مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية ثم إلى الحداثة المنفتحة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2025, 10:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
المنبر العام
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-05-2025, 09:30 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية ثم إلى الحداثة المنفتحة

    08:30 PM February, 05 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    في مسيرة حياتي الفكرية، لم تكن رحلتي سهلة ولا مستقيمة. لقد كانت أشبه بسفرٍ طويلٍ بين محطات متباينة، من الدراويشية إلى الماركسية، وأخيرًا إلى الحداثة المنفتحة على الفكر الإنساني، حيث لا انغلاق ولا تعصب، بل فضاء رحب تتلاقى فيه القيم النبيلة والمبادئ السامية.

    المرحلة الأولى: الدراويشية والبحث عن الروحانية
    نشأت في بيئة تميل إلى التصوف والتدين، حيث كانت الروحانيات تشكل جزءًا جوهريًا من يومياتي. رأيت في التصوف ملاذًا يمنحني السكينة والتواصل مع الذات، لكنه في ذات الوقت جعلني أطرح أسئلة كبرى حول العدالة، والمجتمع، والمآل الإنساني. لم يكن التصوف بمعناه العميق كافيًا لإطفاء عطشي للمعرفة، بل دفعني للبحث عن إجابات تتجاوز حدود الزهد والتأمل.

    المرحلة الثانية: الماركسية والرؤية المادية للعالم
    مع ازدياد وعيي السياسي وانفتاحي على الكتب والأفكار الجديدة، وجدتُ في الماركسية طرحًا مختلفًا، يخاطب العقل والمنطق، ويضع قضايا العدالة والحقوق في مركز النقاش. انخرطتُ في الحوارات الفكرية، وتعمقتُ في قراءات ماركس وإنجلز ولينين، وأدركتُ أهمية الاقتصاد والسياسة في تشكيل المجتمعات. لكن شيئًا فشيئًا، بدأتُ أرى أن الماركسية، رغم عدالة مطالبها، تحمل في بعض تجلياتها انغلاقًا أيديولوجيًا يجعلها تقف أمام طواحين الرياح دون أن تراها تتحرك.

    المرحلة الثالثة: الحداثة والانفتاح على الفكر الإنساني
    مع نضوج التجربة، أدركتُ أن الجمود على فكرٍ واحد، مهما بدا عظيمًا، هو نوع من العمى الاختياري. بدأتُ أقرأ بشغف الفلسفة الغربية والشرقية، تأملتُ في الحداثة وما بعدها، وانفتحتُ على التيارات الفكرية التي تسعى لتجاوز القطعيات والانطلاق نحو فضاء إنساني أرحب. لم يعد يكفيني أن أكون ماركسيًا أو درويشًا، بل أصبحتُ إنسانًا يبحث عن الحكمة حيثما وجدت، حاملًا أعظم القيم، لكن في ذات الوقت أعيش متاهة الضياع.

    حلم صياغة فكر سوداني جديد
    أحمل معاناة جيل كامل، أجيال نشأت بين صراعات الأيديولوجيات، وانقلابات السياسة، وأزمات الهوية. أبحث عن فكر سوداني جديد، قادر على تجاوز التناقضات الموروثة، متصالح مع الماضي دون أن يكون أسيرًا له، ومستعدٌ لاستشراف المستقبل دون أن يكون منبهرًا به حدّ الذوبان. ربما يكون ذلك مجرد حلم، لكن الأحلام هي ما تدفعنا للاستمرار.

    الإبداع والتناقضات الفكرية
    كتبتُ الشعر والرواية والمقال، وخضتُ في الأبحاث المحكمة، وكل هذا الكم من الطرح لم يحدث الشفاء الكامل أو الانعتاق، بل زاد من تعقيد إشكالية المثقف الباحث عن المعرفة والحياة العامرة بالحرية في عالم قامع. فالكتابة كانت وما زالت فعل مقاومة، لكنها لم تمنحني الإجابات النهائية، بل زادت الأسئلة تعقيدًا.

    بين الضياع والاستمرار
    أعيش متاهة فكرية، لكنها متاهة تعج بالأفكار، بالتساؤلات، بالبحث الدائم عن المعنى. لم أعد منغلقًا على مدرسة فكرية واحدة، بل أصبحتُ مؤمنًا بأن القيم العظيمة توجد في كل مكان، وبأن الإنسان أعقد من أن تحكمه نظرية واحدة أو فلسفة بعينها. لا أملك إجابات نهائية، لكنني أملك الأسئلة، وتلك في حد ذاتها بداية الطريق.






                  

02-06-2025, 08:50 AM

محمد بدرالدين
<aمحمد بدرالدين
تاريخ التسجيل: 01-15-2018
مجموع المشاركات: 2749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)


    محبتى و تقديرى استاذ زهير
    نشكر لك و نقدر ان اشركتنا فيما تهيم به افكارك و رؤاك بصراحتك المعهودة
    ف هذه المحطات المجيدة ....
    المحطة الاولى كانت كافية ان تعيشك فى استقرار فكرى و نفسى
    Quote: التصوف والتدين

    ارجع اليه مرة اخرى بفهم الرسول الكريم
    و ان شاءالله لن تعيش فى
    Quote: متاهة فكرية
    و لن تظمأ بعدها ابدا
    لان كل سر الحياة فى هذا الكتالوج : ال 114 سورة + حياة الرسول الكريم و احاديثه
    والله اعلم
    و اسال الله الكريم ان يملأ قلبك بحب الله و رسوله
    و ان يهديك صراطه المستقيم
    .... و الحمد لله انك ف الطريق و تسعى
    Quote: بالبحث الدائم عن المعنى

    و اتمنى لك الوصول الآمن لمرافىء الامن و السلام
    كل التقدير و الاحترام

    مودتى و تقديرى
                  

02-06-2025, 09:49 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: محمد بدرالدين)

    يا سلام يا زهير
    يا لها من مسيرة . أشبه برحلة مثيرة
    لا شك إنك تعلمت فيها الكثير وفكرت بعمق وإكتشفت أشياء جديدة عن نفسك .
    ليس هناك معرفة تُكتسب دون تجارب.
    وهي عندي مثل طعام المطاعم ، كل ما نحتاجه ، طلبه وتذوقه كي يصبح الطعام تجربة نقدر نبني عليها معرفتنا وحكمنا
    حتى في قراءة الكتب يختلف التفكير وإكتساب المعرفة من شخص لآخر.
    هناك من يقرأ ويُسلم بكل ما جاء في الكتاب، ممكن يكون "قارئ جيد"
    وهناك من يقرأ ويضع رأي في ما قرأه ممكن يكون " مشروع ناقد" لو طوَر من تفكيره النقدي.
    المهم يا صديقي أن ننظر لهذه الحياة بتأمل وتفكير مُتعمَقين للخروج بأحكام مستنيرة.
                  

02-06-2025, 09:55 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: حيدر حسن ميرغني)

    سلام يا صديقي العزيز

    فكرة جميلة لسرد التطور الفكري

    سأعود للتعليق لاحقا.
                  

02-06-2025, 10:58 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: محمد عبد الله الحسين)

    خد عندك قول رسولنا الكريم (ص) "لا حليم إلا ذو عثرة ولا حكيم إلا ذو تجربة " .
    فيه الكثير من الحِكم الدالة على أهمية "التجارب" في حياة الإنسان لكونها الركيزة الأساسية للتوصل إلى المعرفة.
    -
    سير سير يا زهيرنا وطوَل المسيرة
                  

02-06-2025, 11:22 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: محمد عبد الله الحسين)

    شوف يا اخ ابوالزوز : أي زول بيمسك ليهو فكرة بعينها، سواء كانت درويشية، ماركسية ولا غيرها، حيحبس نفسو في عالم ضيق، وما بيقدر يشوف الحقيقة كما ينبغى ليهو يشوفها. يعنى في رحلتك دي تقلت فى البداية من التصوف للماركسية، وبعدين انفتحت على الحداثة حيث الأفكار الواسعة(ده قولك).
    الحاصل إنو كل مرحلة عقلك ح يكون عنده أسئلة تحتاج لأجوبة وده حيظل مستمر بعدد تنقلاتك بين "الآيدلوجيات" من تجربتى الخاصة التى تعلمتها وطبقتها على نفسى، من تعاليم جدو كريشنامورتى، أنصحك بالآتى:
    لو عايز تشوف الأمور زي ما هي، لازم تتحرر من التحيزات والأطر الجاهزة.،
    فإنت، لمن تحلم بتأسيس فكر سوداني جديد، ده ما غلط في حد ذاتو، لكن أهم حاجة إنو تبدأ بنفسك أول حاجة، وتفتح ذهنك وتتخلص من كل الأفكار المعلبة ومن شغل “دي فكرتي ودي فكرتك”. ..في النهاية، الضياع ما بالضرورة يكون حاجة سلبية؛ فى اغلب الأحيان بيكون فرصة ثمينه عشان تشوف الحاجة بصورتها الحقيقية، من غير ما تكبرها أو تصغرها.
    الفكرة كلها إنك تركز على الوعي الخالص، وتتعامل مع الحياة بصدق عشان تفهمها مباشرة، بعيد من أي تكتلات فكرية مسبقة.
    سيأتى يوم فيه الناس تسخر كل من يعتنق ليهو معتقد ما وهو لايعرف مبادئ الفلسفة وبالذات الأخلاق..!

    يا اخ زهير، لو عايز تولد من جديد وتكون حر، أرمى كل مكتسباتك المعرفية فى اقرب سلة وخليك "تفتحية " اى بمعنى آخر (موت قبل ان تموت) عشان تحيا من جديد. حياة البرعمة خارجة لتوها من رطام قشرتها..
    المعتقدات الجماعية اياً كانت نوعها هى سلاح ذو حدين بالنسبة للزول البياخدها من المجتمع بدافع التنشئة او بدافع الخوف من المجهول (الموت)..
    انت بتشوف الناس بتموت، وفى ناس بتتقدم… وفى المقابر بتمثل أنها عارفة اسرار هذة الشغلانة ولكن لو فكرت فى الأمر بشوية عقل تجد ان نوع الناس ديل مافايتنك فى حاجة الا بحاجتين:
    الاولى: مغطى مظهرة بزى بتاع معتقداته و ملتحي وبتمسكن وبيمثل انو ورع ووجل.
    الثانى: أن الواحد فيهم بترجل ساى ولو بس أثناء هو قاعد يخم فى الناس بالمقابر لو فى شئ صدفة وقع فيه ولا فى واحد شقى كده قام لكزة بعكاز من وراهو ، لقفز ونسى خطبتو ونسى الموت والميت وبقى فى روحو…!

    خلاصة:
    خليك محل ما انت قاعد وعش لحظتك هذة بتفاصيلها لأنها هى الحياة الفاعلة وأنسى كل الأفكار والتقسيمات التى تقوم بصناعتها… لأنها قديمة والقديم عمره ما يطلع منه جديد(اقصد الجانب الروحى)..!
    لتصل للجديد والعبقرى مارس لحظتك الحاضرة واصبر عليها مؤكد ستصل مبتغاك… وهو فى الصمت…!
                  

02-06-2025, 04:07 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 51127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: Mohamed Adam)

    شكرا زهير
    وتحياتي لك وللجميع

    مسيرة التصوف تكون ناقصة لو وقفت عند الدراويشية.




    أعندك من ليلى حديث محرر
    أبو العباس المرسي
    أعندك من ليلى حديث محرر بإيراده يحيا الرميم وينشر
    وعهدي بها العهد القديم وإنني على كل حال في هواها مقصر

    وقد كان منها الطيف قِدما يزورُني فلمّا يزُرْ ما باله يتعذّر
    فهل بخلت ليلى بطيف خيالها أم اعتل حتى لا يصِحُّ التصُّور

    ومن وجه ليلى طلعة الشمس تستضيء وفي الشمس أبصار الورى تتحير
    وما احتجبت الا لكشف حجابها ومن عجب أن الظهور تستر
                  

02-06-2025, 07:53 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: Yasir Elsharif)

    يا سلام د. ياسر
    د. النور حمد مفكر وباحث سياسي وتشكيلي وبعرف يعزف العود ويغني
    شيء جميل جدا
    بالتأكيد دي محصلة جهد وتجارب كبيرة
                  

02-06-2025, 08:45 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)

    لكل الاحباب والاصدقاء


    شكرًا لكم جميعًا على هذه المداخلات العميقة والثرية، والتي تعكس تنوع الرؤى وثراء التجربة الإنسانية في سعيها الدائم للمعرفة والحقيقة. أقدّر كل تعليق وأتفهم أن كل قارئ ينظر إلى تجربتي الفكرية من زاويته الخاصة، وهذا بحد ذاته يُثري النقاش.

    حول التيه والمسيرة الفكرية:
    البعض يرى أن المسيرة الفكرية يجب أن تكون خطًا مستقيمًا، بينما أراها أشبه بموج البحر، مدٌّ وجزر، صعودٌ وهبوط، بحثٌ دؤوب لا ينتهي. لا أرى في "التيه" نقصًا بقدر ما أراه حافزًا على إعادة النظر والتساؤل المستمر، وهو ما يجعل الفكر حياً ومتجدداً. التوقف عند يقينيات مُعلبة هو موت للعقل، والبحث المتجدد هو جوهر الفلسفة والمعرفة.
    العدل أم العدالة؟ الأمة أم المجتمع؟ الاستقلال أم الالتزام؟
    هذه ثنائيات لا أؤمن بأنها متعارضة، بل متكاملة. العدل ليس نقيض العدالة، بل أحد تجلياتها. الأمة لا تلغي المجتمع، بل تشكّل امتداده الطبيعي. أما الاستقلالية الفكرية، فهي لا تعني رفض كل التنظيمات والمدارس الفكرية، بل تعني أن يكون للمرء قدرة نقدية تتجاوز القوالب الجاهزة.
    حول التجربة والتعلم:
    كما أشار بعض المعلقين، فإن التجربة شرط أساسي للنضج الفكري. لا يمكن بناء فهم عميق دون أن نمرّ بمراحل من التقبل، الرفض، التأمل، وربما حتى التخلي عن مسلمات قديمة. التجربة ليست مجرد تراكم للمعرفة، بل هي إعادة تشكيل دائمة للعقل والروح.
    بين التصوف، الماركسية، والحداثة:
    ما بين هذه المحطات لم أكن مجرد عابر، بل كنت مستكشفًا. التصوف منحني بُعدًا روحيًا وتأمليًا، الماركسية دفعتني للتفكير في البنى الاجتماعية والاقتصادية، والحداثة فتحت لي آفاق التساؤل الفلسفي الأوسع. هذه ليست مراحل إقصائية، بل محطات منحتني أدوات مختلفة لفهم الوجود. فهل المطلوب من الإنسان أن يلتزم بمحطة واحدة ويظل فيها للأبد؟
    حول التخلص من الأفكار المعلبة:
    أنا مع هذا الطرح، لكن ليس عبر "إلقاء كل المكتسبات في سلة المهملات"، بل عبر تفكيكها، إعادة النظر فيها، واستبقاء ما هو صالح منها. لا أرى أن "القديم" دائماً عديم الفائدة، ولا أن "الجديد" دائماً يحمل الحقيقة المطلقة. المسألة هي في الموقف النقدي، لا في الرفض العشوائي.
    وأخيرًا، حول الصمت كطريق للوصول:
    الصمت أحيانًا يكون ضرورة، لكنه ليس بديلًا عن الفكر، بل محفز له. أن تعيش اللحظة الحاضرة لا يعني أن تنسى الماضي أو تتخلى عن التفكير في المستقبل، بل يعني أن تكون واعيًا بكل لحظة تمر بها، وهذا في حد ذاته تمرين على الحكمة.

    أكرر امتناني لكل من قرأ وتفاعل، وأترك الباب مفتوحًا لحوار أعمق، لأن المسيرة الفكرية لا تنتهي، بل تتجدد باستمرار.

    زهير عثمان

                  

02-06-2025, 11:01 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)

    Quote: أنا مع هذا الطرح، لكن ليس عبر "إلقاء كل المكتسبات في سلة المهملات"، بل عبر تفكيكها، إعادة النظر فيها، واستبقاء ما هو صالح منها. لا أرى أن "القديم" دائماً عديم الفائدة، ولا أن "الجديد" دائماً يحمل الحقيقة المطلقة. المسألة هي في الموقف النقدي، لا في الرفض العشوائي.
    يبدو لى فى لبس فى ماقصدته بمفهومي، المكتسبات المعرفية وبكلمة "قديم"..طيب… المعرفة نوعان: في نوع ضروري للحياة العملية، زي العلم، التكنولوجيا، الهندسة، الطب، وكل المجالات التقنية دي، ودي معرفة بتتراكم وبتزيد مع الزمن، وهي مهمة وضرورية عشان الإنسان يتفاعل مع واقعو وحياتو تستمر. لكن في نوع تاني من المعرفة،وهى المعرفة النفسية ودى الأنا قصدت بيها المكتسبات المعرفية، ودي عبارة عن الأفكار والمعتقدات والتجارب الروحية المخزنة في الذهن، وهى مشكلة حقيقية، لأنها بتخلي الزول ما يشوف الأشياء زي ما هي، بل بيشوفها من خلال مخزون ذهني قديم "مايند ست" .فالزول لمن يتمسك بتجربة روحية قديمة، سواء كانت تجربتو الشخصية، أو تجربة معلمو، أو حتى تجربة الأنبياء والرسل، هو كده بيكون عايش في الماضي، والحقيقة أبدا مابتكون في الماضي، دائما هى في اللحظة الحاضرة دي. بهذا المفهوم أي تجربة روحية حصلت وانتهت،بتبقى قديمة، وما بتنفع تكون مرجع للبحث عن الحقيقة.
    الزول البفتش عن الحقيقة ما مفروض يعتمد على الحاصل قبل كده(موروثات) ايا كانت، لأنو دا كلو بقى ذاكرة، والذاكرة ما هي الحقيقة الحية لان الذاكرة بطلعها قديمة لاتصلح للجديد، الذكى والعبقرى الحاضر هنا والآن الذى لاتعبر عنه عملية القص واللصق والتوليف الذى هو من صميم خصائص الذاكرة..!
    فالفكره كلها، إنو المعرفة التقنية حاجة ضرورية ولازم الإنسان يستفيد منها، لكن المعرفة الروحية النفسية، لو الزول اتعلق بيها، بتبقى عائق قدام رؤية الواقع بوضوح. التمسك بالحاجات القديمة في الجانب الروحي هو السبب في إنو الناس ما بتشوف الأمور على حقيقتها، لأنو دايما عندهم فكرة مسبقة أو تجربة سابقة بتخليهم يحكموا قبل ما يشوفوا الحاجة بوضوح.فالحقيقة ما شيء ممكن تجترها من الماضي، ولا هى تجربة ممكن تتكرر بنفس الشكل، فقط بتظهر في اللحظة الحاضرة. أي تجربة، حتى لو كانت عظيمة، ما بتكون حقيقية ليك لو حاولت تعيدها بدل ما تعيش اللحظة الجديدة بيقظة. عشان كده، لازم الزول يكون منفتح للحظة الحاضرة الحالية، ما يتشبث بالماضي الروحي، ويكون عندو استعداد يشوف الأمور زي ما هي بدون ما يحاول يربطها بتجربة قديمة أو فكرة مخزنة في راسو.

    لو عايز تتطور روحيا:
    فقط اصمت ومارس ماهو موجود أمامك الآن .. والصمت هنا مامعناه ماتتكلم او ماتتحرك وإنما هو الخشوع او الحضور داخل ضوضاء الحياة، البحر صامت، الرياح صامتة، أزيز المصانع صامت… وهنا يحضرنى مصطلح ارتحت منه شديد قاله الاستاذ محمود محمد طة، وسماه الواجب المباشر وقال ايضاً املأ جسمك كله فيه، وضرب مثل بتفتيش العيش داخل الجوال…. تمسكه بيدك وتنظر له وتحسه، وتشمه، وممكن تتذوقه وتسمع لحركته… طبعا هو ماقاله بالتفاصيل الانا قلتها هنا ولكن قطعا بيفصد ما أنا فصلته هنا..يبقى قس على كده كل تفاصيل تفاعلك مع الحياة "الحاضرة" اى فى الزمن السيال هذا، وستصل إلى الحقيقة.. يحق ليك تسميها زى ما انت عايز ..الله،براهما.. جاهوفاوتنس، لاوتسو، بودا… الخ. لأن الحقيقة بلا اسم… "وبلادروب"، وغير قابلة للتجزئة،ده يهودى، ده مسلم، ده بودى،وايضاً هى لا محدودة ودائما جديدة ومتجددة…الخ.
    .

    (عدل بواسطة Mohamed Adam on 02-06-2025, 11:24 PM)

                  

02-06-2025, 11:36 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: Mohamed Adam)



    يا صديقي محمد أدم ، لقد أفرغت علينا دلوًا من الحكمة اللامتناهية، حتى ظننت للحظة أنني في حضرة فيلسوف قد نسي طريقه إلى النيرفانا، فمرّ علينا ليترك قبسًا من نوره المعرفي!

    يبدو أنك اكتشفت سر الكون وأصل الوجود، عبر معادلة بسيطة: كل قديم مرفوض، وكل جديد مشع بالحقيقة المطلقة! رائع! إذن، دعنا نحرق كتب الفلاسفة، ونرمي بتاريخ الفكر البشري في مزبلة العدم، وننتظر الحقيقة التي ستأتي إلينا على بساط الصمت الروحي، الذي هو – بالمناسبة – أزيز المصانع والرياح الصامتة! عظيم، يا رجل! يبدو أن المصنع الذي يصدح بضجيجه كان يحاول إخباري بسرّ الوجود، لكنني – لسوء حظي – لم أكن في لحظة "خشوع" كافية لألتقط الإشارة!
    أما حديثك عن "الواجب المباشر" للأستاذ محمود محمد طه، فيبدو لي أنك طورت منه نسخة ثلاثية الأبعاد، مع خاصية الشمّ والتذوق! برافو! ولكن أخبرني، هل يمكنني أيضًا الاستماع إلى الحقيقة عبر هدير ماكينة طحن القمح؟ أم أن ذلك يعتبر "ارتباطًا بالماضي" لأن القمح نفسه زرعه أجدادنا القدماء، وقد حان الوقت لنبتكر قمحًا حديثًا لا علاقة له بالماضي؟
    عزيزي، دعني أخبرك بشيء بسيط: المشكلة ليست في "القديم" أو "الجديد"، بل في استخدام العقل النقدي، لا في تسويق الوصفات الفارغة التي تدور حول نفسها كعجلة درويش مسحور! دعنا نعيش اللحظة، نعم، ولكن بدون أن نحاول إقناع الآخرين بأن كل من يملك ذاكرة هو سجين الماضي! وإلا، فعليك أن تتخلص فورًا من كل معرفتك، لأن دماغك – للأسف – يعتمد على الذاكرة، وهو ليس "الحاضر المطلق" الذي تبشرنا به!
    تحياتي لك، ودمت صامتًا في ضوضاء الحقيقة!
                  

02-07-2025, 05:35 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)

    زهير العزيز،
    يبدو إنك مريت على تعقيبى، لكنك لسع ما مسكت الفكرة الأساسية القاعد اتكلم عنها. أنا ماقلت كل قديم مرفوض، وما دعيت لحرق كتب الفلاسفة ورمي الفكر البشري في “مزبلة العدم”، زي ما حاولت تصور الموضوع بطريقة درامية..!
    الفكرة بكل بساطة هي إنو الحقيقة ما حاجة بتتخزن في الذاكرة ولا بتنقل من الماضي، الحقيقة بتظهر في اللحظة دي وبس.
    لما بنتحدث عن الزمن السايكولجى ، ما بنقول إنو المعرفة التراكمية ما مهمة، بالعكس، الحياة لاتستقيم بدونها. لكن الفرق هنا إنو المعرفة التقنية بتساعدك تعيش وتتطور، أما المعرفة النفسية البتتحول لتصورات ثابتة بتخليك مسجون في الماضي وما بتقدر تشوف الواقع كما هو. لو بتعتقد إنو التجربة الروحية ممكن تخزن وتعاد بنفس الحيوية، فأنت هنا بتكون جانبت الصواب لأنو أي تجربة، بمجرد ما تتحول لذاكرة، بتفقد حقيقتها الحية وبتبقى مجرد فكرة مجردة.
    أما سخريتك من “الصمت الروحي”، فدي برضو دليل على إنو ما فهمت فحوى تعقيبى. الصمت هنا يا اخ زهير، ما معناه إنو الزول يقعد ساكت ولا يدخل في حالة تأمل سلبي، لا يا صديقى!! الصمت البقصدو هو حالة من الوعي الصافي، الخالي من التحيزات والأفكار المسبقة، حالة بتخليك تشوف الحاجة زي ما هي، بدون تأثيرات خارجية ولا معتقدات قديمة بتلون فهمك ليها. وبالنسبة للإشارة للأستاذ محمود محمد طه، أو الكلام عن القمح وماكيناته، فدي مجرد محاولات لتحويل النقاش لمسارات جانبية ما عندها علاقة بالموضوع الأساسي. الفكرة ببساطة هي الفرق بين استخدام الذاكرة كأداة مفيدة، وبين إنك تكون سجين ليها وتخليها تحكم فهمك لكل شيء..!
    فبدل ما تحاول ترد بالسخرية، أسأل نفسك بصدق:
    هل أنا بشوف الأمور زي ما هي فعلا، ولا بس بشوفها من خلال أفكاري القديمة؟ الإجابة على السؤال ده ممكن تخليك تفهم الموضوع بصورة أوضح.
    تحياتي ليك، ونتمنى يكون في مساحة لوعي أكبر وسط ضوضاء الأفكار.
                  

02-07-2025, 05:50 AM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: Mohamed Adam)

    أخي محمد أدم
    تحياتي

    أشكرك على توضيحك العميق، وأعتذر إن لم أتمكن من التقاط فكرتك الأساسية بدقة. في النقاشات الفلسفية، اللغة الإيضاحية تلعب دورًا محوريًا في إيصال المعاني بأكبر قدر من الوضوح، ولذا أقدّر سعيك لتبيين رؤيتك.

    أتفق معك في أن الحقيقة ليست مجرد محفوظات متراكمة في الذاكرة، بل هي تجربة حية تتجلى في اللحظة الراهنة. ومع ذلك، أرى أن هناك تداخلًا بين المعرفة التراكمية والوعي الحي؛ فبينما يمكن أن تشكل الأفكار والمعتقدات قيودًا على الفهم، فإنها أيضًا أدوات يمكن توظيفها لفهم أعمق للواقع، وليس بالضرورة أن تكون سجنًا معرفيًا.

    أما فيما يخص "الصمت الروحي"، فلم يكن القصد السخرية منه، بل محاولة لفهمه في سياقه الأوسع. إذا كان المقصود بالصمت هو التحرر من الأحكام المسبقة والنظر للأشياء كما هي، فهذا بلا شك مطلب جوهري في أي بحث فلسفي أو تأملي جاد.

    يبقى السؤال مفتوحًا: كيف يمكننا تحقيق هذا التوازن بين الاستفادة من المعرفة دون أن نكون أسرى لها؟ هنا تكمن المسألة الجوهرية التي تحتاج إلى نقاش أكثر عمقًا.

    تحياتي لك، وبالتأكيد، الوعي الأوسع هو ما نبحث عنه جميعًا وسط ضوضاء الأفكار

                  

02-07-2025, 07:29 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)

    أخونا زهير، تحياتي ليك،

    مشكور على الرد، وعجبني إنك منفتح للحوار والنقاش، دي الروح البتنفع في مقاربة مواضيع غاية فى الأهمية من حيث تطورنا الروحى"أنسنتنا".

    نعم، في تداخل بين المعرفة التراكمية والوعي الحي، لكن الحتة البقصدها إنو المعرفة المخزنة في الذاكرة ما هي الحقيقة بذاتها، دي مجرد تصورات وتمثيلات للحقيقة.فلما الواحد يعتمد على المعلومات المخزنة فى ذاكرته،بتخليو يشوف الواقع من خلال فلاتر أفكارو القديمة(موروثاته،مكتسباته)، وبعدين ما بقدر يشوف الصورة مباشرة. وده ما معناه نقوم نرفض المعرفة، لكن معناهو لازم نكون واعين بأنها حاجز بدل ما تكون وسيلة للفهم.وهنا كمثال: نجد اهلنا الصوفية فيما معنى كلامهم بيقولو ماممكن تدخل حضرة الله إلا لما تفنى وتتمحق ..! وده معناتو لازم تخلع نعليك، كل معارفك، مكتسباتك، الإيقو،وتبقى وعىّ صرف.. لأن الحقيقة ما بترفع حجبها وتتبدى ليك وإنت "نجس" لان كل تلك الموروثات او المكتسبات هى بتحجبك عن ان تعيش الحقيقة "العريانة"، فلازم تقلع تلك الحجب عشان تكون طاهر، وطهارتك هنا ان تكون فى هنا والآن..وعى صاااااافى..مامنقسم بين الماضى والمستقبل..!

    أما بخصوص “الصمت الروحي”، سرنى إنك وضحت لى مقصدك، وما كان بتقصد السخرية من رأى، بل كنت بتستفسر بحق وحقيقة .
    طيب..
    زى ماسبق قلنا، الصمت هو ما مجرد السكوت عن الكلام، بل هو حالة من الصفاء الذهني، اللحظة البيكون فيها العقل ساكن بدون تشتت، مش بالقوة، لكنه بيكون فاهم لأوهامه . في اللحظة دي الحقيقة بتظهر بدون ما الذهن يكون مقيد بي تصورات مسبقة.

    أما سؤالك عن كيف الواحد يستفيد من المعرفة بدون ما يبقى أسير ليها، دا سؤال عميق شديد لغير الممارس، أنا شايف إنو الحل في عدم التعلق بها ونتعامل معها كوسيلة مش غاية،و بي وعي متيغظ، بحيث إنها ما تحدد هويتنا ولا تسجن فكرنا.
    لمن يكون عندنا الوعي ده، بنعرف كيف نستخدم المعرفة بدون ما نتشبث بيها. ودى ياها ال "فريدام باى جويس"كمثال: راجع مقولة اهلنا الصوفية فى عملية "التحلى والتخلى"، "البقاء والفناء"..!

    مع تقدير كتيير.
    .
                  

02-07-2025, 07:57 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: Mohamed Adam)

    سلام زهير ومحمد
    Quote: من تجربتى الخاصة التى تعلمتها وطبقتها على نفسى، من تعاليم جدو كريشنامورتى

    ربما يساعد "تفكيك" هذا الكتاب في فهم تعاليم جدو كريشنامورتي التي اشار إليها الاخ محمد
    llllllllllll
                  

02-07-2025, 07:04 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: حيدر حسن ميرغني)


    مرحبتين حبابك اخونا حيدر.
    شكرا، ليك على المادة القيمة،الأضفتها، لأنها فعلا بتقوي فكرة البوست وبتدعم النقاش حول تأثير جيدو كريشنامورتي في مفهوم الناس عن المعتقدات على مستوى العالم.
    كريشنامورتي زول مختلف في طرحو، ما كان شايف الدين مجرد طقوس أو عقائد جامدة مفروضة من سلطة دينية، بالعكس كان بيشوفو كحالة وعي ذاتي، فهم عميق للحياة، وتجربة شخصية ما مرتبطة بأي نصوص مقدسة أو مؤسسات دينية.
    وده السبب الخلى أفكارو تعمل نقلة كبيرة في نظرة الناس للدين، خصوصا في الزمن الحالي البقى مليان أسئلة وشكوك حوالين المسلمات الدينية..!

    مثلا، ناس كتار بعد ما قروا ليهو، بدأوا يشوفوا الدين من زاوية تانية، زاوية التأمل والمعرفة الذاتية بدل الالتزام الأعمى بالعقائد.
    اليوم شفنا كيف إنو الحركات الروحية الحديثة زي البوذية، الطاوية، غير الدينية أو التصوف بلا طقوس بقت منتشرة، ودي كلها أفكار قريبة من رؤيتو، حيث التركيز بقى على التجربة الفردية للفهم الروحي بدل ما يكون الموضوع تابع لمؤسسات أو رجال دين، لابسين عمائم وقفطان..!!
    باختصار، كريشنامورتي بدل يجي ينقض الأديان، جاب ليهو طريقة جديدة في التعامل معاها، خلت الناس تفكر براها وما تعتمد على التلقين. وده ذاته السر الخلى تأثيرو مستمر وباقي حتى الليلة.
    وشكرا مرة تانية يا حيدر، لأنو فعلا المادة الإضافتها بتدعم الفكرة دي تمام!
    طبعا هو لايرفض الأديان ولكن يرفض فهم الناس ليها، وان الدين ليس مؤسسات وإنما هو نوع من أنواع الممارسات الفردية مثلا: خليك مسلم ولكن لاتتبع احد.. صلى، زكى، حج، ..الخ ولكن اعلم ان هذه الطقوس مطلوب منها تدريبك على ان تعيش فى الوقت الحاضر… أنا بالذات عندى احسن ماجاء فى الإسلام هو الوضوء وإقامة الصلوات الخمس.. ده فرصة قيمة للتأمل والوضوء تمرين رهيب لصقل الحواس الخمسة او ممكن تزيد لهم العقل عند مسحك للرأس..والحج برضو لكن خليك مع نفسك وان صليت داخل الحرم مع الجماعة أنسى ما يقوله الإمام وركز فى نفسك، امشى ارمى الجمرات وركز فى شيطان حواسك الخمس وبالذات نسمية عقلك هذة اكبر شيطان يجب رجمه وإن بوعى تام… تخيل إذا كل أيام الحج دى إنت مركز فى نفسك بإذن الله ستجد الفتح العظيم..هذة الممارسة ممكن تمارسها يومى من دون تصلى، تحج، تتوضأ…وتكون لها مردود أكثر من إلتزام طريقة معينة وهذا مايقصده كريشنامورتى هو لم يقل هذا ابدًا بشحمة لسانه ولكن على حسب ممارستي للتقصى اثناء متابعتى لخطبه..يبقى خليك فى دينك ولكن العبرة فى فهمه.. أوعك تتبع اى مؤسسة روحية بدافع التنشئة..او بدافع الخوف من المجهول"الموت"، "الغيب"او "المجهول" .. بل اجعل الخوف ذاتو صلاة تأمل فيه وجابهو حتى لما تأتى إلى سكرات الموت جابها بالتأمل او بالرضى التام..
    .
                  

02-07-2025, 07:04 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: Mohamed Adam)

    مقتبسات من اقواله:
    "إن الطريقة الوحيدة لبلوغ الحقيقة هي أن يكون المرء، من دون أيِّ وسيط، تلميذ الحقيقة نفسها.".

    "الحقيقة أرض بلا دروب، ولا يمكن بلوغها بأيِّ طريق، أيًّا كان: لا بدين ولا بمذهب. تلكم وجهة نظري، وإني لمتمسِّك بها تمسكًا مطلقًا غير مشروط.."

    "ليس للحقيقة درب، وفي ذلك جمالها: إنها حية. وحده الشيء الميت يمكن أن يكون له درب يقود إليه لأنه ساكن. أما عندما ترون أن الحقيقة شيء حي، متحرك، لا يستقر في مكان
      ، وليس في مقدور أيِّ شيء أن يقودكم إليه – سترون عندئذٍ أن هذا الشيء الحي هو ما أنتم عليه في الواقع..".


      قول كريشنامورتى ادناه؛ يناسب مامر به اخونا ازهرى وبحثه عن الحقيقة:

      "متى تأكَّد المخ القديم من عجزه عن إدراك ماهية الحرية، ومن قصوره عن اكتشاف شيء جديد، يكون هذا الإدراك، في حدِّ ذاته، بذرة الفطنة
        . الفطنة ليست شخصية، وليست نتاجًا للمجادلة أو للمعتقد أو للرأي أو للمنطق. تنوجد الفطنةُ حينما يكتشف المخ عجزه، حينما يكتشف ما هو قادر عليه وما هو ليس بقادر عليه .."..
        وايضا هذا يشبه قول ابن الفارض:“زدني بفَرْطِ الحُبِّ فيكَ تَحَيُّرا
        وارْحَمْ حَشًى بَلْسَعِ الهَوَى تَسَعَّرا”.
                  

02-08-2025, 07:21 AM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: Mohamed Adam)


    الاصدقاء والاحباب الأستاذ محمد آدم والأخ حيدر،

    تحية طيبة وبعد،

    أكتب إليكما هذه المرافعة الفكرية محاولًا أن أضع بين أيديكما مقارنة موضوعية بين الطرح الذي أقدمه وبين أفكار الفيلسوف جودو كريشنامورتي، خاصة فيما يتعلق بالدين، الروحانية، والأيديولوجيا. ربما تبدو بعض النقاط متشابهة على السطح، لكن الفروق العميقة بيننا تستحق التأمل والنقاش.

    الدين بين الممارسة الذاتية والتلقين المؤسسي
    إنني أرى أن الدين يمكن أن يكون تجربة ذاتية، منفصلة عن التلقين الجماعي والمؤسسات الدينية الصارمة. أؤمن أن الإنسان يستطيع أن يعيش الدين بوعيه الخاص، مستخدمًا بعض الطقوس ليس بوصفها واجبًا مفروضًا، بل كوسيلة للتأمل والتواصل مع الذات والوجود. الطقوس، في نظري، يمكن أن تكون تمرينًا روحيًا يهدف إلى خلق حالة من الصفاء الذهني، دون أن يكون لها بعد إلزامي أو سلطوي.

    أما كريشنامورتي، فقد رفض الدين بكل أشكاله، سواء كان مؤسسيًا أم فرديًا، لأنه كان يرى أن أي نوع من التدين هو قيد على الفكر الحر. لم يكن يعتقد أن الطقوس يمكن أن تؤدي إلى أي شكل من أشكال التحرر الروحي، بل كان يراها جزءًا من الهيمنة الثقافية التي تعطل الإنسان عن اكتشاف الحقيقة بنفسه.

    وهنا يكمن الفارق الجوهري بيننا: فأنا لا أرفض الدين من حيث المبدأ، بل أراه تجربة متغيرة ومتعددة الأبعاد، يمكن إعادة تفسيرها بما يتناسب مع الإنسان الفرد. بينما يرى كريشنامورتي أن أي ارتباط بالدين، حتى لو كان شخصيًا وغير تقليدي، هو بمثابة انغلاق فكري.

    الروحانية بين التأمل والتجرد

    أطرح رؤية تعتبر التأمل تجربة يمكن أن تحدث داخل إطار ديني أو خارجه، إذ لا أرى تناقضًا بين ممارسة التأمل والانتماء إلى تراث ديني معين. الإنسان، في نظري، يستطيع أن يستخدم بعض الطقوس كوسيلة للوصول إلى حالة من الوعي الذاتي، شرط أن يكون ذلك بدافع شخصي وليس نتيجة برمجة خارجية.

    أما كريشنامورتي، فقد كان يرى أن الروحانية لا يمكن أن توجد داخل أي إطار ديني أو طقسي، بل لا تتحقق إلا عندما يتحرر الإنسان بالكامل من كل الموروثات الثقافية والدينية، ويعيش في حالة وعي نقي غير ملوث بأي معتقدات سابقة.

    هنا أختلف معه بوضوح، إذ أرى أن الإنسان لا يحتاج إلى أن يلغي كل التراث الديني ليصل إلى حالة روحية صافية، بل يمكنه أن يستلهم من الدين بعض الجوانب التي تعزز تجربته الذاتية دون أن يكون عبدًا لها.

    الأيديولوجيا بين التجربة الشخصية والرفض المطلق

    لقد مررت بتحولات فكرية متعددة، من التصوف إلى الماركسية ثم إلى الحداثة المنفتحة. وهذه الرحلة جعلتني أؤمن بأن الأيديولوجيا قد تكون ضرورية لفهم العالم في مراحل معينة من حياة الإنسان، لكنها ليست مطلقة أو أبدية. الأيديولوجيا، كما أفهمها، يمكن أن تكون وسيلة لفهم الواقع، لكنها لا يجب أن تتحول إلى قيد يمنع الإنسان من التطور الفكري.

    أما كريشنامورتي، فقد رفض كل الأيديولوجيات جملة وتفصيلًا، ورأى أنها مجرد أشكال من البرمجة الفكرية التي تحدّ من قدرة الإنسان على رؤية الحقيقة بشكل مباشر. كان يدعو إلى التخلص التام من أي نظام فكري مسبق، والعيش بحرية مطلقة بعيدًا عن أي تصنيفات أيديولوجية.

    وهنا أختلف معه مرة أخرى، إذ أرى أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بلا إطار فكري مطلقًا، لكنه يستطيع أن يكون مرنًا في تعامله مع الأفكار، بحيث يتبناها حين يجد فيها فائدة، ثم يراجعها ويطورها كلما دعت الحاجة لذلك.

    الخوف من المجهول: الدين كملجأ أم كحافز للتأمل؟

    أتفق مع كريشنامورتي في أن الخوف من المجهول هو أحد الدوافع الأساسية التي تجعل الناس يتمسكون بالأديان، لكنني لا أرى ذلك مبررًا لرفض الدين بالكامل. بل أرى أن مواجهة هذا الخوف بالتأمل والتفكير يمكن أن يكون جزءًا من تجربة روحية أعمق، سواء داخل الدين أو خارجه. أما كريشنامورتي، فقد رأى أن الدين بحد ذاته هو آلية للهروب من مواجهة الحقيقة، وبالتالي يجب التخلص منه نهائيًا.

    الحرية الفردية: بين الإصلاح والإلغاء

    أنا أؤمن بأن الإنسان يجب أن يكون حرًا في تفسير الدين بطريقته الخاصة، وألا يكون خاضعًا لأي سلطة تفرض عليه شكلًا محددًا من التدين. لكنني لا أرى أن الحل هو إلغاء الدين تمامًا، بل إعادة فهمه بطرق أكثر عقلانية ومرونة.

    أما كريشنامورتي، فقد كان يرى أن الحرية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تخلى الإنسان عن كل أشكال الاعتقاد، ورفض كل الأنظمة الفكرية السابقة.

    وهنا، أجد نفسي أتبنى موقفًا أكثر توازناً، إذ لا أرى أن الحرية تعني القطيعة الكاملة مع الموروث، بل تعني امتلاك القدرة على التعامل معه نقديًا.

    بين الموازنة والتجرد المطلق

    إذا كان كريشنامورتي يدعو إلى القطيعة الكاملة مع الدين والأيديولوجيا والتقاليد، فأنا أدعو إلى إعادة النظر فيها بشكل نقدي، والاحتفاظ بما يمكن أن يكون مفيدًا منها.

    أنا لا أرى في الطقوس مجرد ممارسات شكلية يجب التخلص منها، بل أرى فيها إمكانيات روحية وتأملية يمكن للإنسان أن يعيد اكتشافها بطريقته الخاصة. كما أنني لا أرفض الأيديولوجيا بالمطلق، بل أرى أن الفكر يمكن أن يكون وسيلة مفيدة للتطور الذاتي، شرط ألا يتحول إلى قيد عقائدي.

    في النهاية، يمكن القول إن الفرق بيني وبين كريشنامورتي هو فرق بين إعادة التفسير والإلغاء: هو يريد إلغاء كل المرجعيات السابقة، وأنا أريد إعادة النظر فيها بوعي جديد. وهذا هو جوهر الاختلاف بين من يرى الدين سجنًا يجب الهروب منه، وبين من يراه مجالًا يمكن استكشافه بحرية ووعي جديد.

    أترك لكما الحكم بعد هذا العرض، وأتطلع لنقاشاتكما وتعقيباتكما، فالحوار هو السبيل الحقيقي لاكتشاف أعمق للذات وللحقيقة.

    مع كل الود وخالص التقدير
                  

02-08-2025, 09:26 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)

    Quote: وأنا أريد إعادة النظر فيها بوعي جديد.

    بالتأكيد يا زهير الإلغاء التام " ما حبابو" .
    وبلا شك ، إعادة النظر في "المرجعيات" بوعي جديد مطلوبة .
    وهذا بالضرورة يقتضي الإنغماس كلياً "بوعي" في التعاليم التي إبتدعها المفكرين والفلاسفة الذين أثروا في مسيرتك الفكرية لتنتقل إلى الخطوة التالية، "خطوة الوعي الجديد".
    السؤال .. هل يمكن أن تحافظ على هذه الوضعية من الوعي بنهج مستمر؟
    هذا بلا شك تحدي جبار ، قد يحد من إنخراطك بشكل كامل في عالمك الذي تعيش فيه وإستمتاعك بكل لحظة دون إنقطاع.
                  

02-08-2025, 11:12 PM

عبد الله حسين

تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 3983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: حيدر حسن ميرغني)

    وما هي الحداثة ؟
    التي انتقلت اليها من الماركسية
    وكيف حدث هذا الانتقال
    فأنت كمن يقول
    لقد خرجت من الغرفة ودخلت نفس الغرفة من نفس الباب إلى نفس الغرفة
    ومع ذلك هي غرفة مختلفة
    لأن ببساطة
    الماركسية تقع في قلب الحداثة
    ومن يزعم أنه انتقل من الماركسية إلى الحداثة
    فهو لا يعرف ما هي الحداثة ولا يعرف ما هي الماركسية
    وهو زعم لا يمكن ان يكون صحيح إلا في الذهن فقط
    فماركس يقع في مقدمة فلاسفة ومفكري الحداثة
    والماركسية كنتاج لفكر الحداثة هي الأكثر تأثيرا على كوكب الأرض
    بعد الأديان وبعض مكتشفات العلوم الطبيعية
    وعليه إذا كان ثمة انتقال قد حدث
    فهو انتقال من حداثة إلى حداثة
    وهو أمر ليس له أي معنى في الواقع !.
                  

02-09-2025, 00:02 AM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: عبد الله حسين)


    الاخ عبد الله حسيت
    تحياني
    قبل أن تُلقي محاضرتك عن الحداثة والماركسية، كان الأجدر بك أن تبدأ بالحد الأدنى من الذوق واحترام الحوار،
    وهو إلقاء السلام. فالكلام دون تحية كمن يدخل بيتًا دون استئذان، وهذا ليس من أدب الفكر ولا من أخلاقيات النقاش.
    أما عن ما قلته، فحديثك مجرد تكرار لمقولات محفوظة دون فهم عميق للتحولات الفكرية الحقيقية. لو كنت تفهم الحداثة فعلًا، لما حصرتها في قالب واحد جامد. لكن يبدو أنك لا تفرق بين التنقل داخل الفكر والتخبط بين الشعارات.
    تعلم أولًا أصول التخاطب، ثم تعالَ نتحدث عن الفكر.

    أولًا: الماركسية جزء من الحداثة، لكنها ليست كل الحداثة
    صحيح أن الماركسية تنتمي إلى تيار الحداثة، لكنها ليست مرادفًا لها. الحداثة تيار فكري واسع يضم اتجاهات متعددة، من الليبرالية إلى الوضعية إلى الماركسية وما بعدها.
    بالتالي، يمكن أن يكون هناك انتقال داخل الحداثة، كما أن الحداثة نفسها ليست ثابتة، بل تطورت عبر مراحل مختلفة.

    ثانيًا: الانتقال بين تيارات الحداثة أمر منطقي وطبيعي
    الانتقال من الماركسية إلى الحداثة ليس كما تصفه، أي "الخروج من الغرفة والدخول إليها مجددًا"، بل هو أشبه بالخروج من غرفة داخل منزل الحداثة إلى غرفة أخرى في نفس المنزل ذات أبعاد وخصائص مختلفة.
    يمكن للشخص أن يكون ماركسيًا ثم ينتقل إلى تيارات حداثية أخرى، كالبنيوية، ما بعد الحداثة، أو الليبرالية النقدية، دون أن يعني ذلك خروجه من الإطار العام للحداثة.

    ثالثًا: الحداثة ليست بنية مغلقة، بل مشروع متجدد
    الحداثة مشروع مستمر ومتعدد الأبعاد، وليس نظامًا مغلقًا يتوقف عند مرحلة واحدة. إذا أخذنا تعريف الحداثة كمجموعة من التحولات الفكرية والسياسية والاقتصادية التي انطلقت منذ عصر التنوير، فسنجد أنها نفسها خضعت لنقد ذاتي وتطور مستمر، ما أدى إلى ظهور تيارات مختلفة داخلها، بل وظهور ما بعد الحداثة كاتجاه ناقد لها.

    رابعًا: الاختلاف بين الماركسية وتيارات الحداثة الأخرى
    الماركسية كجزء من الحداثة تختلف عن تيارات أخرى داخلها في رؤيتها للإنسان والمجتمع والتاريخ. فبينما تؤمن الحداثة الليبرالية مثلًا بالفردانية والسوق الحرة، ترى الماركسية أن التفسير المادي للتاريخ والصراع الطبقي هو جوهر فهم التطور الاجتماعي.
    بالتالي، الانتقال من الماركسية إلى تيارات أخرى من الحداثة ليس انتقالًا وهميًا، بل هو تحوّل حقيقي في الرؤية والمنهج.

    خامسًا: تأثير ما بعد الحداثة على فكرة "الحداثة الواحدة"
    إذا كنت تفترض أن الحداثة كيان واحد لا يقبل الانتقال داخله، فهذا يتجاهل التحولات التي طرأت عليها منذ منتصف القرن العشرين، خاصة مع ظهور تيارات مثل ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة، التي قدمت انتقادات جوهرية للنظريات الكلية مثل الماركسية، ووسعت مفهوم الحداثة إلى أكثر من اتجاه واحد.

    وأخر القول بأن الانتقال من الماركسية إلى الحداثة غير ممكن هو مغالطة، لأنه يفترض أن الحداثة شيء جامد وثابت، بينما هي تيار متجدد يتسع لعدة مدارس، منها الماركسية وغيرها. لذلك، يمكن للمرء أن يكون ماركسيًا ثم يبتعد عن الماركسية إلى تيارات أخرى داخل الحداثة، وهذا لا يعني أنه بقي في نفس المكان، بل أنه انتقل إلى رؤية جديدة داخل نفس الإطار الفكري العام.
                  

02-09-2025, 00:05 AM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)

    الحداثة المعاصرة تجاوز الماركسية والوجودية نحو رؤى جديدة


    الحداثة المعاصرة: المفهوم والتطور
    الحداثة المعاصرة ليست مجرد استمرار للحداثة التقليدية التي قامت على العقلانية، التقدم، والعلمانية، بل هي تجاوز لها باتجاه رؤى أكثر تعقيدًا تشمل نقد الذات، التعددية، والتحولات السريعة في التكنولوجيا والمجتمع. الحداثة اليوم ليست مشروعًا مغلقًا، بل هي فضاء ديناميكي يعيد تعريف الإنسان، السياسة، والفكر بشكل دائم.

    الماركسية: حدودها في عصر ما بعد الحداثة
    الماركسية، رغم قوتها التحليلية في نقد الرأسمالية والصراع الطبقي، واجهت إشكاليات في تطبيقاتها، خصوصًا مع انهيار الاتحاد السوفييتي وتحولات الاقتصاد العالمي. أهم إشكالاتها المعاصرة:
    المادية التاريخية الجامدة: افتراض مسار حتمي للتاريخ لم يعد يتماشى مع التعقيدات الحديثة.
    إغفال الفردانية: ركزت الماركسية على البُنى الاجتماعية والاقتصادية وأهملت الفرد ككيان مستقل.
    الأزمات التطبيقية: الأنظمة التي تبنت الماركسية انهارت بسبب استبدادها وعدم قدرتها على التطوير الداخلي.
    السمو فوق الماركسية لا يعني رفضها بالكامل، بل تجاوزها بتطوير نقد أكثر شمولًا للرأسمالية دون الوقوع في حتمية الصراع الطبقي الضيق.

    الوجودية: صراع الحرية والعبثية في عالم مترابط
    الوجودية، التي ركزت على حرية الإنسان الفرد ومسؤوليته، كانت رد فعل ضد الفلسفات الشمولية مثل الماركسية. لكنها واجهت تحديات:

    الذاتية المطلقة: في عصر العولمة، أصبح الإنسان مرتبطًا بأنظمة اجتماعية وتقنية لا يمكن تجاوزها بقرار فردي فقط.
    العبثية واليأس: إذا كان الوجود لا معنى له كما قال سارتر وكامو، فلماذا يسعى الإنسان لتحسين العالم؟
    إهمال البعد السياسي والاجتماعي: الوجودية ظلت فلسفة فردية ولم تقدم مشروعًا مجتمعياً متكاملاً.
    السمو فوق الوجودية يتمثل في الحفاظ على قيمة الحرية الفردية، لكن ضمن رؤية تأخذ في الاعتبار العوامل المجتمعية والتكنولوجية المعقدة في عالم اليوم.

    ما بعد الحداثة والتجاوز الفكري
    إذا كانت الحداثة التقليدية قد ولّدت الماركسية والوجودية، فإن ما بعد الحداثة فتحت الباب أمام رؤى جديدة تتجاوزهما:

    التعددية بدلاً من الحتمية: لا يوجد تفسير واحد للتاريخ أو للوجود، بل وجهات نظر متعددة.
    تفكيك السرديات الكبرى: كالماركسية والوجودية، والبحث عن حلول أكثر مرونة.
    الثورة التكنولوجية: التكنولوجيا غيّرت مفهوم الصراع الاجتماعي والوجود الفردي، مما يفرض مقاربات جديدة.
    السمو نحو فكر أكثر تعقيدًا
    الحداثة المعاصرة تتطلب التحرر من قيود الأيديولوجيات الجامدة، سواء كانت ماركسية أو وجودية، والانفتاح على تعددية فكرية تستوعب التعقيد المعاصر. السمو فوق الماركسية لا يعني رفض نقد الرأسمالية، بل تجاوزه برؤية أكثر تعقيدًا، والسمو فوق الوجودية لا يعني إنكار الحرية، بل دمجها في مشروع أكثر تماسكًا.

    في النهاية، الحداثة ليست غرفة مغلقة، بل أفق مفتوح دائم التغير.
                  

02-19-2025, 11:54 PM

عبد الله حسين

تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 3983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: زهير ابو الزهراء)

    لقد قررت كحبّار أن تطلق حِبرك للتشويش على الفكرة الأساسية، وهي الزعم بأنك انتقلت من الماركسية إلى الحداثة، وكأن الماركسية لا تنتمي إلى عصر الحداثة، وذلك بالهرب إلى إثارة قضية شكلية جانبية انصرافية، وهي السلام والاستئذان، وهي ليست أمور ضرورية وجوهرية في منبر عام، وتناسب البيوت والأماكن الخاصة، فالكثيرون هنا يضعون مداخلاتهم في البوستات المختلفة دون التوقف عند الشكليات مثل السلام وغيره، ودون أن يخلق ذلك حساسية أو يفجّرغضبة مضرية، كما فعلت أنت هنا، وأفهم ذلك على أنه آلية دفاعية حبّارية فاشلة.
    والعجيب بعد كل هذا الهياج قلت على مضض أن الماركسية جزء من الحداثة، وبالتالي يظل السؤال قائما، كيف يمكن للمرء أن ينتقل من حداثة إلى نفس الحداثة ؟، إلا إذا كان المقصود هو انتقال من الماركسية كنظرية تنتمي إلى الحداثة إلى نظرية أو تيار آخر ينتمي إلى نفس الحداثة، كما ألمحت، وعندها لن يستقيم عنوان البوست، فإلى أي نظرية أخرى في الحداثة أو ما بعد الحداثة حدث الانتقال، هل أصبحت ليبراليا، ليوتاري نسبوي، بنيوي، تفكيكي، ديلوزي، روتاوي، ليشتنشتاينوي، بينشونويوي، والاسوي، أم انتقلت إلى جميع هذه النظريات ( سمك لبن تمر هندي ) ؟. ثم أين تأدبك أنت مع القراء والشعب السوداني، وقد أصبحت بوق جنجويدي لمليشيا آل قتلوا الإرهابية المجرمة، حيث تنقل بعض الأخبار الكاذبة المفبركة المضروبة مجهولة المصدر، دون أن يرف لك جفن، لصالح المليشيا الإرهابية وأنت تعلم أنها مضروبة.
    لكن كل ما سبق كوم، وادعائك عن تجاوز الماركسية كوم آخر، والذي سبقك إليه عديد من السودانيين قبل أكثر من ربع قرن، مثل الخاتم عدلان الذي دعا لوضع ماركس في القبر، إلى الشفيع الخضر الذي أدعى عدم صلاحية الماركسية، إلى هشام عمر النور الذي نادى بتجاوز الماركسية، وغيرهم كثير ممن خرجوا من الحزب الشيوعي وبعضا ممن ما زالوا أعضاء فيه، وادعاء تجاوز الماركسية هو من الادعاءات الكبرى، وهي تكاد تكون خصيصة سودانية سيئة، لا يستطيع معها المرء الا ان يقول، يا للهول ولا حول، او يا النبي نوح.
    فمنظرك، كآخر الواصلين، وأنت تنضم الى مشهد جوقة مدعى تجاوز الماركسية، في هذا المسرح العبثي يدعو للعجب، كأنك كنت نائما في كهف طيلة ربع القرن الماضي، فقد انفض جمع الممثلين، وغادر الجمهور، وأُسدل الستار على خيبة كبرى لم يشهد لها العالم مثيلا، فبعد أن تجمهروا هنا زمنا طويلا، يحملون سكاكينهم، وهم يصرخون أين الجثة أين الجثة، وهم يرددون خلف فوكياما ووسائل الإعلام اليمينية العالمية، لقد سقط الاتحاد السوفييتي، انهار المعسكر الاشتراكي، ماتت الشيوعية، انتهت الماركسية، انتهى ماركس، لكن أين الجثة أين الجثة، نريد ان نغرز أنصالنا فيها حتى نتاكد من موتها، وهم في صراخهم وهذيانهم ذاك، في ذلك المشهد الهزلي، يجيئهم بغتة صوت جهير من حيث لم يحتسبوا، طغى على أصواتهم جميعا: لا مستقبل بدون ماركس لا مستقبل بدون ماركس، إنه صوت جاك دريدا في ( أطياف ماركس )، القادم من " ما بعد الحداثة "، التي يُفترض أنها ضد الماركسية، وضد كل " السرديات الكبرى "، حسب مصطلح لوتار، ويرد عليه هاملت، وهو يأخذ بثأره القديم من الرأسمالية، الشبح من أمامهم ومن خلفهم، ومن فوقهم ومن تحتهم، ومن يمينهم ومن يسارهم، فأين المفر، فيجيب صاحب " التفكيك "، يا هاملت: ( لقد قلت لنفسي اذ أعدت قراءة "البيان الشيوعي" وبعض مؤلفات ماركس الكبرى كم أنا أعرف قليلا من النصوص ضمن التقاليد الفلسفية، وربما لا أعرف غيرها. وقد بدا درسها أكثر الحاحا واستعجالا اليوم، شريطة ان نأخذ بعين الاعتبار الاهتمام بما كان يقوله ماركس وانجلز نفسهما )، فيرد هاملت، يا صاحب " التفكيكية "، إذا كنت أنت كاحد أكبر مفكري " ما بعد الحداثة " تقول بتواضع، أنك تعرف قليلا من النصوص ضمن التقاليد الفلسفية وتنادي بضرورة إعادة قراءة الماركسية، فما بال هؤلاء من أصحاب الادعاءات الكبرى الذين ينادون بوضع ماركس في القبر وينادون بتجاوز الماركسية ؟، والذين في غالبيتهم لم يقرأوا كل مؤلفات الماركسية، ويجيب إِريك هوبسباوم، ليس ذلك فحسب، فبينما " أتباع " ماركس هؤلاء يتخلون عنه، فإن كبار البرجوازيين يعيدون اكتشافه، فالملياردير جورج سورس مثلا قال لي عن ماركس، لقد كان رجل نزيه، وفي تصريح آخر قال لقد كان محقا في كثير مما يقول.
    لا مستقبل بدون ماركس، لا مستقبل بدون ماركس، كما قال جاك دريدا بصوت جهير تردد صداه في العالم من أقصاه الى أقصاه، لقد عاد الطيف عاد الشبح:
    " شبحٌ ينتاب أوروبا – شبح الشيوعية. ضد هذا الشبح اتحدت في طراد رهيب قوى أوروبا القديمة كلها: البابا والقيصر، مترنيخ وغيزو، الراديكاليون الفرنسيون والبوليس الألماني ".
    لكن جورج سوروس لم يكن الوحيد الذي قدم هذا الاعتراف، فقد اقتبست منه ( أي من ماركس ) كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي السابقة في مؤتمر في لندن، وفي عام 2003 خصصت مجلة " نوفيل أوبزرفاتير " الفرنسية عددا خاصاً لكارل ماركس، تحت عنوان " مفكر الألفية الثالثة "، لاحظ الألفية الثالثة أي ألفيّتنا هذه، وليست الألفية الماضية، وفي عام 2004، اختار أكثر من نصف مليون ألماني من مشاهدي قناة (ZDF)
    في استطلاع رأي رعته القناة، كارل ماركس كأهم شخصية ألمانية على مر العصور، وجاء ترتيبه الثالث في التصنيف العام، والأول في تصنيف " الأهمية الراهنة "، وفي عام 2005، نشرت مجلة " دير شبيجل " الألمانية صورته على غلافها تحت عنوان "عودة الشبح "، واختار المستمعون لبرنامج " عصرنا " في راديو 4 التابع لهيئة الإذاعة البريطانية BBC ماركس كأعظم الفلاسفة في التاريخ، وقبل ذلك أصدرت مجلة نيويوركر عددا بعنوان ( عودة كارل ماركس ) عام 1997، وعدد اخر بعنوان ( ماركس أمس واليوم )، وأصدرت صحيفة نيويوك تايمز عدد من المقالات عن كارل ماركس، منها " صعود ماركس من جديد " عام 2014، " كارل ماركس، الأمس واليوم "، عام 2016، " عيد ميلاد سعيد، كارل ماركس. لقد كنت على حق! "، عام 2018، بمناسبة الذكرى ال 200 على ميلاده، " كارل ماركس: نبي الحاضر "، عام 2019، " كارل ماركس، أغرب من أي وقت مضى "، عام 2024، لكن المدهش والاغرب من كل ذلك هو انضمام البابا نفسه الى جموع المحتفين هؤلاء، والمقصود هنا بابا الفاتيكان السابق بينيدكت السادس عشر، الذي قال عن ماركس انه صاحب فكر حاد وذو موهبة تحليلية عظيمة، ويذكرنا جمع المحتفين هذا في بداية الالفية الثالثة بالحلف المقدس ضد الشيوعية في منتصف القرن التاسع عشر من الالفية الثانية المشار اليه في مقدمة البيان الشيوعي، ومن ضمنه البابا آنذاك بيوس التاسع، لكن الفرق هنا أنهم اجتمعوا في بدايات الالفية الثالثة ليعترفوا على استحياء بمساهمة كارل ماركس.
    هذا هو الفرق حتى بين الد أعداء ماركس من عتاة الراسماليين والبرجوازيين ووسائل الاعلام اليمينية في الغرب، الذي لا يستنكفون عن القول ان ماركس كان على حق، حتى وإن تضارب ذلك مع قناعاتهم الراسخة، وبين أصحاب الادعاءات الكبرى في بلادنا، الذين يقولون بتجاوز الماركسية، وتاني يا النبي نوح.
                  

02-20-2025, 04:54 AM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مسيرة حياتي- من الدراويشية إلى الماركسية � (Re: عبد الله حسين)




    يا عبدالله حسين،

    بدايةً، السلام عليكم و أود أن أقول أنه من الضروري أن نتعامل مع الفكر البشري بقدر من الاحترام والجدية، بعيدًا عن الهويات الضبابية أو الانطباعات المسبقة. في هذا السياق، أحب أن أوضح بعض النقاط التي تفضلت بالإشارة إليها.

    أولاً، فكرة التغيير الفكري ليست عملية خطية أو بسيطة كما قد يبدو للوهلة الأولى. إنها نتيجة لتراكمات من التجارب والتفاعلات المختلفة على مر الزمن، وتخضع لفهم عميق للظروف الاجتماعية والثقافية التي يمر بها الفرد. بالنسبة لحديثك عن "الانتقال من الماركسية إلى الحداثة"، أعتقد أنه من المهم أن نعي أن الماركسية، رغم ارتباطها بالحداثة، ليست هي الحداثة الوحيدة التي يمكن تبنيها. إن الماركسية، كأداة نقدية، ليست ثابتة أو جامدة، بل هي دائمًا في تطور. وقد مرَّت بتحولات عديدة، وفقًا للتغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدها العالم. إذًا، الحديث عن انتقال من الماركسية إلى الحداثة لا يعني بالضرورة التخلي عن الأسس النقدية التي حملتها الماركسية، بل هو نتيجة تطور في كيفية فهمنا للعالم من حولنا.

    أما بالنسبة لسؤالك حول "الانتقال من حداثة إلى نفس الحداثة"، أرى أنه من غير المناسب اختزال الحداثة في تعريف واحد. هناك عدة رؤى وأيديولوجيات تتقاطع مع الحداثة، وكل منها يضيف إلى الفهم العام للحداثة بناءً على سياقه. لذا فإن الانتقال الذي أشرت إليه ليس تحولًا من "حداثة إلى حداثة"، بل هو تفاعل جديد مع أفكار الحداثة المختلفة، توسيعًا للأفق النقدي. هذا لا يتعارض مع الماركسية، بل قد يكون امتدادًا لها.

    فيما يخص مسألة السلام والاستئذان، فهي ليست مسألة شكلية بالنسبة لي، بل هي جزء من الذوق العام الذي يعكس الاحترام المتبادل في الحوار. لا أعتقد أن إغفال هذه التفاصيل يعزز من مصداقية الفكر أو قوة الحجة. ثقافة الحوار لا تقتصر على الأفكار، بل هي أيضًا تعبير عن احترامنا للآخرين في الفضاء العام.

    أما عن موضوع "تجاوز الماركسية"، أعتقد أن الفكر النقدي لا ينبغي أن يكون أسيرًا للأطر القديمة. الماركسية، كما غيرها من الأيديولوجيات، قد تعرضت لتطورات وتغييرات بناءً على التجارب والتحديات التي واجهتها المجتمعات. الحديث عن تجاوز الماركسية لا يعني بالضرورة نفيها أو إغفال قيمتها، بل هو دعوة لإعادة النظر في تطبيقاتها في سياقات جديدة تتناسب مع التحديات المعاصرة.

    وأخيرًا، مسألة "عودة ماركس" التي ذكرتها، هي نقطة جدلية مهمة. لا يمكننا تجاهل أن العديد من المفكرين المعاصرين يعيدون قراءة ماركس من منظور نقدي، لكن ذلك لا يعني أن الفكر الماركسي أصبح "مقدسًا". الفكر يجب أن يكون في حالة حوار دائم مع الواقع، ولا ينبغي أن يُنظر إلى إعادة القراءة النقدية لماركس كإعلان عن نفيه أو تجاوزه.

    لا أرى أن الانتقال بين الأيديولوجيات يمثل "انتصارًا" أو "هزيمة"، بل هو جزء من عملية تطور عقلاني ونقدي مستمر. يجب أن يظل الفكر في حالة حركة، متأثرًا بالعوامل المتغيرة في الحياة الاجتماعية والسياسية، وتظل الأفكار قابلة للمراجعة والتحليل.

    دمت بخير.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de