مع تعمق الأزمة السودانية واستمرار الصراع بين الجيش والدعم السريع، يبرز الحديث عن تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، بمشاركة شخصيات سياسية وحركات مسلحة مثل الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. لكن نجاح هذه الحكومة يظل رهن توازنات دقيقة بين منطق السياسة كأداة للتفاوض والشرعية، ومنطق العنف كوسيلة للسيطرة على الأرض.
الشرعية السياسية والاعتراف الدولي أي حكومة، سواء كانت مركزية أو موازية، تحتاج إلى شرعية داخلية ودولية. وحتى الآن، لم يظهر دعم دولي واضح لفكرة حكومة تحت سيطرة الدعم السريع، خاصة أن المجتمع الدولي لا يزال ينظر إلى الحرب السودانية كصراع بين طرفين عسكريين وليس كحركة تمرد شرعية ضد سلطة قائمة. كما أن غياب المكونات المدنية المؤثرة في هذه الحكومة سيجعلها تبدو وكأنها مجرد غطاء سياسي لقوة عسكرية، مما قد يضعف الاعتراف بها.
السيطرة على الأرض والبنية التحتية نجاح أي حكومة يعتمد على مدى قدرتها على فرض سيطرتها على الأرض، وتوفير الخدمات الأساسية للسكان في المناطق التي تسيطر عليها. الدعم السريع قد يملك نفوذاً عسكرياً واسعاً في الخرطوم ودارفور، لكنه لا يملك مؤسسات حكم فعالة، كما أن البنية التحتية في هذه المناطق تضررت بشدة بسبب الحرب. وهذا يجعل من الصعب على أي حكومة موازية أن تؤسس نظاماً مستقراً دون موارد وإدارة فعالة.
التحديات الاقتصادية والإدارية أي حكومة تحتاج إلى اقتصاد قوي لتمويل مؤسساتها ودفع الرواتب وتوفير الخدمات. لكن الدعم السريع، رغم سيطرته على بعض الموارد، يعتمد في تمويله على شبكات خارجية ونهب الموارد، وليس على اقتصاد منظم يمكن أن يدعم حكومة مستدامة. كما أن حركة الحلو، رغم وجودها العسكري، لا تمتلك خبرة في إدارة حكومة مدنية على نطاق واسع.
العلاقة مع القوى السياسية الأخرى لا تزال القوى المدنية المعارضة للجيش تبحث عن مسار مستقل للحل السياسي، وهي ليست بالضرورة داعمة لحكومة تخرج من عباءة الدعم السريع. وفي المقابل، الجيش سيعتبر أي خطوة من هذا النوع تهديداً مباشراً، وقد يدفع ذلك إلى تصعيد جديد للحرب، مما يجعل الحكومة الموازية هدفاً عسكرياً بدلاً من أن تكون بديلاً سياسياً.
النتيجة: هل يمكن أن تنجح؟ نجاح حكومة موازية في السودان مرهون بقدرتها على تجاوز منطق العنف نحو بناء شرعية سياسية حقيقية. لكن في ظل الظروف الحالية، فإن الاحتمالات ترجح أنها ستكون أداة تفاوضية أكثر منها مشروعاً قابلاً للاستمرار على المدى الطويل. فالرهان على حكومة تخرج من رحم الحرب دون توافق سياسي واسع قد يجعلها مجرد مرحلة انتقالية في صراع مفتوح، لا حلاً مستداماً للأزمة السودانية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة