شهدت الحياة السياسية لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو تحولًا دراماتيكيًا من "طرق مشمسة" إلى غيوم من الانتقادات والاستياء. ترودو، الذي أضاء الساحة السياسية الكندية بكاريزما فريدة في عام 2015، اضطر للإعلان عن استقالته بعد أكثر من تسع سنوات من قيادة كندا. كيف انتهت هذه الحقبة؟ وكيف تحولت مشاعر الكنديين تجاهه؟ ترودو بين البدايات المشرقة والنهايات المربكة عندما اعتلى ترودو زعامة الحزب الليبرالي، كان يملك هالة من الثقة والحداثة. استقطب دعم الكنديين، الذين رأوا فيه تجسيدًا لآمال جديدة بعد عقد من حكم المحافظين. وعدهم بمستقبل تقدمي، عزز ببرامج مثل فرض ضريبة الكربون، تشريع الماريجوانا، وخفض الضرائب على الطبقة الوسطى. ولكن الزمن لم يكن حليفًا دائمًا لترودو، حيث تراكمت التحديات. الأزمات الشخصية والسياسية رغم نجاحاته، واجه ترودو سلسلة من الفضائح والأزمات التي شوهت صورته. كانت رحلته الكارثية إلى الهند، وتورطه في فضيحة SNC-Lavalin، وظهور صور قديمة له وهو يرتدي وجهًا أسود، علامات فارقة في انحداره السياسي. ولم تكن تلك مجرد زلات شخصية، بل أظهرت غطرسة سياسية وعدم مبالاة تجاه توقعات الكنديين. الاقتصاد وأزمة تكلفة المعيشة الأزمة التي قصمت ظهر البعير هي تكلفة المعيشة المتزايدة. ارتفاع التضخم، نقص الإسكان، وسوء إدارة الهجرة، أثقلوا كاهل الكنديين. سياسات ترودو الخاصة بفتح الهجرة بشكل غير محسوب ضاعفت أزمة السكن، وخلقت شعورًا بالاختناق لدى المواطنين. بينما استمرت الأوضاع الاقتصادية بالتدهور، أصبح من الواضح أن حكومته غير قادرة على تلبية احتياجات الشعب. العلاقة مع الولايات المتحدة: تهديد كندا كأمة مع انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، أصبحت كندا تواجه تهديدات غير مسبوقة. ترامب، المعروف بتصريحاته المثيرة، لوّح بفكرة ضم كندا كولاية أمريكية، مستغلًا ضعف ترودو في مواجهة الضغوط الخارجية. هذا التهديد أثار موجة من القلق الوطني، لكنه أيضًا سلط الضوء على عجز القيادة الكندية في الدفاع عن مصالح البلاد. النهاية المحتومة في النهاية، ضغط أعضاء البرلمان الليبرالي على ترودو للاستقالة بعد خسائر فادحة في الانتخابات الفرعية وتراجع شعبيته إلى مستويات قياسية. مع رحيله، يواجه الحزب الليبرالي معركة إعادة بناء الثقة، في ظل تصاعد نفوذ حزب المحافظين بقيادة بيير بواليفير. من المرشح القادم؟ المرشح الأبرز الذي يلوح في الأفق هو زعيم حزب المحافظين بيير بواليفير، الذي استفاد من تراجع شعبية ترودو واستطاع تقديم نفسه كبديل قادر على معالجة الأزمات. يمتاز بواليفير بخطابه القوي الذي يركز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تشغل الكنديين. ما مدى الخلافات المتوقعة مع الولايات المتحدة خلال فترة ترامب؟ خلال فترة رئاسة ترامب، كانت العلاقة بين البلدين متوترة، ويُتوقع أن تظهر هذه الخلافات مجددًا إذا تزامن صعود المحافظين في كندا مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض. قضايا مثل التجارة والهجرة والتغير المناخي قد تكون محاور صدام بين الطرفين، مما يضع كندا أمام تحديات جديدة في الحفاظ على استقلالها السياسي والاقتصادي. هل كانت استقالة ترودو إنقاذًا لكندا؟ بينما يودع الكنديون ترودو، يبقى السؤال الأكبر: هل كانت سياساته مصدر أمل أم عبء ثقيل؟ رحيله يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في السياسة الكندية، لكنها تأتي في وقت تتزايد فيه التحديات الداخلية والخارجية، من أزمة الإسكان إلى تهديدات السيادة الوطنية.
على الرغم من إنجازاته، فإن إرث ترودو سيكون دائمًا مختلطًا بين الأمل الذي أتى به، والخيبة التي خلفها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة