|
Re: هل الحكاوي والروايات تجعلنا نعشق المدن؟ (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
فلورنسا عبر الكتب / Imran Creative كيف يجعلنا الأدب نحب المدن قبل زيارتها
حسين إسماعيل
لو سئلت حين كنت طفلًا عن أكثر المدن التي أرغب بزيارتها، لأجبت ببوينس آيرس دون تردد، وذلك بسبب ولعي آنذاك بمسلسل «وداعًا ماركو». كبرت قليلًا وتحولت الرغبة لإيطاليا، لأن جنَوى وميلان قد احتضنتا على التوالي الكابتن رابح وغريب -وقد حضرت جنوى أيضًا في «وداعًا ماركو»، لكن لا أعرف أسباب نسياني لذلك- ولاحقًا تغيرت مشاعري تجاه ميلان، كون «ألفريدو» لقي حتفه فيها، وكرهتها لدرجة أني لم أعد أبلعها حتى هذا اليوم.
أخذتْ قائمة المدن عندي تطول بمرور الزمن، وساعد في ذلك ازدياد قراءاتي الأدبية في السنوات الأخيرة. ولست هنا أقصد المدن التي أرغب بزيارتها بالضرورة، بل أيضًا تلك التي أجد نفسي نافرًا من زيارتها أو ذكرها نفور الكرام، فقد تكون مسرحًا لرواية أستثقل دم بطلها، أو مسقط رأس كاتب بغيض، أو عاصمة استعمار قديم أو حديث.
لكن من بين كل الأماكن التي تحمست لزيارتها، أو تلك التي أثار تاريخها اهتمامي للحد الذي جعلها على قائمة رحلاتي المستقبلية، تمتاز فلورنسا بمكانة خاصة وغريبة بعض الشيء. فقبل عام 2014، لم تستبقِ ذاكرتي شيئًا مما سمعته عن المدينة أو مما رأيته من معالمها، بل احتلت مكانة ثانوية لدي، أضعها في الترتيب بعد مدن إيطالية أخرى كروما ونابولي والبندقية. وقبل 2014 أيضًا، تمحورت معلوماتي الضحلة -والخاطئة، كما أدركت لاحقًا- عن فلورنسا حول أهميتها في عصر النهضة، وذلك من حيث كونها قد أشعلت شرارة مركزية الإنسان وعقلانيته والتحولات الأخرى التي أنهت العصور المظلمة الأوربية.
سأكون كلاشيهيًّا وأقول أن كل ذلك قد تغيّر مذ قرأت آداب عصر النهضة الفلورنسية. فمذ طالعتُ «كوميديا دانتي» و«رسائل بيتراركا» و«سيرة تشيليني» وأمير ماكياڤيللي -نعم، كتاب «الأمير» ما غيره- صرت أكثر إدراكًا لاعتباطية إطلاق الأحكام المصاحب لعملية التحقيب التاريخي، وأكثر تواضعًا قبال العلاقة بين الأدب والواقع. لكن الأهم هو بدئي دراسة تاريخ مدينة لا أعرف عن حاضرها إلا قليلًا.
أدين بالفضل هنا لبروفسورتي إيدا بالمر، التي تمكنتْ قراءتها الثقافية لعصريّ النهضة والإصلاح من إثارة حماسي لأنكب على كل ما أستطيع مطالعته حينها. وغني عن القول أن غرقي في مؤلفات الأدباء -الآنف ذكرهم- جعلني في الوقت نفسه فضوليًّا إزاء عوالمهم، إزاء ما استثار قريحتهم للكتابة عنه كما كتبوا. ولذا، وجدتني متطلعًا لزيارة فلورنسا، شاهدًا على مستقبل ما عاشوه ماضيًا.
تجلت مكانة فلورنسا بقلبي حين زرتها أول مرة صيف عام 2019، مررت بحالة ألفة غير مسبوقة. سكنت على مسافة بسيطة من الدومو، ومن اليوم الأول أخذت سيلفيًّا أمامها، مستحضرًا عبقرية فيليبو برونوليسيكي حين أتى بخطة بنائها معماريًّا. مررت على الجسر القديم «بونتي فيكيو»، وعلى محلات الذهب التي تنتشر على ضفتيه، متذكرًا قرار الدوق فيرديناندو بإخلاء المحلات على الجسر لصالح الصاغة وتجار الذهب دون غيرهم. ومتأملًا أيضًا في ممر فازاري فوقه، الذي استخدمه آل ميديچي للتنقل بين مختلف مناطق المدينة دون الحاجة لأن تطأ أقدامهم شوارع العامة. وحتى حين جلست آكل البيتزا في ساحة السينيوريا، فأول ما خطر بذهني هو جلوسي حيث أُعدم الراهب ساڤونارولا، الذي استنكر الحركة الإنسانوية وطالب بوضع حدٍّ للانحلال الذي تمر به المدينة، وما جرى عليه لاحقًا على يد البابا ألكساندر السادس.
وفي أثناء تمتعي بكل ذلك، تجولت في أزقة فلورنسا أتلذذ بالمطاعم، وأتابع مواكب العرض، وأتنقل بين العلامات الفاخرة يمنة ويسرة. القيود على حركة السيارات في المركز التاريخي جعلت التجوال على الأقدام خير وسيلة للتنقل في الأزقة والمناطق بين ضفتي نهر الأرنو. ولكونها «ملمومة» على بعضها، فقد وقعت في غرام المشي في أزقتها، حتى لو كان مشيًا دون طائلة ولا غاية.
وربما هنا تكمن مكانة فلورنسا لدي، فيما سأسميه اغترابًا إيجابيًّا: أتجول في شوارع فلورنسا برجلين، واحدة في ماضٍ استملكني، وثانية في حاضر أبهرني. هناك الفرق بين زيارة مدينة تعرف بعض تاريخها أو معالمها السياحية، وزيارة مدينة تشعر وكأنك عشت جزءًا من تاريخها. ولا أقول «تاريخها» من باب الإلمام بمعلومات حول تاريخها السياسي أو العمراني -ولو كان كذلك لتشاركت فلورنسا مع مدن أخرى في قلبي- بل من باب معرفة خوالج من ساروا على الطرقات ذاتها، وجالوا الأماكن نفسها التي وجدتني أسير وأجول فيها.
قبل أن أصل إلى فلورنسا مجددًا قبل بضعة أشهر، تساءلتُ ما إذا كانت حالة الانبهار التي تلازمني كلما حططت الرحال في محطة سانتا ماريا نوفيلا قد تلاشت. كانت زيارتي الرابعة، وشككت بكوني قد شبعتُ أخيرًا منها. لكن ما إن خرجتُ من المحطة واستقبلتني بازيليكتها بزخات مطر صباحي، أدركت أن فلورنسا ستظل وجهة القلب الرئيسة فترة أطول
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: هل الحكاوي والروايات تجعلنا نعشق المدن؟ (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
نحن كذلك كنا أسرى الأفلام السينمائية والروايات التي جعلتنا نعيش أجواء المدن التي جرت فيها حوادثها...فكنا في فترة نعش المدن الباذخة في عمرانها
وشوارعها الممهدة وبنايتها المرتفعة وحدائقها الواسعة الأرجاء...ولكن جاءات روايات ماركيز وايزابيلا الليندي لتمسح ذلك الشغف للمدن العولمية وجعلتنا نعشق
المدن المغموسة في العجائبية والمضمغة بسحر الكاريبي و الكولمبية ومدن جنوب أمريكا ببساطتتها وسحرها وبكارة الحياة فيها وبساطة انسانها..ولوينا أعناقنا عن الشوق
للمدن الأوربية الكوزمية أو الكوكبية كما قالها عادل أمين.. المهم وجدنا أنفسنا في مرآت المدن والقرى الكولمبية وصحراء مائة عام من العزلة..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: هل الحكاوي والروايات تجعلنا نعشق المدن؟ (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
كذلك جعلتنا الاغاني المحلية نعشق مدننا وقرانا....
طيب مالو مش الأغاني بتصنع من الفسيخ شربات..
نحن عارفين البير وغطاها لكن برضه بنعشقها...وده سر الهوى ..والا كيف يا جماعة؟
تشكلت طفولتنة على حب المحنة وارضها...ومحمد مسكين و أغنية تيللا لا حلاوة جكسا ..
وهمنا سنوات المراهقة مع التاج مكي وحبينا كسلا وكل ما يأتي من كسلا و استبدلنا حبنا الرزين لكسلا الذي صاغه في دواخلنا توفيق صالح
جبريل والكابلي..بربة التاج مكي وحبينا كسلا وشباب كسلا...وعشقنا حي القبة في الأبيض الذي لم نراه حتى الآن...رحم الله ثنائي النغم..
ثم سحنا بين الشلالات و أشجار المانغو والعنب مع أبوعكري في جبل مرة..... وارض الحابيب يا ارض المحنة لعبد العظيم حركة ...,عشقت الغيد في مروي وانكوينا بالخديد ...وتخيلنا الواردة والسيدة وحرم شكرا يا كبلي للأوبريت
الجميل..وفيك بامروي شفت كل جديد ..
كمان الشوق والريد للعودة للديار بعد الحرب أنتج أغاني جديدة
...امدر يا حبيبة..واخيرا بحري سر الهوى... ههههه.
المهم كلهم شغالين فينا لف فشنو قلنا نلف برضه.. تحياتي
| |
 
|
|
|
|
|
|
|