Quote: تقرير حقوقي حول أوضاع المعتقلين في سجن ود مدني
⸻
مقدمة
يكشف هذا التقرير الحقوقي عن الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها أكثر من 2445 معتقلًا في سجن ود مدني الخاضع لسيطرة الخلية الأمنية المشتركة التابعة للجيش السوداني. تستند هذه المعلومات إلى شهادات مباشرة ووثائق حصرية حصلت عليها الراكوبة، وتوضح نمطًا ممنهجًا من الاعتقالات العشوائية، وسوء المعاملة، وغياب العدالة القانونية، في ظل صمت رسمي وتواطؤ واضح من الجهات المسؤولة.
كما علمت الراكوبة من مصادر موثوقة أن هناك ثلاثة سجون أخرى في الحصاحيصا والمنـاقل والفاو، تشهد أحداثًا مشابهة من اعتقالات تعسفية، تعذيب ممنهج، وغياب كامل للعدالة. حتى الآن، لم تتمكن الراكوبة من الحصول على معلومات تفصيلية عن هذه السجون، لكنها تؤكد أن النمط نفسه من الانتهاكات يُمارس في هذه المنشآت السرية.
تعلن الراكوبة أنها بحوزتها فيديوهات وأدلة دامغة توثق هذه الانتهاكات بوضوح، وسوف تقوم بتقديمها إلى المنظمات الدولية والجهات القانونية المختصة لمراجعتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
⸻
1. الاعتقال العشوائي واستمرار حملة الاعتقالات
وفقًا للشهادات التي حصل عليها فريق الراكوبة، فإن عدد المعتقلين في سجن ود مدني تجاوز 2445 معتقلًا حتى وقت إعداد هذا التقرير، مع ارتفاع مستمر في أعداد المحتجزين نتيجة لاستمرار حملات الاعتقال التي تنفذها القوات العسكرية والمليشيات التابعة لها. • عدد الأطفال: يوجد حاليًا 19 طفلًا برفقة أمهاتهم داخل السجن، وقد تم اعتقالهم بواسطة المليشيات المختلفة دون توجيه أي تهم رسمية. • عدد النساء: يقبع في السجن حاليًا 100 امرأة، من بينهن حوامل ومرضعات، في ظروف احتجاز قاسية تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الإنسانية. • الكوادر الطبية: يوجد 84 من الأطباء والممرضين ضمن المعتقلين، ولا توجد أسباب واضحة لاعتقالهم، كما لم تُوجَّه لهم أي اتهامات رسمية حتى الآن. • المعتقلون في قضايا أمنية: هناك 914 معتقلًا تم احتجازهم في إطار قضايا أمنية، لكن دون إجراءات قانونية واضحة.
حملات الاعتقال لا تقتصر على الأشخاص المرتبطين بأنشطة سياسية أو مجتمعية، بل امتدت لتشمل المدنيين العاديين، بمن فيهم النساء والأطفال، ما يعكس سياسة ممنهجة لقمع الأصوات المعارضة وإرهاب السكان المحليين.
⸻
2. ظروف الاحتجاز – انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان
تشير الشهادات الحصرية التي حصلت عليها الراكوبة إلى أن أوضاع الاحتجاز في سجن ود مدني تمثل انتهاكًا واضحًا للحد الأدنى من المعايير الدولية الخاصة بمعاملة السجناء: • وجبة واحدة في اليوم: يُمنح المعتقلون وجبة واحدة فقط يوميًا تتكون من عدس أو عصيدة بكمية لا تزيد عن 500 جرام للفرد. • الاكتظاظ الشديد: يجلس 15 شخصًا على صينية واحدة لتناول وجبة العدس، مما يؤدي إلى نقص شديد في التغذية وانتشار الأمراض الناجمة عن سوء التغذية. • التعذيب الجسدي والنفسي: يجبر المعتقلون على الجلوس في ساحة السجن الرئيسية تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات طويلة دون مبرر، ما أدى إلى إصابة بعضهم بضربات شمس والتهابات جلدية. • منع الزيارات: يُحظر على أقارب المعتقلين زيارتهم، إلا في حالة الحصول على وساطة أو دفع رشوة لأحد العاملين في السجن.
“نعيش على حافة الموت. نعاني من الجوع، العطش، والإهانة المستمرة. لا نعلم متى سينتهي هذا الجحيم”، يقول أحد المعتقلين في شهادته.
⸻
3. غياب العدالة القانونية
جميع المعتقلين في سجن ود مدني تحت “التحري” والانتظار دون تقديم تهم رسمية أو إجراءات قانونية واضحة. • لا يوجد بين المعتقلين من صدرت ضدهم أحكام قضائية. • وكيل النيابة والمتحرّون يحضرون إلى السجن مرة أو مرتين في الأسبوع فقط، دون اتخاذ أي خطوات جدية لتقديم المعتقلين للمحاكمة أو إطلاق سراحهم. • يرفض المسؤولون الإدلاء بأي تصريحات أو تبريرات قانونية حول أسباب الاعتقال أو استمرار احتجاز المعتقلين لفترات غير محددة.
“يتم استجوابنا باستمرار دون تقديم أي تهم رسمية. نشعر بأننا محتجزون كرهائن، وليس كمعتقلين”، يقول أحد المعتقلين السابقين.
⸻
4. الإهمال الطبي والوفيات داخل السجن
تشير التقارير إلى أن الظروف الصحية داخل السجن متدهورة إلى درجة خطيرة: • تنتشر الأمراض المعدية مثل الدرن والجرب بين المعتقلين نتيجة الاكتظاظ وانعدام النظافة. • تفاقم الإصابات والجروح الناجمة عن التعذيب بسبب غياب الرعاية الصحية، ما أدى إلى حالات غرغرينا تتطلب بترًا للأطراف. • متوسط الوفيات داخل السجن يصل إلى 3 حالات يوميًا بسبب الإهمال الطبي وسوء التغذية. • في بعض الحالات، تُترك الجثث في العنابر لساعات طويلة بعد الوفاة قبل أن يتم نقلها.
“شاهدنا أحد المعتقلين يموت أمامنا بسبب الجوع. تركوا جثته في الزنزانة حتى بدأت في التحلل”، يقول أحد المعتقلين.
⸻
5. التعامل مع الجثث – دفن في الخفاء
عندما يتوفى أحد المعتقلين، يتم دفنه في سرية تامة: • يتم الدفن في الجزء الغربي من السجن أو في الجروف على ضفاف النيل الأزرق. • في كثير من الحالات، لا يتم إبلاغ ذوي المتوفين بوفاة أبنائهم. • إذا حضر أقارب المتوفي وطالبوا بجثمانه، يُطلب منهم التوقيع على مستند يفيد بأن الوفاة كانت طبيعية.
“دفنوا أخي في الليل دون إخبارنا. عندما ذهبنا للسؤال عنه، أنكروا معرفتهم بمكان دفنه”، تقول شقيقة أحد المعتقلين المتوفين.
⸻
6. السجون الأخرى – انتهاكات في الحصاحيصا والفاو والمناقل
وفقًا لمعلومات حصلت عليها الراكوبة، فإن هناك ثلاثة سجون أخرى في الحصاحيصا والمنـاقل والفاو تشهد أوضاعًا مشابهة من التعذيب الممنهج، الاعتقال التعسفي، وسوء المعاملة. حتى الآن، لم تتمكن الراكوبة من الحصول على معلومات تفصيلية عن أوضاع المحتجزين في هذه السجون، لكنها تؤكد أن النمط نفسه من الانتهاكات يُمارس في هذه المنشآت السرية.
⸻
7. الخاتمة – استمرار الانتهاكات وسط صمت محلي ودولي
ما يحدث في سجون ود مدني والحصاحيصا والمناقل والفاو يمثل انتهاكًا صارخًا لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. استمرار الاعتقالات العشوائية، التعذيب المنهجي، وانعدام العدالة القانونية يعكس نهجًا منظمًا لقمع الحريات وانتهاك الكرامة الإنسانية.
تعلن الراكوبة أن بحوزتها فيديوهات وأدلة موثقة عن هذه الانتهاكات، وسوف تقوم بتقديمها إلى: • المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش. • مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. • المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
“هذه الجرائم لا يمكن أن تمر دون مساءلة. سوف نواصل الضغط حتى يتحقق العدل ويُطلق سراح جميع المعتقلين”، يقول أحد محامي الدفاع عن المعتقلين.
03-14-2025, 00:29 AM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 51130
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة