|
Re: شاهد عيان كيف بدأت الفوضي الأمنية في دارف� (Re: محمد الحسن حمدنالله)
|
سأتناول التدهور الأمني في دارفور وتحديداً جنوب دارفور علي مراحل حقبة الثمانينيات وحقبة التسعينيات ثم الألفينيات التحديات الأمنية وأبرز الأحداث ونبدأ بفترة الثمانينيات حيث بدأت تظهر حوادث النهب المسلح إلي جانب المشاكل القبلية النهب المسلح بدأ بطريقة بسيطة والنموذج هو أن مسلحاً فرداً يعترض طريق الضحية في الخلاء حيث يتعذر طلب الغوث فيطلب الجاني من المجني عليه الجمل أو الحصان الذي يركب عليه فإذا إستجاب المجني عليه فقد دابته وحافظ علي روحه أما إذا رفض الإستجابة للطلب فيطلق الجاني النار عليه ويأخذ دابته وماله عادةً يصل البلاغ إلي مركز الشرطة في نيالا بعد مضي ساعات وربما أيام لعدم وجود مواصلات وربما يأتي المبلغ علي ظهر دابة أو حتي راجلاً ولأهمية البلاغ يحيل الرقيب المناوب المشرف علي مكتب البلاغات البلاغ لضابط الجنايات إن كان البلاغ أثناء ساعات العمل الرسمية أما خارج ساعات الدوام فسيتم إبلاغ الضابط المناوب والذي بدوره يقوم بإبلاغ رئيس المركز الذي يوجه الضابط المسؤول عن المأورية بتجهيز المأمورية ويبلغ مدير الشرطة بالحادث في العادة لا يكون هناك وقود كافي في مخزن مركز شرطة نيالا فيتم اللجوء إلي رئاسة الشرطة والتي إذا لم يتوفر لديها الوقود يتم إستلافه من التجار في السوق علي أمل سداده عيناً لاحقاً عندما تستلم الشرطة حصتها من المستودعات أو سداد القيمة نقداً بعد تجهيز المأمورية وهي عادةً تكون بقيادة ملازم أو ملازم أول مع جماعة أو صنف من القوة ١١ فرد صف وجندي مع برميل وقود وربما بعض التعيينات ( المواد الغذائية ) إن كانت المأمورية تستغرق أكثر من يوم غالباً يتم إسطصحاب قصاص الأثر الذي يتبع للشرطة لقص أثر الجاني وأحياناً مصور من التصوير الجنائي لتصوير محل الحادث والجثة وإذا تيسر يتم الإستعانة بطبيب لتحديد سبب الوفاة في محل الحادث إذا تعذر نقل الجثة للمستشفى بسبب التحلل أو عدم وجود عربة إضافية لنقل الجثة مع تصريح من النيابة بالدفن في معظم المأموريات عندما تصل الشرطة إلي مكان الحادث يكون الجاني قد ذهب بعيداً وبعد عمل إجراءات التحري الأولية من وصف ورسم وتصوير محل الحادث وتحريز ما يتيسر من الأدلة الجنائية وإستجواب الشهود ودفن المجني عليه تقوم الشرطة بملاحقة الجاني وفي الغالب لا تصل الشرطة إلي الجاني بسبب قرب نفاد الوقود فتعود المأمورية إلي نيالا مثل هذه الحوادث تكررت عشرات إن لم تكن مئات المرات وفي كل مرة كانت تقارير الشرطة الدورية تعكس ذلك إلي لجنة أمن المحافظة ومدير شرطة الإقليم ومدير عام الشرطة ووزير الداخلية وتنتهي التقارير إلي الرئيس لكن ليس هناك حل جذري لمشكلة شحّ الإمكانيات المزمن وبالتالي شعر الجناة بتواضع إمكانيات الشرطة وإفلاتهم من العقاب المتكرر فزادت جرأتهم فأصبحوا عصابات إجرامية منظمة بعد أن كانوا أفراداً تطورت أحداث النهب فأصبح الجناة يقومون بقطع الطرق الرابطة بين المدن الرئيسية وينهبون اللواري التي تحمل البضائع وأحياناً يُقتل يُصاب بعض الركاب والأسلحة التي يستخدمها عصابات النهب المسلح تفوق أحياناً أسلحة الشرطة لذلك كثيراً ما تستعين الشرطة بالجيش في المأموريات حتي تتوفر لها الأسلحة المساندة التي تحتاجها نواصل
| |

|
|
|
|
|
|
Re: شاهد عيان كيف بدأت الفوضي الأمنية في دارف� (Re: محمد الحسن حمدنالله)
|
عقد الثمانينيات بالإضافة إلي حوادث النهب المسلح شهد عدد من المشاكل القبلية وبالتالي زاد التدهور الأمني وانتشر السلاح الذي أصبح يغذي الأنشطة الإجرامية ومن بينها النهب المسلح أسباب المشاكل القبلية عادةً ما تحدث بسبب النزاع حول الأراضي وحدود الحواكير وتعدي الرعاة علي المزارعين وسرقات المواشي المتبادلة وغيرها من الأسباب ومن المشاكل القبلية التي وقعت في تلك الفترة مشكلة التعايشة والسلامات في العام ١٩٨١ ومشكلة الرزيقات ( الماهرية ) والبني هلبة في العام ١٩٨٢ ومشكلة القِمر والفلاتة في العام ١٩٨٤ ومشاكل الزغاوة والبرقد والرزيقات والمسيرية والزغاوة والرزيقات وغيرها من المشاكل القبلية كل تلك المشاكل القبلية كانت تحدث بالتزامن مع مشاكل النهب المسلح مع قوات نظامية محدودة العدد في مساحات شاسعة وبإمكانيات متواضعة من هنا بدأت الفوضي علي أن المشكلة القبلية بين الفور والعرب في جبل مرة كانت نقطة فارقة في الوضع الأمني في جنوب دارفور ودارفور عموماً وهي التي أسست لهجوم الحركة الشعبية علي جنوب دارفور في بداية التسعينات ولاحقاً كانت أحد أسباب إندلاع التمرد في دارفور كما سنري لاحقاً الحرب بين الفور والعرب إندلعت في عهد الديمقراطية الثالثة وهناك مزاعم بأن حزب الأمة كان يدعم القبائل العربية والحزب الإتحادي يدعم الفور بمعني أن كل حزب يدعم أنصاره في دارفور لكن للأمانة لم أقف علي شواهد وبينات تدعم هذه المزاعم رغم أني وقتها كنت رئيساً لفرع المباحث في رئاسة الشرطة لكن هناك تدخل من المعارضة التشادية في الصراع ولعل الصراع التشادي التشادي والتشادي الليبي هو أحد أسباب عدم الإستقرار في دارفور بسبب إنتشار المعارضة التشادية للحكومات المتعاقبة في تشاد في دارفور وبالتالي إنتشار السلاح وكنتيجة لذلك إستشراء حوادث النهب المسلح والمشاكل القبلية في نهاية الثمانينيات جاءت الإنقاذ علي قدر لتعصف بأمن دارفور مرة وإلي الإبد كيف حدث ذلك هذا ما سنتطرق إليه في المرة القادمة بإذن الله
| |

|
|
|
|
|
|
Re: شاهد عيان كيف بدأت الفوضي الأمنية في دارف� (Re: محمد الحسن حمدنالله)
|
وسفينة الإنقاذ سارت لا تبالي بالرياح ولو كانت هذه الرياح ستزعزع أوتاد الأمن القومي وهو ما حدث بالضبط جاءت الإنقاذ ومعها فكرة الدفاع الشعبي فكانت تقارير الشرطة تشير بوضوح إلي أن الولاء في دارفور للقبيلة أكبر من الولاء للوطن وللدين نفسه وتدريب المدنيين علي حمل السلاح وإستخدامه سيرتد وبالاً علي المواطنين لأنه سيستخدم في الصراعات القبلية وفي النهب المسلح وبالتالي سيزيد الوضع الأمني تدهوراً لكن الإنقاذ لم تكن تسمع أو تري فقط يهمها الكسب السياسي ولو كان ذلك علي حساب الأمن القومي وقد أثبتت الأيام صحة ما حذّرت منه الشرطة وكان علي الشرطة والجيش التعامل مع نتائج هذه القرارات السياسية الكارثية فالإسلاميون أنفسهم إنقسموا إلي مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي وكلا الطرفين تدربا في الدفاع الشعبي وعدد مقدر من أبناء دارفور إنضموا إلي المؤتمر الشعبي ومنه إلي حركة العدل والمساواة لاحقاً وقاتلوا الحكومة التي دربتهم وربما كان ذلك بسلاح الدفاع الشعبي نفسه الذي تسرب الكثير منه من المخازن كان المجتمع أصلاً في دارفور مسلح والسلاح منتشر وآخر ما يحتاجه كان المزيد من العسكرة وبالتالي المزيد من الفوضي الأمنية قدمت الشرطة في سبيل مكافحة النهب المسلح مئات الشهداء والجرحي ومن بينهم دفعتي وزميلي فتحي سالم جمعة الذي أشرت إليه في بداية البوست حيث أصيب إصابة بالغة في ساعده في مواجهة مع عصابات النهب المسلح إقتضت علاجه في القاهرة وعموماً لم يجد شهداء وجرحي الشرطة ما يستحقونه من عناية ورعاية بأسرهم كانت هناك مأمورية مشتركة من الجيش والشرطة لملاحقة إحدي عصابات النهب بريفي نيالا الشمالي الشرقي في مناطق شعيرية وخزان جديد هذه المأمورية مهمة لأنها تسببت في نتائج كان لها الأثر المباشر في التمرد الذي إندلع لاحقاً حيث وجدت المأمورية عدد من المتهمين في حادث نهب مسلح مقبوض عليهم في الحراسة وهم من قبيلة الزغاوة إستلمت المأمورية بقيادة ضابط جيش ومعه ضباط شرطة المتهمين من حراسة الشرطة وتمت تصفيتهم في الخلاء لاحقاً هذا الأمر أغضب بعض أفراد قبيلة الزغاوة وقابل وفد منهم لجنة أمن الولاية وسافر وفد منهم لمقابلة مجلس قيادة الثورة وقتها ولكنه لم يتم إنصافهم بتقديم المتهمين للمحاكمة بسبب الحصانات الإجرائية الممنوحة للقوات النظامية بحيث لا يجوز إتخاذ أي إجراء جنائي ضد أي ضابط أو صف ضابط أو جندي في الجيش أو الشرطة أو جهاز الأمن إلا بموافقة القائد أو المدير حسبما يكون الحال وفي العادة لا تتم الموافقة بالمحاكمة أو تستمر المماطلة في رفع الحصانة لسنوات وبالتالي تتحول الحصانة الإجرائية إلي حصانة موضوعية تمنع المساءلة وتساعد علي الإفلات من العقاب لذلك تتكرر جرائم القوات النظامية دون حساب وبالتالي فإن إصلاح الأجهزة الأمنية يبدأ بإلغاء هذه الحصانة حتي يستوي الناس أمام القانون وعندها لن يجرؤ نظامي علي إلحاق الأذي بأي مواطن الحدث مهم لأنه أدي فيما بعد إلي إشتباك الجيش ببعض أفراد قبيلة الزغاوة في منطقة ودعة التي لا تبعد كثيراً عن موقع الخادث الأول ونتج عن ذلك خسائر كبيرة بين الطرفين وهي أشرس مواجهة تحدث بينهما وهذه الحادثة كانت سبباً رئيسياً في التمرد الذي إندلع في العام ٢٠٠٣ أما لماذا إستهداف المتهمين من قبيلة الزغاوة فقد كان هناك إعتقاد سائد لدي الرأي العام بأن معظم جرائم النهب المسلح يرتكبها البديات القادمون من تشاد وهم فرع من قبيلة الزغاوة التي توفر لهم الملاذات الآمنة وتتستر علي جرائمهم طبعاً قبيلة الزغاوة تنفي هذا الإتهام تماماً وللأمانة هناك قبائل أخري متهمة بإرتكاب جرائم نهب مسلح منهم بطون من قبيلة الرزيقات وبالتالي ليس من الإنصاف إلصاق الإتهام بالنهب المسلح بقبيلة معينة فكل القبائل فيها الصالح وفيها الطالح في المرة القادمة سنستعرض أحداث محورية وقعت في حقبة التسعينيات كانت سبباً مباشراً في إندلاع التمرد في العام ٢٠٠٣ والذي ببدايته إنفرط عقد الأمن في دارفور وإلي يوم الناس هذا
| |

|
|
|
|
|
|
Re: شاهد عيان كيف بدأت الفوضي الأمنية في دارف� (Re: Nasr)
|
العزيز Nasr التحية والإحترام سعيد بالمتابعة وأرجو أن أكون عند حسن الظن في هذا التوثيق لكني كما تري أتناول رؤوس المواضيع دون التفاصيل فلو أنني خضت في التفاصيل لاحتجت شهوراً لإنجاز المهمة آمل أن لا يكون الإختصار مخلاً
| |

|
|
|
|
|
|
|