|
Re: الثورة لن تموت وسوف تسقط البندقية --- حين ي� (Re: زهير ابو الزهراء)
|
في مؤتمر حاشد، وقف القائد الملهم، زعيم الأمة، حامي الثغور، مقلّب الدولة على جمر الانتظار، ليخاطب الجماهير، لا ليبشرهم بانتهاء الحرب، ولا ليستعرض خطط إعادة الإعمار، ولا ليعتذر عن انقطاع الكهرباء أو فشل الدولة بل ليصبّ جام غضبه على أخطر ما يهدد السودان الآن: "حرق اللساتك"! نعم، لقد طفح الكيل! اللساتك تُحرق والشعب ساكت! هل يعقل أن ثورة كاملة، بثقلها، بضحاياها، بأحلامها، تختزلها الدولة في "كفرات مولعة"؟ لقد فاتهم أن هذا الدخان الأسود هو لسان حال جيل بكامله، يحترق مثل اللستك، في انتظار أن يلتفت إليه أحد. ألا تعلمون أن كل ثائر حارق لستك هو في الحقيقة فيلسوف مطاطي؟ لا يحرق الكفر لأنه يكره المطاط، بل لأنه يكره المطّ والتطويل في الوعود، يكره دوران عجلة الظلم، يكره استباحة الوطن بلا فرامل. يا سعادة القائد، ليتك تهاجم من أحرق بيوت المدنيين، لا من أحرق كفرًا فارغًا. ليتك غضبت عندما احترقت مدن كاملة، لا حين رأيت دخان لستك يتصاعد في شارع الثورة.
هل تعرف أن ثمن اللساتك المحروق من جيب الثوار؟ وأن اللستك هو وسيلتهم لإيصال رسالة حين تنقطع كل وسائل التعبير؟ هل أخبروك أن هذا الدخان هو سطر من فقر، وعنوان من غضب، وإعلان عن انعدام الخيارات؟
ثم تعال نسألك بصراحة، من الذي جعلنا نحرق اللستك؟ هل في بلد محترم يضطر الشباب أن يستعملوا نفايات الإطارات كمنصة للحرية؟ وهل في بلد تُحترم فيه الحقوق يُمنع الناس من قول كلمتهم إلا من خلال حرق شيء؟
أخيرًا، دعني أقول لك لو كنت تفهم لغة الثورات، لعرفت أن اللساتك ليس عدوك، بل هو تحذيرك. وكل كفرٍ يُحرق في الشارع، هو كفرك بالعدالة، يُترجم إلى نار. ولو وُجدت العدالة لما وُجدت هذه النار.
فدعنا نحرق لساتكنا بكرامة، قبل أن نحترق نحن صمتًا.
| |
 
|
|
|
|