في موقف سياسي حاد ونادر، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة بيانًا شديد اللهجة ردّت فيه على قرار سلطة بورتسودان بقطع العلاقات الدبلوماسية معها، مؤكدة أن هذه السلطة لا تمثل الحكومة الشرعية للسودان ولا شعبه الكريم. هذا الموقف الذي يأتي في سياق تصاعد الحرب الأهلية بالبلاد، يعلن بوضوح انتقال الإمارات من مربع المجاملات الدبلوماسية إلى موقع الفعل السياسي المباشر.
البيان الإماراتي لم يكتف برفض قرار بورتسودان، بل وصفه بأنه رد فعل متسرّع على رفض محكمة العدل الدولية دعوى السلطة ذاتها. كما حمّل المجلس السيادي المتمركز في الشرق مسؤولية تعطيل جهود السلام، متهمًا إياه باستخدام التصعيد الإعلامي للهروب من الحلول السياسية، وهو اتهام يعكس مستوى التوتر المتصاعد بين الطرفين.
وفي لهجة غير معتادة في لغة البيانات الرسمية الخليجية، شدد البيان على أن السودان "بحاجة إلى قيادة مدنية مستقلة عن السلطة العسكرية"، في إشارة مفهومة المعنى إلى ضرورة تجاوز كل من الجيش والدعم السريع. كما وصف البيان الوضع الراهن بعبارات صادمة حين قال: "قيادة لا تقتل نصف شعبها وتجوّع وتهجر النصف الآخر"، في نقد واضح لطرفي النزاع.
البيان كذلك حرص على تطمين السودانيين المقيمين في الإمارات والزائرين، مؤكدًا أن أوضاعهم لن تتأثر بما يدور من صراع سياسي، في محاولة للفصل بين الشعوب والنخب المتنازعة، وإبقاء جسور التواصل الإنساني مفتوحة رغم الخلاف السياسي.
تاريخيًا، لعبت الإمارات دورًا كبيرًا في دعم السودان، وهو ما لم يغفله البيان حين أشار إلى خمسين عامًا من الدعم المتواصل، لكن لهجة البيان الحالية توضح أن أبوظبي باتت ترى أن دعم الشعب السوداني لا يعني الاصطفاف خلف سلطات الأمر الواقع بل الوقوف مع خيارات مدنية تنهي الحرب وتعيد البلاد إلى طريق الاستقرار.
يأتي هذا التحول في موقف الإمارات وسط تبدلات إقليمية أوسع، حيث بدأت قوى إقليمية ودولية تعيد تقييم علاقتها بالفاعلين في المشهد السوداني، في ظل استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الإنسانية. وبينما يشتد الصراع على الأرض، يشتد أيضًا في كواليس السياسة الدولية، وبيان الإمارات ليس إلا دليلًا جديدًا على أن السودان بات ساحة تتجاوز المحلي إلى ما هو إقليمي ودولي بامتياز.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة