في صباح ثقيل مثل تأنيب الضمير، نصبوا منصة في وسط ملعب ترابي نسيه الزمن، وعلّقوا لافتة باهتة كتبها أحدهم وهو نائم على لوحة المفاتيح: “مهرجان البطولة الوطنية — برعاية من تيسّر له الحال.”
ظهر عبدالباقي، رجل لا أحد متأكد إن كان مذيعًا أو فقط يهوى الصراخ في المايكروفونات. حمل المايك كأنه سيف من أيام المماليك، وقال: “اليوم نحتفل بأبطالنا، أبناء الوطن، من خاضوا معركة الكرامة حتى آخر لايك!”
خلف الستار، كان مساعده يعدّل له التسريحة، ويطمئن أن العدسات تلمع أكثر من الفكرة. يبدو أن عبدالباقي كان يتعامل مع الكاميرا باعتبارها الناخب الوحيد الذي يستحق الاحترام.
ثم جاءت إخلاص. التي تحوّلت من “قونة” في الاحياء الطرفية إلى رمز وطنى، فقط لأنها تعرف كيف تبكي بعين واحدة أمام الكاميرات . قالت بنبرة هوليوودية: “نحن شعب لا يموت… حتى لو لم نجد كهرباء أو مياه .” ثم نظرت إلى المصور وقالت: “صورني وأنا بدّمع… دي لقطة الموسم.”
أما الطريفي، فصعد وهو يعتقد أن قراءة فصل من كتاب “فن الحرب” تمنحه رتبة عسكرية. قال بصوت خشن: “قواتنا سطرت ملاحم تُدرَّس… في البروجكتات الجامعية على الأقل.” ثم نزل ليشرب قهوته، بعد أن تأكد أن أحدًا لم يطرح عليه سؤالًا حقيقيًا.
الشيخ؟ ظهر فجأة وهو يتحدث عن “المرجفين فى المدينة ”، بدأ كأنّه عالق في فتوى من القرن الرابع للهجرة . بدا كأنه دخل المنصة بالخطأ وظل يقرأ من ورقة كان يحفظ منها لخطبة الجمعة.
وفي الزاوية، جلس عم عبدالله وود إدريس، يراقبان المشهد كأنهما يتابعان إعادة مملة لمسرحية لا تنتهي. قال عم عبدالله: “زمان كنا نجري و نجتهد لاجل ان نبنى وطناً لا اعرف ماذا يريد هؤلاء .”
ثم غادر الجميع، والمنصة باقية تنتظر مهرجانًا جديدًا… أو عاصفة تُسقِطها.
⸻
الفصل الثاني: أوسمة بحجم الشاشة
اليوم التالي، نفس المسرح، لكن بعنوان أكثر أناقة: “احتفال تكريمي لأبطال الأمة — برعاية صالون الفجر للتجميل.”
عبدالباقي نال وسام “الصمود الإعلامي”، عن بطولاته في إدارة قروب واتساب “صقور بحري الحرة”. الطريفي فاز بوسام “التحليل العشوائي”، بعد تقديمه ثلاث خطط لا تنطبق حتى على رقعة شطرنج.
الشيخ تلقى وسام “الربط التاريخي الغريب”، تقديرًا لمقدرته على جر كل نقاش عن المعيشة نحو قصة من أيام الفاطميين.
أما إخلاص، فتوجت بلقب “زهرة الأمة”، لأنها دمعت في ست فيديوهات متتالية، وبالفلتر نفسه.
من بعيد، قال عم عبدالله: “ديل خاضوا حرب ضد المنطق… وانتصروا.”
⸻
الفصل الثالث: مؤتمر بلا أجندة
في قاعة بلدية بحرى و التى كانت تشكو من الصوت أكثر من الحضور، أعلن عبدالباقي: “اليوم نكشف الحقائق!” لكن المفتاح ضاع، منذ عهد ما قبل البيان الأول.
الطريفي قدم خطة لإعادة البناء ، قال ان هذا يبدا بإعادة نشر تمثيل بصري للمعلومات أو البيانات و انتابته حالة من الزهو و هو يقول ( انفوجرافيك ) و ، وختم حديثه بالسؤال “هل أنتم مستعدون؟”
إخلاص وعدت بمهرجان ضخم “لرفع الروح المعنوية” في السوشال ميديا، والشيخ اقترح قانونًا لتجريم التطير لمن يتشاءمون كثيرًا.
سأل صحفي مغمور عن المستشفيات والمدارس، و إنارة الطرقات فعمّ الصمت، ثم قالت إخلاص بابتسامة مصقولة: “نبدأ باليافطات… وبعدها ربنا يسهل.”
التقطوا صورة جماعية تحت شعار كتبوه بلون فوسفوري: “بحري فوق… والباقي ساهل!”
⸻
الفصل الرابع: معركة النجوم
اندلعت الحرب… هذه المرة ليست ضد عدو، بل ضد بعضهم البعض: • عبدالباقي اتهم الطريفي بأنه عميل. • الطريفي قال إن إخلاص تبيع دموعًا وهمية. • إخلاص اتهمت الشيخ بأنه حفيد رمزي للنظام السابق و انه من الفلول . • الشيخ قال إنهم كلهم يريدون أن “تشِيع الفاحشة” (ولم يوضح كيف بالضبط).
بحري تحوّلت إلى ساحة معركة… من لايف إلى لايف، من هاشتاق إلى هاشتاق، وكل منهم يروج لأن الآخر قد خان الوطن، بينما الوطن يبحث عن الكهرباء.
وفي الختام، جلس عم عبدالله وود إدريس أمام منصة ، سقطت بفعل الرياح. قال عم عبدالله: “كانوا دايرين يعملوا وطن بالإضاءة والمؤثرات.” ضحك ود إدريس وقال: “لكنهم نسوا توصيل أسلاك الكهرباء .”
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.محمد بابكر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست