· (١) كانت أمس ليلة الوفاء لشاعرنا ومفكرنا ودبلوماسينا وحبيبنا الراحل المقيم محمد المكي إبراهيم بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، امتلأت شعرا وتشكيلا ودراما وشهادات وفاء.. ابتدأت بمعرض لصوره وكتبه ومقتنياته، بالإضافة للوحات تشكيلية بعضها من وحي الغابة والصحراء (لغسان البلولة) إلى جانب لوحات أميمة عبد اللطيف وسوزان إبراهيم ومجدي آدم.. (٢) بعد افتتاح المعرض كانت الأمسية مهرجانا زاخرا بالمحبة والوفاء والقراءات الشعرية من تسجيلات محمد المكي (ود إبراهيم) رحمه الله والشاعر عبد القادر الكتيابي وفي الحقيقة لم تخل كلمة من بعض رحيقه وكانت أغناها وألمسها لشغاف الوجدان كلمة شريكة دربه وقلبه وشعره السيدة سمية إلياس.. (٣) اغتنى العرفان بموسيقى وغناء من اوركسترا التبر بقيادة الدكتور كمال يوسف الذي تجلى كديدنه مع الكورال ونخبة من المغنين (محمد حسن وهاشم كمال وسليمان محمد سليمان الذي هيّج شعور الحضور بختام المسك: أكتوبر الأخضر).. \ كان في جوقة التبر البروفيسور الفاتح حسين وآخرين من قامات المزيكة السودانية وشبابها الصاعد.. كما طرب الحضور بغنوات من شعر المكي أدتها مجموعة "أصوات سودانية" بقيادة الأستاذ الصافي مهدي والدكتور النور حسن: قصيدة حب مسببة وتعويذة. وخلطنا الحزن بالأمل مع (يابا مع السلامة) ويللا نسد فرقتو، في أداء مصور بالفيديو لمجموعة عقد الجلاد بقيادة الفنان شمت محمد نور، ومن ثم غنوا أبيات من قصيدة حبيبنا (فرح في حديقة شوك قديم) ولا ندري لماذا رأوا أن يغنوها بالفرنسية كذلك، فلسنا في باريس، وأظن غالبيتنا الساحقة لم تفقه شيئا وإن طربت للموسيقى والأصوات الشجية على نهج أبي تمام: ولم أفهم معانيها ولكن ورت كبدي فلم أجهل شجاها فبتّ كأنني أعمى معنّى بحبّ الغانيات وما يراها (٤) أما الدراما فقد جاءت في فقرتين، الأولى مسرح الرجل الواحد قدمها كالعادة المسرحي المعتق مونولوجيا سيد عبدالله صوصل بعنوان "الشيء" مستوحاة من قصيدة ابن إبراهيم عليه الرحمة والتسليم "شيء" والثانية مسرحية بعنوان "العودة" نصها توليفة من شعر المكي كله فتسمع من قصيده في أمتي، والعامرية، ويختبيء، وبعض الرحيق، قدمها الثنائي القدير دكتور طارق علي وهند زمراوي.. (٥) رافق مهرجان الفن والحب والاغنيات مطبوعان جديدان: الأول: رواية آخر العنابسة.. تخيل بديع لحياة (الملك/ الارباب) في تخوم الهضبة الحبشية بعد (حريق المك في قلب الدخيل) أو مقتلة إسماعيل، ترسم في حوار الملك والجارية ومن خلال تداعيات المك وأشواقه وأحاديث الجارية الشركسية وخيباتها صورة للعالم المتوحش وللسودانيين تحت نير احتلال وانتقام غشوم، وتلمس قصص الرق والاستعلاء وظلاماتهما والتشتت والتفرق الذي جعلنا يومها لقمة سائغة للأجنبي تصور من خلال نفثات المك وتنهداته حالة الشعب البائسة في ترقب (المنتظر) حتى أنه صدر الرواية ببيتي شعر التجاني يوسف بشير من قصيدة (الزاهد) في دجي مطبق ويوم دجوجي وليل مقفقف مقرور ولدت ثورة البلاد على احضان كوخ وفي ذراعي فقير وهي رواية تكاد تكون في بعض سطورها شعرا قحا كما (مريود) طيبنا الصالح، وفي غير صور الشعر تكون نحتا في صور الأنفس واختلاجاتها والآلام والامال وفي اللغة الجديدة بتعبير حبيبنا ذي العيون الطيبة الذكية.. سألته في مؤانسة نظمناها له في صالون الابداع عام ٢٠٢٢ لماذا اوقف نشرها وكان قد بدأه مسلسلا بثلاث حلقات في مجلة الخرطوم منتصف التسعينيات، فقال كانت البلاد تنزف حربا والسلام مخاضه مرتقب والرواية فيها من تيك الجروح ما جعله يوقف النشر. والآن كل دمامل الوطن التهبت وكل الجراح تفتقت فما يجدي سوى المجابهة.. أظن! أما الاصدار الثاني فكتاب (بعد الرحيق) بادر بجمعه د عبد الرحيم عبد الحليم وشاركته تحريره كتجميع لما كتب عنه بعد الرحيل وقبله وحوارات وندوات معه.. الا رحم الله صاحب القلب الكبير الذي وسع وطنا بل الانسانية طرا وذي العقل المستنير المنير والذكاء المذهل واللغة الساحرة والحضور اللطيف الطيب المتواضع الكريم والمروءة الباذخة. الا رحم الله حبيبنا محمد المكي ابراهيم، واسبل ثياب الصبر وحسن العزاء على السيدة سمية وذريته ووطنه المسجى ارهقه النزيف، وعلينا جميع المحبين.. ------
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست