ليس كل من نعشقه يحبنا، ولا الذين نبغضهم هم أهل كره صريح. فالقلوب لها أحوالها وتصاريفها التي لا ندركها. لا ألوم بنات حواء، بل خيبتي هي بذاتي، وعاثر الحظ كان رفيقي منذ نعومة أظافري. لست عظيماً، لكن بمعايير الإنسانية، أنا إنسان بسيط. قد يكون ضعفي أحد سماتي، ولكن حتى الأبطال لهم انكساراتهم هنا وهناك. من يدعي الكمال، هو أجوف مغرور، بل مريض. أما من يعترف بضعفه البشري، ويضل أحياناً، ويعرف الصواب أحياناً أخرى، ويفشل، وتلحق به الهزائم، فهو الأقرب إلى المعقول. الاعتراف بالخطأ فيه شفاء ورحمة للنفس من عذاب القلب وكدر الخاطر. فما ألعن الكِبر والتعالي، وما أفظع محاولة تمثيل عكس الواقع أمام الآخرين.
نحن لا نملك في هذه الدنيا سوى رحمة الله، ثم حب الأهل والأصدقاء. أما من نعشق، فربما لا تدرك معضلتي. قولوا لها: "إني على العهد باقي، عاشق صادق." لقد جعلتُ من دنياي جسرًا للخير، بعيدًا عن مكاسب الدنيا الزائلة. ربما تسألين: "ماذا تملك أيها الفقير لتقدم نفسك لي؟" أقول: ما أملك هو قلبي، وروحي، واجتهادي في أن أصنع لنا حياة تجمعنا، بعيدًا عن زخارف الدنيا.
سيدتي، تاج رأسي، قالت العرب: "إن السيوف لا تظفر بضالتها إلا في الرجال أمثالك." ولكن، لستُ من يحمل الذهب والعسل والحرير، بل أملك ما يكفيني من رحمة الله وحبك. الحب، سيدتي، ليس تجارة بالمهر والهدايا، بل هو التقاء الأرواح والعزم على الصدق والإخلاص.
أما الخوف والتضليل، فقد حجبا عنك رؤية اليد التي مُدّت إليك برحابة صدر، لتقول لكِ: "أنا لست زوجًا فحسب، بل صديقٌ لأيام العمر، وشريك في أحلامنا." إن رزق الله واسع، ورحمته لا تُحصى. العطاء ليس بما نملك من المال، بل بما نحمله من نبل القلب وصفاء النية.
معشوقتي، العمر قصير مهما طالت سنواته. المرض والشيخوخة قادمات، لكننا نعيش الآن بصحة وعافية. لا أحد يعلم ما يخفيه القدر في قادم الأيام. هل سنرحل نحن، أم يرحل من أهدرنا عمرنا لأجله؟ أسأل الله ألا يكون هذا هو مصيرنا.
تذكرت هنا مرثية أبي ذؤيب الهذلي حين قال: "أمِن المنون وريبها تتوجّعُ؟ والدهر ليس بمُعتبٍ من يجزعُ."
أنا لا أهاب الموت كثيرًا، لكن بعد أن اخترتك شريكة لحياتي، صرت أخشاه. جعلت من حياتي معركة للبناء والإنجاز، لأن الحب الحقيقي يدفعنا إلى الإعمار، لا إلى الهدم.
سيدتي، لا ندم بيننا. الحب يبقى، والعهد قائم. إلى آخر لحظة، سيبقى هذا القلب نابضًا بعشقك، سائلًا الله أن يجمعني بك في الدنيا والآخرة. وإن لم يُكتب لي ذلك، فأدعوه أن يمنحني النسيان، وأن يرحمني برحمته الواسعة.
قولوا لها: "لقد أضعتني، وأنا كنت لها عاشقًا صادقًا."
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة