيماوية، وهو ما يُذكر بنموذج العقوبات على النظام السوري. في المقابل، قد تُمنح قوات الدعم السريع شرعية دولية كبديل "أقل خطرًا"، خاصة مع تصويرها كقوة تُحارب الإرهاب (وفق الرواية الأمريكية). الأسباب الجوهرية للاهتمام الأمريكي بالسودان المصالح الجيوساسية - الموقع الجغرافي للسودان (بوابة أفريقيا إلى البحر الأحمر) وموارده (مثل اليورانيوم) يجعله محط أنظار القوى الكبرى. تحالف الجيش السوداني مع محور إيران وسوريا (من خلال تنسيق أمني مُزعوم) يُنذر بتهديد المصالح الأمريكية الإقليمية، خاصة مع تقارب إيران من الممرات البحرية الاستراتيجية. الحرب على الإرهاب- الاتهامات الموجهة للجيش باحتواء عناصر إخوانية (وفق التصنيف الأمريكي) تُستخدم كذريعة لتبرير دعم بديل مثل الدعم السريع، الذي يُروج له كحليف في مواجهة التطرف. هذا التوجه يتسق مع استراتيجية أمريكا في تفكيك الأنظمة المرتبطة بجماعات إسلامية، كما حدث في مصر بعد 2013. صفقة القرن والديانة الإبراهيمية - إشراك السودان في "الديانة الإبراهيمية" (التي تروجها واشنطن لتطبيع العلاقات مع إسرائيل) يتطلب إضعاف الجيش (المُشتبه في ولائه لتيارات معادية لإسرائيل) وتعزيز قوى موالية مثل الدعم السريع الذي أظهر انفتاحًا على التطبيع خلال حكومة حمدوك. السيناريوهات المحتملة استمرار الحرب عبر مفاوضات وهمية - قد يُعلن الجيش عن مبادرات سلام (كمنصة جدة) لتحسين صورته الدولية، بينما يستغل الانسحاب المؤقت للدعم السريع لإعادة التموضع العسكري في غرب السودان، حيث المعارك الأقل تكلفة سياسيًا. تصعيد عسكري مع تدخل خارجي- العقوبات الأمريكية قد تُتبع بضربات جوية محدودة (كمبدأ "الردع") ضد مواقع الجيش، خاصة إذا ثبت استخدام أسلحة محظورة. هذا السيناريو يُشبه النموذج السوري، لكنه مرهون بموافقة إقليمية (مصرية-سعودية). تفكك السودان - استمرار الصراع قد يؤدي إلى تقسيم فعلي للسودان، مع سيطرة الجيش على الشرق (بمساندة مصر) والدعم السريع على الغرب (بدعم إماراتي-سعودي)، وهو ما يُفيد إسرائيل عبر إضعاف دولة كبيرة مجاورة لمصر. لعبة المصالح الدولية فوق الدم السوداني الصراع في السودان ليس مجرد حرب أهلية، بل هو ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية، حيث- الولايات المتحدة تسعى لتحجيم النفوذ الإيراني-التركي وتعزيز التطبيع مع إسرائيل. مصر وقوي أخري تدعمان طرفي النزاع بشكل متناقض- مصر مع الجيش (حفاظًا على أمنها المائي)، والقوي الاخري مع الدعم السريع (لتحقيق نفوذ اقتصادي). الشعب السوداني يدفع الثمن- مجازر، نزوح، وانهيار كامل للدولة. الخروج من هذا المأزق يتطلب ضغوطًا دولية حقيقية لوقف التمويل الخارجي للأطراف المتحاربة، وخلق آلية تفاوضية غير منحازة، لكن الواقع الحالي يُشير إلى أن مصير السودان سيُقرر في عواصم خارجية قبل أن يُقرر في الخرطوم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة