منذ سقوط نظام البشير في أبريل 2019، ظلت الحركة الإسلامية السودانية تمارس أدوارًا متعددة في محاولاتها لاستعادة النفوذ وتقويض أي مشروع سياسي لا يخدم أجندتها. ومع الإعلان عن ميثاق حكومة السلام، وتصاعد الجهود نحو تسوية سياسية جديدة، تتعاظم محاولات الإسلاميين لإفشال هذا المسار، سواء عبر تحركات سياسية مباشرة أو عبر حملات إعلامية مضللة تستهدف تشويه العملية برمتها.
الإسلاميون والمعركة ضد التسوية السياسية يتبنى الإسلاميون خطابًا قائمًا على شيطنة أي اتفاق سياسي لا يكونون طرفًا فيه، ويدفعون بسردية أن هذه التسوية هي "مؤامرة خارجية" تستهدف السودان وهويته الإسلامية. هذه السردية تستهدف شريحة واسعة من الجماهير، خاصة أولئك الذين يشعرون بالإحباط من الأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة، مما يجعلهم أكثر تقبلاً لنظريات المؤامرة والخطابات العاطفية.
أدوات الإسلاميين في تقويض حكومة السلام التحريض الإعلامي والتلاعب بالرأي العام
تستغل الآلة الإعلامية الإسلامية المنابر المختلفة (القنوات الفضائية، مواقع التواصل الاجتماعي، المساجد) لنشر خطاب التخوين والتحريض ضد أطراف العملية السلمية. يتم تصوير الاتفاقات السياسية باعتبارها "خيانة للوطن" أو "تسليماً للبلاد لقوى أجنبية"، مع التركيز على استثارة المشاعر الوطنية والدينية. يُستخدم خطاب الكراهية بشكل ممنهج، حيث يتم تصنيف كل من يدعم التسوية بأنه "عميل"، "مرتزق"، أو "خائن"، وهي محاولة لردع أي دعم شعبي لهذه العملية. التغلغل داخل المؤسسات والتخريب من الداخل
رغم سقوط النظام، لا يزال للإسلاميين نفوذ داخل بعض الأجهزة الأمنية والبيروقراطية، وهو ما يتيح لهم تعطيل تنفيذ الاتفاقات وإفشال الإصلاحات من الداخل. يتم اللجوء إلى إثارة الأزمات داخل المؤسسات، سواء عبر العصيان الإداري أو تسريب المعلومات أو حتى التحريض على الإضرابات والاحتجاجات التي تستهدف إضعاف الحكومة. التحالفات المشبوهة وشراء الولاءات
يسعى الإسلاميون إلى استمالة بعض القوى التقليدية والقبلية التي قد تشعر بأنها مستبعدة من التسوية، مما يؤدي إلى خلق جبهة معارضة واسعة. يتم استخدام المال السياسي لتمويل الحملات الدعائية وتجييش الشارع ضد أي مبادرة لا تصب في مصلحة التنظيم. العنف كخيار بديل
لا يُستبعد أن تلجأ بعض الفصائل الإسلامية إلى العنف والتخريب المباشر كوسيلة لإفشال أي حكومة جديدة، خاصة في ظل امتلاكها شبكات سرية داخل الأجهزة الأمنية وبعض الفصائل المسلحة. يمكن ملاحظة تصاعد الخطاب المتطرف الذي يبرر اللجوء إلى العنف كوسيلة "للدفاع عن الدين والوطن"، وهو تمهيد نفسي لإمكانية القيام بأعمال تخريبية. ختامًا: بين كشف التضليل وبناء الوعي الخطاب المضلل للإسلاميين حول التسوية السياسية ليس جديدًا، بل هو امتداد لاستراتيجية قائمة على دغدغة المشاعر الدينية والوطنية لتحقيق أهداف سياسية. لكن الوعي الشعبي اليوم أكثر إدراكًا لمثل هذه التكتيكات، خاصة بعد تجربة حكم الإسلاميين الكارثية التي استمرت لثلاثة عقود.
لذلك، فإن مواجهة هذه الحملة لا تتطلب فقط تفنيد الخطاب المضلل، وإنما أيضًا تعزيز البدائل السياسية القادرة على تقديم مشروع وطني متماسك، يحقق العدالة والسلام، بعيدًا عن الاستقطاب والتخوين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة