الكتابة التي تقتات على الروح والوظيفة: يقول بول أوستر: "عندما ناهزتُ سِنَّ الثلاثين، مَرَرْتُ بفترة دامتْ سنين عديدة، كلّما باشرتُ فيها أمرا، كان مآلُه الفشلَ صار زواجي إلى الطّلاق، وكانت كتابتي تتعَثَّرُ، وكانت الصعوباتُ الماليةُ تُضْنيني فأنا لا أتحدث فقط، عن حاجة ظرفية، ولا عن ضرورة محتملة أتقشف بها أحيانا، بل عن حاجة إلى المال دائمةٍ، وساحقةٍ، أشبه بخناق، تُعَكِّرُ صفْوَ رُوحي، وتجعلني أَسِيرَ حالةٍ من الرُّعْبِ لا ضفاف لها. ليس أحدٌ غيري مسؤولاً عن هذه الضّائقة لطالما كانت علاقتي بالمال خاطئةً، وغامضةً، ومُفعمة باندفاعات مُتناقضة وكنت أؤدّي ثمنَ رفضي اعتمادَ نهْجٍ قويمٍ في هذا الشأن كانت الكتابةُ دوماً طُموحي الوحيدَ، وكنت أدرك هذا منذ عامي السّادس عشر، أو السّابع عشر، ولم أكن لأتوهّم، البتّة، أنَّ بمقدوري العيشَ من الكتابة لا يصير المرءُ كاتباً كما لو أنّ الأمر يتعلق «باتخاذ قرار مُزاولةِ مهنةٍ» كالطبّ، أو الشُّرطة تختارنا الكتابةُ أكثر مِمّا نخْتارُها، وبمجرّد أن يُدْرِك المرءُ بأنه لا يصلح لأَيِّ شيْءٍ آخر، فعليه أن يشعر بأنه مشرف على اجتياز طريق طويل وشاقّ خلال ما تبقّى من عُمره،...... لن يحصُل المرْءُ أبدا من عَمَله على ما يكْفي من أجل عيْشِه، وإذا ما كان يرغب في الحصول على سقف يأْويه، وألّا يموت جوعا، فعليه أن ينقاد لمزاولة أعمال أخرى كيما يُسَدِّد فواتيرَه. "جُلُّ الكُتّابِ يعيشون حياةً مزدوجةً، يحصلون على مال وفير بفضل ممارستهم لمهنٍ مشروعةٍ، ويدّخرون، ما وَسِعَهم الاِدِّخارُ، وقتا للكتابة، في الصّباح الباكر، أو في المساء المتأخر، في نهاية الأسبوع، أو خلال العُطل كان وليام كارلوس وليام و لويس فرديناند سيلين طبيبيْن، وكان والاس ستيفنز يعمل في شركة للتأمينات، وكان ت. س. إليوت موظفا بنكيا، ثم ناشرا........... ومارس كتابٌ آخرون التدريسَ، و لا ريْب أنّه الحلُّ الأكثر ذُيوعا اليوم ومنذ أن اقترحت جامعاتٌ ومعاهدُ كبرى في الضاحية، دروسا في (الكتابة الإبداعية)، فإنّ العديد من الروائيين والشعراء يُجهدون أنفسهم، باستمرار، للحصول على منصب ومَنْ ذا الذي يلومهم على هذا ؟ فالأجرة ليست مرتفعةً، لكنّ العملَ منتظمٌ، والتوقيتَ مناسبٌ". انتهى حديث بول أوستر تذكرت من حديث بول اوستر عن الكتابة والوظيفة، حياة نجيب محفوظ الموظف في وزارة الأوقاف وفي هيئة الرقابة على السينما، ويحيى حقي وعشرات من الأدباء في ظلال الوظيفة، وحافظ إبراهيم الشاعر الموظف الهارب من ساعات عمله في دار الكتب المصرية ويجلس على المقهى...
07-19-2024, 11:51 AM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11562
أستاذي الكريم دكتور محمد عبد الله الحسين تحياتي وددت أن اضع بعض الافكار عسي ان تكون جديرة بمقام ما طرحت
عشق الكتابة هو غذاء للروح لا يضاهيه غذاء، ينمو ويزدهر في نفوس الكتاب، ليشكلوا من كلماتهم جسورًا تصل الماضي بالحاضر، وتنسج أحلام المستقبل. الكتابة ليست مجرد حرفة أو مهنة، بل هي فن رفيع يجسد الإنسانية في أسمى معانيها، حيث يتمكن الكاتب من سبر أغوار النفس البشرية والتعبير عن أدق مشاعرها وأفكارها.
في عالم الكتابة، لا تكون الكلمات مجرد حروف متراصة على الورق، بل هي حياة تقتات على روح الكاتب وتغذيها، لتخرج في صورة نصوص تنبض بالحياة، وتمس القلوب والعقول. كما قال الشاعر:
أنا من بدل بالكتابة حلمه فصارت كلماتي هي زادي ونبضي
كل كاتب يحمل في قلبه رسالة، يسعى من خلالها إلى إيصال صوته إلى العالم، ويعبر عن قضاياه وأحلامه وآلامه. الكتابة هي مرآة تعكس روح الكاتب، وتفصح عن مكنوناته الداخلية، لتتحول إلى لوحات فنية تنبض بالجمال والحقيقة.
ومن خلال الكتابة، تتجلى وظيفة الإنسانية، حيث تتيح للكاتب الفرصة ليكون صوتًا للضعفاء والمظلومين، ويحارب الظلم والفساد بقوة الكلمة، سلاحه الذي لا ينضب. الكتابة تمنحنا القدرة على التأمل والتفكير، وعلى إعادة النظر في واقعنا ومحاولة تغييره للأفضل. وكما قال أحد الأدباء:
بالكتابة نحيي الأرواح، ونزرع الأمل في القلوب، ونبني عالمًا من الخيال، نتمناه أن يصبح واقعًا.
عشق الكتابة يخلق فينا إحساسًا بالمسؤولية تجاه مجتمعنا، ويدفعنا للسعي نحو التغيير الإيجابي، مستخدمين الكلمات كأدوات للبناء والإصلاح. فالكلمة الصادقة يمكنها أن تحدث تأثيرًا أعمق وأبقى من أي سلاح، لأنها تخترق القلوب وتغرس فيها بذور الوعي والإلهام.
وفي النهاية، الكتابة هي رحلة لا نهاية لها، يبحر فيها الكاتب في محيطات من الأفكار والمشاعر، ليكتشف مع كل كلمة جديدة عوالم جديدة وأبعادًا مختلفة للحياة. إنها عشق أزلي يروي الروح، ويجعل من الكاتب شاهدًا على عصره، ومساهمًا في تشكيل مستقبل أفضل للبشرية.
دمت لنا أخًا وصديقًا، ومتعك الله بالعافية.
07-20-2024, 07:11 AM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11562
Quote: أستاذي الكريم دكتور محمد عبد الله الحسين تحياتي وددت أن اضع بعض الافكار عسي ان تكون جديرة بمقام ما طرحت
عشق الكتابة هو غذاء للروح لا يضاهيه غذاء، ينمو ويزدهر في نفوس الكتاب، ليشكلوا من كلماتهم جسورًا تصل الماضي بالحاضر،
وتنسج أحلام المستقبل. الكتابة ليست مجرد حرفة أو مهنة، بل هي فن رفيع يجسد الإنسانية في أسمى معانيها، حيث يتمكن الكاتب من سبر أغوار النفس البشرية والتعبير عن أدق مشاعرها وأفكارها.
**شكرا استاذ زهير مرة أخرى على تلقائيتك وعلى هذا البوح التلقائي الرصين..
***مرحب في أي وقت ..
***وتشرِّف يا صديقي.
07-20-2024, 10:11 AM
محمد بدرالدين محمد بدرالدين
تاريخ التسجيل: 01-15-2018
مجموع المشاركات: 2752
لا حولا تعبير لم يسبقك احد و عنوان مخيف يا دكتورنا و خصوصا اليومين ديل معظمنا عايش ف وحل و وجع الدم و تنبع الاهات من تلك الالام و الاوجاع لتكون مدادا و ( حبرا) (( والله تقشعر بدنى من ...حبر الكتابة هو دمك....))) يا دكتور ما عذبتنا و روحتنا و شفقتنا على زهير المرهف الحساس عندما يكون بعيدا عن مهنته ... و تذكرت قصيدة صبور انت يا جمل : و استمحيكم عذرا فى ارفاقها
" target="_blank">http://
07-20-2024, 11:07 AM
محمد بدرالدين محمد بدرالدين
تاريخ التسجيل: 01-15-2018
مجموع المشاركات: 2752
حبيبنا و دكتورنا الغالى تحيا و سلام بلدياتنا مبدع جدا و ملهم و قائد بكتاباته و اغانيه و افكاره و رؤاه وضع بصمات و اضاءات و بل انوار و ابتهاجات و اعياد كمعظم السودانيين وصل ف احدى دول الخليج الشباب و اهل البلد و القرى المجاورة ... هم المتكفلين به و هو بحمد الله حتى الان يبدع و يبدع و رؤية شبابنا و اهل المبادرة الابدية ان الفنان المبدع لازم يتفرغ و ما يشيل اى هم (معيشى او ) ... مبدع اخر ايضا ببلاد الغربة يعمل ف مهنة لا تليق بكمية ابداعاته و لا فنه لكنه مصر يواصل العمل و اذا وجد وقتا يطلع لنا دررا .. و مثله كثر .. ف ظل ظروفنا (كسودانيين) و ف ضغط الظروف و تسارع الاحداث و عدم البركة ف الزمن ال24 ساعة تمر كلمح بالبصر يموت الابداع قسرا ... كسرة (( مرات المبدع عاوز يطلع منو حاجة جميلة تقوم الظروف المنيلة يضغط ويخنقها و لسان الحال يقول : انت طالعة ماشة وين ..موتى هنا قبلك))) و هكذا اصبحنا جميعا زى الانسان الآلى .. تفرج ان شاءالله و معاكم المدرس ( لاستاذ) الامبراطور محمد حسن عثمان وردى :
" target="_blank">
مودتى و تقديرى
07-20-2024, 09:38 PM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11562
حبيبنا الجميل محمد بدر الدين ألأف مرحب يا وريف شكرا على الطلة الجميلة..
حبيبنا زهير رجل مبدع ومرهف
لكن برضه بنتضارف عليه ههههههه
Quote: لا حولا تعبير لم يسبقك احد و عنوان مخيف يا دكتورنا و خصوصا اليومين ديل معظمنا عايش ف وحل و وجع الدم و تنبع الاهات من تلك الالام و الاوجاع لتكون مدادا و ( حبرا) (( والله تقشعر بدنى من ...حبر الكتابة هو دمك....))) يا دكتور ما عذبتنا و روحتنا و شفقتنا على زهير المرهف الحساس عندما يكون بعيدا عن مهنته ... و تذكرت قصيدة صبور انت يا جمل : و استمحيكم عذرا فى ارفاقها
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة