اثر انسحابات الجنجويد على سلطة الأمر الواقع صورة د. أحمد عثمان عمر المحامي د. أحمد عثمان عمر المحامي31 يناير، 20253 فيسبوك X د. أحمد عثمان عمر د. أحمد عثمان عمر المحامي
د. أحمد عثمان عمر
(١) اصبح واضحا لكل ذي عينين انه لا توجد معارك حقيقية في استرداد المواقع من قبل الجيش المختطف. فمثلما كان الجيش المختطف يقوم بالانسحاب حتى من معسكراته أمام هجوم الجنجويد ، تبدلت الأدوار وأصبحت المليشيا الأرهابية تنسحب دون قتال حقيقي من أمام الجيش المختطف والمليشيات المصاحبة له، وتقوم بمناوشات لتحمي الانسحابات المنظمة. والدلالة على ذلك ، لم نشاهد قتلى أو أسرى للمليشيا الأرهابية ، وكل ما شاهدناه في وسائل التواصل الاجتماعي ، هو التوحش المفرط لعناصر يلبسون الزي العسكري من معسكر الجيش المختطف ومليشياته ، يقومون بعمليات التعذيب العلني والقتل ذبحا والقاءا في النيل خارج نطاق القانون ، وممارسات تنبي عن مخططات الحركة الإسلامية المجرمة ، ومشروعها الرامي لبناء اللا دولة بعد الانتصار على الجنجويد أو بالأحرى بعد انسحاباتهم من بعض مناطق سيطرتهم في الجزيرة والخرطوم. هذه الانسحابات التي دفعت البعض للحديث عن صفقة ما تمت بين المليشيا الأرهابية والجيش المختطف ، حتى تسمح للجنرالات الانقلابيين بالتفاوض من مواقع التكافؤ النسبي داخل معادلة توازن الضعف ، بدلا من التفاوض من مواقع الهزيمة وفقدان حتى معسكرات الجيش المختطف ناهيك عن مواقع السيادة في العاصمة القومية. وبالرغم من عدم وجود دليل مادي واضح على وجود الصفقة، تبقى الحقيقة هي أن ما يتم من استرداد بعض المواقع والمدن ، يأتي في إطار توازن الضعف ، وإعادة تركيب معادلته لفتح باب التفاوض على أقل تقدير.
(٢) والناظر لخطاب معسكر سلطة الأمر الواقع الانقلابية غير الشرعية ، يجد بوادر عدم اتفاق في وجهات النظر ، وانقسام واضح في الآراء. فبالرغم من أن الاتجاه العام هو اتجاه تصعيد وزعم بالقدرة على حسم المعركة عسكريا وعبر انتصار حاسم ، إلا أن بعض التصريحات تنبي عن أن هناك فريقين داخل هذا المعسكر. فالمتابع لخطاب المهيج التهريجي الدكتور المدان والمعاقب بالسجن المؤبد مع وقف التنفيذ في اول سابقة مخجلة عالمياً ، يجد أنه يقدم تحليلا بأن انسحابات الجنجويد تتم من أجل إسقاط الفاشر ومن ثم الهجوم على الشمالية ونهر النيل والعودة مجددا للسيطرة على العاصمة وكأمل المواقع التي تم استردادها، ليخلص إلى مطالبة الجيش المختطف ومليشياته الحليفة للهجوم على المليشيا في عقر دارها ومنع سقوط الفاشر ، وهزيمتها هزيمة ساحقة وحاسمة ، لمنع تنفيذ ذلك المخطط. ويعضد خطابه ذلك ، رئيس هيئة شورى حزب المؤتمر الوطني المحلول ، الذي انتهى إلى نفس الطلب ومطالبة الجيش المختطف بمنع سقوط الفاشر. وخطاب الاثنين ليس عرضيا بحكم موقعهما المؤثر في معسكر سلطة الأمر الواقع غير الشرعية ، وهو يعكس موقف الحركة الإسلامية المجرمة ، في مواجهة موقف الجنرالات الانقلابيين الذين يعلمون علم اليقين ، أنهم غير قادرين على تحقيق نصر حاسم يقود لتصفية المليشيا الأرهابية حاليا ، وأن مثل هذه المطالبات تعني استمرار هذه الحرب لزمن طويل ضمن معادلة توازن الضعف ، أخذا في الاعتبار أنها حرب تم تدويلها بشدة ، ووصلت مرحلة الاستعانة بالمرتزقة. فوق ذلك وبالإضافة إليه ، يقف الجنرالات الانقلابيين غير الشرعيين ، عاريين أمام الضغط الدولي المتزايد مباشرة وفي وجه عاصفته بحيث يتراجع موقفهم يوميا مع كل جريمة وحشية لقواتهم تؤكد طبيعة المليشيات المتطرفة التي يقودونها ، بمستوى يجعلهم راغبين في التسوية ، وقابلين للوساطة التركية مثلاً ، برغم رفع سقوف خطابهم احيانا لدغدغة مشاعر العساكر المقاتلين البسطاء وتعبئتهم ، وعدم مصادمة قيادة الحركة الإسلامية المجرمة الراغبة في استمرار الحرب وخطابها واضح.
(٣) وبالطبع الخطاب المذكور لا يعكس جهلا من تلك القيادة بواقع الأمر ، كما لا يعكس عدم معرفة باستحالة تحقيق نصر حاسم وعاجل الآن ، لكنه يعكس رغبة في الاستمرار في الحرب لاستعادة دولة التمكين كاملة غير منقوصة ، وخوفا من فقدان ما تم استرداده مجددا لمصلحة المليشيا الأرهابية المجرمة ، وسقوط دولة التمكين على يديها. فالواضح أنها لا ترغب في فصل دارفور وتسليمها للمليشيا الأرهابية لتكوين دولة مثلث حمدي أو دولة البحر والنهر حسب الخطاب المستحدث- على الأقل آنياً بسبب إدراكها لضعفها وعدم قدرتها على الدفاع عن الدولة الجديدة أمام هجوم الجنجويد بعد تكوين دولتهم ، ورغبتها في استعادة السلطة كاملة بما فيها السلطة في دارفور وخطاب المهيج التهريجي يوضح ذلك بدعوته لاسترداد كامل دارفور عبر تحويل الحرب فيها إلى حرب اهلية تنخرط فيها كل القبائل والمكونات تحت راية مليشيات رسمية تسمى مقاومة شعبية تصنعها سلطة غير شرعية. وفحوى هذا الخطاب التصعيدي شكلا ، هو الإقرار ضمنيا بأننا ما نزال في إطار معادلة توازن الضعف مع تغير في تركيبتها من حيث المقدار ومن له اليد العليا فيها ، ومن عدل وضعه التفاوضي كذلك. وهذه المعادلة تفرض على الطرفين المتحاربين المجرمين في حق الشعب السوداني ، رؤية الواقع كما هو لا كما يتمنيانه أو يتوهمانه ، والتوقف عن تضليل الشعب السوداني عبر خطابات الحسم العسكري الذي يعلمان يقينا بأنه غير متاح لأي منهما حالياً ، وأن حرب الكر والفر والانسحابات المتبادلة دون قتال حقيقي سوف تستمر حتى الانهاك التام لكليهما في حال لم يتوصلا إلى تسوية لوقفها، ويقبلون بالخروج من دائرة السلطة ومعادلاتها.رحلات السودان
(٤) ولا شك في أن توازن الضعف الحالي يأتي في سياق مشروع المجتمع الدولي ويعززه ، فخطابات التهديد غير المباشر لسلطة الأمر الواقع غير الشرعية والمليشيا الأرهابية معا تتواصل ، فنشاهد عقوبات أمريكية ، كما نسمع حديث عن توثيق الجرائم الوحشية المروعة من قبل جهات رسمية أمريكية كذلك ، وخطاب علني عن ضرورة وقف الحرب ، وضغوط على الدولة التي تكفل وتدعم المليشيا الأرهابية للتوقف عن دعمها ، وشائعات عن رصد الأمين العام للحركة الإسلامية المجرمة ورئيس المؤتمر الوطني المحلول المطلوب للعدالة الدولية في الصومال مؤخراً في إطار رفع القدرات القتالية للجيش المختطف والمليشيات الحليفة له لتعزيز مواقع سلطة الأمر الواقع في إطار توازن الضعف ، وتواجد مستشار المليشيا الأرهابية نائب الرئيس المخلوع سابقا في تركيا ، بالمواكبة مع الشائعات حول وجود مفاوضات سرية بالفعل تم إنكارها في العلن ، في ضوء انسحابات الجنجويد المنظمة المعلنة ، وعدم دفاعهم عن المواقع المسيطر عليها ، برغم قدرتهم على القتال الدفاعي الشرس ، بدلا من الدفاع لتغطية الانسحابات بدون خسائر. وجميع ما تقدم يؤكد أن ما يتم من انسحابات حتى وان لم يكن نتاج صفقة مدني مقابل الفاشر والاتفاق على تقسيم البلاد ، فهو تأكيد لمعرفة الطرفين يقينا بأنهما طرفين لمعادلة توازن الضعف ، وأن مصيرهما هو الجلوس على طاولة مفاوضات تحت ضغط دولي يوظف هذا التوازن لمصلحته لا مصلحة الشعب السوداني. والمطلوب هو الاستمرار في تكوين الجبهة القاعدية الواسعة ، لهزيمة هذا المشروع ، وطرد الطرفين المتحاربين من المعادلة السياسية. وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!! .رحلات السودان
فيسبوك X مشاركة عبر البريد طباعة صورة د. أحمد عثمان عمر المحامي د. أحمد عثمان عمر المحامي 3 تعليقات Avatar photoيقولسوداني بيحب السودان: 31 يناير، 2025 الساعة 8:40 م يا شيوعيين يا وهم وقت عارفين إجرام الكيزان وقفتوا معاهم ضد حكومة الثورة وعملتم علي إسقاطها ليه؟؟؟ خمو وصروا أول ضحايا الكيزان كانو دائما وسيكونون هم الشيوعيين أضعفتم الثورة ممثلة في لجان المقاومة وفي لجنة فك التمكين ثم دعوتم لإسقاط حكومة الثورة و بذلك كسرتم الحلف العريض المعادي للفاشية الكيزانية ودعوتم للتغيير الجذري ولما لم يسمعكم أحد تاني رجعتم تدعون للحلف العريض تتخبطوا كدا ليه مع إنكم أقدم حزب في السودان؟؟؟؟؟رحلات السودان
رد Avatar photoيقولأبو عزو: 1 فبراير، 2025 الساعة 3:47 ص يا سوداني… الحزب الشيوعي غير متسبب في ما حدث منذ سقوط البشير و حتي قيام الحرب و المتسببين فيما حدث بنسبة كبيرة هم افندية قحت المركزية فهل الحزب الشيوعي نصحهم بالشراكة مع الجيش ؟ و هل الحزب الشيوعي قال لهم قوموا بخرق الوثيقة الدستورية و أصبحوا وزراء و قوموا بإقصاء الآخرين مما أدى إلي إضعاف القوي المدنية و اعتصام القصر ؟؟؟
رد Avatar photoيقولتقلاوي: 1 فبراير، 2025 الساعة 9:40 ص والمطلوب هو الاستمرار في تكوين الجبهة القاعدية الواسعة ، لهزيمة هذا المشروع ، وطرد الطرفين المتحاربي !!!!!!!!!!!!!!!!!¡! انت متأكد انك بتتكلم عن المجتمع السوداني؟ ديل ناس مكتوب عليهم الذل و الهوان اغلبهم طير و قسم منهم بليد و جلف حتى و لو كان جامعي و قسم واعي و راقي لن يؤثر في الواقع من كثرة الخبث. المحصلة بقاء هذا المجتمع متخلف و تعيس، و للأمانة لا يفرق معهم الذل و الهوان او يعرف حقوقه او من يصلح او يفسد ، لا فرق!!. انت الان تتحدث عن مجتمع يصدق عليه قول ان تتركه يلهث او تحمل عليه يلهث، يعني… يعيشوا الحياة بلا استحمام كمثال ما تفرق!! إيه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة