5.375 Aufrufe 29.03.2019 إيفان ”الرهيب“ يحتضن ابنه بعد أن قتله. للفنان الروسي؛ ايليا ريبين 1873.
إيفان كان أول حاكم لِروسيا يُلقب بالـقيصر إلى جانب لقبه الآخر؛ ”الرهيب“ الذي اكتسبه بسبب ظُلمه لِشعبه وشراسته. وقد نُصّب حاكمًا عندما كان عمره ثلاث سَنوات، وفي هذا الوقت كانت والدته تستلم زمام الحكم الفعلية، وقد تُّوِج واستلم أمور الحكم حين صار في الـ16 من عمره. ارتكب مجازرَ كثيرة، وقتل سكان مدينة بأكملها حينما ثاروا عليه وعلى حكمه ونهجه وبطشه.
زوجته الأولى أنجبت له ثلاث أطفال، وقد ماتت وهي لم تكن قد بلغت الثلاثين بعد، بسبب قسوته وظلمه الذي كان يُمارسهما بِحقّها.
وفي هذه اللوحة التي في الصورة، يُصوّر لنا الرسّام حادثة قتل ”إيفان الرهيب“ لابنه الأكبر والذي كان خليفته في الحكم، بِحكم سنّه. فَـفي أحدِ الأيّام سمعَ الابن زوجته تصرخ، وعندما أتى لاستطلاع الأمر وجد والده ”إيفان“ يضربها بالسوط. والسبب؛ أنَّ ايفان كان غاضبًا لأن زوجة ابنه كانت ترتدي ثيابًا غير مُحتشمة. كانت حاملاً في شهرها السابع بِـذاك الوقت. وقد حاول الابن إيقاف والده وتهدئته. لكنه كان ثائرًا. وفي ذروة غضبه تناول آلة معدنية ”الصولجان“ وضرب به ابنه على رأسه، الأمر الذي تسبّب في موته عن غير قصد.
نستطيع أن نعتبر اللوحة التي أمامنا واحدة من أجمل اللَوحات التي دخلت تاريخ الفن من أوسع أبوابه، لِما فيها من دقة في الرسم، ودقة في وصف المشاعر والتعابير وكأنها لوحة ناطقة تُعبر بدهشة فائقة عمّا جرى في تِلك اللحظة بوضوحٍ تام. نرى علامات الرعب التي ترتسم على وجه العجوز ”إيفان“ تُظهر إحساسه بالصدمة والندم جرّاء ما فعله. واختيار الرسّام لطبيعة المكان الذي تجري فيه الحادثة وكذلك للإضاءة والظلال ولألوان الديكور الداكنة في الخلفية. كلّها عناصر تعبيرية أضافت إلى المشهد الدرامي المزيد من العمق والواقعية. في اللوحة هُنا لا نرى إيفان الساديّ والمتوحّش، بل رجلًا مجنوناً يبدو وكأنّه يرثي نفسه ويتحسّر على ضياع آخر أحلامه وهوَ ابنه الأكبر.
إيفان لم يصمد بعد هذه الحادثة أكثر من أربعِ سنوات. لقد هدّه عجزه وهدّته السنين بعد أن نهشته الصدمة، لقد كانت عبارةً عن زوبعة امتصت غصبًا عنه تاريخه الإجرامي وجرفته حيث يقبع العجز بالقرب من شطآن الذل والندم واللاشيء.
لَربما كان إيفان في هذه اللحظة لا يُفكّر بهول المُصيبة، بل يُفكّر بالأُمّهات التي أحرق قلوبهن.. والآباء الذين أجبرهم على البكاء.. لربما كان يتذكر الثلاثين ألف إنسان الذين كانوا ضحية بطشه. لقد حَكمَ على إجرامه ونفسه بالموت؛ حين قتل ابنه عن غير قصد.
لكن ماذا لو أننا حَكمنا على هذه الصدفة بالتّأخر؟!.. ماذا لو أن هذه الحادثة قد سبقت عنفه وكلّ المجازر التي ارتكبها!!.. فَلربما سنضع التاريخ هنا أمام حالتين لا ثالث لهما: فإمّا أن تُشكّل الحادثة تِلك صدمة كبيرة تجعله يصحو من غفلته وإجرامه، وبذلك يَعرف ما للإنسان وما عليه ويكون ابنه في هذه الحالة بمثابة الضحية!!. وأمّا أن يبطش أكثر.. ويَقتل أكثر بسبب تِلك الخسارة ويُخرج الوحش الذي بداخله بشكلٍ كامل ونهائيّ وبذلك يكون ابنه بمثابة الصفحة الأولى من سجّلٍ إجراميّ طويل.
01-29-2025, 12:20 PM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 51127
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة