يجد السودان نفسه مجددًا في قلب الصراع السياسي، حيث تستعد قوات الدعم السريع (RSF) بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) للإعلان عن تشكيل حكومة موازية من العاصمة الكينية نيروبي.
الإعلان المخطط له، والذي يُطلق عليه “الميثاق السياسي لحكومة السلام والوحدة”، يُروج له باعتباره محاولة “لاستعادة الحكومة الشرعية” التي “أطاحت بها بقايا وميليشيات الحركة الإسلامية”.
كان من المقرر الإعلان يوم الاثنين، لكنه تأجل إلى يوم الثلاثاء، مما يشكل تحديًا مباشرًا للنظام العسكري القائم في بورتسودان بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان.
تصاعد التوترات بين كينيا والسودان
يضع هذا التحرك كينيا في قلب الصراع السوداني المتصاعد، حيث أن استضافة هذا الإعلان على أراضيها قد يدفعها إلى مواجهة دبلوماسية مباشرة مع حكومة بورتسودان.
على مدى الأشهر الماضية، حاولت كينيا إعادة ضبط علاقاتها مع السودان وسط مشهد دبلوماسي هش. فرغم تحسن العلاقات بين نيروبي والخرطوم في الآونة الأخيرة، إلا أن ارتباط كينيا بقوات الدعم السريع ظل واضحًا.
في يناير، زار وزير الخارجية السوداني علي الصادق نيروبي وأكد أن كينيا “أعادت النظر في موقفها من الحرب في السودان”، بعد لقاء مع الرئيس الكيني وليام روتو.
لكن رغم هذه التصريحات، فإن تفاعل كينيا مع قوات الدعم السريع لم يتوقف. فقبل أسابيع قليلة، أمرت نيروبي بإلغاء مؤتمر صحفي لقوات الدعم السريع، وسط ضغوط دولية متزايدة على حميدتي.
كما أن زيارة حميدتي لكينيا في يناير، والتي استُقبل خلالها بحفاوة بالغة، أثارت استياء حكومة البرهان، التي استدعت سفيرها احتجاجًا، قبل أن تستأنف العلاقات لاحقًا.
خطوة محسوبة أم خطأ دبلوماسي؟
يبدو أن إعلان قوات الدعم السريع من نيروبي محاولة للحصول على اعتراف دولي بشرعيتها. فرغم سيطرتها على مناطق واسعة في غرب السودان، بما في ذلك دارفور، إلا أنها لا تزال غير معترف بها كسلطة حاكمة.
اختيار نيروبي كموقع للإعلان يحمل رمزية كبيرة، إذ يسعى حميدتي إلى تقديم قواته كقوة سياسية شرعية وليس مجرد ميليشيا مسلحة.
لكن هذه الخطوة قد تُعقد المشهد الدبلوماسي في المنطقة، حيث سيجد الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) أنفسهم مضطرين لاتخاذ موقف حيال تنامي نفوذ قوات الدعم السريع.
كما أن حكومة البرهان لن تقف مكتوفة الأيدي، وقد تتخذ إجراءات دبلوماسية ضد كينيا، مما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في التوترات بين البلدين.
ما المخاطر التي تواجهها كينيا؟
كينيا الآن أمام اختبار دبلوماسي حساس. فاستضافة إعلان سياسي لقوات الدعم السريع قد يعرّضها لضغوط دولية، لا سيما من الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات على قادة هذه القوات.
كما قد يؤدي ذلك إلى إضعاف علاقاتها مع حكومة بورتسودان، مما قد يُترجم إلى إجراءات دبلوماسية مضادة من قبل نظام البرهان.
على المستوى القاري، قد يُجبر الاتحاد الأفريقي على إعادة تقييم موقفه من السودان، إما بتجديد تعليق عضويته أو الاعتراف بواقع جديد تفرضه قوات الدعم السريع.
tي النهاية، قد يكون السماح بهذا الإعلان في نيروبي خطوة محفوفة بالمخاطر، قد تكلف كينيا غاليًا على الصعيدين الدبلوماسي والإقليمي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة